ليبراسيون الفرنسية: رياضات الأمير ناصر: الخيل والدّراجات… والقمع

سيلفان مويلار - صحيفة ليبراسيون - 2016-07-30 - 5:39 م

ترجمة مرآة البحرين

يوجد اثنان اسمهما ناصر بن حمد آل خليفة. ذلك الذي يعتني بصورته كرياضي بارع وأب يعتني بأولاده على حسابه على إنستغرام. هناك صورة، نُشِرت على الموقع منذ بضعة أيام، تعطي هذا الانطباع. نرى فيها صورة جانبية للأمير البحريني، مع بضع قطرات من العرق تتصبب على وجهه الملتحي، مرتديًا قميصًا أخضر اللّون. ويقول التّعليق: "الرغبه و الالتزام و العزم و التركيز و الروح القتاليه اسرار الفوز".

لكن وراء هذه الصّورة، هناك ناصر آخر، ماضيه مليء بالمتاعب. الرّجل، وترتيبه الخامس بين الأولاد الـ 12 للملك حمد، متهم من قبل عدد من المعارضين السّياسيين بالمشاركة بشكل مباشر في قمع حركة المعارضة التي انطلقت في فبراير/شباط 2011 ضد أسرة آل خليفة، التي تتزعم مملكة البحرين منذ نهاية القرن الثّامن عشر. محمد حبيب المقداد، وهو زعيم شيعي ومناضل من أجل حقوق الإنسان، روى لمنظمة من أجل حقوق الإنسان كيف ضربه الأمير شخصيًا برجله وبالعصا، قبل أن يتم تعريضه لصدمات كهربائية وثقب رجله بآلة. وهي "ادعاءات" نفتها رسميًا السّلطات البحرينية، التي لا تيأس من إعادة تلميع صورة الأسرة الحاكمة، من خلال دبلوماسية الرّياضة، في صورة ما يمكن لقطر تحقيقه.

هذه الاستراتيجية تمر من خلال إطلاق فريق دراجات متخصص في العام 2017، برعاية المملكة. بدأ الأمير ناصر العمل مباشرة. في نهاية شهر مايو/أيار، نشر صورة سيلفي على حسابه على إنستغرام وهو يرتدي قميصًا رياضيًا طُبِع عليه "Bahrain Cycling Team"، وقال إنّ الفريق سيكون مصدرًا للإلهام، سيسابق بقوة، وسيكون أنيقًا (فريق البحرين للدراجات راح يلهم، و يسابق بقوه، وطبعاً بيلبس بأناقه). غير أن هذا البرنامج لم يحظَ حتى الآن بفرصة ملموسة.

قد لا يحصل الأمر على طرقات سباق فرنسا. هل ستشهد السّاحة في صفوفها وصول وافد جديد ذي ميزانية ضخمة في الموسم المقبل؟ وهل سيكون الفائز في سباق العام 2014، الإيطالي فينسينزو نيبالي متصدرًا لعناوينها؟ الصّقلي، ذو الأعوام الـ 31، والذي شارف عقده مع فريق أستانا على نهايته، ما يزال حتى الآن ملتزمًا الصّمت بشأن نواياه. وكيله، آليسك كاريرا، المسؤول أيضًا عن مصالح عدد آخر من المتسابقين، لا يفصح أكثر إذ قال لليبراسيون: "لا أستطيع قول أي شيء قبل 1 أغسطس/آب [تاريخ الافتتاح الرّسمي لسوق الانتقالات]".

وعلى الرّغم من هذا الانغلاق، إلا أن العملية ما تزال في طريقها. وقّع عدد من الوكلاء اتفاقيات سرية مع أصحاب المشروع، وهذا دليل على أنّه في الكواليس، تسير المفاوضات بشكل جيد. الجنوب-أفريقي برينت كوبلاند، المدير الحالي للمنتخب الإيطالي لامبري ميريدا، المشاركة في السّباق، يمكن أن يكون المدير الرّياضي للفريق الخليجي، الذي سيحظى بترخيص بحريني، لكن مقره سيكون في إيطاليا.

الخيل والترياثلون

تعود جذور القصة إلى أوائل العام 2015. نيبالي، الذي كان مشاركًا في سباق دبي، التقى هناك ناصر بن حمد آل خلفية، الذي اشترك معه في رحلة للتّدريب. قصة الحب تلك عرفت تطورًا جديدًا في يوليو/تموز، حين زار الأمير المتسابق الإيطالي عند وصول السّباق إلى الشانزيليزيه. منذ ذلك الحين، لا يكف الرّجل عن الإشادة بصفات "البطل" التي يتمتع بها نيبالي. ناصر نفسه يحلم بأن يكون رياضيًا من الصّف الأول. وكفارس جيد، شارك في ألعاب الفروسية الأولمبية، التي جرت في العام 2014 في النورماندي. كانت النّتيجة أنّه لم يحصل على تصنيف في سباق التّحمل. ناصر أيضًا بارع في الترياثلون، وعلى وجه الخصوص "آيرون مان"، وهي النّسخة الأصعب من السّباق. ويمول هو نفسه مجموعة من الرّياضيين الدّوليين، تحت اسم "فريق البحرين 13 للتّحمل". في بلاده، لا يتردد في إغلاق الطّرقات الرّئيسية من أجل التّسابق في ماراتون مع قلة من الأشخاص السّعداء بذلك. بالمناسبة، يمارس هو أيضًا ترياثلون معدلًا، حيث يتم استبدال سباق الدّراجات بالسّباق على ظهر الخيول.

ولكن منذ تورطه المفترض في قمع حركة الاحتجاج في العام 2011، وجد ناصر آل خليفة حياته مضطربة نوعًا ما. في أكتوبر/تشرين الأول 2014، رأت المحكمة البريطانية أنّه لا يمكن له التّمتع بأيّ حصانة دبلوماسية في المملكة، ما يفتح الباب واسعًا أمام  ملاحقات قضائية محتملة. بعد عامين، لم يتم إطلاق أيّ من هذه الملاحقات القضائية. لكن جمعيات الدّفاع عن حقوق الإنسان لا تتوانى عن القيام بما يلزم. هناك منظمتان غير حكوميتين تحاولان الضّغط على عالم سباق الدّراجات لإيقاف مشروع الفريق البحريني. منذ بضعة أسابيع، وجه المركز الأوروبي للحقوق الدّستورية وحقوق الإنسان، ومعهد البحرين للحقوق والدّيمقراطية رسالة إلى الاتحاد الدّولي لسباق الدّراجات لتذكيره بسجلات الأمير ناصر.

اعتقالات

الرسالة المكونة من أربعة صفحات، التي استطاعت ليبراسيون الاطلاع عليها، تُذَكّر على سبيل المثال بهذه الجملة التي قيلت على قناة تلفزيونية تابعة للدّولة في إوج حملة القمع: "كل من دعا لإسقاط النّظام، فليسقط حائط على رأسه!" (  " كل من طالب باسقاط النظام راح تطيح على راْسه طوفه") أو أيضًا هذه النّقطة الصّغيرة من النّاحية الجغرافية، إذ إن البحرين جزيرة صغيرة، وليس هناك أي "وسيلة للهروب منها". المنظمات غير الحكومية تشير أيضًا إلى لجنة التّحقيق التي وضعها آل خليفة، المكلفة بالكشف عن الرّياضيين البحرينيين الذين ساورتهم أفكار سيئة بالمشاركة في التّظاهرات ضد النّظام. لقد أوقفت هذه اللّجنة 120 رياضيًا وعضوًا في نوادٍ رياضية عن العمل، وتم اعتقال 22 من بينهم بشكل تعسفي، في إجراءات تناقض مدونة سلوك الاتحاد الدّولي لسباق الدّراجات، وفقًا للمنظمات غير الحكومية.

في 14 يونيو/حزيران، أرجع الاتحاد، ومركزه منطقة إيغل في سويسرا، الملف إلى لجنة التّرخيصات، الوحيدة القادرة على البت في طلب يحتمل تقديمه من قبل البحرين. لكن لوبي منظمات الدّفاع عن حقوق الإنسان لا يتوقف هنا. في 6 يوليو/تموز، توجهت هذه المنظمات إلى الشّركات الـ 15 الأكبر في عالم الدّراجات (بي إم سي، جاينت، كانوندال، تريك من بين شركات أخرى، والتي تمول تدريب المشاركين في سباق 2016)، لتطلب منهم عدم دعم مشروع الأمير ناصر. حتى الآن، الشركة الوحيدة التي ردّت هي بي إم سي، متعهدة بعدم تقديم أي تجهيزات إلى الفريق المفترض للبحرين. على موقعه الرّسمي، لا يعرض هذا الأخير منذ بضعة أشهر إلا هذه الرّسالة الموجزة: "قريبًا".

التّاريخ: 12 يوليو/تموز 2016

النّص الأصلي    


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus