» تقارير
الخواجة شارحاً معنى التضحية للمحقق العسكري: الاستعداد للتعرض للعنف دون إبداء أي رد فعل عنيف 4
2012-04-14 - 9:53 ص
مرآة البحرين (خاص): "ماذا تقصد بالتضحية؟!"، يسأل المحقّق العسكري عبدالهادي الخواجة في الجلسة الثانية من التحقيق، بعد جلسة أولى استغرقت 10 ساعات، يرد الحقوقي المخضرم بفكّه المكسور "إنها الاستعداد للتعرض للعنف من قبل الطرف الآخر، دون إبداء أي رد فعل عنيف، وهذا من المبادئ الأساسية في عمل المقاومة السلمية".
يقدّم الخواجة في غرفة التحقيق دروس "حقوق الإنسان" و"المقاومة المدنية"، لا يحيّره أو يلعثمه أي سؤال أو اتهام، بوصلة حراكه وخطاباته وعمله واضحة جداً، تتكئ على "حقوق الإنسان"، وعلى حق الناس في مقاومة أي "نظام غاشم" حسب وصف بذلك الخواجة.
ما سبب وصفك للنظام بـ "الغاشم"؟!، يسأل المحقّق مستنكراً عن أوّل خطاب ألقاه في دوّار اللؤلؤة، "لقد كان تأثراً بسقوط القتلى والجرحى بدلاً من الاستجابة للمطالب"، يردّ الخواجة.
"ونعَتّه أيضاً بالقاتل والسارق والخائن؟!"، يشرح الخواجة: تفاعلاً مع سقوط الشهداء والجرحى، فإنني اعتبر أن النظام كان مسؤولاً عن قتل هؤلاء، و"السارق" فإني كنت أقصد به موضوع الاستحواذ على الأراضي، أما "الخيانة" فكنت أقصد بها التراجع عن وعود المشروع الإصلاحي التي كانت مع التصويت على ميثاق العمل الوطني".
إن عدم الاستجابة للمطالب الشعبية العادلة، من النظام "الغاشم والقاتل والسارق والخائن"، يعني حق الناس في ابتكار أساليب "المقاومة المدنية"، معادلة واضحة يشير إليها الخواجة في كل مفصل من مفاصل التحقيق، "لم أقم بالدعوة لأي من فعاليات العصيان المدني السلمية، باعتبار أني أعمل بشكل فردي ومستقل، لكنني كنت أؤيدها".
شارب.. الملهم الأول
يستذكر الخواجة في غرفة التحقيق ملهمه الأوّل في المقاومة المدنية، جين شارب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية، ومؤسس معهد ألبرت أينشتاين، منظمة غير ربحية متخصصة في دارسة العمل السلمي وتعزيزه كوسيلة للحصول على الحقوق والتخلص من الظلم حول العالم، ويصف الخواجة كتاب ملهمه "جين شارب" المعنون بـ "سياسة الحراك السلمي" بأنه "كتاب مرجعي"، ويصفه كاتبه بـ "الخبير في العصيان والمقاومة المدنية".
أيضاً يضاف إلى ذلك، "ما تشكّل لدي من اطلاع جيد خلال السنوات السابقة على تجارب شعوب مختلفة في تطبيق العصيان المدني، كما سبق وساهمت في دعم عمل اللجان الشعبية في البحرين في مسيراتها واعتصاماتها السلمية في الفترة من 2003 إلى 2006، كما أنني اطلعت على بعض المصادر في هذا المجال". يستدرك الخواجة، "لكن رغم ذلك لا أستطيع أن أدعي بأنني ألمّ بكل ما يتعلق بالعصيان المدني والمقاومة المدنية".
قبل 14 فبراير
"أفيدكم بأنني عملت على تعزيز حقوق الإنسان منذ العام 2004، وهي فترة وجودي في البحرين، وذلك لمدة ست أو سبع سنوات فقط، وأثناء ذلك كنت أركز دوماً على ضرورة تحقيق إصلاحات تضمن الحقوق السياسية للمواطنين، كذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحل الملفات الرئيسية مثل الفقر والتمييز الطائفي وحقوق الأجانب وقضايا حقوق الإنسان الأخرى"، يقول الخواجة في إفادته.
ويؤكّد "كنت دائماً أدعو للجمع بين المشاركة في الانتخابات والمجلس النيابي، والعمل السلمي عبر الاعتصامات في الشارع من أجل الضغط عبر الوسيلتين معاً لتحقيق هذه الإصلاحات". يضيف في موقع آخر، "كنت أؤيد العمل بأسلوب المشاركة في البرلمان، كوسيلة للإصلاح والتغيير جنباً إلى جنب مع أسلوب الاحتجاجات الشعبية".
وضمن الحديث عن حراكه، يختار الخواجة -في غرفة التحقيق- الإشارة إلى الحادثة الشهيرة التي أفضت لاعتقاله وإغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان الذي كان مديره التنفيذي، يقول "في سنة 2004 وبصفتي مديراً لمركز البحرين لحقوق الانسان، قمنا بإعداد تقرير عن الفقر والفساد في البحرين وعقد ندوة عامة ربطت فيها بين الفقر والفساد، ودعوت إلى استقالة رئيس الوزراء".
أيضاً، يذكر إفادته الصرخة التي أطلقها في 2008، بعد حراك ميداني شاق امتدّ لسنوات، "في بداية العام 2008، وبعد أن تم وضع اسمي تعسفاً ضمن المتهمين بمخطط إرهابي، ألقيت كلمة دعيت فيها إلى إسقاط النظام وذلك تفاعلاً مع القمع الموجود في ذلك الوقت".
عدت لثورة اللؤلؤة
"أفيدكم، أنه بتاريخ 17 فبراير، غيرت طبيعة عملي في منظمة فرونت لاين الدولية من العمل بنظام كامل إلى مستشار وباحث بنظام (فري لانس)، لأتمكن من التواجد في البحرين والمساهمة بحلحلة الأمور، بما يتناسب مع مجال خبرتي في حقوق الانسان"، يقول الخواجة.
يضيف "تواجدت في البحرين، وكانت أقوالي وتصريحاتي بأنه يجب مواصلة العمل السلمي بمختلف أشكاله، من أجل الضغط لتحقيق المطالب، وقد أدليت ببعض التصريحات الصريحة جداً، وربما الحادة نتيجة سقوط بعض القتلى والجرحى واستخدام العنف المبالغ فيه ضد المتظاهرين ولكن جميع أقوالي هذه هي لاحقة ومتفاعلة مع الأحداث، ولم تكن منشئة لهذه الأحداث".
&&qut2&& |
السلمية.. لنجاح الثورة
يتحدث الخواجة عن مبدأ "السلمية" الذي حرص طوال فترة "دوار اللؤلؤة" على ترسيخه وتأكيده في عقول الشباب، فـ "أثناء زياراتي للمعتصمين في الدوار، كنت أجيب على أسئلة بعض المعتصمين سواء كأفراد أو مجموعات في الخيام المختلفة، وخصوصاً فيما يتعلق بضرورة سلمية التحركات"، "لقد أيدّت الفعاليات السلمية"، و"كنت أشدّد على سلميتها"، يؤكّد الخواجة في إفادته، فنجاح الثورة مرتبط بالسلمية، والسلمية تعني "الاستعداد للتضحية، بمعنى عدم الرد على العنف المستخدم من قبل الطرف الآخر، والتأكيد على تجنب سقوط أي ضحايا، لأن ذلك يؤزم الأمور، ويعقد الأوضاع مما يؤدي إلى عدم الوصول إلى النتائج المناسبة".
أما التضحية، فهي "الاستعداد للتعرض للعنف من قبل الطرف الآخر دون إبداء أي رد فعل عنيف، مع عدم التقصد في استفزاز الطرف الآخر وهذا من المبادئ الأساسية في عمل المقاومة السلمية"، يؤكّد الخواجة في إفادته.
يحاول المحقق استدراج "الخواجة، ليظهره غير مبال بالدماء والتضحيات، وهي إحدى التهم التي يكيلها النظام وأنصاره ضدّ "رموز المعارضة"، يسأل مستنكراً "لقد ذكرت أن التضحيات سوف تؤدي إلى سقوط النظام برمته؟"، يجيب الخواجة "وقد أكدت، بأنه لا أحد يتمنى المزيد من التضحيات وإسالة الدماء، ولكن إذا حدث ذلك فسيؤدي إلى إسقاط النظام".
ثورة اللؤلؤة سلمية
"أفيدكم، أني كنت أؤيد أية فعالية سلمية، في داخل الدوار أو التي تذهب إلى بعض مواقع الحكومة، مثل رئاسة الوزراء أو وزارة الإعلام أو ما شابه ذلك من أجل مواصلة الضغط على النظام لتحقيق المطالب المشروعة".
يتابع الخواجة، "لم أكن أنا الذي دعوت إلى أي من الفعاليات التي تم القيام بها، وقد شاركت في ثلاث من الفعاليات، أحدها بجيان، والثانية إلى الديوان الملكي، وكان سبب مشاركتي هو حرصي للتأكد من سلمية الفعالية، والثالثة مسيرة إطلاح سراح المعتقلين، لم ألحظ في مشاركتي بهذه المسيرات الثلاث أي عنف".
شهادة حرص الحقوقي العتيد على توثيقها في غرفة التحقيق، إنها ثورة "ناصعة السلمية"، لا عنف، وحتى مسيرة الديوان الملكي التي شهدت اعتداء قوات المرتزقة عليها، يروي الخواجة ما شاهده فيها "بعد رجوع المسيرة، وابتعادنا مسافة، شاهدت من بعيد استخدام قنابل الغازل المسيلة للدموع".
لماذا العصيان المدني؟
"إيماناً بتصعيد الضغط السلمي من أجل تحقيق المطالب الشرعية فقد كنت مؤيداً لاستخدام أساليب العصيان المدني السلمي"، يقول الخواجة في إفادته، فإذا كان الشعار، "الشعب يريد إسقاط النظام"، فلا يكفي أن نبقى في هذا الدوار، بل "يتطلب أموراً أخرى، وتصعيد العمل السلمي خارج الدوار، مثل المسيرات الاحتجاجية والإضرابات، وأكدت على موضوع السلمية كما هو موجود بالكلمة".
يسأله المحقّق، "ما قولك وقد طالبت بالخروج من الدوار والعصيان المدني؟"، فيجيب "العصيان المدني هو نفسه المسيرات السلمية والإضرابات". "وماذا قصدت بكلمة نريد إلحاق الضرر بالملك؟"، يرد الخواجة "المطالبة بتقليص صلاحيات الملك أو إسقاط الحكم هو إضرار بالملك ".
ضوابط العصيان المدني
يستدرك الخواجة في حديثه عن العصيان المدني، "مع التأكيد على السلمية أولاً، وعلى ألاّ يؤدي تنفيذ أساليب العصيان إلى فقدان التأييد الشعبي وتعاطف الناس لكي تكون ناجحة". هذان شرطان ضروريان وأساسيان لأي تصعيد أو عصيان مدني، بما في ذلك القيام بقطع الشوارع والطرقات، يقول في إفادته "نعم، قلت بأن سد الشارع يعتبر من أساليب عمل العصيان المدني السلمي، ولكن يجب أن يكون مدروساً بشكل جيد بحيث يضمن السلمية، ولا يفقد تعاطف الناس الآخرين".
يضيف مؤكداً على الفرق بين الإضرار بالمصلحة العامة، والإضرار بالحكومة أو النظام "كنت أؤكد على تقليل الضرر على المصلحة العامة بأكبر قدر ممكن، وهذا لا يمنع من زيادة الضرر على الحكومة والنظام بمعنى زيادة الضغط عليهم دون الاضرار بالمصلحة العامة".
اتركوا جدل: إسقاط من؟!
يسأل المحقق الخواجة عن خطاب "السياسي والثوري" الذي ألقاه في الدوّار، يؤكّد الخواجة على متضمنات خطابه "قسّمت المعارضة في البحرين إلى قسمين، الأول سميته المنهج السياسي، وهو الذي يتبع عادة الجمعيات السياسية، هؤلاء يدرسون الواقع القائم ويبنون شعاراتهم واستراتيجاتهم السياسية بناءً على الوضع القائم بمعنى تحقيق الممكن، أما المنهج الآخر والذي سميته المنهج الثوري، فهو المنهج الذي يؤمن بالمقاصد النهائية، ولديه الاستعداد للعمل على تحقيقها بعيداً عن الظروف السياسية الآنية، لذلك نجد بأن هذا التيار تبنى منذ سنوات العمل الشعبي الضاغط، رغم أن ذلك عرضهم للسجن، وكان واضحاً لديهم الصعوبات التي يواجهونها".
"وما قولك فيما ذكرت وطالبت به الجمهور وهو إن أردتم أن تكونوا منطقيين وسياسيين ارفعوا شعار إسقاط الحكومة؟"، يسأل المحقق، فيرد الخواجة "نعم، وفقاً للكلمة نفسها فإنني فرقت بين شعار إسقاط الحكومة، وشعار إسقاط النظام، وقلت بأن شعار إسقاط الحكومة هو أكثر سياسة وواقعية ويحصل على إجماع المعارضة".
"وما قولك وقد هتفت مع الجمهور الشعب يريد إسقاط النظام؟"، يجيب الخواجة "أنا قلت الشعب يريد، وهي طريقتي في أن أستحث الجمهور في أن يقرروا ما هو شعارهم، بين إسقاط الحكومة أو إسقاط النظام، وحاولت أن أقنع الجمهور بترك جدلية شكل النظام إن كان ملكية دستورية أم إسقاط النظام، والتركيز على المطالب الأساسية وترك هذا الموضوع لما بعد، باعتبار أن مناقشته الآن غير واقعي".
الشباب.. وقيادة الثورة
&&qut1&& |
كذبة التدخل الإيراني
يكذّب الخواجة في إفادته التهم التي ساقها النظام ضدّ الحراك الشعبي بالانتماء للخارج، فـ "التدخل الإيراني فيما لو حدث في البحرين غير ممكن، وغير واقعي، بسبب قوة الوجود الأمريكي والخليجي، وإيران تدرك ذلك"، يضيف "لم أسمع من أي من الناشطين السياسيين يقول بأن تدخل إيران المباشر في البحرين شيء ممكن أو مرغوب، ويبدو أن هذه نقطة إجماع، لذلك فإن التصريحات التي أدلى بها الإيرانيون بعد دخول قوات مجلس التعاون الخليجي، كان لها دور مضر في مسار التحرك في البحرين، حيث تم تصويرها بأن إيران تلعب دوراً اساسياً فيما يحدث داخل البحرين وهذا غير صحيح".
"وهل هناك تدخل غير مباشر"، يسأل المحقق، "لم أسمع أيضاً منهم فيما يتعلق بالتدخل غير المباشر، لكن التصريحات التي تطلق بين الفينة والأخرى هي التي ربما تعتبر تدخلا غير مباشر، قلت آنفا دورها مضر بالتحرك الشعبي داخل البحرين".
"وما نوع الضرر الذي يؤثر على التحرك الشعبي داخل البحرين؟"، يرد الخواجة "لأن الحكومة في البحرين ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية في ايران عمدت في كثير من الأحيان إلى وصم المعارضين لها بأنهم مرتبطون بالخارج، وخصوصاً إيران، وكانت تستفيد من ذلك في إثارة خوف الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى، وتثير الشكوك لدى المنظمات الدولية في دوافع النشطاء العاملين في البحرين، مما يضر العمل الحقوقي"، إذن، فلا وجود لتدخل إيراني، "وحتى تقارير الويكليكس، تقول إنه لم يثبت لدينا أي دور إيراني فيما يحصل بالبحرين".
اقرأ أيضا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة