مرآة البحرين - خاص: «القيادة الجديدة شابة، إذا ما قورنت بالقيادة القديمة، لكن أحد المراقبين المحليين قال إن ذلك وإن كان يعبر عن تغيير في الاستراتيجيات، لكنهم مستمرون في العمل على الأهداف السياسية ذاتها، ومن ضمن تلك الأهداف، معارضة قانون الأحوال الشخصية، ودعم حملة جمعية الوفاق ضد الاضطهاد الطائفي، وتجنيس الأجانب من الطائفة السنية، المشعل والغريفي التقيا الرئيس السابق (الشيخ عيسى قاسم) في 3 يناير/كانون الثاني 2009، لمناقشة خطتهم وأنشطتهم المستقبلية الخاصة بالمجلس».

كانت هذه فقرة من برقية أرسلتها السفارة الأمريكية في المنامة، حملت الرقم «09MANAMA29_a»، وأرسلت بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2009، عن الانتخابات الجديدة للمجلس العلمائي (أعلى هيئة شيعية في البحرين - تم حلها في 2014).

حتى أواخر العام 2008، لم يسمع كثيرون بالسيد مجيد المشعل، انشغل بعد عودته من مدينة قم الإيرانية بتقديم خطب الوعظ والإرشاد الديني كإمام لأحد مساجد سلماباد، ومحاضراً دينياً، بعيداً عن السياسية والأنشطة السياسية.

لكن ترشحه لانتخابات الهيئة المركزية للمجلس العلمائي، وفوزه بمنصب الرئيس في المجلس خلفاً لآية الله الشيخ عيسى قاسم، سلط عليه الضوء ، فيما يبدو من برقية السفارة الأمريكية أنها لم تكن لتعلم الكثير عن شخصية المشعل.

يصف خطيب جامع الخيف (المعتقل حالياً) الشيخ عيسى المؤمن، السيد المشعل بأنه كان «فاضلاً من الفضلاء، الذي وصل إلى مستويات عالية من الدراسة في الحوزة، (...) وفي مجال الإرشاد والتبليغ، فقد مارس سماحة السيد عمله التبليغي أيام الدراسة في قم بشكل كبير وواسع، وكان يذهب إلى المناطق المختلفة في إيران ليمارس دور التبليغ والإرشاد، بل سافر حتى خارج إيران لأجل ذلك».

ويضيف المؤمن «لما أصبح رئيسا للمجلس الإسلامي العلمائي، وكنت حينها معه في الإدارة لعدة سنوات، رأيت منه الاندفاع الشديد للعمل وخدمة الدين، دون كلل أو ملل، ويشهد الله أني رأيت فيه عنفوانا ونشاطا ومبادرة وإخلاصا وتوجيها قلّ نظيره، هذا إضافة إلى ما كان يتمتع به سماحة السيد من سمو أخلاقي ورحابة صدر وتقبل لآراء الآخرين».

تميز المشعل بالجد والاجتهاد والعمل الدؤوب، عرف به بين زملائه إبان الدراسة الحوزوية، وبعد عودتهم جميعاً إلى البحرين.

لكن ترؤس المشعل للمجلس العلمائي ألقى عليه الكثير من المسؤوليات، وأكسبه شهرة شعبية على مستوى البحرين، إلا أن المسؤوليات تضاعفت مع اندلاع ثورة فبراير 2011، حينها خرج المشعل إلى العلن، عمامة ثائرة، تخطب في تأبينات الشهداء، وتُحشّد للفعاليات والمسيرات السلمية.

برز المشعل بشكل ملفت، أعقاب اعتقال زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان، لعب دوراً هاماً في التحشيد والتواجد أمام منزل سلمان بشكل يومي، وقاد المسيرات المطالبة بالإفراج عنه.

المشعل عند منزل آية الله قاسم

لكن الموقف الأبرز للمشعل، هو قيادته الاعتصام الجماهيري أمام منزل آية الله قاسم في 20 يونيو/حزيران الماضي، بعد إعلان السلطات إسقاط جنسيته، حينها توجه المشعل إلى محيط منزل قاسم، نزع عباءته وارتدى كفناً، وقال كلمته الشهيرة «هذه عباءتي فلتسلم لعائلتي كفناً ... لا نريد العيش في وطن بلا آية الله قاسم».

لم يكن المشعل بمقولته تلك يلقي خطاباً حماسياً أو تحشيدياً، بقدر ما كان مضياً في القرار الذي اتخذه، بقى المشعل في الدراز طيلة 30 يوماً لم يعد فيها إلى منزله، ثم بعد ذلك صار يذهب بعض الوقت لزيارة أهله، ويعود قبل المساء، للمبيت قرب منزل قاسم.

لم يعد المشعل إلى منزله سوى 3 مرات، منذ إسقاط جنسية آية الله قاسم، حتى اعتقاله في 30 يوليو/تموز 2016، وقد ألغى سفرة دينية مقررة سلفاً له ولعائلته إلى إيران، ورفض أن تلغي العائلة سفرها للبقاء معه، فسافرت الأخيرة دون التمكن من وداعه، لأنه مرابط في الدراز، خشية أن تقوم السلطة بمباغتة بيت قاسم وهو بعيد عن المنطقة.

ظروف اعتقال المشعل

صباح 30 يوليو/تموز 2016 هي المرة الثالثة التي يتوجه فيها المشعل إلى منزله لأخذ بعض الحاجيات، وصل إلى منزله عند السادسة صباحاً، كان في المنزل أحد أبنائه، لم تكن أكثر من ساعة حتى طُرق الباب، وكان الطارق اثنين من المدنيين الشباب يطلبون رؤية السيد. ظن الابن أنهم طلبة عند والده في الدروس الدينية، أو مرافقين له، عاد ليخبر والده أن اثنين من الشباب يطلبونه، وما إن خرج المشعل حتى تفاجأ بعشرات المركبات العسكرية تحيط بالمنزل، فيما تقدمت قوات راجلة لاعتقاله، طلب منهم العودة داخل المنزل لتبديل ملابسه وإخبار عائلته، رفضوا ذلك، واقتادوه، إلى جهة مجهولة، فيما بقيت العائلة لا تعلم عن مكان تواجده طيلة 3 أيام متتالية.

في 3 أغسطس/آب 2016 أجرى السيد مجيد المشعل أول اتصال هاتفي بعائلته، أخبرهم أنه تم اعتقاله، واستطاعت العائلة القيام بأول زيارة له في 9 أغسطس/آب، فيما تواجد داخل الغرفة 3 من رجال الشرطة لمراقبة ما يدور من حديث، لم يستطع السيد المشعل إخبار عائلته بالطريقة التي عومل بها، أو بطبيعة الأسئلة التي تم توجيهها إليه أثناء التحقيق.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المشعل لمضايقات السلطة، لقد استدعي سابقاً لأكثر من مرة بسبب خطاباته، وتم توجيه العديد من التهم له، وشكل المشعل مصدر إزعاج حقيقي للسلطة التي قررت وضعه على رأس لائحة رجال الدين الذين يجب تغييبهم.

نبذة بسيطة عن السيد مجيد المشعل:

من مواليد العام 1963، أنهى دراسته الثانوية بمعدل جيد جداً في المسار العلمي في العام 1981، غادر بعدها مباشرة إلى جمهورية إيران الإسلامية، وتحديداً مدينة قم، التي تلقى فيها العلوم الدينية.

بقي المشعل ثمانية عشر عاماً في إيران، حتى عاد إلى البحرين في نوفمبر/تشرين الثاني 1999.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ترشح للهيئة المركزية في المجلس العلمائي، ونال أعلى الأصوات، فأصبح ثاني رئيس للمجلس، خلفاً لمؤسسه آية الله الشيخ عيسى قاسم، وبقي رئيساً للمجلس لدورة ثانية، إلا أن السلطات أقدمت على حل المجلس في العام 2014، قبل انتهاء مدة رئاسته.

*أبرز المحطات المتعلقة بنشاط السيد مجيد المشعل في الأربع سنوات الأخيرة