لماذا البحرين ليست سوريا؟

2012-02-25 - 11:57 ص





بيب اسكوبار، آسيا تايمز
ترجمة: مرآة البحرين

كم هو مؤلم أن تصادف الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة عربية مطالبة بحق بالديمقراطية في الخليج، والتي سحقت بلا رحمة، يوم عيد الحب الذي يحتفل به الغرب. فيكون حديثنا عن علاقة غرامية حكم عليها بالفشل.

وكيف تحترم واشنطن قصة الحب المأساوية هذه؟ أتحترمها من خلال استئناف بيع الأسلحة لعائلة آل خليفة القمعية الحاكمة في البحرين.

وملخص الأمر،  فلقد طلب الرئيس الامريكي باراك أوباما من الرئيس السوري بشار الاسد أن "يتنحى ويسمح  بتحول ديمقراطي على الفور"، في حين أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة يحصل على لعب جديدة للقضاء على مواطنيه المخريبين المطالبين بالديمقراطية.

هل هذه هي حالة من التضارب المعرفي؟ بالطبع لا، ففي نهاية المطاف سوريا مدعومة من روسيا والصين في مجلس الأمن  في الأمم المتحدة، في حين أن البحرين تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس المدافع عن "العالم الحر" ضد أولئك الإيرانيين  الأشرار الذين يريدون إغلاق مضيق هرمز.

قبل عام،  نزلت الأغلبية الساحقة لسكان البحرين، ومعظمهم من الفقراء، الشيعة المهملين الذين يتم معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثالثة، والسنة المتعلمون أيضا، إلى الشوارع ليطالبوا حكام عائلة آل خليفة بالسماح بالحد الأدنى من الديمقراطية.

تماما مثل تونس ومصر - وعلى العكس من ليبيا وسوريا - الحركة المؤيدة للديموقراطية في البحرين كانت محلية، ومشروعة، وسلمية، وغير ملوثة بالتسلل الغربي أو دول مجلس التعاون الخليجي.

ولكن كان الرد بشن حملة أمنية واسعة، وغزو سعودي من خلال الجسر المتصل بالمنامة. فكانت نتيجة ضمنية للصفقة التي عقدت بين آل سعود وواشنطن، فنحن نعطيكم قرارا عربيا يسمح لكم بالذهاب إلى الأمم المتحدة وإطلاق قصف إنساني على ليبيا من قبل حلف شمال الأطلسي،  واتركونا وشأننا لتحطيم هراء الربيع العربي هذا. (انظر: الصفقة الليبية بين الولايات المتحدة والسعودية. آسيا تايمز أون لاين 2 ابريل 2011.)
ولإجهاض "الاحتفال"  بالحملة الديمقراطية المسحوقة،  لم تتوانَ إدارة أوباما عن إيفاد مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية إلى البحرين.

وكما ذكرت صحيفة ديلي نيوز الخليجية، والتي تسمى بـ"صوت البحرين" (والتي هي أقرب إلى صوت عائلة آل خليفة)، بأن مساعد وزيرة الدولة لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أثنى على خطوات الملك حمد لـ"نزع فتيل التوترات"، مثل "إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإجراء تعديل وزاري جزئي  وسحب قوات الأمن".

فلا بد أن مقدمي الإحاطات الإعلامية لفيلتمان كانوا حينها في حالة من الشلل، وذلك لأن السجناء السياسيين لا يزالون في السجون، والتعديل الوزاري هو تعديل شكلي، وقوات الأمن في مزيد من القمع.

وأضاف فيلتمان أن واشنطن شددت على إيجاد "حوار وطني"  "يصنع في البحرين "، وليس للدول الأجنبية " التدخل في العملية". فهل على البحرينيين اتباع نموذج "منظمة حلف شمال الأطلسي لدول مجلس التعاون الخليجي" على النحو المطبق في سوريا ؟

وأضاف: " يمكن للبحرينيين التعويل على الدعم الأمريكي للتوصل إلى إجماع وطني"، وأثنى على "إخلاص"  ولي العهد الأمير سلمان، والذي هو بالمناسبة أيضا نائب القائد الأعلى وراعي الحوار الوطني. فمع وجود  مثل هكذا أصدقاء، فلا بد أن الحركة المطالبة بالديمقراطية في البحرين لا تحتاج الى أعداء.
فإذن رسالة واشنطن هي باختصار: أوقفوا هؤلاء الناس عن الضوضاء ونحن نحتفظ  بقاعدتنا هنا  للدفاع عنكم وعن أبناء عمومتكم من الجماعات غير النظيفة.
 
إذا كانت النساء خائفات، فاستدعوا لهن غزوا

إن واقع الحياة في البحرين مختلف تماما. فما تسميه وسائل الإعلام الأمريكية بـ "إمارة متوترة"  فهي لا تزال تحت قانون عسكري بحكم الأمر الواقع. والذين "أطلقوا سراح" المحتجين المطالبين بالديمقراطية  _ لا يزال المئات منهم في السجون. وهيومن رايتس ووتش، وبمصداقيتها لا تزال تعتمد التصريحات المكبوتة، فتقول: "لقد كان هناك القليل من المساءلة عن التعذيب والقتل - الجرائم التي تورطت فيها قوة دفاع البحرين".

لا المساءلة -  في الواقع

وتحسبا لمزيد من الإجراءات الصارمة في الذكرى السنوية الأولى للانتفاضة، أصدرت وزارة الصحة أمرا للمستشفيات الخاصة بتقديم قائمة بأسماء  كل الجرحى والمصابيين الذين يتم نقلهم إليها، وقد سبق أن تم اعتقال المئات من الأطباء والممرضات بتهمة معالجة الجرحى المحتجين على مدى الأشهر القليلة الماضية.

وقام الجيش بوضع الأسلاك الشائكة في جميع المناطق القريبة من دوار اللؤلؤة - الذي تم هدم نصبه التذكاري المعتبر رسما مجازيا  للديمقراطية. ومؤخرا ألقي القبض على مواطنتين أمريكيتين اثنتين، هما: هويدا عراف وراديكا سايناث، في المنامة خلال احتجاج سلمي. وتم سجن آيات القرمزي بسبب إلقاء قصيدة في دوار اللؤلؤة تنتقد فيها الملك حمد.

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اتهمت اللجنة المستقلة للتحقيق في البحرين عائلة آل خليفة باستخدام "القوة المفرطة، بما في ذلك انتزاع الاعترافات القسرية من المعتقلين".وفي أواخر كانون الثاني/يناير، دعت منظمة العفو الدولية   لـ "التحقيق والأخذ بالاعتبار تقارير وفاة أكثر من اثنتي عشرة حالة بسبب استخدام الغاز المسيل للدموع"، ودعت واشنطن إلى "وقف عمليات نقل الغاز المسيل للدموع وغيرها من معدات مكافحة الشغب إلى السلطات البحرينية".

قوات الأمن المدعومة سعوديا تعتمد بشكل كبير على الباكستانيين كرجال شرطة لمكافحة الشغب - ناهيك عن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية الأمريكية  لتفريق الاحتجاجات السلمية المناهضة للحكومة. وإلى اليوم العشرات من المواطنين من كبار السن والأطفال قتلوا بسبب الاختناقات بالغازات المسيلة للدموع التي تطلقها قوات الأمن في المناطق السكنية، وحتى إلى داخل المنازل. ولم تتوانَ هذه القوات أيضا عن ضرب المشيعين المسالمين الذين كانوا يحضرون مواكب تشييع متظاهرين قتلوا على يد الأجهزة الأمنية لآل خليفة.

ما هذا الهرج والمرج ؟ هذا كله جزء من "الحوار الوطني" لولي العهد

 ولكن حتى مع وجود الحملة القمعية المستمرة، فإن المظاهرات تخرج بشكل شبه يومي لتطالب عائلة آل خليفة بالرحيل . لم يكن هذا هو المطلب الأولي للحركة المطالبه بالديمقراطية، بل أصبحت كذلك بعد الغزو السعودي.
 
وللتأكيد دوما بأننا نعيش في كوميديا مونتي بايثون لعالم الحياة، ( ارجع الى هذه المقابلة مع الملك حمد التي نشرتها الصحيفة الأسبوعية الألمانية دير شبيجل [1].

يقول الملك فيها بأنه طلب من دول مجلس التعاون الخليجي أن يغزوا بلاده في آذار/ مارس  2011، وذلك لحماية  "المنشآت الاستراتيجية"  للبحرين - "في حال أرادت إيران أن تكون أكثر عدوانية". وبالتأكيد طهران لم تملك القيام بأي عمل إزاء هذه الاحتجاجات الناجمة بطبيعة الحال عن العائلة الحاكمة التي تعامل الأغلبية من السكان الأصليين  مثلما تتعامل دولة الإمارات العربية المتحدة مع مستخدميها الآسيويين.

يضيف الملك أيضا، "كانت نساؤنا خائفات جدا، وأنه من واجب الرجل النبيل حماية النساء".  فربما  قام الملك بإرضائهن بحقائب لويس فويتون[حقائب نسائية] كمعونة من الدولة مقابل معاناتهن من الغزو والقتل والقمع المستمر.

15 فبراير 2012




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus