جليلة السلمان: هكذا أخذوني لتصوير اعترافاتي (2-3)

2012-04-17 - 12:30 م




مرآة البحرين (خاص):
نستكمل مع  جليلة السلمان محطاتها داخل قضبان السجن، تلك الأمكنة المخبأة فيها فظاعات النظام. كانت رائحة القهوة كفيلة بفتح نافذة الذكريات لتعود بنا إلى أحداث ذلك اليوم..


بعد أن أنهت جليلة الأيام العشرة الأولى في الزنزانة الانفرادية بالتحقيقات الجنائية، تقرر أخذها إلى مكان آخر. ركبت السيارة في الخلف معصوبة العينين، ترافقها شرطية، فيما جلس شخصان في مقدمة السيارة. قطعت السيارة مسافة طويلة قبل أن تتوقف. قطع أحدهما الصمت قائلا: بنقطها (سنرميها) هناك في السعودية. أنزلت جليلة من السيارة ودخلت إلى حيث اقتيدت. طلبت منها الشرطية أن تجلس على الكرسي. أزالت العصابة من عينيها، رأت بابا من حديد، أيقنت أنه سجن آخر. كان المكان يعج بالشرطيات، بعضهن بلباس مدني، جاءت إحداهن: قومي يا الله للتفتيش، "كانت تلك المرة الأولى التي أعرف فيها ماذا يعني التفتيش الذاتي، مهانة وإذلال إنساني بكل ما تحمله الكلمة من معنى". يتكرر التفتيش عند الدخول أو الخروج من السجن. بعد الانتهاء، صاحت الشرطية التي أحضرت جليلة من مبنى التحقيقات: وهاذي وين نخليها، معاهم؟ أجابت الأخرى: لا هذي خليها في الإنفرادي.


الزنزانة الثلاجة..


"أخذوني إلى الطابق العلوي، أدخلوني في أحد العنابر وأغلقوا الباب خلفي، العنبر أفضل بكثير من زنزانة التحقيقات الجنائية، الأرضية نظيفة، المكان أكثر اتساعا، أربعة أسرة ممزقة من طابقين، ونافذة أقرأ منها الوقت. كأن العنبر ثلاجة، يكفي أن تتواجد فيه لفترة قصيرة، حتى تتجمّد أطرافك.

طلبت جليلة من سجانتها تخفيف البرودة، أجابت الأخيرة: الأوامر. رمت السجانة إليها لحافا متهالكا. طلبت قهوة ساخنة تدفئ أطرافها، ردت الأخيرة: ما عدنا كوفي. شرطية أخرى رأفت بحالها وأحضرت شايا ساخنا، استخدمته جليلة كموقد لتدفئة جسدها، لم تمض دقائق حتى تجمد هو الآخر. فتحت النافذة علّ البرودة تتسرب إلى الخارج رغم برودة الطقس. بدت لها المباني والشوارع مألوفة جدًا. فتحت السجانة الباب فجأة: ليش واقفة عند الدريشة (النافذة)، تعرفين أنتي وين؟. أجابتها جليلة: في المحرق. اطمأنت الشرطية لجهلها بالمكان وأوصدت الباب ومضت. "أمضيت سنوات من العمل في هذه المنطقة، لا يمكن أن أخطئ بأنني في مركز شرطة مدينة عيسى" تمتمت جليلة.


فجأة صدر صوت من المكبّر المعلق في الزنزانة للتواصل مع السجينات، لفت انتباه جليلة ما سمعته من خلال المكبر في صبيحة اليوم التالي: سناء دخلي مكانك. ظلت جليلة طوال الوقت ترقب ما يصدر من أصوات وتعليمات من خلال السماعة لتطمئن على زميلاتها، حتى سمعت: غصون صكي الباب. "هن معي في نفس المكان إذًا، بقى أن أطمئن على أفراح" استبشرت جليلة.


سجينة الكاسيت..

تكمل جليلة: "زادت برودة الجو من ألم الظهر المزمن والكلى التي أصبت بها أثناء تواجدي في التحقيقات علاوة على ألم الأسنان. عند الظهر طلبت أن أتوضأ، لم يعصبوا عيني هذه المرة لكنهم أخلوا الطريق إلى الحمام كأنما سفّاح أو قاتل خطير سيقتل أحدا أثناء ذهابه للحمّام. كان للحمام باب رئيسي بداخله عدة دوارت للمياه إضافة إلى بعض المغاسل. ظلّت الشرطية تحرس الباب الرئيسي، تدق الباب بعنف تستعجلني الخروج.
 

عند دخولي الحمام تفاجأت بسيدة في الداخل، يبدو أنهن غفلوا عنها، ما إن رأتني حتى عانقتني وقالت بعفوية: إنت حافظة دعاء زين العابدين. أجبتها: لا، من أنت؟. قالت: أني فضيلة المبارك، ناديني أم مهدي، لا تتحركين بروح أجيب الدعاء إليك. فتحت الحنفية بسرعة، بللت فيها وجهي وأطرافي بالماء الساخن. قربت وجهي للنافذة لأستمد شيئا من الدفء، أغمضت عيني لأشعر بتسرب الحرارة إلى وجهي.


كان صوت الشرطية يعلو: بسرعة ما خلصتي؟ "لم استطع الانتظار أكثر حتى تعود فضيلة، خرجت من الحمام، لمحت من نافذة العنبر فتاة تنظر وقد وضعت لحافا على رأسها، أومأنا إلى بعض بإشارات السلام، عرفت فيما بعد أنها آيات القرمزي". صاحت إحدى الشرطيات: إللي في العنبر رقم 7 بعد تبغي تروح الحمام. أجابتها الشرطية التي ترافق جليلة: "الحمام فاضي خلني أخلص من ذي. بسرعة استرقت النظر في العنبر رقم 7، هي أفراح إذًا، تبادلنا التحايا بالنظرات".


بينما نحن في الممر، أخبرت الشرطية بحاجتي للقرآن والسجادة، سمعتني إحدى السجينات، تم وضعها مع سجينات أثيوبيات وآسيويات،، قالت: "أني عندي قرآن تعالي داخل بعطيش إياه"، أخذته منها. لم أعرف حينها أنها ندى ضيف. لحقتني فضيلة بالسجادة، أخذتها ممتنة. تلك المرة الوحيدة التي تحدثت معي فيها سجينات الرأي، بعدها كنت أمر في ممر خالٍ.


تكمل جليلة: "لم أتمكن من النوم في العنبر الإنفرادي طوال الأيام الثمانية، كان البرد قارسًا، لم أتحرك من مكاني إلا نادرًا، كانت البرتقالة الفاكهة الوحيدة التي تدخل فمي أحيانًا. سمح لي بالذهاب للحمام ثلاث مرات يوميًا تزامنًا مع وقت الصلاة، وكان يقدم لي البرتقال أو التفاح غير المغسول وبعض الطعام الذي لم أقترب منه بتاتًا، إضافة إلى قنينة ماء صغيرة اعتمد عليها في الشرب طوال فترة السجن الإنفرادي.


لم تقترب الشرطيات من زنزانة جليلة بسبب شدة البرد، من بعيد فقط، كنّ يوجهنّ سيل الشتائم والاتهامات: من أنت؟ شنهو جريمتك؟ "كان جسدي متجمدًا، لا أستطيع تحريك حتى يداي، بينما عقلي يضج اشتعالا، ما هي جريمتي؟ ماذا فعلت؟ ما الشيء الخطير الذي قمت بها لأستحق كل هذا العقاب؟ استرجعت كل التفاصيل الدقيقة التي مضت، حين عجزت عن الفهم، كنت أفترش السجادة، ويبقى القرآن هو الرفيق الأوحد في زمن العزلة".


قومي طلعي..


تنهدت جليلة طويلاً، ثم أكملت: كان الوقت عصرًا حينما فتحت الشرطية الباب وقالت: "قومي طلعي". يا إلهي، انتهت أيام الصقيع الثمانية أخيرًا، خرجت لدفء الناس. أدخلتني في عنبر أفراح، التحقت بنا غصون وسناء فيما بعد. كان عناقًا طويًلا، بدأنا متلهفات جدًا للاطمئنان على بعضنا البعض. عرفت أن غصون وسناء وضعتا في زنزانة عادية مع النزيلات الأخريات في الطابق الأرضي، بينما أفراح في زنزانة انفرادية. تم توزيعنا مرة أخرى وأصبحنا في العنبر رقم 9: آيات، أفراح، سناء، فايزة الفرساني (اختصاصية في وزراة التربية) وانتصار (مشرفة إدارية في مدرسة سند).


مضى وقت طويل والأهل لا يعرفون أين نحن، طلبنا من الشرطيات أن نطمئن الأهل، رفضن في البدء معللات ذلك بوجود أوامر تمنع تواصلنا مع العوائل، وبأن الأوامر تأتي من التحقيقات وليس منهم. بعد محاولات مستميتة، سمح لنا بدقيقتين فقط، وقتها لم نكن نملك مالاً لإجراء المكالمات، مدت لنا سجينات الرأي بطاقات الهاتف الخاصة بهن، في المحن تبدو الأشياء الصغيرة عظيمة.


وضعت يدي على سماعة الهاتف، هل اتصل بأولادي أولاً أم أطمئن على أمي المريضة، نسيت كل الأرقام حينها، بدت الأرقام لي مبعثرة، بعد مدة صار الاتصال صحيحًا. على الطرف الآخر سمعت صوته: ألو، من؟ قلت له: ما عرفتني، ثلاثة أسابيع نسيت فيها بنتك؟ كل الذي شعرت به، أن قلب أبي قفز من السماعة، تغير صوته: لا بنتي شاخبارك. أجبته: أني زينة، أهم شي طلعنا من التحقيقات، الباقي خير إنشاء الله. بلّغ سلامي للجميع وخصوصا أمي. أغلقت السماعة، أنهيت فيها جرعة دفء سريعة خالية من الدموع. تلك التي تغص بها لكنها تعاندك طوال فترة اعتقالك الطويل.  


وسادة من حجر..

تم توزيع قائمة الخدمة على المعتقلات، تبدأ بتقديم الطعام للمومسات واللاتي يتعاطين الحشيش، إلى غسل الحمامات ومسح الأرضيات، ولمزيد من الإذلال، تجبر المعتقَلات أحيانًا، على مسح الأرضيات أكثر من مرّة، بحجة أنها غير نظيفة. "بعد مضي يومين من الخدمة شعرت بالإنهاك، الألم يمزّق ظهري لكن لم أكن أقوى على الرفض".


تكمل جليلة: "في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، تمت مناداتي أنا وآيات القرمزي عبر مكبر الصوت. حين ذهبنا قالوا: التحقيقات طالبينكم، شعرت بالانقباض. ألم ننته بعد من ذلك المكان، لا زالت (حمدة) تقبع داخلنا، تلك الشرطية التي تتفنن في بث الرعب في نفوسنا، كنا نعرف الوقت من نوبتها الليلية، كانت تقطع جدار الصمت بالضرب على الأبواب الخشبية، فتحدث صوتًا مدويا.


تجعلنا (حمدة) متيقظات، نسمع بوضوح صرخات المعتقلات الأخريات فيما يتم تعذيبهن، تنقلنا إلى هاجس "استعدوا سيأتي دوركم". لا زلت أذكر إجبار المعتقلين على ترديد السلام الوطني والغناء: "مشيمع مجنون، ودوه المصحة"، بالإضافة لإجبارهم على الرقص والضرب على الطاولات. رعب ببشاعة الزنزانة التي حبسنا فيها. حين ساءت حالة ظهري بقيت طوال الوقت أقف بإنحناء، أعطوني وسادة لأصلب ظهري عليها، المفاجأة أنها كانت مليئة بالحجارة. أفقت على العصابة تلف عيناي، ركبنا السيارة أنا وآيات معا، الطريق إلى المجهول ثانية".


تصوير الاعترافات

 
الحدث الموجع في صوت جليلة تستذكره بتأمل: "أبطأت السيارة من حركتها، قال أحدهم لسائق السيارة: هذوله مب إهني، ودوهم النادي. عبرنا الجهة الأخرى، نزلنا بأعين معصوبة، تمسك بي شرطية وأخرى بآيات. وقفنا في الممر برهة، حتى سمعت شخصا يكلم آيات بحنان: يبه من وزّاش (دفعك) تقولين هالقصائد، مشيمع؟ يأتي صوتها الطفولي: لا أني بروحي. يرد عليها: إنزين مب مشيمع، قولي قناة العالم. الحين بنصورش وإنت تعترفين، قولي قناة العالم. رفضت آيات بشدة أن تنسب قصائدها لأحد غيرها. اقترب الصوت مني، قائلاً: جليلة، وين كنت يوم 14 فبراير؟ أجبت: في البيت. رد: في البيت والله كنت تحرضين المعلمات؟ أجبت: نحن في إجازة الربيع، إشلون أحرض المعلمات؟ عاد موجها حديثة لآيات: إي، سمعت آيات، سمعت جليلة شي تقول، إنت أحسن منها، مب مثل جليلة وربعها الخونة إلي خربوا التعليم وخربوا البلد".

كل ذلك الحوار والعصابة تلف عين جليلة والشرطية تمسك بها، همَست لها بأنها متعبة، لكن الشرطية لم تهتم، مباشرة سقطت جليلة على الأرض مغشيًا عليها. أفاقت على كرسي، لم تمض دقائق حتى تكرر الإغماء ثانية. أخذوها إلى غرفة ووضعوها فوق السرير، غطوها بلحاف راق، اتصلوا بالإسعاف التابع للقلعة لمعاينتها، تم قياس ضغطها المرتفع، انتظروا حتى تحسّن وضعها الصحي.

تكمل "جاءنى شخص قال لي: تعرفين إنت ليش إهني؟ أجبته بالنفي. قال: نبغي نسجل اعترافاتك. قلت: أية اعترافات؟. قال: الملف الي عندنا. قلت: اشلون تسجلوني؟. قال: بنصورش. لم اندهش لحظتها بقصة التصوير التليفزيوني، أخبرتني ندى ضيف أنهم أجبروا الأطباء على تصوير اعترافاتهم قبل أسبوع. استطرد: سنسجل اعترافاتك أنت وأبو ديب. قلت: لكني ما أتذكر شيئ، مضى على التحقيق الأول أكثر من ثلاثة اسابيع. رد: لا تخافين بنذكرش، إنت ما تعرفيني بس داخل اذا محتاجة مساعدة راح تشوفيني آنا لابس فانيلة زرقاء وبانطلون جينز، بس أشري لي وبايي (سآتي) لك. فاجأته: لكني أعرفك (عرفته من صوته كان عبد الحكيم مندي) رد مستغربًا: اشلون تعرفيني؟ قلت: مو إنت الي حققت معاي من قبل. صرخ على الشرطية: طلعيها برّه. ثم سمعته يوبخها: اشلون ذي عرفتني؟ قالت له: سيدي عينها ما كانت مصمدّة وقت الي حققت معاها.

عندها نزع العصابة من عيني محذرا ومهددًا: اذا ما قلتين الي نبغيه، فبنذكرش، شكلش نسيتين أيادينا، راح نذكرش فيهم زين. بنذكرش في إلي نبيه وحتى إلي ما نبيه، نستضيفك اسبوع عندنا ونذكرش فيه زين. قلت له: ما في داعي، اللي تبغونه بقوله.

تكمل جليلة: "راح يردد قولي كذا وكذا، قاطعته: لكني ما قلته. بدأ يهددني بالاغتصاب. أسهل كلمة ينطقون بها، تنسيك آدميتك. عند وصولي إلى خارج الغرفة أغمي عليّ مرة أخرى. سمحوا لي أن أخرج قليلا لاستنشق الهواء وأرتاح قليلا. حين دخلت قال لي: أكا الحين بنخلص مع أبوديب وبعدين إنت. حين سمعت اسم أبو ديب، سعدت جدا بأنه على قيد الحياة، بعد معرفتي طريقة الاعتقال من بعض الموقوفات إضافة إلى بعض الإشاعات المخيفة التي تصاحب أية قضية من هذا النوع، اطمأنيت قليلاً. قبل الدخول في مكان التصوير، أدخلوني إلى غرفة، سمعت أحدهم يخاطب أبو ديب: سمعتنا كل إلّلي نبيه بتقوله ولا تغير ولا حرف واحد، سمعت أبوديب. توقفت حين سمعت صوته يجيب: إن شاء الله، والصوت الآخر يهدده: ولا تغير من الاعترافات شيئ. يرد ثانية: إن شاء الله. حاولت حينها نزع عصابتي، لكي أتاكد بأن صحته على ما يرام، لكن الشرطية ورائي منعتني من نزع العصابة.


بحضور فولاذ..

 
تكمل جليلة تفاصيلها "دخلت بعدها غرفة التصوير، كانت عبارة عن صالة استقبال كبيرة، محاطة بأرائك وثيرة، مليئة برجال ملثمين، حوالي ثلاثين شخصًا وأنا المرأة الوحيدة بينهم. جلست على كرسي متواضع، ثبتت كاميرتان للتصوير وضعتا على كرسيين أحدهما مقابلي والثاني بجانبي. جاءني عبد الحكيم مندي: سمعي جليلة، ألحين إنت بتقولين جذي (... !!! الخ). كنت أحاول حفظ الجمل المتتالية، كان يسأل المخرج أحمد يعقوب المقلة، هل قالت كل الكلام؟ يرد عليه المقلة: لا، فيعيد تصوير اعترافات لم أفعلها أصلا. ما أتذكره هذه الجملة من سلسلة الاعترافات: إحنا خربنا التعليم بالبلد ولنا صلة بجهات خارجية.


أكثر ما أثار اإرباكي من قراءة الاعترافات الجاهزة هو وجود شخص مشهور في قاعة التصوير، لم أكن لأخطئه أبدا، كان شاهدا في ذلك اليوم على انتهاك حقوقنا الإنسانية والفبركات الإعلامية. كان عضو سابق في مجلس الشورى ويشغل حاليا منصب مدير جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان. كان المدير الحقوقي هو "فيصل فولاذ"، كان شاهدًا على أحقر عملية للإهانة الجماعية. بدأت أسال نفسي، ومن هؤلاء الملثمين، أيمكن أن يكون شخصًا مهمًا جدًا بينهم، لم يخفون وجوههم لشخص ضعيف مثلي.





تتعدين على أسيادش..

 
ترشف جليلة آخر قطرة للقهوة وتختم الجزء الأخير قائلة: بعد انتهاء التصوير، تم تعصيب أعيننا بالقوة مّرة أخرى وربطوا أيدينا وركبنا السيارة. جلسنا في الخلف، جلست عند الباب وفي الوسط آيات وفي الطرف الثاني شرطية. لم تتحرك السيارة، أحدهم قال: الشيخة تبغي تشوف آيات، الشيخة موصية إذا يت أيات نقول لها. فتح الباب الذي بجانبي كانت تجد صعوبة في الركوب يبدو إنها قصيرة، جلست المرأة البدينة فوق ركبتي المنهكة. نزعت العصابة من عيني آيات القرمزي وهددتها: شوفيني زين، تتعدين على أسيادك، إنت من؟؟!!. بيبقون في السلطة إلى الأبد رضيت ولا كرهتِ.


كما هددتها بقطع لسانها ولما رفضت آيات فتح فمها ضربت فمها وما أن صرخت حتى بصقت داخل فمها، ووضعت ريشة الحمام في فمها. لم تكتفِ بذلك بل عاجلتها بضربها بمكنسة يدوية على رأسها، سبب لها انتفاخا ونزيفا. كان ينالني دون قصد الضرب الموجه لآيات، تنفست الصعداء حين نزل هذا الثقل من ركبتي المتعبة. سمعت صوت الباب الأمامي يفتح مجددًا، أنه صوتها ثانية، للتنفيس عن غضبها قامت بضرب آيات مرة أخرى. كنت أشعر بالقهر، وأنا أسمع صوت صراخها ولا أستطيع فعل أي شيء. كانت الشرطية خلفي تمسك يدي بشدة، بالتأكيد نفس الشيء تم مع آيات. أمسكت بيد آيات حين تحركت السيارة. وصلنا للعنبر بعد أذان المغرب. كان يوما مريرًا، وبالرغم من ذلك استطعنا أن نعرف أن تلك الشيخة ما هي إلا "نورة آل خليفة".








  • هوامش:
  • نورة بنت إبراهيم آل خليفة (إدارة مكافحة المخدرات): من العائلة الحاكمة
  • المخرج أحمد يعقوب المقلة: هو مخرج بحريني أخرج العديد من المسلسلات الدرامية البحرينية والقطرية الناجحة، التحق بالعمل في هيئة إذاعة وتلفزيون البحرين في العام 1982م بوظيفة (مساعد مخرج)، ولايزال يعمل بها بوظيفة (مخرج تلفزيوني أول). من أبرز اعماله المشهورة: البيت العود 1993. فرجان لول 1994. ملفى الأياويد 1995. حزاوي الدار 1996.
  • فيصل حسن فولاذ، عضو مجلس الشورى للفصل التشريعي المعين في 2002، 2006، مؤسس والمدير الإقليمي والدولي ومدير مكتب المملكة المتحدة بجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus