دانيال ويكهام: القمع الشّديد في البحرين سيؤدي إلى انتهاج العنف من قبل المعارضة

دانيال ويكهام - موقع العربي - 2016-08-05 - 5:16 ص

ترجمة مرآة البحرين

الشّهر الماضي، أسقطت الحكومة البحرينية جنسية الشّيخ عيسى قاسم، عالم الدّين الشّيعي الأبرز في البلاد والزّعيم الرّوحي لأكبر جمعية معارضة،  وهي الوفاق. وكان من المفترض أن يكون الشّيخ قاسم نوعًا من خط أحمر -شخصية مبجلة جدًا لدى الغالبية الشّيعية في البلاد بحيث لا تستطيع أسرة آل خليفة استهدافها.

وفي حين دانت جماعات حقوق الإنسان بشدة القرار، قالت وزارة الدّاخلية البحرينية إنّ عالم الدّين البالغ من العمر 79 عامًا شجّع على العنف وويخدم "مصالح أجنبية" غير معلنة -وهي على الأرجح إشارة إلى إيران، التي تتهمها الحكومة [البحرينية] بإثارة الفوضى في البلاد.

الخطوة ضد الشّيخ قاسم هي الأخيرة في ما يصفه النّشطاء بالتّصعيد المأساوي في حملة قمع المملكة للمعارضة السّياسية، التي بدأت في أوائل العام 2011 بعد احتجاجات قادها الشّيعة للمطالبة بحقوق ديمقراطية ومدنية تهددها قبضة الحكومة على السّلطة.

في الأسابيع الأخيرة، تم اتخاذ سلسلة من التّدابير القمعية الأخرى، بما في ذلك تعليق جمعية الوفاق، واعتقال المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، وإجبار زينب الخواجة، وهي مدافعة بارزة أخرى، على الرّحيل إلى المنفى،  وزيادة حكم السّجن بحق الشّيخ علي سلمان من أربع إلى تسع سنوات.

ويقول النّائب السّابق عن جمعية الوفاق مطر مطر، الذي استقال من منصبه في فبراير/شباط 2011 في أعقاب قتل قوات الأمن لأربعة متظاهرين في دوار اللّؤلؤة في المنامة، عاصمة البحرين، إنّ "النّظام ينتهج سياسات القمع والإقصاء"، مضيفًا أنّه "بسبب التّمييز الواسع النّطاق الذي يواجهونه، فإنّ الشّيعة ممتحدون حول الشّخصيات الدّينية كالشّيخ عيسى"، مشيرًا إلى أنّ موجة الدّعم الشّعبي والاحتجاجات الغاضبة التي حصلت الأسبوع الماضي كانت تضامنًا مع رجل الدّين الكبير في السّن.

مريم الخواجة، وهي ناشطة بحرينية ومديرة مشاركة في مركز الخليج لحقوق الإنسان تقول إن قرار سحب جنسية الشّيخ عيسى قاسم أمر ذو دلالة رمزية.

وتضيف الخواجة أنّ "الهدف ليس الشّيخ عيسى قاسم شخصيًا، بل إيصال رسالة إلى المجتمع الشّيعي، لأنّه عالم الدّين الأبرز، وتريد الحكومة استعادة السّيطرة وتذكير النّاس بأنّها صاحبة السّلطة".

من غير المُرَجح أن يساهم تصعيد حملة القمع في استقرار البلاد. على الرّغم من ذلك، وفي بيان نشره بعد تعليق جمعية الوفاق في يونيو/حزيران، حذّر براين دولي، وهو مدير منظمة هيومن رايتس فيرست، من أن الإجراءات الجديدة "كانت تهدف إلى إغلاق كل سبل المعارضة السّلمية" ويمكن أن "تؤجج التّطرف وتزيد انعدام الاستقرار السّياسي عمقًا" في البحرين. بالإجمال، قُتِل أكثر من 100 شخص منذ أن اجتاحت الاضطرابات المستلهمة من الرّبيع العربي المملكة الخليجية الصّغيرة في العام 2011. وقد توفيت غالبيتهم على يد قوات الأمن السّيئة الصّيت في البلاد، بمن في ذلك خمسة أشخاص عُذّبوا حتى الموت أثناء الاحتجاز، في حين قُتِل عدد من عناصر الشّرطة أيضًا في انفجارات قنابل في القرى الشّيعية.

يوم الجمعة، أفادت وزارة الدّاخلية عن هجوم آخر، أدى إلى قتل امرأة بحرينية في قرية شرق العكر، مع ذلك، تبقى ملابسات الحادثة غير واضحة.

تدين مريم الخواجة كل العنف، وتقول إن غالبية الأشخاص يُظهِرون "ضبطًا هائلًا للنّفس" من خلال تظاهرهم بشكل سلمي. في غضون ذلك، قوات الأمن ردت على التّظاهرات على مدى الأسبوع الماضي بالغاز المسيل للدّموع والقنابل المطاطية، ما أدى إلى عدد من الإصابات، وفقًا لمركز البحرين لحقوق الإنسان.

مع ذلك، ومع تزايد الضّغط الذي يتعرض له كل من جماعات المعارضة والمجتمع المدني، هناك احتمال بأن يتحول المزيد من الأشخاص إلى تكتيكات العنف ضد النّظام الملكي.

وتقول الخواجة إن "لدينا مجموعات منشقة تعتقد أن العنف هي الطّريقة الوحيدة، وغالبية القادة السّياسيين المسالمين في السّجن. وهذا يجعل التّنبؤ بالأمور مستحيلًا".

وكما يبدو الحال عليه، كل "الرّموز الثلاثة عشر" في البحرين ما عدا واحد منهم -وهم مجموعة من قادة المعارضة الذين سُجِنوا في العام 2011 على خلفية دورهم في الانتفاضة- ما يزالون خلف القضبان.

الزّعيم السّياسي لجمعية الوفاق، الشّيخ علي سلمان، الذين كان صوتًا بارزًا في الدّعوة إلى اللاعنف، انضم إليهم في ديسمبر/كانون الأول 2014، ومنذ ذلك الحين، تمت زيادة فترة سجنه إلى أكثر من ضعفين.

بالإضافة إلى ذلك، عدد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد هم الآن في السّجن، مثل نبيل رجب -الذي يواجه حكمًا يصل إلى السّجن 13 عامًا على خلفية تغريدات - أو المنفى، مثل مريم الخواة وأختها زينب.

وفقًا للخواجة، "أصبح الوضع أسوأ مما كان عليه في العام 2011. كانت حملة القمع ردة فعل وفوضوية وفي كل مكان. الآن، أضفوا عليها طابعًا مؤسساتيًا مستخدمين القضاء على أنّه الأداة الأساسية للقمع".

حكام  البحرين يصفون المشهد على نحو مغاير تمامًا، ويزعمون أن الحكومة نفذت إصلاحات واسعة النّطاق وهي تُحسّن بشكل رائع سجلها في مجال حقوق الإنسان.

حتى أن الملك حمد أقام احتفالًا في مايو/أيار للاحتفاء "بالتّنفيذ الكامل" للتّوصيات بشأن إصلاحات حقوق الإنسان، التي صدرت عن اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني).

أمر الملك بإجراء تحقيق قي يونيو/حزيران 2011 للبحث بشأن ادعاءات عن وحشية الشّرطة ضد المحتجين في الأشهر الخمسة الأولى من الانتفاضة. ووجدت اللّجنة أن الانتهاكات الواسعة النّطاق لحقوق الإنسان حصلت على يد قوات الأمن، بما في ذلك الاعتداء الممنهج والتّعذيب والقتل.

شريف بسيوني، الخبير القانوني الدّولي الذي ترأس التّحقيق، قال إنّه تم فقط تنفيذ 10 من التّوصيات الـ 26 الصّادرة بشكل "كبير". على الرّغم من ذلك، تقدر المنظمات البحرينية لحقوق الإنسان  عدد التّوصيات المُنَفذة بأقل من ذلك، معتبرة أنّه تم فقط تنفيذ 2 من التّوصيات بشكل كامل، و16 بشكل جزئي، في حين بقيت 8 منها من دون أي تنفيذ.

وينفي نيكولاس ماكجيهان، وهو باحث في شؤون الخليج في منظمة هيومن رايتس ووتش، التزام الحكومة بالإصلاح.

ويقول إنّه "كان واضحًا منذ بعض الوقت أن الحكومة البحرينية كانت تنتهج قمعًا ساحقًا، وتستخدم الكلام عن الإصلاح والحوار كغطاء".

وأضاف أن "التّصعيد الأخير يشير إلى أي مدى تشعر البحرين بأنّها تستطيع الاستغناء عن قصة التّغطية هذه والمضي قدمًا بما تقوم به، أي سحق المجتمع المدني وكل الأصوات المعارضة".

وتشاركه مريم الخواجة هذا الرّأي، إذ تقول إنّه "لم يكن هناك أبدًا أي إرادة سياسية للإصلاح في البحرين في السّنوات الخمس الأخيرة". وتلقي بغالبية اللّوم على الحلفاء الغربيين للبحرين على خلفية فشلهم في دفع الحكومة في الاتجاه الصّحيح أو مساءلتها على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان.

بريطانيا كانت، على وجه الخصوص، من أشد مؤيدي النّظام الملكي في البحرين، إذ أشادت بجهوده في الإصلاح في حين زادت بشكل كبير من مبيعات الأسلحة إليها منذ العام 2011. مؤخرًا، تم الكشف عن أن بريطانيا كانت قد ضغطت حتى على الأمم المتحدة للتّخفيف من حدة الانتقادات لسجل البحرين في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التّعذيب  المزعوم من قبل الشّرطة.

وتقول الخواجة إن البحرين تشعر الآن بالجرأة لتصعيد القمع، مضيفة أن "الازدياد الشّديد في الثّقة (لدى الحكومة البحرينية) يرجع إلى النّقص في المساءلة الدّولية على مدى السّنوات الخمس الماضية. لقد تم تمكينهم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة- لكن المملكة المتحدة ذهبت إلى مدى بعيد في ذلك.

وعلى نحو مثير للاهتمام، تشير الخواجة أيضًا إلى "عدم وجود رد دولي مناسب على حملة القمع ضد المجتمع المدني في مصر" كأحد الأسباب الكامنة وراء رغبة البحرين في تكثيف استهدافها للنّشطاء وجماعات المعارضة.

وتقول إن "الأنظمة تشعر بالثّقة بأنه لن يكون هناك أي مساءلة".

على الرّغم من ذلك، ما يزال باستطاعة الشّركاء الدّوليين للبحرين عكس الحال ولعب دور أكثر إيجابية في مستقبل البلاد.

وفقًا للخواجة، " يمكن أن تذهب البحرين في أي من الاتجاهين، ويمكن أن تكون قصة نجاح نادر في حال قرر حلفاؤها التّصعيد واتخاذ موقف أكثر قوة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان".

وتقول إنّه "إذا استمر الحال على ما هو عليه، مع القليل من الضّغوط من أجل الإصلاح، ستصبح البحرين دولة أخرى سلكت مسارًا خاطئًا جدًا".

التّاريخ: 4 يوليو/تموز 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus