رئيس "الحوض الجاف" للمعتقلين: في زمن ترامب لا توجد لكم حقوق إنسان ولا حيوان!

الشهيد جعفر الدرازي استشهد بسبب التعذيب والإهمال الطبي
الشهيد جعفر الدرازي استشهد بسبب التعذيب والإهمال الطبي

2017-06-12 - 2:15 م

مرآة البحرين (خاص): منذ عام كامل ومعتقلو الحوض الجاف لم تطلع عليهم الشمس. ليست مبالغة تلك، بل جريمة حقيقية. فبعد إعلان وزارة الداخلية يونيو/ حزيران 2016 عن هروب عددٍ من المعتقلين، حوّلت إدارة السجن حياة نزلائه إلى سواد.

بات المرض منتشراً والدواء مفقوداً، ودفء الشمس في هذه البلاد الحارة بات أمنية المعتقلين، الذين تحدثوا لـ "مرآة البحرين" عن "جحيم يقف خلفه مدير السجن عبدالله راشد الشحي الذي ينتمي لنفس قبيلة طارق الشحي" الضابط الإماراتي الذي قضى في تفجير قالت السلطات إنه وقع قرب بلدة الديه العام 2014.

تماماً كما في فيلم الخيال العلمي المايتركس، حين تم إحراق الأرض وغابت الشمس وغابت معها الطاقة، لجأت الآلات التي توحشت لاستخدام الإنسان كمصدر للطاقة واستخدمته كبطارية. تماما هكذا تعمل طاقة التوحش عند ضباط وزارة الداخلية، إنهم يستخدمون السجناء لإشباع رغباتهم الشاذة وتلبية روح الانتقام التي تأسست عليها عقيدة الوزارة، بل عقيدة الحكم.

عند البحث عن المقدم راشد عبدالله الشحي لا تجد ملفا كبيرا، سوى أنه كان برتبة رائد حين حصل في العام 2012 على شهادة الماجستير من جامعة دلمون التي أغلقتها السلطات بسبب "عدم ملاءمتها لمعايير التعليم العالي".

وكذلك يظهر اسمه في قرار يحمل رقم 52 أصدره رئيس الوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، نص على ترقية 4 من الضباط إلى رتبة مدير، كان الشحي أحدهم، ليصبح بعدها مديراً لسجن الحوض الجاف.

يشتكي سجناء الحوض الجاف من "قسوة الشحي وجفافه نهائياً من أية إنسانية أو قيمة لحقوق البشر"، بحسب تعبير أحد السجناء.

زمن ترامب

يصف هذا السجين الأوضاع داخل السجن بالقول "لا يوجد ما نجلس عليه غير النعال، وتمّ سحبها منّا مؤخراً،  قال لنا الشحي: هذا نتيجة أعمالكم فلوموا أنفسكم". يضيف السجين "نجلس على الأرض وننام فوقها".

ويتابع في وصفه لأوضاع السجن "في شهر رمضان المبارك نحن نجوع فعلاً، لا طعام كافٍ، السحور شاي وقطعة خبز واحدة مشرّحة، وقطعة بيتزا صغيرة، هذا طعام لا يكفي لطفل صغير". ويضيف "ما يؤلمني أكثر أننا شرحنا مراراً لوفود منظمة الصليب الأحمر الدولية التي زارتنا خلال الفترات الماضية، لكن دون جدوى".

ويقول "للأسف فإن شخصاً مثل راشد الشحي أو فهد الكوهجي صارا يسخران منا بقولهم: لا تنسوا أن تخبروا منظمة الصليب الأحمر عن كل ذلك، إنه زمن ترامب الآن، لا توجد لكم حقوق إنسان أو حتى حقوق حيوان".

الإهمال والأمراض

أما عن العلاج فيقول "الإهمال الذي نتعرض له لا يمكن تخيّله، على الرغم من سقوط عدد من الشهداء كالشهيد حسن الحايكي، لا يزال الإهمال سيد الموقف (...) هم لا يأخذون أحدًا  للعيادة إلا بشق الأنفس، وإذا تم أخذه للعيادة لا يتم صرف الدواء له ويقولون له لا توجد أدوية"!.

"كل ليلة يهجم علينا الحراس ونحن نائمون قرب الفجر، يفتحون علينا الأبواب بقوة؛ ليصدر عنها صوت قوي مزعج ولنستيقظ مرعوبين مفزوعين، ومن يحتج يأخذونه للسجن الانفرادي أو يُضرب ويهان، وعليكم أن تسألوا عن حجم الأضرار الطبية التي يسببها ذلك" يضيف سجين آخر.

ويضيف "يتم حبسنا داخل الغرف 23 ساعة، ويتم منحنا ساعة واحدة للتحرك داخل زقاق غير مفتوح، تتخللها 10 دقائق للاتصال، ما يعني أن نصيب كل سجين يقل في ساعة الرياضة (...) لقد تابعنا الأضرار التي لحقت بالمعتقلين من عدم رؤيتهم للشمس، وعدم السماح لهم بممارسة الرياضة، إنهم يدمروننا نفسيا وجسديا".

ويضيف "الحبس باستمرار داخل الغرف يتسبب بشكل مباشر وغير مباشر في الإصابة بأمراض مزمنة (...) لاحظنا ازدياد الإصابة بأمراض مثل السكري، ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول في الدم والسمنة".

ويضيف "وجدنا أن الكثير بدأوا يعانون من الخمول والكسل (...) لقد أصيب البعض بهشاشة العظام وضمور العضلات، إلى جانب أمراض تتعلق بالجهاز البولي مثل حصر البول، وتم تسجيل حالات لإصابة المعتقلين بالإمساك، وهذا الأمر الذي يسبب أمراض أخرى مثل البواسير".

ويردف "لدينا حالات من تصلب الشرايين و الجلطات وعدم انتظام دقات القلب، وأصيب كثير من المعتقلين  بضعف النظر حتى أصبح هذا الأمر شائعا".

ويؤكد أن معتقلين "يعانون من ضعف النشاط العقلي و كثرة النسيان والتوتر العصبي"، ويضيف "بعضهم تضرر جهازه التنفسي بسبب عدم وجود الهواء الكافي أو بسبب دخان السجائر داخل الغرف، إضافة لقلة الحركة والرياضة".

وعن الطعام المقدم لهم يقول سجين آخر "الطعام المتوفر يفتقر إلى القيمة الغذائية،  من الواضح إن حرمان السجناء من الطعام الجيد وممارسة الرياضة كان سببًا في نقص بعض الفيتامينات المغذية للجسم، وهذا أضعف نشاطهم الجسماني وقوتهم".

ويقول  "سأوجز قدر ما أستطيع، أصيب الكثير من المعتقلين بحالات الأرق واضطراب النوم، ولجأ بعضهم لاستعمال حبوب الأعصاب، رصدنا أيضاً هنالك حالات تكسر أسنان وتآكلها إلى جانب التهابات اللثة، عدد من المعتقلين تساقط وتقصف شعرهم، وهنالك من أصيب بتقرحات في البشرة وفي فروة الرأس أيضاً".

ويلفت إلى أنه "عندما يصاب فرد بالأنفلونزا فإنها تنتشر في الغرفة الواحدة (...) لا توجد تهوية في الغرف التي تبقى مغلقة طوال اليوم".

بألسنة السجناء، هكذا هي صورة سجن الحوض الجاف من الداخل، هذه أوضاع السجناء فيه، هذه هي الحقيقة التي يعجز الوحش عن طمسها، وهذه هي الحقيقة التي تعرفها منظمة الصليب الأحمر الدولية وسمعتها تفصيلاً من ألسنة السجناء، ليبقى السؤال: حتى متى يتفرج العالم، حتى متى يصمت؟، حتى متى؟.