محمد سهوان الشهيد المثقف المشتبك
سعيد السنابسي - 2017-03-17 - 4:53 م
اليوم فقدت البحرين أحد شبابها المثقف الواعي في أحد السجون السياسية في البحرين، فقدت الشهيد المناضل محمد ملا حسن سهوان شخصية استثنائية في المشهد البحريني؛ قد تكون غائبة عن ذاكرة الجيل الجديد؛ ولكنها حاضرة في الامتداد السياسي النضالي التاريخي المطلبي في البحرين منذ الانتفاضة السياسية البحرينية في الثمانينيات إلى اللحظة الآنية.
لم يكن محمد سهوان شخصية عابرة أو مجهولة في العمل الاجتماعي والتطوعي والثقافي في البحرين. فهو أحد الفنانين المسرحيين الذين شاركوا في المهرجانات المسرحية، وفي رفد المسارح الأهلية في النوادي الثقافية في القرى والمناسبات الدينية وبالتحديد في قريته الأم السنابس الواقعة قرب العاصمة المنامة. إضافة إلى مساهمته في التعليم الأهلي التطوعي داخل القرية ذاتها؛ فقد كان المناضل يمتلك مكتبة ضخمة في شقته تضم مختلف الكتب من مختلف التوجهات والتخصصات لما يتميز به الشهيد من نهم في القراءة واهتمام بها في حياته اليومية وإيمانه أن القراءة هي الأساس الأول للتغيير. فقد كان حضوره دائما ومكثفا لمعارض الكتاب في البحرين وخارجها لشراء الكتب وحضور الندوات والفعاليات الثقافية. إضافة إلى ذلك، أنه كان يقيم صالونا ثقافيا اجتماعيا في مجلسه أسبوعيا كل ليلة جمعة طوال السنة بلا انقطاع، فيجتمع فيه خيرة المثقفين والشعراء والكتّاب والصحفيين والخطباء والشباب الناشطين في العمل التطوعي وتقوم المناقشات والحوارات المتعلقة بالشأن الثقافي والسياسي وما يجري في الساحة السياسية المحلية والعربية والعالمية، وكان يطلق على هذا الاجتماع الثقافي اسم (مجلس محمد سهوان الأسبوعي).
كان المناضل محمد سهوان مهتما بالرياضة، ويمتلك لياقة وجسدا رياضيا قويا، فقد كان يمتلك حزاما أسودا في لعبة التيكواندو.
الشهيد محمد سهوان شخصية شبابية بامتياز، فقد كان قريبا من الجيل الحديث، و كان متواضعا مع من حوله، فقد كان يعيش وسط الناس البسطاء والمعدمين، و كان يرى معاناتهم ويلمس حزنهم، وقد تجسد هذا في تحركاته الميدانية الثقافية وتجسيده للشأن الاجتماعي والسياسي في المسرح، كان مثقفا مشتبكاً بالميدان على كل الأصعدة.
وقد كان رحمه الله متأثرا كثيرا بخطاب التجديد عند المرجع آية الله السيد محمد حسين فضل الله، فقد قرأ كل كتبه، وكان من مقلديه فقهيا. وقد كان يخصص حلقة نقاشية مع الشباب بعد قراءة كل كتاب للسيد فضل الله. ولم يتأثر الشهيد المناضل محمد ملا حسن سهوان بالهجمات التي تعرض لها السيد فضل الله، وإنما كان مؤمنا بالخطاب المعاصر عند السيد ؛ فقد وجد عنده مبتغاه، لما تميز به فضل الله من جمع بين الجانب الفقهي، والاهتمام والتحليل للشأن السياسي الراهن في خطاباته، وانفتاحه على الثقافة بكل توجهاتها وعدم انزوائه في الحلقات الدينية المغلقة. وقد كان هذا رافدا شريانا مهما تغذى منه الشهيد المناضل في كل تحركاته الميدانية، وحوّله إلى جسد واع ثقافيا عضويا، وجادا في الطريق الصعب المليء بالمخاطر ذات الشوكة.
سعى المناضل إلى تحقيق العدالة والمساواة واحترام حقوق الفقراء والمعدمين، والحفاظ على المكتسبات الوطنية وحفظ الهوية البحرينية، وضحى بحياته وعمره للوطن إلى أن نال وسام الشهادة في سجنه مصابا بطلقات نارية مستقرة في رأسه منذ عام 2011 ؛ إلى يوم استشهاده الخميس 16 مارس 2017 .