عن الفتى الستراويّ الشجاع وآخر القتلة!

2012-01-26 - 10:33 ص

     
     


مرآة البحرين (خاص):
يعدو، هكذا أظهرت لقطة فيديو الفتى الستراوي الشجاع محمد يعقوب. يتفادى مركبة فمركبة، يتخطاها كمتمرس ماهر في العدْو بين الأخطار، تصر إحداها على ملاحقته. لما يزل يعدو، سريعاً وطويلاً كحصان. ساحة مترامية، نسوة يركضن، سيارات بوليس، بدا سيّدها. ذرَعَها من اليمين إلى الشمال، كان ثمة رجل أمن يخفّ عدْواً أيضاً في أثره. شجاع، لا أحد يطاله. لما يزل يعدو.

من بعيد، بدا رفاقه محظوظين، انسحبوا في الأزقة، بطرفة، اختفوا كحبّة في السديم. ثمة أراجيح في خلفية المشهد، بدت خالية، وخالٍ مثلها كان مرمى الكرة، والباص الأبيض المركون في الجوار خالٍ أيضاً، كان يملأ الساحة وحده، راكضاً، ممتلئاً بالحيوية، وهو لما يزل يعدو.

يداور على المركبات، واحدة، اثنتان، ثلاثة. كان يودّ مشاغلتها لئلاّ تمس بالنسوة، ما تزال ثمة واحدة، هي نفسها، تلاحقه، مسرعة، مجنونة، لايجرؤ ركّابها  القتلة، المغرغرون بحقد الدهر، على النزول، لا يأبه لهم، ولا إلى الشرطي في الخلف، أعطى رجليه إلى الريح، أسرع منها، وخفيفاً كان. الفتى الستراوي لا أحد يمسكه، يعدو في الفراغ العجيب المتبقي، وهو لمّا يزل بعد يعدو.

اصطفت عربات الأمن في منتصف المشهد، لا يستسلم، كان يلح على حياته حتى الرمق الأخير، السيارة نفسها لما تزل تلاحقه، صاروا ثلاثاً الآن، رابعة كانت تقلّ شرطة مدنيين، جميعها تلاحقه، أربعة على واحد وشرطي، ضاق الفضاء العجيب، ضاق أكثر، لما يزل يعدو، الفتى الستراوي لايريد الوقوف مقهوراً أمام بندقية قاتله، تعلّم أن يكون قاهراً، هكذا كان، سيّداً، حرّاً، عنيداً، ظلّ يناوشه، ويناوش الموت معه، حتى آخر الشوط.

وهو لما يزل يعدو، غير أن قاتله، وهذه المرة فقط، كان أسرع، فاقت قوامه المسرع الشجاع مركبة القتلة، مركبتان ضاع بينهما، انطحنت عظامه. لاتنقل الكاميرا ما جرى بعد ذلك. غير أن الأكيد أن الفتى الستراوي أحجم عن العدْو، لم يعد ممكناً، الكثرة غلبت الشجاعة، اقتادوه. الفتى الستراوي انطفأ في غرفة القتلة!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus