عبدالرؤوف مبارك جمعة: عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور السنة بريئون من تكفير الشيعة

2016-03-29 - 3:09 م

مرآة البحرين: نشر  أستاذ المعهد الديني في البحرين عبدالرؤوف مبارك جمعة رداً برّأ فيه مؤلف كتاب أعيد نشره حديثاً من تهمة تكفير الشيعة وتحليل قتلهم.

وقال في مقالة نشر الجزء الأول منها على مدونته  الاثنين (28 مارس/ آذار 2016) تحت عنوان "براءة السيد عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور أهل السنة من تكفير الشيعة" إن نسبة تكفير الشيعة واستحلال قتلهم "إلى جنابه الشريف استنتاجا من عبارتين في كتابه فيه ظلم للشيعة أنفسهم قبل أن يكون ظلما للسيد".

وأوضح رداً على تقرير لـ"مرآة البحرين" حول كتاب "القول الحسن فيما يستقبح وعما يسن" الذي أعادت دار نشر بحرينية نشره مؤخراً، وهو "بيت البحرين للدراسات والبحوث" بأنه "لما كانت سهام النقد مفوقة إلى المؤلف رحمه الله أصالة، ثم إلى من أجاز طبع الكتاب تبعا، وهو صيد يسيل له لعاب السياسة فتنزلق عليه أقدام الشيوخ، ولما كان المؤلف قد فارق الحياة الدنيا منذ 167 سنة، وكان من أكابر علماء أهل السنة والجماعة في وقته من السادة الشافعية، أضحى من الواجب المحتم أن ينبري بعض أهل العلم للذب عنه ورد ما فُوِّقَ إليه من سهام النقد" على حد تعبيره.

وأضاف جمعة، الحاصل على الإجازة العالية في الشريعة الإسلامية من الأزهر الشريف، وهو أحد محققي الكتاب في حلّته الجديدة "لما كُنْتُ ممن أسهم في خدمة متن الكتاب وسببا في إخراجه فقد رأيت أن الذب عنه يلزمني، وأيد ذلك أنْ طَلَبه مني غير واحد من المحبين من السنة والشيعة معا، فوافق ذلك رأيي وصادف رغبة قديمة مني في ذلك لما لأصل المسألة ـ اللعب بالمصطلحات العلمية ـ من الخطر العظيم، وخشية أن يجترها أهل السياسة إلى ناديهم غافلين عن خطر العبث بها، وما قد يترتب على جر فتيلها من سهولة إذكاء الفتنة بين المسلمين عوضا عن إخمادها وإطفائها، فهذه المقالة المختصرة تجيء لتصحيح ذلك كله".

وتابع بأنه سيتصدّى في الجزء الثالث إلى"بيان العبارة التي أشكلت على بعض الناقدين وتصويب المؤلف في عبارته وأنها محل إجماع من المسلمين، مع بيان خطر اللعب بالمصطلحات العلمية، والتلاعب بها من أهل السياسة أو غير العلماء"، وفق تعبيره.

والعبارة المشار لها في حديثه وردت ضمن فصل  في الكتاب عنوانه "مطلب في تكفير الرافضة". وجاء فيها "لا يبعد أن من توقف من أهل العلم عن تكفير غلاة الرافضة على ما صاروا إليه الآن من إحداث القبائح الشنيعة الفظيعة الجزم بتكفيرهم من غير تردد". كما ينقل الكتاب أحاديث مثل "سيأتي قوم لهم نبز، يقال لهم الرافضة، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون" و"يكون قوم في آخر الزمان يسمون الرافضة، يرفضون الإسلام، ويلفظونه، فاقتلوهم فإنهم مشركون".

وقال جمعة إن مؤلف الكتاب عبد الجليل الطباطبائي الشافعي، فقيه شافعي "ظلم غير مرة". وأشار في هذا الصدد إلى "نسبته إلى الدعوة النجدية (الشيخ محمد بن عبدالوهاب) استنادا إلى قصيدة في ديوانه مدح بها إمام الدعوة النجدية".

وأوضح "بمطالعة ديوانه المجموع بعناية ابنه نجده قدم لهذه القصيدة بتصريح وضح فيه أنه أنشأها مكرها لما هدده أمير الحملة النجدية على الزبارة والبحرين إذ أمره بإصلاح قصيدة فيها سب المشايخ من أهل السنة ورميهم بالعظائم، فأنف من ذلك وأنشأ له قصيدته هذه ليأمن من بأسه، ولم يقصد بها السيد مدح إمام الدعوة النجدية في حقيقة الأمر، ناهيك عما في ديوانه من التوسلات بالنبي والآل والأصحاب".

وقال إن مصنفاته تثبت أنه "على طريقة جمهور أهل السنة والجماعة أصولا وفروعا وسلوكا"، وفق تعبيره.

ولفت جمعة في معرض إشارته لسيرة المؤلف بأنه "هاجر إلى الزبارة لما ابتليت العراق بالطاعون وغيره، ثم استقر في البحرين وقضى فيها زهرة شبابه، وفيها عرفه الناس فعظموه، وقربه آل خليفة فقدموه ورفعوا منزلته، وأنابوه سفيرا عنهم لمفاوضة الإنجليز في بعض الأحيان".

فيما يلي النص الكامل للجزء الأوّل من مقالة عبدالرؤوف مبارك جمعة نقلاً عن مدوّنته:

 

براءة السيد عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور أهل السنة من تكفير الشيعة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، مولانا الذي لا نبي من بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وجنده..

وبعد ..

فقد رأيت تقريرا مختصرا نشر في إحدى المجلات الألكترونية ـ التي أنصفتني ذات يوم ـ أسرع باللائمة على الإذن بطبع كتاب : (القول الحسن فيما يستقبح وعما يسن) لمؤلفه العلامة الجليل : السيد عبد الجليل بن السيد ياسين الطباطبائي الحسني الشافعي البصري ثم البحراني ثم الكويتي المتوفى سنة (1270هـ  = 1852م) زاعما ذلكم التقرير أن الكتاب اشتمل على تكفير الشيعة !! علما بأن الكتاب طبع قبل تسع سنين سنة 1428هـ = 2007م !!!

ولما كانت سهام النقد مفوقة إلى المؤلف رحمه الله أصالة، ثم إلى من أجاز طبع الكتاب تبعا ـ وهو صيد يسيل له لعاب السياسة فتنزلق عليه أقدام الشيوخ ـ ولما كان المؤلف قد فارق الحياة الدنيا منذ 167 سنة، وكان من أكابر علماء أهل السنة والجماعة في وقته من السادة الشافعية، أضحى من الواجب المحتم أن ينبري بعض أهل العلم للذب عنه ورد ما فُوِّقَ إليه من سهام النقد، ولما كُنْتُ ـ كاتبَ هذه السطور ـ ممن أسهم في خدمة متن الكتاب وسببا في إخراجه فقد رأيت أن الذب عنه يلزمني، وأيد ذلك أنْ طَلَبه مني غير واحد من المحبين من السنة والشيعة معا، فوافق ذلك رأيي وصادف رغبة قديمة مني في ذلك لما لأصل المسألة ـ اللعب بالمصطلحات العلمية ـ من الخطر العظيم، وخشية أن يجترها أهل السياسة إلى ناديهم غافلين عن خطر العبث بها، وما قد يترتب على جر فتيلها من سهولة إذكاء الفتنة بين المسلمين عوضا عن إخمادها وإطفائها، فهذه المقالة المختصرة تجيء لتصحيح ذلك كله، وقد قسمتها ثلاثة أقسام :

الأول: في التعريف بالمؤلف والتنويه بشأنه ورد ما نسب إليه جهلا أو عمدا مما هو بريء منه.

الثاني: في التعريف بكتابه القول الحسن ـ محل النقد ـ ومخطوطته، والباعث على طباعته وما امتاز به تحقيقنا على غيره.

الثالث: بيان العبارة التي أشكلت على بعض الناقدين وتصويب المؤلف في عبارته وأنها محل إجماع من المسلمين، مع بيان خطر اللعب بالمصطلحات العلمية، والتلاعب بها من أهل السياسة أو غير العلماء.

القسم الأول: التعريف بالمؤلف

قد ترجمت للمؤلف في مقدمة (القول الحسن) ونوجز هنا ترجمته فنقول : هو السيد الشريف عبد الجليل بن السيد ياسين الطباطبائي الحسني نسبا من جهة الآباء والحسيني من جهة الأمهات، العراقي البصري أصلا ونشأة، الشافعي مذهبا، الصوفي الرفاعي طريقة ومسلكا .. الأديب الشاعر الناثر .. والرحالة التاجر .. هاجر إلى الزبارة لما ابتليت العراق بالطاعون وغيره .. ثم استقر في البحرين وقضى فيها زهرة شبابه .. وفيها عرفه الناس فعظموه، وقربه آل خليفة فقدموه ورفعوا منزلته .. وأنابوه سفيرا عنهم لمفاوضة الإنجليز في بعض الأحيان .. وفي البحرين بنى السيد عبد الجليل مسجده الشهير في رأس الرمان والذي يعرف الآن باسمه وهو الذي وضعنا صورته على غلاف كتاب (القول الحسن) .. وهناك مسجد آخر في المحرق يحمل اسمه أيضا وصورته على الغلاف الثاني .. ولما أن قدر الله تعالى أن تنشب في البحرين حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس عز عليه أن يرى مصارع أبناء العمومة فاستأذن للهجرة منها فأذنوا له بعد ممانعة فنزل الكويت وبث فيها علومه، وفيها كانت وفاته، وفيها نشأ أبناؤه كالعلامة السيد أحمد والعلامة السيد عبد الوهاب .. ومن نسلهما اليوم في الكويت حفدة كثر .. منهم عميد كلية الشريعة الإسلامية الدكتور محمد بن عبد الرزاق الطباطبائي الذي سبقني إلى إخراج كتاب القول الحسن.

وللسيد عبد الجليل ديوان مشهور هو الخل والخليل طبع في بومبي ومصر والبحرين وقطر.

وله رسالة في البدعة والسنة سماها القول الحسن فيما يستقبح وعما يسن، محفوظة في متحف البحرين الوطني بخط تلميذه الشيخ محمد بن سعد جد أسرة آل سعد وهي التي قمنا بتحقيقها والتي ورد فيها ما هو سبب هذه المقالة.

وقد ظلم هذا العلامة النسيب والفقيه الشافعي الأريب غير مرة وأشهرها الآن في ذهني ثلاث مرات :

الأولى : عندما نُشِرت عنه مقالات تنسبه إلى اعتناق الدعوة النجدية استنادا إلى قصيدة في ديوانه مدح بها إمام الدعوة النجدية .. ولكن بمطالعة ديوانه المجموع بعناية ابنه نجده قدم لهذه القصيدة بتصريح وضح فيه أنه أنشأها مكرها لما هدده أمير الحملة النجدية على الزبارة والبحرين إذ أمره بإصلاح قصيدة فيها سب المشايخ من أهل السنة ورميهم بالعظائم، فأنف من ذلك وأنشأ له قصيدته هذه ليأمن من بأسه، ولم يقصد بها السيد مدح إمام الدعوة النجدية في حقيقة الأمر، ناهيك عما في ديوانه من التوسلات بالنبي والآل والأصحاب وما في مصنفاته مما يعلم منه أنه على طريقة جمهور أهل السنة والجماعة أصولا وفروعا وسلوكا، فهذه المظلمة الأولى.

والثانية: عندما جددت الأوقاف السنية مسجده القديم في رأس الرمان، وأثبتت اسمه في لوحة المسجد لأول مرة وفاء وعرفانا لإحسانه، فاستنكره بعض الناس، ولا علم لهم بالسيد عبد الجليل لطول العهد، والتبس عليهم الأمر، وأشيع يومها أن الشيعة استولوا على المسجد ووضعوا عليه اسم واحد منهم في غفلة أو تواطؤ من الأوقاف ـ مع أن شيئا من ذلك لم يكن ـ حتى وصل الأمر إلى الجرائد مما اضطرنا إلى كتابة أكثر من مقال ينوه بشأن السيد ويعرف به وبمسجده وبوقفيته.

والثالثة: في أيامنا هذه إذ نُسب إلى جنابه الشريف أنه يكفر الشيعة ويستحل قتلهم !! استنتاجا من عبارتين في كتابه (القول الحسن ..) المتقدم الذكر، وفي ذلك ظلم للشيعة أنفسهم قبل أن يكون ظلما للسيد كما سنبينه، فهذه الظلامة الثالثة.

28 مارس 2016

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus