صورة "الواتس آب" مقابل فيلم "العربية"
2016-03-08 - 6:04 م
مرآة البحرين (خاص): شاهدنا في خلال أسبوع واحد نوعين من استجابات الجمهور البحريني إزاء صورة: جمهور المعارضة وجمهور موالي الحكم. الأول؛ أُتي له بصور مسجّلة لقادته من وراء قضبان السجون. والثاني؛ أُتي له بصورة "إصبع" وزير تم اختلاسها من محادثة "واتس اب".
في الصورة الأولى شاهدنا بثا حياً دام ربع ساعة على واحدة من أكبر القنوات "العربية". مونتاجاً موجهاً أعدّ على أناة. سيناريو محبوكا استبق بدعاية تقول إنه وثائقي لاعترافات قادة انقلابيّين. وجوهاً معرّفة من لحم ودم لا ينقصها إلا أن تقول "آه". سياقا كاملا سيجعل الذي لا يصدق يصدق، أو هكذا أريد له. إنه صندوق فبراير.
في الصورة الثانية شاهدنا لقطة واحدة مُوّه على قصدها وسياقها. صورة في شارع حُشرت فيها الأصابع الوسطى لأيد ثلاث مجهولات اقتطعت منها هيئات أصحابها. إلى جوارها، محادثة هاتف قصيرة انتزعت من تطبيق تراسل فوري. أرقام ممسوحة عدا واحد منها جرى إبرازه عن قصد. وعبارة واحدة مؤلفة من كلمتين: إنه الصبع المدلقم.
إزاء كل من الصورتين تفاوتت استجابات شارعيّ المعارضة والموالاة...
انبرى جمهور المعارضة للدفاع عن قادته. لم تنطل عليه أي من خدع الميديا وألاعيبها. أدرك أن الجزء الأهم من الرسالة موجه له. للتأثير عليه. لتحطيمه وهزيمته نفسياً. فهم تلقائياً كل ذلك وتصرّف على العكس تماماً. سخّر إعلامه الاجتماعيّ للتأكيد على العذابات التي تعرض لها قادته. وفصل الجحيم الذي كابدوا داخله. جدّد وفاءه لهم. استدعى تضحياتهم الناصعة. أعاد تركيب السياق كاملاً، في الزمان والمكان. بهدوء، صفع معدّ الفيلم على قفاه. قال له إنك فاشل. لن أصدقك مهما فعلت. حاول مرّة أخرى.
على المقلب الآخر، انبرى جمهور الحكم لسلخ الوزير الحكوميّ الذي كان حتى أسابيع قليلة؛ بل أيام، يَضرب له "الطارة" والطبلة. كريماً معزّزاً كان. هكذا صفّق له جمهوره حين طرد قناة "العرب". وحين أوقف "الوسط". وحين أغلق إذاعتها على الإنترنت. وحين برّر اعتقال الصحفيين الأمريكيين الأربعة. وحين طارد المغرّدين على شبكات التواصل وزجّ بهم في السجون.
صورة واحدة مجهولها أكثر من معلومها... غيّرت كل شيء. فجأة، صار الوزير خائناً. وضيعاً. فاسداً. رمي مثل بضاعة كاسدة، لا شراء فيها ولا بيع. شُرّح بالمباضع على الملأ. تُرك في العراء وحده. لم يقل أحدٌ فيه كلمة خير. تُرك للشماتة.
استجابتان مختلفتان لنوعين من الجمهور إزاء صورة. جمهور لديه قضيّة عادلة، يعرف أهدافه جيّداً وطريقه. وجمهور الغوغاء؛ حيث الظمأ للطاعة - كما يخبرنا غوستاف لوبون - والخضوع غرائزيا لمن يعلن بأنه الزعيم. أما وقد غدا عيسى الحمادي بلا زعامة فلا حرمة له. ذهبت "الطارة" والطبلة لمن يليه. يوماً ما ستذهب أيضاً لمن سيليه!