افتتاحية مرآة البحرين.. جلالة 14 فبراير

2012-02-14 - 8:26 ص



إنه وصف للعمل الأدبي الخارق، والطرح الفلسفي النافذ، والحدث التاريخي الخالد، 14 فبراير هو هكذا مما لا يُتنهى. حدث لا نهائي، بل وله القدرة على أن يُنهي ما قبله ويحل مكانه. لقد أنهى  ذكرى دستور2002، وذكرى المشروع الإصلاحي الذي انتهى بالتفرد بالسلطة.

 أنهى أسطورة الملك وأيامه الكاذبة التي لم نعشها. يسقط الملوك حين تسقط أساطيرهم، و14 فبراير فعل ذلك بامتياز، جعل من شعار (يسقط حمد) لعبة شعبية يتفنن الناس في تداولها وإسقاط كل المعاني السيئة عليها.كانت زينب الخواجة تهتف بهذا الشعار في ميدان اللؤلؤة مخترقة عنف الدولة الذي كان يحيط بها، كانت تفعل ذلك بقوة حدث 14 فبراير، صار صوتها بحدث هذا التاريخ لا نهائي، لم يتمكن عنف السلطة من إنهائه.الأكثر من ذلك هو صوت النساء، اكتسبن بحدث 14 فبراير قدرة لا نهائية على أن يصبحن صوت الثورة ووردها وأرضها.

لقد جعل حدث 14 فبراير للسياسة في البحرين قوة جديدة، هي قوة الشعب، صوته، إرادته، قراره، اختياره. لا يمكن لأي لاعب سياسي بعد 14 فبراير أن يُنزل أمره على هذا الشعب، فقد أصبح قوة لا نهائية، صار سيد نفسه، سيادته أصبحت مركز اللعبة السياسية، و(تحلمون) أن يتنازل عنها تحت أي تسوية كانت.  لذلك لا يمكن أن نقول (بالمعنى السابق نفسه ) جلالة الملك في 14 فبراير، بل نقول جلالة 14 فبراير. فالجلالة الأولى لا تجتمع مع الجلالة الثانية، فالسياسية في اللعبة الديمقراطية هي سيادة جلالة الشعب لا سيادة جلالة ملك الشعب. إنها معادلة لا نهائية، فحياة الديمقراطية مقرونة بها، وحدث14 فبراير جاء ليمنح الشعب ما لا ينتهي، والملك ينتهي. وهذا ما فهمه الملك جيدا، حين قال في مقابلته مع  صحيفة دير شبيجل الالمانية "إن هتافات المحتجين بسقوطه لا تعد سببا يدعو لسجنهم" و14 فبراير هو الذي أخضع الملك ليقول في المقابلة نفسها، نحن سواسية مع الناس. وبقوة هذا الحدث سيعرف الملك أن وحدة البلد أهم من وحدة عائلته.

ل14 فبراير، قوة القطع اللانهائي أي القطع الذي ليس بعده وصل، لقد قطع فعل الغزو والفتح (1783) وما استتبعها من من  عبودية وسخرة وتمييز. لقد ظل هذا الفعل (الغزو/ الفتح) يشكل سياسة السلطة في إدراة الدولة، وطوال القرنين الماضيين لم نتوفر على حدث يقطع استمراية سياسة هذا الفعل، حتى جاء حدث 14 فبراير، فأعرب كل تشكيلات هذا الفعل الممكنة، بمعنى جعلها واضحة أمامنا، لسنا مضطرين للخضوع بشكل لا نهائي لسياسة تقوم على الإكراه والقهر والتمييز، ب14فبراير صارت لنا قوة لإحداث قطيعة مع هذه السياسية. والنسخة الأخيرة لهذه السياسة هي (المشروع الإصلاحي) الذي هو أحد مفجرات حدث 14 فبراير.

الحوار الجدي هو أحد مفاعيل قوة 14 فبراير، لم نكن قبله نتحدث بهذه القوة عن الحوار الجدي، ولم نكن نعني ما نعنيه. اليوم الحوار الجدي يعني الاتفاق على إنهاء هذه السياسة التي تسبق 14 فبراير، وتأسيس مواطنة مشتركة، لا ينفي فيها أحد أحداً، لا تنفي فيها قبيلة شعباً (الفتح)، ولا ينفي فيها ملك إرادة الناس (دستور2002)، ولا يستعبد فيها شخص مواطنين (رئيس وزراء 40عاما).

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus