البحرين التي لم نكد نعرفها

2012-02-28 - 12:42 م





كايت رافائيل *، صحيفة إنترناشنال
ترجمة: مرآة البحرين


ذكرى لا تنسى

يوم الثلاثاء المصادف لـ 14 شباط/فبراير، عندما كان أهل البحرين يستعدون للعودة إلى الدوار في العاصمة المنامة، قامت الحكومة في البحرين بترحيل ستة من النشطاء الأمريكيين العاملين في مجال حقوق الإنسان. الانتفاضة التي خلفت وراءها 60 قتيلا منذ تاريخ 14 شباط/فبراير.

لقد بدأت للتو، والآن قد انتهت. فصباح أمس كنت جالسة في مقهى في العاصمة المنامة أعمل على مدونة باسم "البحرين: الانطباعات الأولى". أما الآن فأنا أجلس في منزلي في أوكلاند، في محاولة لفهم ما حدث.

استيقظت بعد ساعات، بعد أن هجرني النوم، ولم أتمكن من العودة إلى الفراش كنت أرتجف من الترقب والتوتر. فاليوم هو 14 شباط/فبراير الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة البحرين، وهو يوم العودة إلى الدوار، قطعة الأرض الخالية الواسعة  في وسط المنامة والتي نصب فيها المحتجون خيمهم لمدة شهر في العام الماضي وحتى تاريخ 16 آذار/مارس اليوم الذي قدم فيه ألف من المسلحين السعوديين عبر جسر المنامة وخمسمائة من شرطة دولة الامارات العربية المتحدة، وانضموا إلى الآلاف من المرتزقة  الذين يعملون لحساب الشرطة البحرينية لإخلاء المخيم، دمروا النصب التذكاري وقتلوا ما لا يقل عن ستة وجرحوا المئات. ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم قتل ما لا يقل عن ستين شخصا.

حكاية فبراير.. 2012

 
إنهم يحتفلون بعيد الحب في البحرين. يقول نبيل رجب، ناشط في مجال حقوق الإنسان، في اليوم الذي قابلته فيه لأول مرة  "سألني بعض الناس لماذا اخترت 14 فبراير لبدء الانتفاضة. فقلت لهم حتى تتوقف زوجتي عن سؤالي لاصطحابها إلى أحد المطاعم الباهظة الثمن" زوجته التي أمضت عيد الحب في مركز شرطة النعيم، في محاولة منها لإخراج زوجها من المعتقل.

في نفس الوقت الذي كان سيتم فيه  إطلاق سراح  نبيل رجب بكفالة مالية، كنت  أنا وخمسة من زملائي أعضاء فريق شهود البحرين برفقة عدد من الشرطة متوجهين إلى متن طائرة متجهة إلى لندن، بعد أن تم إلغاء تأشيرات دخولنا  بجرم عدم مبيت كل ليالينا في نفس الفندق، إلى جانب مشاركتنا في أنشطة  "غير سياحية "  بتأشيراتنا السياحية. فـ "نشاطنا غير السياحي" كان عبارة عن مشاركتنا في مسيرة "غير قانونية" قمنا بها يوم السبت. وجدت  أنه من الممتع جدا أنهم كانوا يركزون بشكل كبير على تلك المسيرة، التي كانت سلمية تماما من جانب المتظاهرين، وتعرضت لهجوم من الشرطة بالغازات والقنابل الصوتية، بدلا من تلك الاشتباكات التي قمت بتوثيقها في وقت سابق من الأسبوع، والذي أطلقت فيه شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع  والرصاص المطاطي على الشبان الذين  كانوا يقومون بإلقاء زجاجات المولوتوف. وأعتقد أن ذلك يخبرنا الكثير عن السبب الذي تحاول الحكومة أن تخفيه عندما تسرع بإخراجنا من البلاد.

بداية المغامرة

فى الساعة 3:30، انطلقت مجموعتنا المؤلفة من عشرين أجنبيا وبحرينيا بحافلة من منزل نبيل إلى مركز المدينة. في الطريق، قمنا بإحصاء السيارات التابعة للشرطة. صاح أحد الشبان: "إنها تسع سيارات جيب  وست حافلات ". انظروا إلى هذه الدبابات!" شهقت امرأة. "لم نرَ هذا من قبل".

 
كان صوتها يرتجف، وكنت أرتجف أيضاً. لم تكن دبابات إنها  العشرات من ناقلات الجند المدرعة اللامعة زرقاء اللون  تصطف على شكل مجموعات. في تلك اللحظات رجعت ذاكرتي إلى أول مظاهرة كنت فيها أثناء الانتفاضة الثانية في فلسطين، والتي قتلت فيها تلك المدرعات ستة أشخاص.

كانت خطتنا أن نلتقي في أحد المقاهي ومن ثم نذهب إلى مكان قريب من مركز المدينة، لنلتحق بالمتظاهرين، الذين أرادوا العودة إلى الدوار لإعادة احتلاله. وبطبيعة الحال، الناس كانوا يحاولون المسير إلى الدوار منذ أسابيع، والهدف كان الوصول إلى الخطوة الاخيرة وهي احتلال الدوار في اليوم المحدد.

عند مدخل كل قرية، ترى طابوراً من الشرطة في عدة مكافحة الشغب - خوذة، درع، سترة مدرعة. مرة أخرى، كانت تذكرنا بفلسطين بشكل مخيف، حيث إنك في أي يوم ذي مظاهرة كبيرة، يجب أن تضع في حساباتك  أن هناك  فرض حظر للتجول عند مدخل كل قرية.

 
سألت نبيل. "هل سيتمكن الناس  من المجئ إلى المدينة؟ قال وبكل ثقة "سوف يأتون"، "إنهم لا يستطيعون السيطرة على البلاد بأكملها." لم أكن متأكدة مما قاله نظرا إلى الأعداد الهائلة لرجال الشرطة في الشوارع. (الأمر الجيد أن البحرين  تعتبر من البلدان  المنخفضة الجريمة). لكنني لن أتجادل معه، فهو على الأرجح أكثر قادة الاحتجاج احتراما في البلاد.

عندما وصلنا إلى المقهى توجهنا إلى موقف السيارات، ولكن رائحة الغاز المسيل للدموع أكدت لنا أن الشرطة كانت هناك. فتحركنا بسرعة وتوجهنا إلى مجمع تجاري آخر، ولكن السير كان مزدحما جدا على جسر الخط السريع، ولم نكن قادرين على الوصول إلى هناك. تحركنا ببطء باتجاه  فنادق ناطحات السحاب الفاخرة  في وسط المدينة، وفجأة، نبيل، الذي كان يقود السيارة، فتح الباب وخرج إلى الطريق. والمرأة التي  كانت بجانبي نهضت سريعاْ واستلمت مقود السيارة، في حين أن البقية خرجوا من السيارة ووقفوا إلى جانب نبيل. لم يكن لدي أي فكرة عما كنا نفعل، ولكن مهما كان، كنت أريد أن أتخلف عن الاخرين  وألتقط بعض الصور من دون أن ألفت انتباه أحد.

 
ميديا، وتاي، وبيلي، من ناحية أخرى، كانوا فريق الاستهداف. كانوا يرتدون سترات بيضاء فوق قمصانهم مكتوب عليها باللون الوردي الفاتح "مراقب دولي". وقفوا إلى جانبي نبيل ورفعوا  إشارات النصر والسلام. وفي الشوارع  فتح الناس  نوافذ سياراتهم وأخذوا يرددون "يسقط حمد" مطلقين أبواق سياراتهم لترديد ذلك على إيقاعها، والتي أصبحت إحدى الطقوس المعتادة، وهي طريقة للكلام  من دون كلام، نظرا لأنه من غير القانوني أن يتلفظ أحد بهذه الكلمات. وبطبيعة الحال،  يتم القبض على الكثير من الناس لإطلاق أبواق سياراتهم. ولكن الناس يفعلون ذلك بإصرار.

مشاهد مختلفة

كانت شرطة مكافحة الشغب تصطف على الطريق السريع، حاملين على أكتافهم رشاشات الغازات المسيلة للدموع. "صمود، صمود" إنها الكلمات التي راح يرددها الناس من هنا وهناك نزل البعض  من سياراتهم وركضوا للانضمام إلى مسيرتنا الصغيرة. والبعض الآخر اكتفوا  بإطلاق أبواق سياراتهم والهتفات ورفع  إشارات النصر والموافقة. ربما نبيل كان يبالغ في تقدير رغبة الناس  في تعريض حياتهم للخطر، أو ربما  لم يفهموا ما كان عليهم فعله. وفي كلتا الحالتين، فإن مسيرتنا لم تزد عن العشرين.

رأيت مراسلا ألمانيا يرافقه مصور بحريني في مقدمة المسيرة.  كان المصور يرتدي سترة مكتوباً عليها كلمة "صحافة" بشكل مزركش من الأمام والخلف وبأحرف ذات ست بوصات طولاً. قررت أن أمشي بجانبه وكان ذلك أفضل شيء، فجعلت طريقي إلى حيث كان يواجه المجموعة التي كانت تمشي بين السيارات. وبمجرد وصولي إليه، بدأت الغازات تتطاير وبدأنا نسمع الطلقة تلو الأخرى، وكان على مقربة مني، نظرت إلى المصور فرأيته خائفا. كنت أميل  بالتفكير إلى أن هؤلاء الرجال  لا يعرفون الخوف. فخوفه جعل خوفي يكبر.راح واحتمى خلف حاجز حديدي، وفعلت الشيء نفسه، ولكني لم أتمكن من الحصول على الانخفاض الكافي. سقطت قنبلة عند قدمي. فخشيت أن تسقط في المرة القادمة على رأسي.

 
وكان نبيل قد اشترى أقنعة واقية للتنفس، فتشجعنا وقمنا بنفس الخطوة، بالإضافة إلى أقنعة إضافية لنعطيها لمن يحتاجها من الناس. فوضعت قناعي على وجهي، وحاولت أن أتنفس.  فقبل أيام  كان القناع الواقي يعمل بشكل جيد وكذلك الأيام التي تلت وبالكاد لاحظت الغازات، ما عدا حرقة في عيني. ولكن هذه المرة يبدو  أنه لم يكن له أي تأثير على الإطلاق. كنت أتساءل ما إذا كانت مصفاته قد تضررت حيث إني لم أتمكن من التنفس.  حتى إنني لم أتمكن من رؤية أحد من الفريق، فكل ما  تمكنت من رؤيته هي سحب الغازات. فإلى يميني، المزيد من الغاز، وكذلك المزيد من رجال الشرطة يصوبون أسلحتهم نحونا، ونحن بين السيارات. بالكاد كنت أرى، ولكن كان علي عبور الشارع المزدحم للخروج من هذا الغاز.

وفي نهاية المطاف عبرت الشارع. بحثت عن مكان ما ليس مشبعا بالغازات فرأيت شارعا جانبيا بدا أنه خال فركضت نحوه. كان هناك بنك أو مركز تجاري عن يميني فتوجهت اليه. قال لي أحدهم "لا، لا، اذهبي بهذا الاتجاه " فنظرت إلى الأعلى. كانت تحيط بي مجموعة من الرجال أشاروا إلي أن اذهبي إلى مكان آخر ولكني تجاهلتهم. كنت أعرف  ما الذي ينبغي فعله. علي أن أستعيد عافيتي ومن ثم اتصل بـ "فلو" وأعرف  أين هم البقية على أمل أن أتمكن من إيجادهم. آمل أن يكونوا بخير. فرأيت أن الكل كان يكمل مسيرته.أحسست بالحماقة والضعف لأني لم أتمكن من ذلك، ولكن إذا أكملت طريقي وأطلقوا النار علي فإن ذلك لن يفيد أحدا. فتوجهت إلى المبنى. وكان هناك مجموعة من الرجال واقفين بجانبي قام  واحد منهم بمسك يدي، الشيء الذي لا يقوم به عادة الإنسان المسلم. أعتقد أن ذلك أفهمني، إنهم لا يحاولون مساعدتي، إنهم من الشرطة. فلقد تم القبض علي وسيتم ترحيلي.

لم يكن لدي أدنى شك بذلك. فأنا أعرف أني مطلوبة. كان ذلك مكتوباً في الصحف. كان لدي أمل ضعيف للنجاة بنفسي لأن اسمي الذي استخدمه ليس هو نفسه الاسم الذي في جواز السفر ولكن كل هذا الأمل ذهب أدراج الرياح عندما ظهر رجل وقال بالعربية  "اسمها هو كيت رافائيل". كان هناك رجلان يصورانني طيلة الوقت ( فبإمكانكم بالفعل أن تشاهدوا كل أحداث اعتقالنا علي اليوتيوب في ملاطفة جميلة لرجال الشرطة البحرينيين: فدوري يبدأ بعد 3 دقائق وهو يبدو مملاً كثيرا).

الضيافة العنيفة

 
كيت رفائيل
كان هناك خمسة رجال برفقتي وبعدها أصبحوا عشرة فعشرين ثم اثنين. وفجأة أصبحوا عشرين مرة أخرى. الناس كانوا يجيئون ويذهبون حاولت أن أتصرف بأسلوب غير المكترثة حيث سألتهم مرارا ماذا يحدث هنا. رأيت أناساً بزي العمل  قد ركبوا سياراتهم في موقف السيارات في المكان الذي تتسكع فيه الشرطة، ففكرت أن أطلب من أحدهم أن يأخذني إلى الشيراتون ولكن لم تواتني الجرأة.  كان يبدو عليهم أنهم غير مكترثين لمعرفة ما يحدث.

كتبت رسالة نصية إلى "فلو" أنه قد تم القبض عليّ. وبعد بضع دقائق جاءني خبر يقول إنه قد تم القبض عليها أيضاً. أرسلت رسائل نصية إلى أناس عديدين خارج البحرين. كنت متفاجئة بأنه لم يمنعني أحد من فعل ذلك. ولكن عندما حاولت التحدث على الهاتف جاء أحدهم لنزعه من يدي فارجعته إلى حقيبتي. جاء إلي رجل يمشي ذكرني بكلود رينز في الدار البيضاء.

قال لي" "اعطيني هاتفك ".
قلت "لا" فأصر على ذلك ولكني رفضت مجددا.

فاستدعى بعض الشرطيات فظننت أنهن يردن أن يفتشنني ويأخذن هواتفي. ولكن لم يفعلن. بل أركبنني في سيارة شرطة. وشغلن صفارة الإنذار وقدن مثل المجانين إلى مركز الشرطة. في ذلك الوقت كانت "فلو" هناك ولكنهم لم يكونوا يريدون أن نرى بعضاً.  سمعت رئيس المركز يطلب من أحدهم، ظنا منه أني لا أعرف العربية، ألا يدعوني أعرف بأن "الأمريكية الأخرى" كانت هناك.

كنت جالسة في القاعة عندما جاءت ضابطة شابة وصفعت يدي بشكل مفاجئ."لا تضعي يدك هنا" أومأت إلى حيث كانت يدى مستقرة، إلى وركي "ضعيها هنا" وتقصد بجانبي رجلي. فسألتها " لماذا؟ "
فصفعتني مرة أخرى ولكن هذه المرة على وجهي. وكأنها أرادت أن تصل إلى ذلك "كوني هادئة، وتوقفي عن الكلام".

 
كان ذلك العنف الوحيد الذي عانيت منه، فشكرا لمكانتي الخاصة. قادوني إلى غرفة تجلس فيها عدد من الشرطيات. كان هناك اثنان من العمال الأجانب  البائسين يقفان متراخيين عند أحد الجدران. وفي زاوية بعيدة كانت هناك بنات شيعيات يتحدثن وكان من الواضح أنهن قد جيئ بهن من إحدى المظاهرات فلقد سمعت أنه كانت هناك بعض الاعتقالات. ابتسمن لي ورفعن إشارة النصر وتفوهن بكلمة "صمود" فتفوهت بها بدوري فحصلت على المزيد من الابتسامات العريضة. كانت معنوياتهن عالية ولم أتمكن من التفكير أنهن سيصبحن زرقاً وسوداً في الصباح التالي. فأنا لم التقِ بأي معتقل ولم يتم ضربه. فكرت بصديقتي الجديدة زينب الخواجة التي اعتقلت يوم الأحد وتم إرسالها إلى الاستجواب لمدة سبعة أيام. الاستجواب الذي دائما يعني التعذيب.

صفقة النجاة

تركوني لوحدي لساعات تخللتها أسئلة عديد من الناس الذين سألوني نفس الأسئلة. "ماذا تشتغلين؟ حاولت أن أشرح لهم وانتهى بنا المطاف على الاتفاق على أنني سكرتيرة. "لماذا أنا في البحرين؟" للزيارة. هل أنت ناشطة حقوقية؟ نعم، ولكنها ليست وظيفتي. "من أين أنت؟" من كاليفورنيا، أمريكا. "لماذا جئت إلى البحرين؟" للزيارة "ما هي وظيفتك"؟ سكرتيرة. من أين أتيتي بالقناع الواقي من الغازات؟ أحدهم أعطاني إياه "ما كان اسمه ؟ لا أعرف" أين تعيشين ؟ في كاليفورنيا، أمريكا. ما وظيفتك؟ سكرتيرة
ماذا كنت تفعلين في 11 فبراير؟
ليس لدي فكرة
ما هي وظيفتك ؟
أنا سكرتيرة
أين كنت في 11 فبراير؟
لا أتذكر
ما هو عملك؟
أنا سكرتيرة

قلت للنقيب إني لن أجيب على أي أسئلة أخرى. فقالت لي إنه لا يحق لي، لأن القانون البحريني ليس مثل قانوننا، وليس لي الحق بتعيين محام لأنه تم إحضاري للاستجواب وليس للتحقيق.  وكان هناك شرطيتان لطيفتان رغبتا بالتحدث معي. فدردشت معهما وسألتهما عن عائلتيهما، الزواج والطلاق والأطفال والأماكن المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية التي سمعتا عنها أو شاهدتاها على التلفاز، فلسطين، وكل شيء ما عدا الوضع السياسي في البحرين الذي رفضتا أن تناقشاه معي.

وبعد ساعات كثيرة أخذوني للتحدث إلى شخص من وزارة الإعلام. في طريقي إلى هناك صادفت أصدقائي بريان، وليندا، ومايك، وباكي الذين وصلوا لتوهم من مركز شرطة آخر. فقام رجل من الوزارة بالتوضيح بصوت ناعم على أنني خالفت القانون من خلال عدم بقائي في الشيراتون، على الرغم من أنني فعلت ذلك ولكن بالحقيقة بقيت هناك  فقط في ليلتي الأولى وبتكاليف باهظة حيث كان لدي الإيصال لأثبت ذلك، وبذهابي إلى مظاهرة غير قانونية في 11 شباط/فبراير فقد تم إلغاء تاشيرة دخولي. قلت ماذا؟ .. "حسنا لقد فهمت".

على ما يبدو أني خالفت قانونكم ولا يمكنني البقاء هنا حسنا أريد فقط أن أوضح بعض الاشياء. كان مصدوما بشكل واضح كاد أن يفتح فاه ولكنه أدرك أني لا أريد المقاومة. قلقي الوحيد هو أني لا أريد أن أركب الطائرة مكبلة اليدين. فأكد لي أن ذلك لن يحصل وأن ذلك حدث فقط لهويدا وراديكا لأنهما افتعلتا المشاكل. كنت أشك في كلامه ولم أصدق تأكيداته. وبقيت أطالب بالتحدث مع أحد من السفارة.  وفي النهاية التقينا مع رجل من السفارة، في المطار بعد ساعات، ولكنه  لم يكن مطمئناً. قال لي " كل ما أمكنني فعله هو أن أسألهم". فلمحت أنه لم يكن في الواقع كل ما أمكنه فعله، ولمح هو بدوره أن لا أقول له ماذا كان  يجب عليه فعله.

 
ربما كل ما حصل كان بجهوده، وريما استنتجنا أنه لا فائدة من المقاومة، وربما كان ذلك لأننا من العرق الأبيض. بطريقة أو بأخرى كانت رحلة ممتعة إلى لندن، وبلا أصفاد. حالفنا الحظ أنا وليندا أن نجلس جنبا إلى جنب وصولا إلى سان فرانسيسكو. شاهدنا "آيديس أف مارتش" و "جين آير" ولكن الفيلم الذي كان في مخيلتي كان لناقلات الجند المدرعة التي تصطف على طول الطرقات لقتل المقاومة.

لن أنساهم

لقد حزنت وما زالت تنتابني موجات حزن. الحزن لأني لم أتمكن أن أقول وداعا لأصدقائي الجدد. الحزن على عدم القيام ببعض الأمور السياحية والاجتماعية التي أرجأناها إلى ما بعد 14 شباط/فبراير. ولكن الحزن الأكبر  بشعوري بأنه سيحدث  سفك للدماء. فملوك البحرين يشعورون بالأمان بأنهم قد تخلصوا من جذب أنظار العالم إليهم.

بعد ظهر يوم الثلاثاء أجريت مقابلة مع محطة تلفزيونية تبث باللغة العربية في بريطانيا (سوف أموت لو سمعها شخص أعرفه). سألني مقدم البرنامج عن  الرسالة التي أود أن أنقلها إلى الحكومة البحرينية. فقلت له بكلمات عربية مكسرة: "إنه من المستحيل إيقاف الناس عندما يطلبون الحرية". هذا ما أعتقده

صمود (كتبتها بالعربية Sumoud ).

* كيت رافائيل صحافية من منطقة خليج سان فرانسيسكو، ناشطة في مجال العدالة الاجتماعية وموظفة في مكتب.

16فبراير 2012





التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus