» رأي
لا ياجهاد الخازن، نطالبك بالاعتذار لشعوب الخليج
أنور الرشيد - 2012-04-28 - 11:07 ص
السيد جهاد الخازن وجّه اتهامًا مباشرًا للمعارضة البحرينية، تأسّيٍا بالإعلام الرسمي البحريني، ومعه جوقة الإعلامين الذين يتبعون هوى السلاطين، بأنَّ المُعارضة البحرينية ولاؤها لإيران. يا له من اتهامٍ خطير سيدوّنه التاريخ.
يمكن أن نلتمس العُذر لهؤلاء الذين لا يُحسبون على الإعلام بمهنيته، ونحسبهم طارئين سيختفون باختفاء الأزمة، كما حصل مع محمد سعيد الصحاف أبو العلوج، ومجدي الدقاق، الذي لم يُعثر له على أثر منذُ الإطاحة بحسني مبارك الرئيس المخلوع، وغيره الكثير من الإعلاميين الذين وقفوا مع الأنظمة ضد الشعوب. أما أن يُطل علينا كاتبٌ كبير مثل جهاد الخازن الذي ملأ الفضاء الإعلامي بمقالاته، ويتّهم شعبًا كاملًا بولائه لإيران؛ فهذا سقوطٌ حقيقي لا كبوة فارس قلم.
أنت تعلم يا سيد جهاد وبكل تأكيد بأنَّ الشعب البحريني عندما سنحت له الفرصة بُعيد الاستقلال البريطاني، وأقامت الأمم المتحدة استفتاء حق تقرير المصير، قال الشعب البحريني كلمته الواضحة بأننا عرب و ليسنا لك فرسا نتبع إيران، ولم تكن البحرين في يومٍ من الأيام محافظةً إيرانية، وأصول أهل البحرين عرب أقحاح لا يُزايد عليهم أحدٌ بذلك.
ولكن على ما يبدو فإن حديدة المعارضة، رغم كلِّ أنواع الكبت والتعسف باستخدام القوة، لم تبرد وأصبحت ثمارُها تنضج رويدًا رويدا، وقَرُب موعدُ قِطافِها. هكذا أفهم تدخّل كاتبٍ بحجم جهاد الخازن خصوصًا وأنه يكتب في جريدة نعرف مُلّاكها ومن يُحدّد رأيها ورؤيتها، فكما سقط الكثير من الإعلاميين مع سقوط أنظمة الاستبداد، وطالما أنَّ قاطرة الربيع العربي تدفعُها رياح الحرية، ستسقط أنظمة وسيسقط معها إعلاميون بفُقدانِهم مصداقيتَهم. فالتاريخ لم يُمحَ من ذاكرتنا بعد، وأكرمنا الله بأن نعيش هذه المرحلة المليئة بالمُتغيرات التاريخية، لكي نرى سقوط أحمد سعيد الذي عمل لنا من التراب كباب و أسقط كل الطيران الإسرائيلي، وبعد ذلك طلع كله كلام في كلام.
أقول للأستاذ جهاد الخازن: طالما أنَّك فرزت موقفك بهذا الشكل فأبشر بطول مربَعٍ (مثل أبشر بطول سلامة يا مربع يعني؟!) في لندن، وتذّكر هذا التاريخ جيدًا وإن شاء الله يعطيك طولة العمر والصحة والعافية لكي تعتذر للشعب البحريني، وعن قريب إن شاء الله ستنفرج الأمور، وستعود المياه لمجاريها، ولكن لن تكون مجاري الأمس، وإنما مجاري الغد المشرق المليء بالحرية والديمقراطية.
نفهم يا سيد جهاد خوفك من المجهول، ونتفهم الدافع من وراء هذا الاتهام، ولكني أقول لك تدارك الموقف فعام ألفين واثنا عشر سيكون علامةً تاريخيةً فارقة بكل تأكيد، فالشواهد تتراكم كلَّ يومٍ في أجواء الخليج، وشبابه كل يوم يُزج بهم بالسجون، وحصيلة انتهاكات حقوق الإنسان ترتفع بوتيرةٍ مُتزايدة، وهذه كلُّها مؤشرات بكل تأكيد لا تخفى عليك، ولكنك على ما يبدو أن رحلة آخر العمر قد آتت أُكُلَها، وختامُها مسك يضمن ما تبقى من العمر في إحدى جزر غينيا الاستوائية، لتنعم بها من فتاتٍ قد يكون ليس له صاحبٌ إلا شعوبُ الخليج التي بلغ بها البطش مبلَغه ولم تعُد الأمور كما كانت بالسابق.
ها هو الشعب البحريني رغم كل أدوات البطش إلا أنَّه مستمر بمطالبه المشروعة، وها هو الشباب السعودي يسطر البيانات المطالبة بالإصلاح يوميًّا، حتى طالبات الجامعة تظاهرن، وها هو الشباب الكويتي يُدشِّن حملته للمطالبة برئيس وزراءٍ شعبي، والشعب الإماراتي تُسحب جناسيهم (جنسياتهم)، ويُزَج بهم بالسجون، والشعب العُماني سطَّر أروع بطولاته أمام آلة القمع الدموية في دوار الكرة الأرضية في ولاية صحار. فهل هؤلاء كلُّهم أيضًا يتبعون بولائهم لإيران يا سيد جهاد؟ لا يا سيدي، فهذه الأسطوانة أصبحت مشروخة ولم تعد تُقنِع طالب سنة أولى سياسة، فقد بشّرنا بعدك مفتي سوريا بسقوط كل الأنظمة إن سقط النظام السوري، وستقوم حروب لمائة عامٍ قادمة، وقبله بشّر القذافي الطاغية شعبَه بالنار والجمر الأحمر، وها هو غادر غير مأسوفٍ عليه، وبعده حسني مبارك فجّرت مخابراتُه كنيسة القديسين لكي يُرهب شعبَه بالفتنة.
وأخيرًا و ليس آخرًا، نترك للقراء الإجابة على هذا التساؤل لأننا نعرف بأنك لن تستطيع أن تُجيب عليه، ونطالبك باسم كل شهداء انتفاضة الرابع عشر من فبراير، وباسم الأمهات الثكالى، وباسم الأرامل اللائي فقدن أزواجهن، وباسم كل طفلٍ فقد أباه، وباسم كل الشعب البحريني، وباسم كل معتقل خليجي زُج به بالسجن لمُطالبته بحقه المشروع، وعلى رأسهم خالد محمد الجهني، الذي أتحدّاك وأتحدّى كلَّ تاريخك المهني، أن تكتب عنه مقالة تتساءل بها أين خالد الجهني؟ وأن تمتلك شجاعة فرسان القلم الذين لا يخشون لومة لائم والذين يحترمون مداد قلمهم، أن تعتذر فالاعتذار من شيم الرجال.
zwayd2007@gmail.com
GULFDF@
* الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
** ينشر بالتزامن مع منتدى حوار الخليج