التعليق السياسي ماذا في رسالة السيد السيستاني إلى آية الله الشيخ عيسى قاسم؟

2016-06-24 - 4:36 ص

مرآة البحرين - خاص: لم يلتقه ولا مرة واحدة، وليس بينهما خط من الرسائل مفتوح، وما بينهما تمثيل بأي صورة ولا شكل، ما الذي يجعل السيد السيستاني يخرج على نص محافظته الشديدة للقيام باتصال يعرف تماماً تبعاته السياسية، وهو الشخصية التي لا تحرك إصبعها إلا في المفاصل الكبرى؟ ما الذي وجده السيد في الشيخ عيسى قاسم ليحتل من قلبه هذه الحظوة، ويقول له: نحن معك، نقف إلى جانبك ولن نتخلى عنك؟

ذات زيارة خلال سنوات المحنة الخمس الماضية التي مازال شعب البحرين يعيشها ويكتب فصولها المرة، دخلت شخصية قيادية على بيت السيد السيستاني: ممثلاً لسماحة الشيخ عيسى قاسم أحمل رسالة إلى سماحتكم. كأنه يحكي شوقا عميقا، أخذ السيد السيستاني بأحضان الضيف وكأنه يضم الشيخ لحضنه، طال الاحتضان واللسان كان يلهج باسم الشيخ ومحبته وتقديره وحرارة الشوق إليه.

ليس من عادة السيد السيستاني الاتصال، ويعرف المحيطون به أنه لا يتحدث إلى أحد عبر التلفون إلا في حالات نادرة جدا، كان اتصاله بالشيخ عيسى يوم الأول من أمس، حدثاً استثنائيا، وربما تكون هذه هي المرة الثانية التي تتدفق فيها مشاعر المرجع الكبير في التعبير عن حبه وشوقه للشيخ: أنا أحب الشيخ عيسى أنا أحب الشيخ عيسى.

يتابع السيد تفاصيل خطاب الشيخ عيسى، ويتابع مواقفه المفصلية، ويعرف تماماً كيف قاد برزانة حكمته محنة شعبه وحماه من انزلاقة الجنون التي كانت تدفع بها السلطة، يعرف في الشيخ ما يعرفه في نفسه حين كانت بلاده على وشك جنون الاقتتال الطائفي والحرب الأهلية.

ما الذي يفسر هذه المحبة والعناية بالشيخ؟

ليس غير الحكمة الجامعة لكل معاني قيم القيادة الاستثنائية، تلك القيم أو الفضائل كما كان يسميها فلاسفة اليونان حين كانوا ينظرون بفلسفتهم لمفاهيم الديمقراطية والحكم الصالح والعدل والمواطنة. من يحب هذه الحكمة يصير صديقاً للخير والحرية والعدل.

لقد وجد السيد في خطاب الشيخ هذا الحب الذي يحفظ الوطن من الانزلاق إلى العنف والاستبداد.يعرف السيد، ليس رأس الشيخ  المهدد، بل  رأس الحكمة، الحكمة التي تجمع بين صلابة الموقف وعناد الحق، ونهج السلم ومرونة التعاطي السياسي.

يعرف السيد أن إسقاط جنسية شيخ عيسى تعني إسقاط الحكمة، فليس من الحكمة إسقاط رأس المكون الرئيسي الأول  لشعب البحرين، من يتخلى عن شيخ عيسى اليوم يرفع الغطاء الحافظ للتكوين الوطني للبحرين.

لا يريد السيد للطائفة الشيعية في البحرين أن تكون خارج وطنها، ولا أن تكون ساقطة في وطنها، وتلك هي الحكمة، أن تحفظ أبناء طائفتك ضمن وطنهم. وهذا ما حافظ الشيخ عليه طوال تاريخه النضالي، وهذه هي رسالة المرجعية ممثلة في موقفها من شيخ عيسى قاسم: لا نريد أن نتدخل في شؤون أي بلد، لكننا لا نقبل أن يُسقط من يمثل الحكمة والسلمية والوطنية والدين والطائفة والناس من البلد.

ما للسيد أن يعطي هذا الدعم وهذه الثقة للشيخ لو لم يجد فيه اليد الأمينة التي تأخذ بيد شعبه نحو تحقيق كرامتهم ووطنيتهم وعيشهم المشترك مع أبناء بلدهم. ولنتذكر رسالة السيد التي حملها لمساعد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق سابقاً الباحث اللبناني غسان سلامة: "اليوم نهار السبت أوصل للأمريكان ان أمامهم حتى الأربعاء فإن لم يعلنوا ان الدستور العراقي  يجب ان يكتب بأيدي عراقية لعراقيين منتخبين من الشعب فإنني سأصدر فتوى بعدم شرعية هذا الدستور".

نعم، الأيدي البحرينية هي من سيكتب دستور هذا الوطن الذي سيحفظ لهم حقوقهم وجنسياتهم، لا دستور المنحة الذي يعتبر الجنسية حق من منحنا الدستور، على غفلة من الوطن، متى شاء أعطاها ومتى شاء سحبها ومتى شاء امتهنها على من لا يستحقها.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus