ندوة المركز الوطني للصحافيين بواشنطن: البحرين الفالنتاين السعودي

2012-02-22 - 9:48 ص




مرآة البحرين (خاص): عقد المركز الوطني للصحافيين في العاصمة الأميركية واشنطن الأسبوع الماضي حلقة نقاشية حول قمع حرية التعبير في ظل ثورات الربيع العربي، وتم في هذه الحلقة النقاشية الهامة التركيز على الملف البحريني وما يعانيه من تعتيم في وسائل الإعلام العربية والعالمية، إذ كانت الصحافية البحرينية ندى الوادي هي أحد المتحدثين الرئيسيين في الحلقة. وركزت الوادي وهي أحد مؤسسي رابطة الصحافة البحرينية بالخارج في حديثها على قضية الحرب الإعلامية التي تواجهها القضية البحرينية، مشيرة إلى شركات العلاقات العامة واللوبيات الأميركية التي تم توظيفها من قبل الحكومة البحرينية بغرض تشويه ما جرى في البحرين.

ويعتبر المركز الوطني للصحافيين هو أحد أهم المؤسسات الصحافية في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يشترك في عضويته آلاف الصحافيين الأميركيين والدوليين، ويستضيف أسبوعياً عدداً مهما من الحلقات النقاشية والفعاليات.

وقد كان من أبرز المتحدثين في الحلقة النقاشية عبدالرحيم الفقراء وهو رئيس مكتب الجزيرة في العاصمة الأميركية واشنطن، وقد تحدث حول تغطية قناة الجزيرة في الربيع العربي والإشكالات المرتبطة بذلك. إذ ذكر من الخطأ أساساً تسمية ما يجري في العالم العربي اليوم بالربيع، وأضاف " هو ليس ربيعاً أبداً وخصوصاً للصحافيين،  كان من المفترض أن نخترع موسماً خامساً قبل أن نتجه للربيع مباشرة".

 
الزميلة ندى الوادي متحدثة في الندوة
وحول ثورة البحرين قال متهكماً "عندما ذكرت البحرين لصديق لي، قال : نعم البحرين، هي الفالنتاين الأميركي، فرددت: بل هي الفالنتاين السعودي". في إشارة إلى أنه في اليوم الذي يستذكر فيه البحرينيون ما حصل لهم في 14 فبراير، يحتفل الأميركيون بعيد الحب. وأضاف الفقراء بأن من الضرورة الانتظار بعضاً من الوقت قبل تسمية ما يجري في العالم العربي ربيعاً، مشيراً إلى أن الوضع سيء جداً على الصحافيين إذ استطاعت السلطات في غالبية الدول التي شهدت انتفاضات الهجوم على الصحافيين حسب مظلة القانون الوطني وهي مشكلة رئيسية في رأيه، وتلجأ الأنظمة التي توشك على الانهيار إلى الهجوم بشدة على الصحافيين وهذا ما شهدناه في العام الماضي.


وأشار الفقراء أيضاً إلى أن إحدى المشكلات الرئيسية في المجتمعات العربية اليوم هي الحاجة إلى الوقت والانتظار لكي تستقر العملية السياسية قبل أن ينعكس ذلك على السياسة الإعلامية. ضارباً المثل بمصر بقوله " هؤلاء الذين أعطونا صوراً رائعة في ميدان التحرير انتشرت في كل الأنحاء في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لا يزالون عالقين في تطبيق هذه الصور في عمليتهم السياسية، الأمر يحتاج إلى وقت".

من جانبها عرضت كورتني راج وهي مسئولة قسم حرية التعبير في الفريدوم هاوس نتائج التقرير الذي أصدره الفريدوم هاوس مؤخراً والذي أثبت عبر استفتاء شامل أن العام 2011 كان الأسوأ في العالم العربي من حيث حرية الصحافة، إذ تم تصنيف غالبية الدول العربية على أنها غير حرة، فيما عدا الكويت ولبنان التي صنفت على أنها شبه حرة.

وأشارت راج إلى الحيز الذي بدأ يتوسع للصحافة المستقلة وصحافة المواطنة في ظل هذه الأوضاع في الوطن العربي، علاوة على وسائل الإعلام الاجتماعي. مؤكدة بأن السؤال الأكبر الآن هو إلى متى سوف تستمر هذه الوسائل الجديدة.

من جانبه طرح الصحافي المستقل جيفري غنام مجموعة من المسائل التي وضعت للنقاش فيما يتعلق بوضع وسائل الإعلام الاجتماعي في الوطن العربي خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن عشرات الملايين من الأشخاص يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعي في العام الماضي. وأوضح بأنه في السابق كان الحصول على المعلومات هو المشكلة، بينما أصبحت المشكلة اليوم هو وجود فائض من المعلومات التي يصعب فلترتها والتعاطي مع صحتها وتقييم دقتها. وطرح غنام بعض المسائل المرتبطة بأصالة المحتوى وحياديته في وسائل الإعلام الاجتماعي، إضافة إلى بعض المحتوى المرتبط بدعم العنف.

أما كلير مورجانا جيليز وهي صحافية مستقلة كانت مسئولة عن تغطية الثورة الليبية العام الماضي وتم احتجازها في ليبيا، فقد تحدثت عن المسائل المرتبطة بالحيادية والموضوعية فيما يتعلق بالتغطية الصحافية. وقالت إن الصحافيين يؤيدون الدعوة للحرية والديمقراطية، غير أن بعض الجماعات يسيئون استخدام هذه المفاهيم بشكل صارخ أحياناً كما حصل في ليبيا من وجهة نظرها، إذ صاروا يتعاملون بنفس الطريقة التي عاملهم بها القذافي سابقاً.  وأكدت جيليز على أن من أهم النقاط التي يجب طرحها فيما يتعلق بالربيع العربي اليوم هو أن مختلف الأفراد في هذه المجتمعات عليهم أن يصلوا إلى طريقة للتعايش مع بعضهم البعض لكي يخلقوا حكومة ومجتمعاً قادراً على الاستمرار.
من جانبها ألقت الوادي الضوء على الوضع الإعلامي في البحرين منطلقة من الذكرى الأولى لثورة البحرين، مشيرة إلى وجود تعتيم إعلامي حول ما يجري في البحرين التي اصطلح عليها " الثورة المنسية". وبينت الوادي بأن ما جرى سوف يغير وجه التاريخ السياسي للبحرين، مشيرة إلى أنه كان حدثاً مغرياً لأي صحافي بتغطيته. وقد قامت الوادي بتغطية هذا الحدث لعدد من وسائل الإعلام الأجنبية وهو الأمر الذي أدى إلى احتجازها لاحقاً وإجبارها على التوقيع على تعهد بعدم الكتابة. وقالت "كنت أثناء الاحتجاجات أقول للجميع إنه ليس من المعقول أن تقدم السلطة على استهداف الصحافيين، غير أن هذا ما حصل فعلاً فقد تم استهدافي واستهداف الكثير من الزملاء والزميلات الذين تعرضوا للسجن والتعذيب، وهو أمر شهدناه جميعاً".

وأضافت " يحزنني للغاية أن أقرأ تقارير المنظمات الصحافية العالمية وهي تتحدث عن كون البحرين ضمن قائمة الدول العربية الأكثر خطورة على الصحافيين، غير أن هذا أمر حقيقي، وهو يعني بأن كل ما تعبت الصحافة البحرينية من أجل تحقيقه في السنوات العشر الأخيرة أصبح مهدداً".
 
وقد قامت الوادي مع عدد من زملائها الصحافيين الذين خرجوا من البحرين بتأسيس رابطة للصحافة البحرينية وقد قامت بتدشين تقريرها الأول الذي وثق كافة الانتهاكات التي جرت للصحافيين المحليين والأجانب في البحرين.

وتحدثت الوادي أيضاً حول إشكالية الحياد والموضوعية في العمل الصحافي أثناء تغطية مثل هذه الأحداث، وقالت "لطالما آمنت شخصياً بمبادئ الحياد والموضوعية في العمل الصحافي، غير أنني أريد أن أتحدث باسم كافة الصحافيين المحليين في الدول العربية، كيف يمكن أن تبقى محايداً أو موضوعياً وأنت تشاهد الناس تقتل في الشوارع، وتشاهد الكذب وتشاهد الفبركات، الصحافي إنسان قبل كل شيء، بل والأصعب أن الصحافيين المحليين هم مواطنون في بلدانهم، أي أنهم عندما كانوا يغطون ما يجري أثناء ثورات الربيع العربي، كانوا يعرفون تماماً أصل المشكلة وأبعادها، يعرفون ما الذي كان يتحدث عنه المحتجون، ليسوا قادرين على إلغاء هوياتهم والانسلاخ من جلدهم. هذه إشكالية أخلاقية في المهنة الصحفية لكنها إشكالية مفهومة جداً، من الصعب أن لا يتخذ الصحافي موقفاً في مثل هذه الظروف، وهو ما شهدناه في العالم العربي بالفعل وما مررنا به شخصياً".

وفي ردها على أحد الأسئلة حول تقييم أداء وتغطية الصحافة الغربية لما يجري في العالم العربي قالت الوادي " هناك تبسيط في طريقة تصوير ما يجري في العالم العربي في وسائل الإعلام الغربية. فمجرد تسمية الربيع العربي تعتبر تبسيطاً، ناهيك عن كافة التوصيفات الأخرى مثل حصر دور ما جرى في وسائل الإعلام الاجتماعي وتسميتها بثورة تويتر وفيسبوك، علاوة على التركيز على دور المرأة في هذه الثورات ونسيان بأن ما يجري ليس مرتبطاً بالمرأة وإنما هي ثورة مجتمع بأكمله. وتضخيم دور الإسلاميين فيما يجري على الأرض، كلها عوامل ساهمت في تسطيح الفهم تجاه تعقيدات الأمر السياسية والاجتماعية في المجتمعات العربية خلال فترة ثورات الربيع العربي.
 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus