التعليق السياسي: حلاوة أم مصطفى
2017-03-26 - 9:26 ص
مرآة البحرين (خاص): إنه [2017] عام الأمهات، افتتحته أم سامي مشيمع بأجمل استعادة لمقولة تاريخية عابرة للزمان والمكان "ما رأيت إلا جميلا" لكأنها كانت تُؤذِن بعزف موسيقى الشهادة والفقد لموكب أمهات الشهداء، قدّمت كل أم أداءً خارقاً، أم عباس السميع، وأم علي السنكيس، ثم أم رضا الغسرة، قبل أن تلحق بهم أم الشهداء الأحياء منذ التسعينيات أم آل سهوان الحاجة مريم طريف، بعد أن توّجها ابنها محمد، لترتقي لمصاف أم الشهداء الذاهبين في لذة الغياب، واليوم تُبدع أم مصطفى حمدان في الموكب نفسه بمشهد حلاوة الشهادة.
إنه مشهد بين الأسطورة والحقيقة، كانت تمشي بجلال أم العريس وجمالها، تنثر حلاوة الشهادة وهي تخاطب مرة رب الشهداء "خذ حتى ترضى" وتخاطب مرة عريسها "راضية عنك حبيبي" وبين الخطابين، تنثر حلاوة الرضا.
كنا نقرأ في خطاب المتصوفة والعرفاء في مقام الرضا "إن الرضا فرع عن الإرادة" لكننا اليوم نشاهد هذا الفرع يمشي ولا يبكي، يرفع يده إلى السماء ولا يُنكّس رأسه إلى الأرض، يرتفع إلى مقام الرضا ولا ينزل إلى مقام السخط، ينطق لا ببلاغة الكلمات بل ببلاغة الدم الذي خطته إرادات الأبناء على محياه، هكذا نفهم رضا الأمهات فرع لإرادة الشهداء.
ما أعظم هذا الرضا، لا يمكن لإرادة الأبناء أن تصل إلى جلال جمالها من دون أكف الأمهات الفارعة بالدعاء والرضا. هكذا، بهذا الحدث الخارق يمكن للأصل (الأم) أن يصير فرعاً (الابن)، من غير الشهادة يستحيل أن يكون ذلك، هذه هي البلاغة التي تُخرس الطغاة، لقد أخرست هذه البلاغة طغاة الأمس، وتُخرس طغاة اليوم، وستدفنهم في مزابل التاريخ.
ما الذي يمكن أن يقوله الطاغية اليوم، لهؤلاء الأمهات اللاتي أردن أن يُتوجنّ إرادة الشهادة بفرع الرضا؟ بأي منطق يمكنه أن يجيب عن الحلاوة المنثورة على المرارة المقهورة؟ بأي وجه قبح يمكنه أن يواجه الجميل الذي رأته أمهات الشهداء؟ لا شيء، غير الخرس.