البحرين "جحيم الأطفال" ومشروع قانون الأحداث الجديد "مكياج سياسي" تكذبه الوقائع بالأرقام
2016-09-25 - 4:17 م
مرآة البحرين- (خاص) : بعد إن ابتدأ وزير العدل والشئون الاسلامية والأوقاف خالد بن علي آل خليفة بدء المناقشات حول مشروع قانون جديد للأحداث "العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة". وذلك في وقت تشهد فيه البحرين أكبر حالة من حالات اعتقال الأطفال وتعذيبهم في ضوء الأزمة السياسية المستمرة منذ العام 2011.
وقبل أكثر من شهر، كشفت كاميرا هاتف احد المواطنين استطاع التقاط صورة مؤلمة للمعتقل ابراهيم المقداد الذي تم اعتقاله وعمره لم يتجاوز 15 عاماً، وهو مقيد اليدين والرجلين ويمشي وظهره منحنٍ بسبب السلاسل التي أحاطت بجسده.
وتذكر بيانات المنظمات الحقوقية البحرينية وجود ما يتجاوز 250 ممن يمكن تصنيفهم ضمن فئة الأطفال والطلبة معتقلين في السجون البحرينية ضمن إحصاءات 2015، وجميعهم اعتقلوا على خلفية الأحداث السياسية، ولا يزال بعضهم يحاكم تحت قضايا تندرج ضمن قانون الإرهاب.
وأفاد مرصد البحرين لحقوق الإنسان بأن شهر نوفمبر2015، سجّل أعلى عدد من اعتقالات الأطفال وصل إلى 100 طفل، فيما أوضحت تسع منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان في بيان موحَّد صدر في 20 نوفمبر أن السلطات منذ 2011 حتى وقته «انتهكت حق الأطفال في الأمان على نفسهم بقتل أكثر من عشرة دون سن 18، وتعرض للاعتقال أكثر من 1500 طفل لا يزال بعضهم معتقلاً ويحاكم في قضايا تندرج ضمن قانون الإرهاب».
كذلك كشف تقرير لجمعية «الوفاق الوطنية الإسلامية» صدر في مايو 2015، أنه رصد في العام 2014 تسجيل 245 حالة اعتقال تعسفي لأطفال، وأن المجموع الإجمالي لحالات الاعتقال التعسفي للأطفال منذ بداية «ثورة 14 فبراير» في 2011، حتى 2014، بلغ 727 طفلاً، بينهم ثلاث إناث.
يوم أمس 24 سبتمبر 2016، ترأس وزير العدل اجتماع تشاوري بشأن مسودة قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، عقد في معهد الدراسات القضائية والقانونية بحضور وزير العدل ومشاركة عدد من القضاة والنيابة العامة، وممثلين عن وزارة الداخلية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة شئون الشباب والرياضة ووزارة شئون الإعلام، قال وزير العدل إن هذه المناقشات بشأن المبادئ الرئيسية للمشروع ستتوسع لتشمل مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالطفل.
ولفت وزير العدل الى الاستفادة من مشاركة خبراء من مؤسسات مرموقة في إعداد هذا المشروع، وبما يتماشى مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توفير العدالة للأطفال، وما تضمنته من معايير متقدمة، مشيرا الى ان الاتجاه الأساس لهذا المشروع هو إيجاد تدابير اصلاحية إضافية وبديلة تلائم احتياجات الأطفال وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع بشكل أكثر فعالية. لكن الوزير لم يحدد من هؤلاء الخبراء ومن أية مؤسسات.
وبموجب مسودة قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة الذي قدمه الوزير، فقد حدد سن الطفل بأنه ممن لم يتجاوز عمره ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكابه الجريمة، أو عند وجـوده في إحدى حالات التعرض للخطر أو سوء المعاملة، على ان تُنشأ في مملكة البحرين محاكم اصلاحية للطفل تختص دون غيرها بالفصل في الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم التي يرتكبها الأطفال ممن تجاوزت أعمارهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، ويعاون المحكمة خبيران من الخبراء الاجتماعيين تندبهما المحكمة، ويجوز الطعن بالاستئناف على الأحكام الصادرة من المحكمة.
كما نص المشروع الجديد على تشكيل لجنة تُسمى "اللجنة القضائية للطفولة"، تختص بالنظر في حالات تعرض الطفل للخطر أو سوء المعاملة، ويجوز الطعن بالاستئناف على قرارات اللجنة أمام المحكمة المختصة.
وستتولى أعمال النيابة العامة أمام محاكم الطفل واللجنة القضائية للطفولة، نيابة متخصصة للطفل يصدر بتشكيلها قرار من النائب العام من بين أعضاء النيابة العامة، ويعاونهم عدد كاف من الأخصائيين في المجالات الاجتماعية والنفسية وغيرها.
الواقع خلاف نصوص القوانين، ففي البحرين يعامل الأطفال معاملة الراشدين، فيعتقلون، ويعذبون، ويحاكمون بتهم لا تناسب أعمارهم ولا أجسادهم، فالتهم التي توجه إليهم هي نفسها تهم الراشدين والرجال، كتهمة التحريض على كراهية النظام، وقلب النظام، والتجمهر، الاعتداء على قوات الأمن، وحمل المولوتوف، والإرهاب، وتكسير سيارات الشرطة. ولم يسلم الطفل البحريني من المحاكم العسكرية التي أقامها النظام في مرحلة «السلامة الوطنية» في 2011، فقد حوكم علي عبد الكريم سلمان (16 عاماً) وهو أصغرهم عسكرياً، وحكم عليه القاضي العسكري، يوسف راشد فليفل بالسجن، لمدة 15 عاماً.
وفي 2012، حكم على الطفلين إبراهيم المقداد (15 عاماً)، وجهاد الحبشي (16 عاماً) بتهمة حرق مدرعة، بالسجن عشر سنوات، وذلك بموجب قانون الإرهاب. وفي 2014 أودع الطفل جهاد السميع (10 أعوام) سجن الأحداث بعد الحكم عليه بقضية تجمهر وشغب وإتلاف سيارتين لوزارة الداخلية والاعتداء على موظف عام، وذلك وفق القانون نفسه.
وتشير إحصاءات منظمات حقوقية إلى وجود 27 حالة وفاة - على الأقل- لأجنّة في بطون أمهاتهم ما بين 2011 حتى 2014، والسبب أن هؤلاء الأمهات تعرضن لاستنشاق كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع، فيما استشهد عدد من الأطفال بسبب استنشاقهم كميات كبيرة من الغازات السامة منهم، ياسين العصفور (14 عاماً) في 2012، وقاسم حبيب (8 سنوات) في 2013.
واستشهد الطفل علي الشيخ (14 عاماً) بسبب طلقة غاز المسيل للدموع في 2011، فيما فقد الطفل أحمد النهام (5 سنوات) عينه اليسرى في 2013 بسبب تعرضه لرصاص «الشوزن» عندما كان بجانب والده في أثناء بيعه السمك. في العام نفسه، تعرضت الطفلة فاطمة الخواجة (15 عاماً) لطلقة «الشوزن» في بطنها وصدرها وهي داخل منزلها، وأدخلت إثرها المستشفى مرتين بسبب النزف الحاد. وفي 2014 استشهد الطفل السيد محمود (14 عاماً) بعدما تعمدت القوات الأمنية استهدافه برصاص «الشوزن» من مسافة قريبة، وفي 2015 أصيب الطفل محمد السواد (13 عاماً) برصاص «الشوزن» فقد بسببها عينه اليسرى، وأجريت له عملية جراحية في العين الأخرى في محاولة لإنقاذها.
وبلغ عدد الأطفال الشهداء 24 ما بين 2011 حتى 2014، وتعددت الأسباب التي أودت بحياة هؤلاء الأطفال. فمنهم من سبّب الغاز المسيل للدموع اختناقه ووفاته، ومنهم من أصيب بطلقات رصاص الشوزن في مناطق خطيرة في جسده في أثناء الاحتجاجات السلمية، ومنهم من تعمد دهسه حتى الموت.
وكان الطفل الشهيد السيد أحمد شمس (14 عاماً) أول الضحايا بعد قمع المعتصمين في «دوّار اللؤلؤة» في آذار 2011، وتركته قوات الأمن بعدما أصابته بطلق ناري يعاني دون إسعافه حتى فارقت روحه الحياة. أما الطفل علي بداح ( 16عاماً)، فاستشهد بعد دهسه بسيارة تابعة لقوات الأمن أثناء الاحتجاجات على بُعد عشرات الأمتار فقط من القاعدة الأمريكية في الجفير. وفي حادث لا يزال غامضاً، استشهد الطفلان علي عباس (16 عاماً) وأحمد المسجن (17 عاماً) بعد انفجار السيارة التي كانا يستقلانها في 2014.