بحرينيو 14 فبراير: حق العودة

عادل مرزوق - 2012-02-14 - 12:00 م


عادل مرزوق*

في فلم "أولاد العم": ينقذ ضابط الاستخبارات المصرية فتاة فلسطينية انتحارية من الموت، وعرفاناً له تهديه مفتاحاً!. يسألها عن قصة المفتاح، تخبره بأنه مفتاح منزل عائلتها المفقود، ورثته عن أبيها. تؤكد أن كل فلسطيني يحتفظ بمفتاح منزله، وأن لكل واحد منهم "حق العودة"  

ليست القيمة في جغرافيا دوار اللؤلؤة، أو النصب المهدوم، أو هندسة الدوار بنخيله وطرقاته، أو حتى موقعه الإستراتيجي على مقربة من قلب العاصمة المنامة. القيمة هي قيمة الحلم الذي لبسه وعاشه البحرينيون هناك على غير موعد. القيمة في أيام الحرية، في ذاكرة الناس المتعلقة بأدق التفاصيل والحوادث في ذلك المكان. لا يستطيع من تنفس الحرية إلا أن يعود لها، له حق مشروع، حق العودة. إن لم يعد، فسيترك مفتاحه/حلمه وصية لمن يأتي بعده. وهذه مقدمة اولى.

المقدمة الثانية استخلصها من لقاء (غير رسمي) جمع بعض الصحافيين مع أحد أفراد العائلة الحاكمة في البحرين، كان هذا اللقاء عقب فضيحة تقرير (البندر) مباشرة، سأل حينها صاحب الدعوة أحد كبار الإعلاميين عن رأيه في (تقرير البندر) وتبعاته، أجابه باقتضاب: أعتقد أن اسرائيل تملك من القوة والمال والدعم الدولي ما لا يمكن مقارنته بالبحرين، اسرائيل ورغم كل قوتها وما كانت تقدمه للمهاجرين اليهود من امتيازات خرافية لم تنجح في إبادة الفلسطينيين أو تهجيرهم أو القضاء على حلمهم في الحرية، فهل من المعقول أن تنجح البحرين في القضاء على شعبها أو أن تستبدله وهي دولة ينخرها الفساد وسرقة المال العام، دولة تصارع منذ أعوام لدفع حصتها في بناء جسر قطر!  

في المقدمتين ما يشي بأن هذا الشعب هو الطرف الأقوى في الميزان. هذا صحيح، وقد يصف البعض هذا الرأي بأنه: مبالغة، أو حلم عالي الكلفة. نعم، تستطيع السلطة السياسية القائمة أن تتحكم بقوة مرتزقتها وعتادها على الأرض، لكنها تدرك كما ندرك نحن أن سلطتها هذه سلطة مؤقتة، سلطة مرهونة ببقاء من تجلبهم من المرتزقة المسلحين في مواقعهم. ما إن يغادر المرتزقة نقاطهم الأمنية حتى تعود الأرض لسلطتها الحقيقية (الشعب)، الشعب الذي يملك الشارع، ويؤكد للعالم أن السلطة الحاكمة ليست أكثر من سلطة مغتصبة للأرض بالقوة. وهي بذلك - أي الدولة - تدرك أنها سلطة فاقدة لشرعيتها، إن شرعيتها مفروضة بالسلاح، لا بقبول الناس بها.

في ذكرى 14 فبراير وانطلاق ثورة اللؤلؤة يعود شعار العودة للدوار ليكون الشعار الأكثر رمزية وحضوراً. لا في أروقة وفضاء تنظيمات المعارضة أو شباب 14 فبراير وحسب، بل وبما يمتد لأجهزة الدولة الأمنية أيضاً. إذتشهد البحرين تصعيداً أمنياً، وعسكرةً للطرقات المؤدية إلى دوار اللؤلؤة. وخلاف ما يشي به حضور هذا الشعار في الشارع من تأكيد عزمه وصموده وقدرته في الثبات على مطالبه العادلة، يشي بأن الدولة أيضاً، تدرك قوة هذه العزيمة والصمود، بل تخشاها وتهابها. تدرك الدولة أيضا: أن كل ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات وتزييف وفبركات لم يجدِ، وهي الرسالة الأهم، والأجدر بالالتفات.

إن تجارب الشعوب الحية لا تعود إلى الوراء، هذه حقيقة على النظام أن يصدقها وهو يحاول - دون جدوى - فرض سياسة القبول بالأمر الواقع على شارع المعارضة. إن حلم/حق العودة للدوار ليس أزمة جغرافيا المكان لتطوقه الدولة بالمرتزقة المسلحين وهو ليس مجرد مطالبة بحرية الاعتصام أو نصر خرافي يحققه الناس بالوصول إلى هناك، حق العودة للدوار هو مجاز عن المطالبة بالحق في الحرية، الحق في الوجود، الحق في الكرامة، الحق في العدالة والمساواة والديمقراطية.
 

* كاتب بحريني

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus