لن تكسروا إرادتهم

إيمان شمس الدين - 2012-04-23 - 6:55 ص




إيمان شمس الدين*

 

رَغمَ مرور أكثر من عامٍ على الثورة البحرينية، إلا أنَّ السمة البارزة لها هي الصمود والإصرار على تحقيق المطالب.

تلكالثورة التي يُسجن نُخَبُها، ويُقال أبناؤها من وظائفهم فتُقطع أرزاقهم، ويُكابِد أطفالُها التمييز في مدارسهم، ويُصارِع ناشطوها الحقوقيون الموتَ لأجل حياة الآخرين، ويستمر نزف دماء أبنائها شهيدًا تلوَ شهيد، ومُعاقًا تلوَ مُعاق، وتُحرَق بيوتُهم، وتُمارس عليهم كلُّ أنواع القمع والتعذيب. إنها الثورة التي لم يعترف بها غالبية الإعلام العربي، وغيّبتها الجامعة العربية من جدول أولوياتها رغمَ تصدِّيها للثورة السورية ورغمَ أنَّ ما يحدثُ فيها أبشع مما يحدث في سوريا. إنَّها الثورة التي قُمعت باستقدام قواتٍ خارجية، وبِصمتٍ دولي ليس عجزًا بل تواطؤاً. 

إنهاالثورة التي أدار لها الظهرَ نخبٌ ومثقفون وحقوقيون في الخليج وفي العالم العربي والإسلامي بحجَّة مذهبية الحراك الواهية، وكأنَّ الحقَّ يَعرفُ مذهبًا أو عِرقًا أو فئة. إنّها الثورة التي تواطأ العالم عليها وأنكرها القريب قبل الغريب. إنها الثورة التي تجاهلتها الجماهير العربية التي صنع وعيَها الإعلامُ المُزيّف فصدّقته، رغم عيشها نفس المرارة تحت أنظمة الاستبداد.

إنهاالثورة التي نضجت ورشّدت الحراك المطلبي للتيارات السياسية وللشعب البحريني وخاصةً التيارات الإسلامية وحوّلت الفقيه إلى رجل دولة يُطالب بقيام دولة الحقوق والواجبات وحِفظ الكرامات والعدالة. إنها الثورة التي صمدت إلى الآن رغم كل ما سبق، وهي مصرةٌ على الصمود حتى تحقيق المطالب.

فوزيرة الداخلية البريطانية تعترف في مؤتمرٍ صحفي في البي بي سي- حينما تحدّثت عن خطورة ذهاب المتسابقين البريطانيين إلى البحرين للمشاركة في الفورملا1-  بالقمع الوحشي للنظام البحريني للمسيرات المطالبة بالتحول الى الديمقراطية،



 وهوما يدلِّل على إقرارٍ رسمي من جهةٍ رسميّة في الحكومة البريطانية، مقابل تجاهلٍ فج من قبل الأنظمة العربية وخاصةً الخليجية التي يتصدّى بعضُها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي للثورة السورية، بينما يقف حائطَ صد منيع في وجه الثوار البحرينيين مما لا يعكس إلا تواطؤ البترودولار مع السياسيين والأنظمة

فرغمكلِّ النداءات التي وجهتها منظماتٌ حقوقية لوقف سباق الفورملا1 في البحرينتصرُّ الجهة المنظمة على إمضائه، رغم المخاطر والظروف الميدانية المضطربة في البحرين والقمع الوحشي للنظام تجاه معارضيه، إلا أن إمضاءه له دلالات أهمُّها إضفاء مزيدٍ من الشرعية على النظام البحريني وممارسته، وهو ما يجب فعلًا الوقوف عنده، ومحاسبة تلك الجهات التي أصرَّت على إقامته، ومعرفة من يقف وراءها، رغم أنها جهاتٌ غربيّة تؤمن بالحريات إلا أنَّ رأسماليتها أوغلت في تقديم مصلحتها على هذا الإيمان بالإنسان وأصالة حريته وحقوقه.

إنَّهاالثورة التي ستبقى بدماء شهدائها وتضحيات حقوقييها وعلى رأسهم رمز التضحيةالمُناضل عبد الهادي خواجة، وبإصرار قياداتها ورموزها، وعزيمة جمهورها، حتى تحقق التحوُّل الحقيقي للديموقراطية.

فبعدكلِّ هذه التضحيات لا أعتقد أنَّ هناك مجالًا ولو صغيرًا للحوار، بل الأصلُ تحقيق المطالب واقعًا وإلا ستتحق رغم أنف الجميع، وحينها من كان له رصيدٌ ولو قليل من هذا النظام في قلب ووعي الجمهور؛ فإنَّ هذا الرصيد بعد تحقيق المطالب سيصبح في حُكم العدم.

 

فللثورةالبحرينية ألفُ تحيّة على صمود جمهورِها وإصرارِه - رَغمَ كل التجاهُل ورَغم كلِّ ما يُمارّس ضده - على تحقيق المطالب أولًا وأخيرا.

*كاتبة كويتية.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus