تقرير شامل لأسوشيتد بريس عن ذكرى 14 فبراير: البحرينيون مستعدون للموت وأمريكا حائرة

2012-02-07 - 10:35 ص



·        قبل عام من هذا الشهر أخذت الاغلبية الشيعية في البحرين الإلهام من الربيع العربي
·        الفرق المخصصة للهدم جاءت على معالم النصب التذكاري وأطاحت بأعمدته الستة
·        عادة ما يكون الوقت ما بعد منتصف الليل حين تأخذ البحرين استراحة
·        تراقب واشنطن أعمال العنف مع شعور متنام بعدم الارتياح
·        العجز الدولي فيما يخص البحرين أصبح صريحا وحادا أكثر
·        من المؤكد أن الربيع العربي يثقل بشدة على عقول حكام الخليج وشركائهم الغربيين
·        يتضح من حالة البحرين أن حكام الخليج سيردون بشدة على أي نفحة من معارضة
·        متظاهرة: "نشعر أننا مستعمرة تابعة للمملكة العربية السعودية الآن"
·        النساء أدّين أدوارا بارزة في الاحتجاجات على نحو متزايد
·        في كل يوم جمعة، يلقي الشيخ عيسى قاسم في خطبة تحشيدية صارخة
·        مزيد من المتظاهرين بدأوا يرتدون أكفانا بيضاء ترمز إلى استعدادهم للموت
 

مرآة البحرين (خاص): أعدت وكالة أنباء أسوشيتد بريس الأمريكية AP تقريرا إخباريا مفصلا هو الأضخم والأشمل عن ثورة 14 فبراير، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى.

وقالت أسوشيتد بريس إن ثورة البحرين واحدة من أطول انتفاضات الشرق الأوسط الجارية وأكثرها تعقيدا على الصعيد الدبلوماسي.

التقرير الذي نشرته أكثر من ألف وسيلة إعلام دولية على رأسها شبكة ABC الأمريكية للأخبار، سرد بشكل دقيق أهم تطورات الخط الزمني للأحداث والخلفيات السياسية والتاريخية للأزمة، كما احتوى على آراء المحللين السياسيين حول موقف المجتمع الدولي وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية.

يذكر أن وكالة أسوشيتد بريس تابعت تطورات الأحداث في البحرين طوال هذا العام من عمر الثورة، ونشرت في هذا السياق العديد من الصور والأنباء والتقارير الإخبارية التي تنقلها عنها آلاف وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية من صحف ومحطات فضائية وإذاعية ومواقع على شبكات الإنترنت.

أسوشيتد بريس: البحرين تغلي مع اقتراب ذكرى عام على الانتفاضة


ترجمة: مرآة البحرين*

عادة ما يكون الوقت ما بعد منتصف الليل حين تأخذ البحرين استراحة. يخمد دوي قنابل الشرطة الصوتية، ويحمل الضباب الحارق للغاز المسيل للدموع بعيدا، كما تسكن هتافات المحتجين ضد حكام المملكة الخليجية، حتى اليوم التالي.

ثم تستأنف دائرة الاضطرابات، في واحدة من أطول الانتفاضات الجارية في الشرق الأوسط، وربما أكثرها تعقيدا على الصعيد الدبلوماسي.

"مصر، تونس، ليبيا" يصرخ المتظاهرون الآن خلال معارك مع قوات الأمن "الدور مقبل على قادة البحرين"  

وقبل عام من هذا الشهر، أخذت الاغلبية الشيعية في البحرين الإلهام من الربيع العربي لشحذ معارضتها الطويلة الأمد ضد النظام الملكي السني، الذي يتهمه الشيعة بإقصائهم ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية في هذه البلاد الحليفة مع الغرب.

في غضون أيام من أول المسيرات الاحتجاجية، انزلقت البحرين إلى أزمة من شأنها أن تأتي بأكثر من شهرين من الأحكام العرفية، ووفاة أكثر من 40، ومئات الاعتقالات والاشتباكات التي لا تزال جارية في مستوى حاد ومزعج جدا جعل السفارة الأمريكية تقرر في الشهر الماضي نقل موظفيها إلى أحياء تكون ملاذا آمنا.

لكن المشاكل تصل أيضا إلى أبعد من هذه الجزيرة الملتهبة التي تقع قبالة السواحل السعودية. فقد تحولت البحرين في العام الماضي إلى طريق تتقاطع فيه كل مواجهة كبيرة في المنطقة.

موقف أمريكي متضارب وعجز دولي


تحضر المملكة العربية السعودية كحامية للأسرة الحاكمة السنية في البحرين، بينما يحضر الخصم اللدود إيران كمتابع غاضب من حملة القمع الشرسة على الشيعة، أما الولايات المتحدة فهي شريك مشوش ومتضارب للبحرين.

تراقب واشنطن أعمال العنف مع شعور متنام بعدم الارتياح، ولكنها تخشى من تعكر العلاقات سواء مع السعوديين أو مع قادة البحرين الذين يستضيفون الأسطول الاستراتيجي الخامس (واحد من أهم قواعد وزارة الدفاع الرئيسية في مواجهة المؤسسة العسكرية في طهران)

وقال توبي جونز وهو خبير في الشؤون البحرينية في جامعة روتجرز "إن العجز الدولي فيما يخص البحرين أصبح صريحا وحادا أكثر مع تصاعد التوترات بشأن برنامج إيران النووي" مضيفا "إنها مشكلة صعبة جدا في المنطقة ضخت في مكان واحد صغير"

صعوبة الخليج

إنها أيضا تكشف الصعوبات الشديدة التي تواجه الغرب - وواشنطن على وجه الخصوص – إذا كانت التمردات المطالبة بالإصلاح ستنتشر يوما من الأيام في الخليج مرة أخرى.

دول الخليج العربية، مرتكزة على المملكة العربية السعودية، هم حلفاء الغرب في الخطوط الأمامية الحاسمة في مواجهة إيران. وأي تهديدات على الأنظمة المستبدة في منطقة الخليج سوف ينظر إليها في الغرب أيضا على أنها اعتداء على المصالح السياسية الهامة.

وقال كريستوفر ديفيدسون، الخبير في شؤون الخليج في جامعة دورهام في بريطانيا "لقد كان التخلي عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالنسبة للولايات المتحدة أسهل بكثير من أن تفعل ذلك مع أي من دول الخليج" مضيفا "من المؤكد أن الربيع العربي يثقل بشدة على عقول حكام الخليج وشركائهم الغربيين"

أحجار الدومينو


في الوقت الحاضر، تقتصر حركات المعارضة في الخليج (خارج البحرين) على الخلافات السياسية المستمرة منذ أمد طويل في الكويت، وكذلك الاحتجاجات الأخيرة من قبل الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، حيث ألقى المتظاهرون هناك قنابل حارقة على الشرطة في الشهر الماضي بعد مقتل أحد المتظاهرين. ويتضح من حالة البحرين، أن حكام الخليج سيردون بشدة على أي نفحة من معارضة.

قوة عسكرية بقيادة السعودية انتقلت إلى البحرين في مارس الماضي للمساعدة في دعم عائلة آل خليفة المربكة، والتي ينحدر جذور أجدادها من القبائل السعودية. والدول الست في مجلس التعاون الخليجي بدأت في وقت لاحق دراسة توثيق التعاون الدفاعي، لتعزيزه ضد التهديدات الإيرانية المتصورة من جهة، ولتكون جبهة موحدة ضد المعارضة الداخلية، على حد سواء.

ومن وجهة نظر قادة دول الخليج العربية، فالبحرين هي قمة الخطوط الحمراء وأقصاها.

المحافظة على سيطرة النظام السني (الذي يحكم منذ 200 عام) على السلطة في البحرين يعتبر عملا من قبيل حماية النفس. يذهب التفكير إلى أنه إذا فقد حكام البحرين قبضتهم، فإن المخاطر ستلاحق الحكام الآخرين من الكويت إلى عمان كما يحدث مع سقوط أحجار "الدومينو".

الدولة الشيعية الكبرى

أضف إلى هذا النهج الجماعي المتشدد، أنهم يتهمون الشيعة في البحرين بتمكين إيران الدولة الشيعية الكبرى من موطئ قدم هناك- على الرغم من أن تقريرا مستقلا عن الاضطرابات في البحرين لم يجد دليلا على أي صلات لها بطهران.

 
ذلك لم يثن المسؤولين الخليجيين من التلويح بأن إيران هي من جر سلسلة الاضطرابات في البحرين. في مقابلة أجريت معه في دافوس بسويسرا، قال الأمير السعودي ورئيس المخابرات السابق تركي الفيصل لوكالة أسوشيتد بريس إن ايران تعمل من خلف ظهورنا لإثارة تمرد في المنطقة.
بعد أيام، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، بسياسة القوى الغربية "الكيل بمكيالين" في دعمها الانتفاضات العربية الأخرى والابتعاد عن الشيعة في البحرين لحماية مصالحها الاستراتيجية.

أمريكا وقادة البحرين: لعبة ليّ الذراع

مسؤولين أمريكيون- في حديث سري- أطلقوا شكوكهم حول على رواية دول الخليج من أن  إيران تقف وراء الاحتجاجات البحرين، وهو موضوع تم ترويجه من قبل جيش المستشارين الدوليين وشركات العلاقات العامة التي عينتها البحرين.

واشنطن، بدلا من ذلك، حثت على إجراء مزيد من المحادثات مع كلا الجانبين، ووضعت "تجميدا" على صفقة بيع أسلحة مقررة ب53 مليون دولار إلى البحرين. ومع ذلك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت واشنطن إنها ستبيع بعض المعدات العسكرية للبحرين، دون الكشف عن أي تفاصيل أخرى.

"واشنطن وبشكل واضح ليس لديها الرغبة لأن تصعد من خطواتها عبر استخدام نفوذها السياسي والعسكري كوسيلة ضغط من أجل لي ذراع القيادة البحرينية" يقول الأستاذ توبي جونز، ويضيف "الولايات المتحدة لا تصدق فكرة أن إيران لها دور خفي في البحرين، لكنها في المقابل لا يمكن أن تبدو وكأنها تسير ضد تحالفاتها الراسخة مع دول الخليج العربية"

مستعمرة سعودية

لم يعرض المتظاهرون في البحرين أي شعارات أو لافتات موالية لإيران. لكنهم وبشكل غير مباشر عكسوا صدى غضب ايران تجاه المملكة العربية السعودية، والتي اعتبرتها طهران قوة "محتلة" غير مرغوب بها في البحرين. في مطار المنامة، يعلق الموظفون وهم متجهمي الوجه الأعلام السعودية الخضراء مع الأعلام البحرينية الحمراء، ويزين السنة الموالون للحكومة سياراتهم بملصقات تمزج ألوان البلدين.

تقول أميرة محمد (30 عاما) "نشعر أننا مستعمرة تابعة للمملكة العربية السعودية الآن" وتضيف أميرة التي انضمت إلى نساء أخريات يرددن شعارات مناهضة للحكومة الأسبوع الماضي في منطقة الدراز الشيعية "لقد فقدت الحكومة شرعيتها".

إصلاح الحكومة لا يبدو خيار الملك


تطرح الأهداف العامة للمتظاهرين في البحرين من خلال شعارات رافضة للنظام في ذات المستوى. إنهم يطالبون النظام الملكي التنازل عن سيطرته على الحكومة وأن يعكس اختيار المسئولين في مجلس الوزراء - بما في ذلك رئيس الوزراء - أصوات الناخبين، في دولة يشكل الشيعة فيها 70 في المئة بينما يمتلك السنة السيطرة الحازمة على أجهزة الأمن فيها وعلى جميع سياساتها.

وفي محاولة لمعادلة التركيبة السكانية غير المتوازنة، قام الحكام في البحرين ولسنوات بمنح الجنسية البحرينية إلى أشخاص "سنة" من العالم العربي ومن جنوب آسيا، إلى جانب فرص عمل تشمل وظائف في أجهزة الأمن.

وعرض الملك حمد بن عيسى آل خليفة سلسلة من الإصلاحات، بما في ذلك خططا لإعطاء مزيد من سلطات صنع القرار إلى البرلمان، لكن إصلاح قلب الحكومة لا يبدو خيارا.

معارك متأرجحة

جعل هذا البحرين لا تراوح معاركها المتأرجحة، والتي تظهر علامات اشتداد مع اقتراب ذكرى الاعتصام المفتوح الذي انطلق في 14 فبراير من العام الماضي.

المحتجون حاولوا مؤخرا الخروج بتظاهراتهم من الضواحي الشيعية إلى الطرق السريعة والمناطق التجارية في العاصمة المنامة. القنابل الحارقة والقضبان الحديدية صارت تستخدم ضد قوات الأمن إلى جانب رشقهم بوابل من الحجارة.

وأطلقت الدعوات إلى استعادة ميدان اللؤلؤة، الذي كان محور الأسابيع الأولى من التمرد قبل اقتحامه من قبل قوات الأمن. الفرق المخصصة للهدم جاءت على معالم النصب التذكاري وأطاحت بأعمدته الستة - عمود واحد عن كل دولة من دول الخليج العربية – ثم طوقت المنطقة بالأسلاك الشائكة وبدوريات أمنية على مدار الساعة.

خطبة صارخة وسنواصل الكفاح

وفي كل جمعة، يلقي الشيخ عيسى قاسم (أكبر رجال الدين الشيعة) خطبة تحشيدية صارخة تصعدت بسبب الإحباط من قيام السلطات بتكثيف عمليات القمع والحكم بالسجن على الناشطين الشيعة وغيرهم. في الشهر الماضي، حث قاسم أتباعه على "سحق" أي موظف رسمي يجدونه يتحرش بالنساء - اللواتي أدين أدوارا بارزة في الاحتجاجات على نحو متزايد.

 

"سنواصل الكفاح"، يقول الشيخ علي سلمان، رئيس كتلة المعارضة الشيعية الأكبر، والتي انسحب نوابها من البرلمان احتجاجا. يعدد سلمان قائمة بؤر التوتر في الربيع العربي - سورية، تونس، اليمن، ليبيا ومصر - في رد شديد اللهجة على خطط الإصلاح التي تقدم بها الملك في ديسمبر الماضي.  يقول سلمان "يذكرنا ذلك بالرؤساء الذين أطاحت بهم الشعوب" ويضيف "انتظرنا سنة لنحصل على هذا الخطاب، وكأن شيئا لم يحدث في البحرين والربيع العربي".




الغاز القاتل

الشوارع تروي قصة مختلفة. معارك الكر والفر هي الآن حدث شبه يومي في بعض المناطق مع الغاز المسيل للدموع الذي يطلق بمستوى شديد من الكثافة يعزى له التسبب بفشل في الجهاز التنفسي لبعض من توفوا من هذه الاضطرابات والذين قارب عددهم 40. وقد وضعت بعض جماعات حقوق الإنسان مجموع من توفي 45 أو أكثر.

في الشهر الماضي، حثت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية على التحقيق في ادعاءات الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع "بما في ذلك في بيوت الناس وغيرها من الأماكن الضيقة"
يواجه المتظاهرون ذلك بحمل صناديق من الحليب لرشها على عيونهم وإبطال المفعول الحارق للغاز المسيل للدموع.

مستعدون للموت

في جزيرة سترة، وهي معقل للاحتجاجات الشيعية، مزيد من المتظاهرين بدأوا يرتدون أكفانا بيضاء ترمز إلى استعدادهم للموت. "إنها حرب بين الديكتاتورية والديمقراطية"، يزمجر محمد علي 29 عاما، وهو أحد المتظاهرين.

في جزء آخر من البحرين، تقول صدّيقة ميرزا ​​إن حياتها تغيرت خلال حملات المداهمة والاعتقال في العشرة أسابيع من قانون الأحكام العرفية. تدّعي صدّيقة أنها تعرضت للضرب في السجن ووجهت إليها تهمة القيام بأعمال معادية للدولة لمشاركتها في احتلال ميدان اللؤلؤة.

"تم اعتقالي لأنني شيعية. ذهبت إلى ميدان اللؤلؤة للتعبير عن آرائي" تقول صديقة، وتضيف " ليس جريمة أن تعرب عن رأيك، ولكنها في البحرين جريمة"


 
* عناوين الفقرات من وضع مرآة البحرين

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus