التعليق السياسي: أسئلة من جراح مصطفى حمدان
2017-01-27 - 10:45 ص
مرآة البحرين (خاص): صمت مدوّ في هذا العالم، يفجر الأسئلة عن ماهية هذا الوجود وجدواه، وماهية البشرية والإنسان، ما هي قيمة الإنسان أمام آلة المصالح، ما قيمة أنفاس شاب يمتلأ جمالا وطاقة نقية أمام صفقة أجهزة تجسس، أو استئجار كتيبة درك، أو ميناء متاح للاستخدامات العسكرية.
ما قيمتك إن كنت تسكن في وطن يعج بمصالح مترابطة لحكامه مع الدول التي تدير هذا العالم؟ الجواب هو الصمت المدوّي، الصمت الذي يصدمك بالإجابات الحقيقية، ويجعل ريقك يجف من هول الاحتقار العالمي لحقوقك.
أنفاس الشاب الواقف على أعتاب الحياة والموت، صوت الأجهزة والأوكسجين، العين المتورمة البنفسجية، الشفاه المنتفخة، وجرح بين العينين، ورصاصة في عمق الرأس، هذا الشاب ذو السبعة عشر ربيعاً، ترجف مع أنفاسه آلاف القلوب، فالخوف عليه كبير، والموت يلوح كبوابة خلاص أمام شاب يتيم معذب مظلوم من قبل نظام يرتبط منذ نشأته ببلد يتميز بقدرته على قتل أحلام البشر والشعوب في الحرية والاستقلال، منذ إن كان امبراطورية، بلد لم يترك البلاد التي استعمرها، بل عاد إليها أقوى وأشرس وأكثر قسوة.
شهور من المرابطة أمام منزل آية الله قاسم دون راحة، انتهت بطلقة رصاص في الرأس، أشهرٌ من النوم خارج المنزل، أشهر من القلق، أشهر من الصبر الطويل المرّ، رصاصة غادرة عجز الأطباء عن إخراجها، رصاصة من يد جبان رعديد يغطي وجهه، رصاصة من فداوي بن فداوية أطلقها وهرب ككلب مذعور، جبان يعمل مع جهة جبانة لم تعلن حتى الآن أنها قامت بالهجوم. لماذا؟ لأنها، لم تعد مضطرةً للكذب.
سلطة أرسلت بالدم جوابها على أية وساطة تلوح في الأفق، لكنه ليس دمها، بل دمنا، دم مصطفى أحمد حمدان، الشاب المرابط الذي تتمتم له الشفاه بالدعاء، وتدق القلوب مرتعشة خوفاً عليه.
مصطفى حمدان، نموذج المواطن في بلاد غنية تُتيح للكبار من الدول كل ما يحقق مصالحهم، لتقتل شعبها في صمت، نموذج للمواطنين الذين يدوي صمت العالم حين يُقتلون، ويبتسم خبثاً حين يُسحقون، ويتفاجأ أكثر حين يصمدون!