خلافات البحرين تصبح أكثر عنفاً

2012-02-16 - 9:49 ص



 آندرو هاموند *  صحيفة ديلي ستار
ترجمة: مرآة البحرين


المنامة: ما إن انتهت مسيرة تشييع محمد يعقوب الأسبوع الماضي حتى بدأت المواجهات بين الشرطة والمحتجين في جزيرة سترة  إحدى المناطق الفقيرة في البحرين والتي تحملت العبء الأكبر من الاضطرابات خلال السنة.

ما زال المراهقون يضعون الأوشحة على وجوههم شاهرين قضبان الحديد والقنابل الحارقة، وشرطة مكافحة الشغب في زيهم الأزرق والخوذ البيضاء ترميهم بالغاز المسيل للدموع وتقتحم الأزقة بسيارات الجيب.

قال أحد الناشطين: "الناس ليس لديهم بديل - كل ما يستطيعون فعله هو حرق إطارات السيارات وإلقاء المولوتوف"، وأضاف "طالما أن الحكومة ليست مستعدة للاستجابة لمطالبنا، فكل شيء ممكن"
يبدو أن تكتيكات قوات الأمن التابعة للحكومة البحرينية وعرض التنازلات قد فشلت في تهدئة الشوارع، فالنزاع مع نشطاء المعارضة المطالبين بالإصلاح السياسي أصبح أكثر عنفا في الأسابيع الأخيرة.

عقب ثورتي مصر وتونس، في شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين خرج آلالاف من المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية إلى شوارع البحرين، واحتلوا دوار اللؤلؤة في المنامة.

 تعثرت المحادثات بشأن الإصلاحات السياسية، وأخذت بعض المطالب تطوق حكم أسرة آل خليفة المتشددة التي جاءت بالقوات السعودية وفرضت الأحكام العرفية في محاولة منها لسحق هذه الحركات التي تخشى أن تكون كبيرة بما يكفي لتشكل تهديدا حقيقيا للنظام القائم.

عندما تم رفع الأحكام العرفية في يونيو/حزيران كان قد قتل 35 شخصاً، بينهم أربعة معتقلين قتلوا تحت التعذيب في سجون المملكة، بما فيهم عدة رجال أمن. لكن التوتر لم ينتهِ بعد. فالشرطة لا تزال في صدام دائم مع الشباب الساخط في الأحياء الفقيرة التي تسكنها الغالبية الشيعية، والذين يشكون من التهميش السياسي والاقتصادي من قبل النخبة الحاكمة من آل خليفة والعائلات المتحالفة معها.

ويقول نشطاء إنه لا يقل عن 25 شخصاً لقوا حتفهم منذ حزيران/يونيو، وفي بعض الحالات بعد تعرضهم للغاز المسيل للدموع أو في حوادث اقتحام سيارات الشرطة للأزقة سعيا في مطاردة المراهقين.

ما لا يقل عن عشر من هذه الوفيات وقعت في الشهرين الماضيين، بعد تشكيل لجنة من الباحثين القانونيين الدوليين مكلفة بالتحقيق في مزاعم ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء فترة الأحكام العرفية. وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر سلمت تقرير الإدانة الذي أظهر تعذيب المعتقلين ومحاكمات عسكرية معيبة.

والآن، كل من الحكومة والمعارضة تستعدان لشهر متوتر مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لـ14 فبراير، ذكرى بداية الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية.

الرهانات لن تكون أكبر من ذلك. فالدول الخليجية التي يحكمها السنة تخشى من أن تجعل الإصلاحات من مملكة البحرين أول ديمقراطية حقيقية في الخليج فترتفع شعارات الإصلاح في بلدانهم. وبالفعل الأقليات الشيعية في المملكة العربية السعودية تقوم باشتباكات مماثلة مع قوات الأمن.

إنهم يخشون أيضا من بحرين ذات نفوذ شيعي سوف توثق بشكل طبيعي علاقتها مع إيران. فالولايات المتحدة، والتي أسطولها الخامس متمركز في البحرين، قلقة من النفوذ الإيراني وهي التي ترى البحرين حليفا رئيسيا في مواجهة طهران حول برنامجها للطاقة النووية.

تقول الحكومة إنها تتعامل مع مثيري شغب لا يمكن لأية دولة أن تتسامح مع سلوكهم العنيف.وتضيف إن الزعماء السياسيين للمحتجين رفضوا كل عروض الحوار التي قدمت لهم على مدار العام، وأن مطالبهم غير واقعية من قبيل أن على الحكومة التنحي بعد تقرير حقوق الإنسان.

وقال الشيخ عبد العزيز بن مبارك آل خليفة، وهو مستشار رفيع المستوى في هيئة شؤون الإعلام وسفير البحرين السابق في لندن:" بالتأكيد هناك تصعيد من العناصر المتطرفة من المحتجين. نرى كيف أنهم يستخدمون الأسلحة المنزلية الصنع والتي أضرت برجال الشرطة بطريقة سيئة"." الباب ما زال مفتوحا... ولكن لا تعطني شروطاً مسبقةً، ولا تقل إن على الحكومة أن تستقيل".

وتقول وزارة الداخلية إنها تريد تشريع إنزال عقوبات لمدة  15 عاما لأولئك الذين يعتدون على الشرطة -  في الأسبوع الماضي تم تدمير سيارة تابعة للشرطة في هجوم بقنبلة بنزين، ولا توجد وفيات من الشرطة في الاشتباكات التي وقعت منذ آذار/مارس.

كتاب الأعمدة الصحفية في الصحف الموالية للحكومة تذهب الى أبعد من ذلك، وتتهم زعماء المعارضة ورجال الدين الشيعة  بالتنسيق مع دولة إيران الشيعية لإشعال الشوارع - اتهامات مألوفة تجعل المعارضين لا يكترثون.

تقول فريدة إسماعيل، عضو بارز في جمعية وعد: "نسمع هذا الكلام منذ سنوات عديدة. إنها تعزف على هذا الوتر كلما صار هناك تحرك لمطالب سياسية". وأشارت وسائل الإعلام إلى خطاب رجل الدين الأكثر نفوذاً في البحرين، الشيخ عيسى قاسم، الذي دعا المصلين مؤخراً إلى "سحق" كل من يتعرض للنساء - ردا على سوء معاملة النساء المتظاهرات من قبل رجال الأمن.

الجماعات الموالية للحكومة، بما في ذلك العديد من السنة، يخافون من هيمنة رجال الدين الشيعة والساسة الإسلاميين على البلاد اذا قامت الحكومة بأية تسويات، كما هو الحال في العراق.

وعموما، منظمو الاحتجاجات ينقسمون إلى ثلاث مجموعات: أحزاب المعارضة التي يقودها حزب إسلامي شيعي"الوفاق" الذين يحاولون تنسيق أنشطتهم مع الحكومة، والناشطين في الشوارع ويطلقون على أنفسهم اسم تحالف شباب 14فبراير، والأفراد مثل الناشط البارز في حقوق الإنسان نبيل رجب الذي عادة ما تنتهي مسيراته بالغاز المسيل للدموع.

14 فبراير هو مجموعة غامضة تصدر بيانات باسم الشباب الساخط. الحكومة لم تقم بعد بتحديد زعيم لها. ولكن أحد النشطاء في مسيرة لرجب في الجزء القديم من المنامة يجيب بابتسامة متكلفة "نحن جميعا 14 فبراير".

أصبح خطابهم أكثر تطرفاً. أصدر شباب 14 فبراير هذا الأسبوع "ميثاقاً" يقول إن الحكومة قد تمادت كثيرا في حملتها القمعية. "إن هدف الثورة أصبح إسقاط النظام، وتقرير مصيرنا بأنفسنا بعد أن أصبح واضحا استحالة التعايش مع هذه الحكومة".

وأشار أحد الدبلوماسيين الغربيين إلى أن المتظاهرين قد تحملوا الكثير من المسؤولية بشأن التصعيد الأخير وعلقوا آمالهم على وعود الملك حمد وولي العهد بالإصلاحات، رغم أن هناك محللين يقولون إن المتشددين في الحكومة لهم اليد الطولى.

 أضاف الدبلوماسي "إن تحالف شباب 14فبراير بدأوا يستخدمون وبشكل متزايد أساليب مميتة مع الشرطة، إنهم يسعون الى القتال "، قائلا إن بتقديره أن أساليب الشرطة قد تحسنت منذ إصدار تقرير اللجنة المستقلة في البحرين.

يقول الباحثون والناشطون الميدانيون إن هذه الآراء لا تعكس الواقع على الأرض. محمد المسقطي، رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، يقول إن فريقه المكون من 20 باحثا قد وثق مقتل 60 شخصا منذ 14 شباط/فبراير، وإن النهج المتشدد الذي تستخدمه الشرطة اشتد خلال الشهرين الماضيين.

وأضاف أنه بدلا من أخذ الشبان إلى مراكز الشرطة، هناك نمط مطور لضربهم فى الحال أو احتجازهم لفترات قصيرة في مراكز اعتقال غير رسمية حيث يتعرضون للضرب قبل الإفراج عنهم. وأشار الى ثلاثة مبان من هذا القبيل.
" لدينا أكثر من 100 شهادة متعلقة بأناس تم أخذهم لتلك الأماكن الثلاثة منذ 30 تشرين الثاني/نوفمبر". ما يغذي غضب المحتجين أكثر هو اقتناعهم بأنه يتم استئجار باكستانيين ومواطنين عرب من قبل الشرطة لحماية الخطوط الأمامية  تحت أمرة ضباط بحرينيين.

قتل ثلاثة أشخاص على الأقل في ظروف مريبة خلال الشهر الماضي أثناء احتجازهم لدى الشرطة. وواحد من الحالات هو محمد يعقوب، 19 عاما من سترة الذي توفي الشهر الماضي أثناء احتجازه لدى الشرطة التي ادّعت أنه توفي بسبب مضاعفات ناجمة عن مرض فقر الدم المنجلي.

إحدى المواطنات والتي اكتفت بذكر كنيتها "أم فاضل"، أخبرت رويترز أنها شاهدت رجال الشرطة وهم يدوسون أحد الشباب ويضربونه بالهراوات. ويقول نشطاء إن في جثته رضوضا، وكدمات وجرحاً، ولكن لم تكن هناك علامات لسوء المعاملة.

وقال محامي أحد المراهقبن من سترة إنه تعرض للتحرش وهو خارج مركز الشرطة. وتزيد فاطمة خضي ر"قال  للمدعي العام إن شرطة مكافحة الشغب حاولوا الاعتداء عليه جنسيا ولكن الضابط المسؤول منعهم". الشاب لا يزال رهن الاعتقال بتهمة المشاركة في تجمعات غير قانونية.

وقال شقيق أحد المراهقين من دمستان إن سيارة مسرعة تابعة للشرطة صدمت شقيقه في اشتباكات الأسبوع الماضي، لكنهم نقلوه إلى عيادة خاصة خوفا من الاعتقال أو سوء المعاملة في المستشفيات التي تديرها الحكومة.

تقول الحكومة إنها بدأت محاكمة 48 ضابطا بسبب الوفيات والإصابات الناتجة عن التعذيب. وأن على الشعب أن يصبر. دافع الشيخ عبد العزيز عن قوات الأمن، وقال إن قضية محمد يعقوب لا تزال قيد التحقيق.

وأضاف " التحقيق جار... نحن على ثقة أن وزارة الداخلية تعاقدت مع أفضل الناس"، "هناك العديد من الأكاذيب عما يحدث ولكن إذا كان هناك أي سلوك أخلاقي أو غير أخلاقي من قبل قوات الشرطة،  نحن وبكل الوسائل نطلب منهم أن يبرزوها".

9 فبراير 2012


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus