الإصلاحات التّجميلية في البحرين لا يمكنها إخفاء العمل غير المتقن

براين دولي - صحيفة الهافينغتون بوست - 2016-03-22 - 3:46 م

ترجمة مرآة البحرين

جنيف: عرفت الطّريقة الصّعبة التي يتم بها دهن السّقف. في حال كنت لا تعد العمل التّحضيري بشكل مناسب، فإنه عمل اقتصادي زائف. مجرد وضع طبقة خارجية من الطّلاء، مهما كانت مزخرفة، يخفي التّصدعات لفترة، ولكن من دون التّنظيف ووضع الرّمل وإغلاق الفجوات والتّجصيص والأشياء الأخرى التي تحتاج إلى القيام بها قبل الطّلاء لكي لا يتحول قريبًا إلى رقائق وقشور، ينهار مرة أخرى على رأسك. ينتهي بك الأمر بالبدء من جديد. إنّه درس مكلف.

بدأت الحكومة البحرينية برؤية ما الذي يحصل عندما تتخذ طرقا مختصرة - برنامجها الإصلاحي، الذي طُبّق بسرعة وكان تجميليًا على نطاق واسع، يتداعى الآن، ويظهر في كل ناحية منه العمل غير المتقن.

على مدى بضع سنوات، أقنعت الأسرة الحاكمة في المملكة الخليجية الصّغيرة، بمساعدة عدد من الشركات الفخمة للعلاقات العامة وبعض الحكومات السّاذجة، الكثيرين بأنها كانت جدية بشأن وقف القمع العنيف. في يونيو/حزيران من العام الماضي، ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية "تقدمًا ذي مغزى في الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان" في تبريرها رفع الحظر عن مبيعات بعض الأسلحة إلى المملكة.

لكن سلسلة من الأحكام العامة المترتبة على السّياسة والاقتصاد في البحرين، في الأسابيع الأخيرة، التي بلغت ذروتها في القبض اليوم على المدافعة عن حقوق الإنسان زينب الخواجة، تكشف اليوم ضحالة الإصلاح والنّية في مواصلة إسكات المعارضة السّلمية، ما يوحي بأن السّقف سيقع في مشروع الإصلاح الوهمي للبلاد.

في تصريحه إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة منذ بضعة أيام، قال المفوض السّامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد رعد الحسين، إنه "منزعج من الممارسة الواسعة لما يمكن تسميته بـ "عملية تحسين حقوق الإنسان" وإن "التزامات حقوق الإنسان لا يجب أن تكون تمرينًا لاختيار الجواب المناسب، مصممًا فقط لتعزيز الصّورة الدّولية للبلاد.

وقد أسمى البحرين بالاسم، مشتكيًا من أن "المعارضين السّياسيين والصّحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ما يزال يتم إسكاتهم من خلال الاعتقالات وسحب الجنسية والتّرحيل. ما يزال هناك حاجة للإصلاح الحقيقي، لتحقيق مشاركة أكثر شمولية".

رد البحرين، كالعادة، بدا كأنه رد من حكومة في حالة إنكار إذ زعم أن تصريح المفوض السّامي شكل "نوعًا غير مقبول من التّدخل الخارجي في الشّؤون الدّاخلية للمملكة"، على الرّغم من أن الأمم المتحدة يجب عليها أن تهتم بشؤونها الخاصة في ما يتعلق بهجوم أعضائها على حقوق الإنسان، وحفنة من الأكاذيب الأخرى، بما في ذلك أن "النّظام القضائي يتمتع بأعلى درجة من الاستقلال والنّزاهة والشّفافية و...اهتمام [البحرين] بالحفاظ على حقوق الإنسان ودعم كل أمر من شأنه احترام هذه الحقوق". وقد زعمت بشكل غريب أيضًا أن المفوض السّامي كان إلى حد ما قد "أبدى هذه الملاحظات في وقت خاطئ"، وأنّه بعد ليلة من النّوم الجيد، قد يكون رأى الأمور بشكل مختلف في الصّباح.

مثل هذا الانتقاد العالي اللّهجة من الأمم المتحدة يضر بوضوح بمصداقية المملكة، لكنه فقط آخر حكم كبير على مدى سوء تصرف البحرين. بالفعل، في وقت سابق من هذا الشّهر كانت وكالة التّصنيف الائتماني العالمية موديز قد خفضت التّصنيف الائتماني للبحرين، إذ أدانت تصنيفها الائتماني وفقًا لما أسماه الخبراء الماليون "منطقة غير مرغوب بها". وفي تحليل مخيف للمستثمرين المحتملين، حددت موديز سعر التّعادل لبرميل النّفط بـ 106 دولارًا للبرميل في العامين 2015-2016، ولكن تنبأت بأن يبلغ السّعر الفعلي للبرميل فقط 38 دولارًا.

وأتى تخفيض موديز بعد أسبوعين من تخفيض وكالة دولية كبرى أخرى، وهي ستاندرد آنذ بورز، للتّصنيف الائتماني للبحرين، لافتة إلى أن عبء ديون الحكومة تضاعف منذ العام 2009.

هذا التّصويت على عدم الثّقة بالاقتصاد هو جزء من الّتعليقات الأوسع نطاقًا على سوء إدارة الأسرة الحاكمة، التي سعت في السّنوات الأخيرة إلى إخفاء التّصدعات الكبيرة في سجلها من خلال توظيف شركات علاقات عامة مكلفة للتّرويج لانطباع خاطئ دوليًا. وقد نجح هذا، إلى حد ما. لكن الإخفاق المحرج لعضو الأسرة الحاكم الشّيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة في الانتخابات الرّئاسية للفيفا أظهر سجل العاّئلة، الذي، عند تمحصه عن قرب، يبدو أكثر قبحًا، كما لو أنّه سقف دُهِن على عجل.

هناك حالة متزايدة من القلق بشأن البحرين، من قبل أولئك الذيك الذين تحضروا يومًا للشّك فيها. أخبرني عدد من المسؤولين من حكومات أخرى في الأمم المتحدة هذا الأسبوع إنهم يشعرون الآن بأنه تم خداعهم في سنوات من الهراء بشأن التّغيير السّياسي في نظام المنامة.

يبدو أن المواقف في واشنطن تتغير أيضًا. في الشّهر الماضي، طالبت وزارة الخارجية الأمريكية، التي لطالما اعتُبِرت متعاطفة مع وعود حليفها العسكري بالإصلاح، بالإفراج عن الشّخصيتين البارزتين في المعارضة السّياسية، الشّيخ علي سلمان وابراهيم شريف. ومنذ بضعة أسابيع، تكلم السّيناتور رون وايدن، الذي يترأس لجنة استخباراتية نافذة، عن أكاذيب الأسرة الحاكمة: "كما يروون الأمر لنا، لقد طووا صفحة تاريخ البحرين...[لكن] لتتقدم البحرين، ستحتاج الحكومة إلى الإفراج عن زعماء المعارضة الذين ما يزالون يقبعون في السّجون".

وقد انضم إليه السّيناتور كريس مورفي، وهو عضو في اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية للولايات المتحدة في الشّرق الأدنى، الذي لحظ كيف "ما تزال حريتا التّعبير والتّجمع في البحرين غير محميتين، وأن أولئك اذين ينخرطون في المعارضة السّلمية في البحرين ما يزالون ملاحقين وفقًا لقوانين غير موضوعية وغامضة".

إخفاء المشاكل ليس إصلاحًا، وقد تم اكتشاف أمر العمل غير المتقن في البحرين. إنها تحتاج إلى البدء من جديد، وعلى نحو صحيح هذه المرة، لأن تصدعاتها تصبح خطيرة بعض الشّيء.

التّاريخ: 14 مارس/آذار 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus