ميدل إيست مونيتور: نهاية الجزيرة، يوم مظلم للشرق الأوسط

قناة الجزيرة
قناة الجزيرة

أنطونيا روبل - موقع ميدل إيست مونيتور - 2017-08-01 - 2:35 ص

ترجمة مرآة البحرين

في 5 يونيو/حزيران من العام الحالي، قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. ومن بين عدد من الأسباب، برروا موقفهم استنادًا بالدّعم المزعوم من قبل قطر للجماعات "الإرهابية" وكذلك تعاطفها الدبلوماسي مع إيران،  وهو ما تنفيه الدّوحة.

وبعد فترة وجيزة من ذلك، تبين أن رفع العقوبات قد يكون على حساب ما لا يقل عن 13 مطلبًا، تم خفضها لاحقًا إلى ستة مبادئ.

ومن بين المطالب، إغلاق كل المنافذ الإخبارية التي تمولها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تم تحديد الجزيرة، عربي 21، الرصد، العربي، الجديد، مكملين وميدل إيست آي.

وأجاب وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بأن شبكة الجزيرة الإعلامية ستبقى "قضية داخلية". وردًا على ذلك، قال جيل تريندل، المدير التنفيذي للجزيرة الإنجليزية، إن "ذلك أمر غير معقول، وكأنّ ألمانيا تطلب من بريطانيا إغلاق بي بي سي".

 

لماذا يتم استهداف القناة  التي تتخذ من الدوحة مقرًا لها؟ الجزيرة تُمول من قبل قطر، غير أنّها تزعم أنها تتبع خطًا تحريريًا مستقلًا.

عندما تم إطلاق الجزيرة، أضرّت بوسائل الإعلام الأخرى الناطقة باللّغة العربية. من جهة، تم الاحتفاء بها باعتبارها متحدث باسم الأصوات التي لطالما تم تجاهلها، ومن جهة أخرى، تم تجنبها كأداة للتّحريض على الطّائفية في المنطقة العربية. وعلى الرّغم من أنّ العقوبات لم يسبق لها مثيل، إلا أن النزاعات بين قطر وجيرانها أصبحت شائعة على مدى الأعوام، وبالمثل تعرضت الجزيرة لضغط متكرر.

ولوضع القناة في إطارها الأكثر إثارة، صرّح تريندل أن "الشرق الأوسط في حالة من الغليان، والناس متحمسون جدًا، فعلى مدى أعوام لم يكن لديهم صوت، والجزيرة هي بمثابة صمام أمان، وهناك الكثير من الضّغط الذي كان يزداد تباعًا".

وبعيدًا عن العواطف والضّغط، يرى كثيرون أنّ تمويل قناة إعلامية من قبل نظام دكتاتوري لا تزال تشكل إشكالية على مستوى المصداقية.

تعود جذور هذا الهجوم الأخير على الجزيرة إلى العام 2011، الربيع العربي والتّغطية  التي لا يمكن غفرانها للجزيرة للجماعات المعارضة في مصر وسوريا والبحرين وأماكن أخرى. بالتالي، ليس أمرًا مفاجئًا أن تأتي الدعوات لإغلاق القناة من تلك القيادات الدكتاتورية نفسها. على سبيل المثال، لم تنسَ البحرين إنتاج الجزيرة لوثائقي "صراخ في الظلام" وعرضها له، ما قدم رؤية نادرة ومؤلمة للقمع الذي شهدته انتفاضة البلاد في العام 2011. ويقول وضاح خنفر، وهو المدير العام السابق لقناة الجزيرة، "إننا نُعاقَب الآن لأننا اعتقدنا في يوم من الأيام أن الربيع العربي كان يومًا مشرقًا في تاريخنا ونحن في الجزيرة وقفنا من أجل الناس الذين تظاهروا في الشوارع العربية".

وفي حالة ميدل إيست آي، وهو موقع إخباري، ومركزه في المملكة المتحدة، قال ديفيد هيرست، وهو رئيس التحرير، إن الموقع ليس مُمَولًا من قطر. غير أنّه لامَ الهجوم على الطبيعة المستقلة لنموذجه الإعلامي، الذي يوفر المقالات للجمهور العربي.  ويقول هارت إنّ "كثيرًا مما أكتبه وأيضًا مما يُكتَب في موقع ميدل إيست آي يُتَرجَم إلى اللّغة العربية، والأشخاص خلف هذا، لا سيما السعوديين، هم فعلًا خائفون بشكل كبير من أي انتقاد أو تحليل لما يجري".

تقرير آخر قد يدعم هذا الأمر هو أن قناة الجزيرة العربية هي الوحيدة التي يُطلَب إغلاقها، وليس نظيرتها الإنجليزية. وعلى الرغم من اختلاف النّهج التّحريري بين الاثنتين، يحذر وارن "افهموا عقلية سلطة تقول إنّنا نستطيع تقبل الانتقاد بالإنجليزية ولكن ليس بالعربية".

وكثيرًا ما طغى التعاطف المفترض للقناة مع الإسلاميين على بث أخبار التحركات المعارضة. في العام 2015، وصل الانتقاد المُوَجه للقناة إلى ذروته عندما نشرت الجزيرة العربية استطلاعًا للرّأي صوت فيه 80 بالمائة من المشاهدين بنعم ردًا على سؤال عن تأثير داعش: "هل تعتبر أن تقدم داعش في العراق وسوريا يصب لصالح المنطقة؟"

ويدعم تريندل الخطوة بالقول أنه "نحن لا نحرض، نحن نقدم تقارير، وهذا هو الفرق الأساسي". وفيما يتعلق باستضافة القناة لشخصيات متطرفة أو بثها أخبارًا عنهم، قال "تذكروا مارغريت تاتشر في الثمانينيات، لقد منعت بي بي سي من إجراء مقابلات مع "إرهابيي" الجيش الجمهوري الإيرلندي وقد تجنبت بي بي سي ذلك".

وعند سؤاله ما إذا كانت الجزيرة ستتعرض للخطر بسبب المطالب المُوَجهة إلى قطر، قال تريندل "لا، نحن فقط نواصل عملنا". مما لا شك فيه أن الأمور ليست بهذه البساطة، وكما هو الحال مع أغلبية وسائل الإعلام الدّولية، هناك عدد من المجالات التي يمكن للجزيرة تحسينها. وحتى خنفر يعترف بذلك: "بالطبع كان لدينا أخطاء، وإلا لما كنّا منظمة إنسانية".

نعم، يجب مراقبة الجزيرة. لكن القيام بذلك في هذه اللّحظة هو للأسف الشديد بأيدي أشخاص لا يتسامحون مع حرية الصحافة لدى الآخرين، ولا حتى لديهم. ويواصل خنفر: "هل تعلمون أنهم [السعوديون] أصدروا للتو قانونًا يعاقب بالسجن من خمسة أعوام إلى خمسة وعشرين عامًا كل من ينشر تغريدة يتعاطف فيها مع قطر؟"

حقيقة أنّ تسليط الضوء على دعم قطر للإرهابيين يتم من قبل دول متورطة بشكل مباشر بتمويل منظمات متطرفة تظل أمرًا مربكًا في أفضل الأحوال. وبالتالي، لا ينبغي للهجوم في حد ذاته أن يشوه سمعة الجزيرة أو وسائل الإعلام المستهدفة الأخرى بل أن يكون بدلًا من ذلك جرس إنذار للهجوم الأوسع نطاقًا على وسائل الإعلام من قبل الحكومات والقيادات المستبدة في جميع أرجاء العالم. وسواء كان متحيزًا أم لا، لا يمكن للمرء عدم الاتفاق مع تريندل حين يقول إن "اليوم الذي تختفي فيه الجزيرة سيكون يومًا مظلمًا للصحافة ويومًا مظلمًا للمنطقة".

 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus