النّيويورك تايمز: تحالف الغرب مع السّعودية يؤجج التّطرف الإسلامي

توبي ماتثيسن - صحيفة النّيويورك تايمز - 2016-01-02 - 5:00 م

ترجمة مرآة البحرين

أحد التّناقضات الأساسية في السّياسة الخارجية الغربية تجاه الشّرق الأوسط هو التّحالف القوي مع السّعودية. فبمواردها النّفطية الهائلة، وموقعها الاستراتيجي بين البحر الأحمر والخليج، أصبحت السّعودية، المناهضة للشّيوعية بشدة، حليفًا أساسيًا للغرب خلال الحرب الباردة.

هذا التّحالف مع الغرب وتدفق عائدات النّفط الهائلة منذ السّبعينيات سمحا للسّعودية بتصدير نموذجها الخاص من الإسلام السّني، المسمى بالوهابية نسبة إلى مؤسسه محمد عبد الوهاب، مشجعة بذلك على مجانسة الممارسات الإسلامية حول العالم وفقًا لنموذج الوهابية. ومع اشتهارها برفضها لتاريخ ما قبل الإسلام، وزيارة القبور، والاختلاط بين النّساء والرّجال، وحماسها لحماية الإسلام مما تزعم أنّه ممارسات منحرفة (مثل الصّوفية والتّشيع)، واحتقارها للدّيانات الأخرى، كانت الوهابية حركة بروتستانتية منحت الشّرعية الدّينية لفتوحات آل سعود.

تعاونت الولايات المتحدة مع السّعودية لتقويض الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في الثّمانينيات. هذا التّعاون مع الإسلام المتطرف كان له آثار خطيرة، وبروز القاعدة وداعش هو نتيجة لهذا الاقتران بين أيديولوجية جاذبة وموارد دولة غنية بالنفط، ومتحالفة مع قوة عالمية عظمى.

بالتّالي، انتشار الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة هو نتيجة لسياسة غربية خارجية، بقدر كونه نتيجة لمكائد السّعودية. الدّعم الخليجي والغربي للمتمردين في سوريا سلك مسارًا مثل ذلك المُلاحَظ في أفغانستان قبل أن تبدأ داعش بالتّحول ضد الغرب والدّول الخليجية. ولكنه ليس من قبيل المصادفة أن تتبنى داعش النّصوص الدّينية السّعودية في مدارسها، وتقتل الشّيعة في السّعودية تمامًا كما كان يرغب المتعصبون الوهابيون السّابقون، وتحصل بشكل عام على الكثير من الدّعم على المستوى الشّعبي في المملكة.

التّحالف الغربي القوي مع الأسرة المالكة في السّعودية لم يؤد إلى اعتدال في السّياسات الدّينية للمملكة. ولكن في استراتيجية التّعبئة التي تعتمدها داعش، تجعل مسألة وصف الممالك الشّرق أوسطية بالدّمى أمرًا أسهل بكثير.

الاختلاف الأيديولوجي الأساسي بين داعش والحركة السّعودية الوهابية السّابقة هو أن الدّولة الإسلامية تريد إقامة خلافة، وترى في المملكة شكلًا غير إسلامي للحكم. وعلى خلفية خوفها من هذا التّحدي الذي ساعدت الدّول الخليجية على تكوينه، أعادت السّعودية تأكيد تحالفها مع القوى الدينية الوهابية المحافظة في البلاد.

ولكن في داعش، لدى السّعودية الآن خصم قريب جدًا من تفسيرها الدّيني الخاص للإسلام، بحيث لا يمكن النّظر إلى السّعودية الآن على أنّها تقاتل داعش بشكل قوي لأنّ ذلك قد يقوض سلطتها في الدّاخل. وهكذا يواصل الدّعم الغربي للحكومات المستبدة في الشّرق الأوسط تأجيج النّيران التي سمحت بانتشار القاعدة وداعش، على الرّغم من تزايد الوعي بأن هذه التّحالفات هي سيف ذو حدين.

التّاريخ: 8 ديسمبر/كانون الأول 2015

النّص الأصلي:


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus