جستن غينغلر: الشّيخ عيسى قاسم: ماذا وراء حملة القمع الأخيرة ضد المعارضة في البحرين؟

جستن غينغلر - بي بي سي - 2016-06-22 - 7:15 م

*التّرجمة الكاملة

يمكن تقسيم انتفاضة 14 فبراير / شباط 2011 في البحرين إلى أربعة فصول رئيسية هي:

  • مظاهرات حاشدة ومفاوضات فاشلة
  • حملة دموية من قبل الحكومة
  •  محاولة صورية للمصالحة والحوار
  • جمود سياسي ولد من رحم الاقتتال الملكي الداخلي والانقسام الطائفي.

يمكن القول إنّ هذا الجمود قد انتهى مع قرار الحكومة سحب الجنسية من الشّيخ عيسى قاسم، أبرز رجل دين شيعي في المملكة والملهم الروحي لجمعية "الوفاق" البحرينية المعارضة.

وتُعَد هذه الخطوة بمثابة الضربة القاضية في إطار سلسلة من حملات القمع التي تشنها الحكومة ضد المعارضة في الآونة الأخيرة.

وشملت هذه الإجراءات إعادة اعتقال المعارض الصريح للحكومة نبيل رجب، وفرض حظر السفر على النّشطاء الذين يعتزمون حضور جلسات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال الشهر الجاري في جنيف.

وشددّت الحكومة عقوبة السجن بحق الأمين العام لجمعية الوفاق -منذ فترة طويلة- الشيخ علي سلمان لمدة تسع سنوات، وسنّت قانونًا جديدًا يمنع الزعماء الدينيين من عضوية الجمعيات السياسية، وقررت وقف أنشطة جمعية الوفاق.

يبدو، في ظاهر الأمر، أن مثل هذه القرارات تشير إلى نظام أكثر جرأة وعلى استعداد في نهاية المطاف للتّخلص من التّظاهر بأنّه يقوم بإصلاحات جدية - نظام واثق في قدرته على التعامل مع التّداعيات المحلية والدولية الحتمية لمضاعفة القمع السياسي الذي يمارسه.

وعلى الصعيد الدبلوماسي على الأقل، فإن مثل هذا الاستنتاج صحيح بلا أدنى شك. فمنذ مقاطعة جمعية الوفاق للانتخابات البرلمانية في العام 2014 احتجاجًا على عدم وجود تنازلات مجدية من قبل الدولة، نأى جميع محاوري الجمعية في السفارات الأمريكية والبريطانية بأنفسهم عنها.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية، على وجه الخصوص، وبكل وضوح إنه كان يتعين على المعارضة أن تدرك أنها ستواجه مصاعب بسبب رفضها المشاركة في الإطار السياسي القائم، بالرّغم من أنه معيب، والآن يجب عليها أن تتعامل مع هذه المصاعب.

وفي نفس الوقت تقريبًا، على المستوى الإقليمي، كان الصعود غير المتوقع لما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق يعني أن الولايات المتحدة وحلفاءها وجدوا أنفسهم في حاجة مباشرة للبحرين وغيرها من دول الخليج العربي، بدلا من الاحتياج العكسي المعتاد.

وفي مقابل مساعدتهم الدبلوماسية والعسكرية (المحدودة)، طالب قادة دول الخليج بحرية أكبر في إدارة السياسة الداخلية. وفي حالة البحرين، صمتت الانتقادات والتّدخلات الغربية بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين.

السّير على منوال الاستراتيجية السعودية؟

لكن الشيء الأقل وضوحًا، مع ذلك، هو ما إذا كانت الإجراءات الأخيرة في البحرين ضد المعارضة تُعد دليلًا على قوة داخلية، أو رؤية لضعف داخلي.

هناك ثلاثة عوامل على الأقل توضح ذلك. والجدير بالذكر أن اثنين من العوامل الثّلاثة يرتبطان بالاقتصاد أكثر من السياسة.

العامل الأول هو المجتمع السني في البحرين، الذي قدم دعمًا حيويًا للأسرة الحاكمة في العام 2011 من خلال تنظيم مسيرات مضادة ساعدت في الحد من زخم الانتفاضة.

ولكن بدلا من الاختفاء مع نهاية المظاهرات الحاشدة، تحول كثير من هذه التّحالفات السّنية الشّعبية إلى حركات سياسية في حد ذاتها، تطالب الدولة، في كثير من الأحيان، بصورة علنية، بزيادة الأجور وتعامل الأمن بشكل أقوى مع الاحتجاجات.

وخشية من أن تؤدي هذه الجماعات إلى ظاهرة جديدة من المعارضة السنية، أعادت الدولة رسم حدود الدوائر الانتخابية قبل انتخابات العام 2014 بطريقة تُحجم مرشحي هذه الجماعات الذين فشلوا في الفوز بمقعد واحد.

هذه المكائد الانتخابية، جنبًا إلى جنب مع تنحية الحكومة للقيادات الدينية عن السياسة، تجعل من الواضح أن الحملة التي تشنها الدولة لا تستهدف الشّيعة فحسب، لكنها تستهدف السّنة النّاشطين سياسيًا أيضًا.

وهذا لا يبشر بالخير لاثنتين من أكبر الجمعيات السّياسية وأكثرهما عراقة في البلاد بعد جمعية الوفاق، واللّتين تمثلان السلفيين وأتباع جماعة الإخوان المسلمين على التوالي. وبالنسبة للسّنة العاديين، يُنظَر إلى هذا الشك على أنه رد سيء على ولائهم للدولة ساعة الحاجة.

أزمة أسعار النفط

العامل الثاني الذي يمكن أن يساعد في تفسير توقيت هذه الحملة من قبل الحكومة في البحرين هو الأزمة المالية التي تواجه الدّولة في الوقت الحالي نتيجة انخفاض أسعار النفط.

وكان يتعين على البحرينيين، الذين يعتبرون فقراء بمعايير الخليج، خلال الأشهر الستة الماضية وحدها، تحمل سلسلة من تدابير خفض التكاليف التي شهدت زيادات كبيرة بين عشية وضحاها في أسعار المواد الغذائية والمياه والكهرباء ووقود السيارات.

ووعدت الدولة بمزيد من التضييق المالي في شكل ضريبة القيمة المضافة على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية، وحتى إحداث تغييرات في الاستحقاقات التقاعدية.

وفي المملكة العربية السعودية، فإن الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة التي أعلن عنها على نحو مماثل في يناير /كانون الثاني سبقها الإعدام المفاجئ لرجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر، وهو ما رآه معظم المراقبين محاولة واضحة لاسترضاء أنصار النظام من السنة. فهل تسير البحرين على نفس درب المملكة العربية السعودية؟

المناورة الملكية

أخيرًا، من الممكن أن تكون الخطوات البحرينية نحو الضّغط السّلطوي تعكس صراعًا على النّفوذ داخل عائلة خليفة الحاكمة نفسها، التي تعاني من التفكك.

على وجه الخصوص، فإنّ الطّابع الفوري للتّحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد أعاد مرة أخرى إلى دائرة الضّوء ولي العهد الأمير سلمان بن حمد، وهو شخصية معتدلة، وقد تم تهميشه بعد محاولة محرجة وفاشلة للتّفاوض مع قادة الوفاق في فبراير/شباط 2011.

وتتعارض الأجندة الإصلاحية الاقتصادية لولي العهد بقوة مع أجندة عمه صاحب النّفوذ، رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، الذي يتجذر نفوذه في شبكات محسوبية واسعة النّطاق.

وبالتّالي، فإن الخطوات الجريئة ضد المعارضة قد تكون رسالة إلى سلمان، صاحب الفكر الإصلاحي،  مفادها أنّه لا يجب عليه أن يتوقّع أن يقدم الطّلب المكتشف حديثًا لخبرته الاقتصادية مدخلًا إلى المجال السّياسي.

ومن قبيل التّساوي على الأرجح، قد تكون تجربة السّنوات الخمس الماضية قد جعلت ولي العهد أكثر قربًا من حيث التّفكير من الأعضاء الأكثر تحفظًا في عائلته: هذا الالتزام مع المعارضة هو مضيعة للوقت في أحسن الحالات، وهو تكرار لخطأ خطير في أسوأ الحالات.  ومن الأفضل بالتّالي، حتى الآن،  التّخلص منها كلّها.

 

التّاريخ: 21 يونيو/حزيران 2016

النّص الأصلي


جستن غينغلر هو مدير برنامج البحث في معهد البحوث المسحية الاجتماعية والاقتصادية في جامعة قطر. وهو مؤلف كتاب "صراع الجماعات والتّعبئة السّياسية في البحرين والخليج".

ترجمة بي بي سي العربية لم تكن كاملة، وعليه ترجمت مرآة البحرين الفقرات الناقصة عن النص الإنجليزي.
التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus