لوبلوغ: جورجيو كافييرو: هل كان خطاب الأمير تميم نقطة تحول في أزمة قطر؟

صورة عن شاشة تلفزيون قطر الرسمي يظهر فيها أمير قطر أثناء القائه خطابا إلى الأمة في الدوحة 21 يوليو 2017   (أ ف ب)
صورة عن شاشة تلفزيون قطر الرسمي يظهر فيها أمير قطر أثناء القائه خطابا إلى الأمة في الدوحة 21 يوليو 2017 (أ ف ب)

جورجيو كافييرو - موقع لوبلوغ - 2017-08-03 - 2:31 ص

ترجمة مرآة البحرين

في 21 يوليو/تموز، ألقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني خطابه الأول منذ أن قطعت  اللجنة الرّباعية -البحرين ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة -علاقاتها مع الدوحة الشهر الماضي. وفي خطابه الذي استمر 17 دقيقة، أعلن الأمير أن بلاده كانت جاهزة للمحادثات الهادفة إلى حل الخلاف الذي استمر 7 أسابيع،  غير أنّها لن تتخلى أبدًا عن حقوقها كدولة مستقلة ذات سيادة.

وبأسلوب يحمل التحدي، أكد العاهل القطري أنّ كل الأعمال كانت تسير كالمعتاد على الرغم من "الحصار". وأعلن أن الأزمة الحالية جعلت القطريين أكثر استقلالية ومرونة. ومؤكدًا أن الدوحة تكافح الإرهاب والتّطرف "بلا هوادة ومن دون تنازلات"، وتقوم بذلك بمباركة المجتمع الدّولي، انتقد الأمير تميم اللّجنة الرباعية التي تشن "حملة تشويه للسمعة لم يسبق لها مثيل" ضد الإمارة. وأورد الزعيم القطري [في خطابه] رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني، ذاكرًا القضايا العربية والإسلامية ومدينًا إغلاق المسجد الأقصى.

ومع إلقاء الأمير خطابه، ظهرت نقطة تحول إيجابية في أزمة قطر. أولًا، قلّصت اللّجنة الرباعية مطالبها من لائحة تتضمن 13 مطلبًا إلى 6 مبادئ أساسية تتناول مكافحة التّطرف والإرهاب. ثانيًا، أصدر الأمير مرسومًا قبل يوم من خطابه ركز فيه قواعد أساسية لتعريف الإرهاب، وقمع تمويله [الإرهاب] من الأراضي القطرية وعاملّا مع قائمة جديدة "للإرهاب" الوطني، الأمر الذي رحب به وزير الخارجية الإماراتي معتبرًا إياه "خطوة إيجابية". وقال كبير الدبلوماسيين في أبو ظبي إنّ قرار الكويت، بطرد الدبلوماسيين الإيرانيين في 20 يوليو/تموز على خلفية الدور المزعوم لإيران في خلية "تجسس وإرهاب" تم اكتشافها في أغسطس/يوليو 2015، هدّأ إلى حد ما مخاوف الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات بشأن علاقات قطر مع إيران.

لكن سرعان ما ردّ عشرات المسؤولين الحكوميين والمحللين السياسيين في دول اللّجنة الرّباعية بشكل سلبي على خطاب الأمير، رافضين له كأساس لحل الأزمة. في الواقع، في اليوم الذي ألقى فيه الأمير خطابه، تحدث ممثل مصر لدى الأمم المتحدة في اجتماع لمجلس الأمن قرّرت فيه الهيئة تجديد العقوبات على تنظيمي القاعدة وداعش، واتهم قطر بمواصلة رعاية مثل هؤلاء المتطرفين. وفي اليوم التّالي، أعلنت الإمارات أنّ قطر تحتاج إلى تغيير سياساتها قبل فتح أيّ حوار من دون تحديدها [السياسات]. وفي 25 يوليو/تموز، أعلنت اللّجنة الرّباعية عن تسعة كيانات (وسائل الإعلام والميليشيات والمنظمات الخيرية المتمركزة في اليمن وليبيا) وتسعة أفراد (وكلهم مواطنون ليبيون وقطريون ويمنيون) كإرهابيين بسبب علاقاتهم المزعومة مع المتطرفين في عدد من الدّول العربية. وسيكون هذا بالتأكيد  حجر عثرة آخر يمنع تقريب جانبي هذا الصدع من المفاوضات.

في النهاية، يتجلى الصراع عن حقيقة مفادها أنه ما يزال هناك خلافات جذرية حول من هو إرهابي في الشرق الأوسط، والمجموعات والحركات الإقليمية المتطرفة. والواقع أن علاقات قطر مع الجمهورية الإسلامية في إيران والإخوان المسلمين وحماس وغيرها من الفصائل الإسلامية السّنية ليست جديدة، كما أن علاقات طهران وهؤلاء الأطراف غير الحكوميين مع الدّوحة أصبحت مؤخرًا مشكلة بالنّسبة لموقع البلاد داخل مجلس التّعاون الخليجي. مع ذلك، قد يتواصل هذا الخلاف المستمر ما لم تصل الأطراف المعنية إلى مصالحة يتفهم فيها كلا الجانبين المخاوف المشروعة [للجانب] الآخر وتتوصل إلى أرضية مشتركة فيما يتعلق بصعود إيران والإسلام السياسي.

إن كان خطاب الأمير تميم لا يُمَهّد لفصل جديد من الحوار والتسوية الجدية في أزمة قطر، فإن الآفاق الطويلة المدى لبقاء مجلس التّعاون الخليجي مؤسسة مكونة من ستة أعضاء سوف تتلاشى، وسيصبح التّفكك نتيجة محتملة على الأرجح. لقد أثبت القطريون أنّهم قادرون على تخطي الأثر الاقتصادي لعقوبات اللّجنة الرّباعية في حين أمّنوا الدّعم من القوى الغربية والكويت وعمان وإيران وتركيا والدّول الآسيوية. لن يؤدي المستوى الحالي للضّغط على الدّوحة على الأرجح إلى استسلام قطر. وفي حال عدم قيام الدّوحة بتغيير سلوكها على نحو يكفل تأمين استعادة العلاقات مع الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات، فإن "مفترق طرق"، كما حذر كبير الدّبلوماسيين في الإمارات الشهر الماضي، قد يصبح التطور الرئيسي التّالي في أزمة قطر.

مجلس التعاون الخليجي، الذي تأسس في العام 1981، كان مبادرة قادتها السعودية بهدف حماية مشيخات شبه الجزيرة العربية من التّهديدات الخارجية، وخاصة الجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران. لكن الزمن تغير كثيرًا. وفي السنوات الأولى من انطلاقة المجلس، لم تتمتع كل من قطر والإمارات العربية المتحدة بالثروة ولا بالنفوذ الجيوسياسي في الشرق الأوسط، كما كانت السعودية لاعبًا مهيمنًا داخل مجلس التعاون الخليجي، والعالم العربي بشكل عام. ومع ذلك، فإن أعضاء مجلس التعاون الخليجي اليوم منقسمون وفقًا لآرائهم مكافحة الإرهاب وردود الفعل على النشاط السياسي للقواعد الشعبية في المنطقة.

وكما أكّد الأمير تميم في خطابه، لا تتصور قطر وجود مجلس تعاون خليجي مستقبلي يتفق فيه جميع الأعضاء على جميع القضايا. وبافتراض أنّ الدوحة ترفض قطع علاقاتها مع مجموعة من الجهات الفاعلة التي تصنفها حكومات الدول الأخرى في مجلس التّعاون الخليجي كمنظمات إرهابية، وأن أبو ظبي تحافظ على سياستها الخارجية المناهضة للإسلاميين، فإن المعركة المستمرة للآراء [بشأن مكافحة الإرهاب] ستواصل ترك مجلس التعاون الخليجي منقسمًا بشأن الإرهاب، من بين قضايا أخرى. إلى متى يمكن للدّول الست الأعضاء في مجلس التّعاون الخليجي أن تعمل ككتلة في ظل مثل هذه الاختلافات؟

 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus