خمسة أسباب لفشل الفيلم المخابراتي على قناة العربية
2016-02-28 - 9:08 م
مرآة البحرين (خاص): إذا كان ثمة ما يدينه الفيلم المخابراتي "البحرين.. صندوق فبراير" الذي عرض على قناة العربية مساء أمس السبت 27 فبراير 2016، فإنه يدين الجهتين المتورطتين في تنفيذه، وهما وزارة الداخلية البحرينية وقناة العربية، وعلى عكس ما أُريد له، لم ينجح في تقديم أية إدانة (تجريمية) لأي من الأطراف المقصود النيل منها.
لماذا الفيلم مخابراتي؟
الفيلم، لم يتجاوز أن يكون مادة مخابراتية، بمعنى أنها مادة وفرتها المخابرات البحرينية ووزارة الداخلية التي تملك وحدها هذه الاعترافات، والحصول على هذه الشهادات وعرضها لا يكون إلا عن طريق مخابرات الداخلية البحرينية. وقد اعتمد الفيلم في كشف (السر المخبوء!) بالكامل على مقاطع منتقاة من هذه الشهادات، وعلى متحدث واحد هو الموظف في اعلام المخابرات البحرينية محمد العرب، الذي قام بدور المنتج والمعد والمنفذ والمقدّم وكاشف (الأسرار!).
هذه المرة لم تعرض (الاعترافات) على شاشة تلفزيون البحرين الرسمي. لقد كانت هذه مهمة تلفزيون البحرين طوال فترة ما عرف بالسلامة الوطنية في 2011، بقى يقدم (اعترافات) السجناء المنتزعة تحت التعذيب بشكل يومي حتى (أوقفت) بعد طلب من رئيس لجنة تقصي الحقائق محمود بسيوني. لقد عرضت هذه المرة على قناة «العربية» كما غيرها في مرات سابقة على غرار البرامج المخابراتية نفسها، مع الموظف الإعلامي نفسه، على طريقة (كأن مب لِنا).
ولماذا فشل الفيلم؟
هناك 5 اسباب لذلك على الأقل:
أولاً: لأنه يقوم على نشر اعترافات 4 سجناء في البحرين اعتبرهم تقرير بسيوني وجميع المنظمات الحقوقية سجناء رأي. لقد ذكر تقرير بسيوني أن الشهادات التي أخذت في فترة الطوارئ جميعها تم انتزاعها تحت التعذيب وقام بتوثيق جميع هذه الحالات. كما وثق في تقريره ماذا تعني شعارات مثل المطالبة بالجمهورية والمطالبة باسقاط النظام، وقال إنها شعارات مرفوعة في العالم العربي كله خلال تلك الفترة، ولم يكن مقصوداً بها استخدام القوة.
هذه التسجيلات موجودة فقط عند المخابرات البحرينية والآن خرجت على هذه القناة. كيف وصلت إلى هذه القناة من غير أن يكون الطرف الثاني هو جهاز المخابرات في الداخلية البحرينية نفسها؟ ثم كيف يمكن لقناة تحترم أخلاقيات المهنة أن تخرج فيلماً من إعدادها وانتاجها مستلمة مادته بالكامل من مخابرات؟ إنها جريمة مهنية وحقوقية شاركت فيها القناة وتدان عليها حسب قوانين الاعلام وحسب معايير حقوق الانسان.
من تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية الذي أعده السيد بسيوني، نعثر على توثيق لحالات كثيرة تم انتزاع اعترافاتها تحت التعذيب وإجبارها على التصوير، كما مثلا في الحالة 14 "وبعد عدة أيام، اقتيد إلى مركز استجواب وزارة الداخلية وأجبر على تسجيل شريط فيديو يتضمن اعترافا" والحالة 22 "ونُزعت ملابسه وتعرض للضرب بخرطوم. وأمضى الموقوف ستة أيام في المركز، تعرض خلالها للضرب مرارا. وفي اليوم السادس، اقتيد إلى سجن القرين، ثم إلى موقع مختلف حيث صّوِر له شريط فيديو يتضمن اعترافا انتزع منه با لإكراه"
تعتبر قناة العربية باستخدامها هذه المادة المخابراتية المهينة للكرامة شريكاً في الجرم الحقوقي والإنساني الذي مورس ضد هؤلاء الذين رصد حالتهم تقرير بسيوني وعشرات التقارير التي أصدرتها منظمات حقوقية دولية.
ثانياً: فيما يخص ما ذكره السجناء في (اعترافاتهم) فإن أقصى ما يمكن أن تظهره أنهم قاموا بمراجعة خطاباتهم، نعني الخطابات الداعية إلى إسقاط النظام أو إقامة الجمهورية التي حاول المعد أن يلحقها بالجمهورية الإسلامية في إيران وهو ما لم يذكر على لسان أحد من قبل أو بعد، وفي الفقرة 414 من تقرير بسيوني"كما نفى زعيم حركة الحق وجود أي علاقة بين الائتلاف وإيران وأن هدف التحالف هو إقامة جمهورية ديمقراطية وليست دينية".
وعلى فرض أن شهاداتهم تلك تم تسجيلها بكامل إرادتهم فإن أقصى ما تثبته أنهم قد تخلوا عن هذه الآراء، وهو ما يبرهن أن كل جريمة هؤلاء السجناء هي الرأي وليس شيئاً آخر، وهو ما يمثل إدانة للنظام البحريني الذي يحاكم الآراء بالسجن المؤبد.
ثالثاً: لم يقدم الفيلم أية مادة تفيد بأن أي من هؤلاء السجناء إرهابيين، أو أنهم استخدموا السلاح أو امتلكوه، فيما سوى المقطع المستل من إحدى خطب الشيخ المقداد والتي كرر فيها كلمة (سلاحنا)، دون أن نعرف عن أي سلاح يتكلم، وقد تم استلال هذا المقطع لتثبيت تهمة التورط بالسلاح، في حين المقطع مأخوذ من إحدى خطب الشيخ في 2009 التي كان يقول فيها أن سلاح البحرينيين هو الثقة بالله والاعتماد عليه والتكاتف والوحدة الوطنية، لكن الفيلم يفبرك سلاح المقداد السلمي هذا ليجعله يظهر كإرهابي، وهو ما يظهر المستوى الذي وصل إليه هذا الإعلام المهزوم أخلاقياً وشرفياً. ولعل كلمة الشيخ المقداد في دوار اللؤلؤة في 2011 ترينا حقيقة هذا السلاح بالشكل الذي لا يمكن لموظف المخابرات أن يقدمه في فيلمه.
رابعاً: لم ينجح هذا الفيلم حتى تقديم أية إدانة تفيد بتدخل إيران أو حزب الله أو حزب الدعوة في الوضع الداخلي للبحرين عسكرياً. وفيما يتعلق بتواصل السياسيين مع أحزاب سياسية بهدف التشاور معهم فهذا أمر طبيعي، فمن حق السياسيين أن تكون لهم صلة بالأحزاب السياسية في كل العالم. وفيما يخص لقاء مشيمع بحزب الله اللبناني، لم يُظهر الفيلم أن «حزب الله» قدم نصيحة باستخدام السلاح أو مارس أي تدخل فيما يخص الوضع أو القرار الداخليين، بل على العكس لقد أُوصى حسن مشيمع بالتنسيق مع «الوفاق»، وهو ما يحسب إلى حزب الله تأكيده على القوى السياسية المختلفة في الداخل التنسيق فيما بينها. والوفاق التي أوصى حزب الله بالتنسيق معها معروف سقفها السياسي السلمي وأنها مع الملكية الدستورية.
خامساً: بقي أن مقدم هذا البرنامج ومعده، هو شخصية مجنسة في البحرين وقد منح الجنسية لخدماته الارتزاقية، بمعنى أنه قام بخدمات من أجل الحكومة البحرينية فمنح الجنسية البحرينية والهبات والعطايا والامتيازات، وهو شخصية معروفه في البحرين (عند الموالين والمعارضين على السواء) بأنها تعمل في إعلام الفتنه والقذارة، وسجله المعروف يبرز دوماً في هذه الأحداث بل إنه مخصص لها. وفيما يلي بعض التقارير التي تكشف حقيقة هذا الموظف عند وزارة الداخلية البحرينية والذي تقدمه أعماله نموذجاً للإعلامي القذر.