التعذيب وفق «البروجكت البريطاني»
2015-12-06 - 11:06 م
مرآة البحرين (خاص): «أنظروا لهذا العرض الرائع، أريتم!، هذا كله من عمل المخابرات البريطانية التي تعمل معنا». قال الضابط وهو يشير بعصا لـ «بروجكتر» يحوي محادثات بين مجموعة هواتف بعض المعتقلين. كانت أعينهم ترى للمرة الأولى ما حولها منذ اعتقالهم في الثالث من شهر نوفمبر الماضي.
ربما توضح كلمة هذا الضابط الجلاّد حقيقة البيانات الذي قدمتها بريطانيا للأمم المتحدة حول نجاح البحرين في إصلاح أجهزتها الأمنية.
قضية المعتقلين الأخيرة، مورس فيها التعذيب بصورة مفرطة جداً، هكذا يقول الأهالي نقلاً عن أبنائهم، وقد تسلم بعض الأهالي ملابس أبنائهم من مبني التحقيقات الجنائية، وكان لافتاً أن إحدى العوائل شاهدت قميص ابنها الأصفر ملطخاً بدمائه، ليشكل صدمة للعائلة ويتبين مدى التعذيب الذي يعاني منه المعتقلون.
يشار إلى أن السلطات اعتقلت 45 شخصا (الثلاثاء 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015). في الاتهامات، يقول المعتقلون إن الداخلية وجهت لهم تهم تأسيس خلية مهمتها القيام بأعمال عُنفية، وتصنيع وحيازة سلاح، إضافة لتهمة التحريض، مجموعة اتهامات متكررة سبق توجيهها لعشرات الخلايا التي أعلنت عنها وزارة الداخلية.
وينقل معتقلون أنه قد تم استخدام أجهزة جديدة فتّاكة لتعذيبهم في المناطق الحساسة، وأن حالتهم صارت مزرية وكارثية بسبب استخدام هذه الأجهزة في تعذيبهم، وأن بعض المعتقلين لم يعودوا قادرين على المشي، وأخبر أحدهم عائلته أن جهازه التناسلي قد تضرر بالكامل. فيما يُنقل عن المعتقل حسين عبدالله خلف، إنه تعرض لتعذيب حد الإغماء المتكرر وتم نقله للمستشفى العسكري، وأنه تعرض لركل وحشي فوق خصيتيه، وأضحى لا يمشي بشكل طبيعي، وبعد إعادته من المستشفى العسكري تم منعه من الأدوية التي أعطيت له لإيقاف الألم.
وكان لافتاً إخبار أحد المعتقلين لعائلته أن التحقيق معه لم يكن في مبنى التحقيقات، بل في سجن الحوض الجاف، وأن من قاموا بالتحقيق معه يرتدون ملابس الجيش!
هذه بعض المعلومات التي بدأت تخرج عن المسلخ الكبير الذي نصبه جلادو وزارة الداخلية المفتخرون بالدعم الأمني اللامحدود من قبل المخابرات البريطانية.
تم اعتقال نحو ثمانية من شباب البلاد القديم يوم 3 نوفمبر الماضي، ونقلهم في سجن معزول يتبع سجن جوّ المركزي، وتغطية أعينهم طوال 24 يوماً. ترك كل معتقل لوحده في زنزانة انفرادية. يتم أخذ كل واحد منهم بشكل انفرادي لمبنى التحقيقات الجنائية، وهناك مجموعة ضباط تابعين لجهاز الأمن الوطني يقومون بالتحقيق والتعذيب.
في طريقة الاعتقال أفادت عائلة (حسين عبدالله) أنه تمت مهاجمة منزله عند الثانية فجراً، وقاموا بحصر والديه داخل غرفة، ومنعا من الخروج منها حتى الثامنة صباحاً، لم يسمح لهما حتى باستخدام (الحمام). واستولى رجال الأمن الذين حضروا لاعتقال حسين على مبالغ نقدية تتجاوز 3500 دينار، كان حسين قد استلمها نهار اليوم السابق ثمن بيع سيارة والده، كما استولوا على بعض مقتنياته وأحذية جديدة لا تزال محفوظة داخل علبها.
ونقل عن المعتقل (حسن الرمل)، أنه أثناء اعتقاله، تم الاستيلاء على عقد ذهب لزوجته بسعر 1200 دينار حسبما أفادت العائلة.
ونقلت عائلة أحد المعتقلين، أنها قامت بالإبلاغ عن المبالغ النقدية التي تم الاستيلاء عليها أثناء اعتقال ابنهم عند إدارة التظلمات، لتتفاجأ العائلة بمعاقبة ابنهم بالضرب والإهانة الشديدين أثناء التحقيق معه، لأن أهله تجرأوا وتقدموا بشكوى ضد رجال الأمن.
يقول الأهالي نقلاً عن الأبناء المعتقلين «طوال 24 يوماً لم نكن ننام تقريباً إلا قليلاً جداً، تعرضنا للتعذيب الوحشي، كان الضباط متوحشين بشكل لا يصدق، وكانوا يتباهون طوال الوقت ببريطانيا، يكررون على مسامعنا ذلك لكي يوصلوا لنا أن النظام البحريني ليس بمفرده وهو ليس وحيداً وأن الدول الكبرى تدعمه ضدنا، هذا ما فهمناه».
يضيف بعض المعتلقين «تم اتهام مهدي خلف بأنه وراء هذه الخلية، وقد تعرض لتعذيب متكرر، حتى يوم الأربعاء الماضي (2 ديسبمر الجاري) سمعنا صراخ مهدي خلف وهم يعذبونه في ممر العنبر رقم 12 في سجن الحوض الجاف الذي تم نقلنا له منذ أيام، كان صوت التعذيب يصل للزنازن الانفرادية. لا يزال مهدي يتعرض بشكل يومي لوجبات دسمة من التعذيب، يتم أخذه من سجن الحوض الجاف والتحقيق معه وتعذيبه قبل إعادته مرة أخرى».
تنقل عوائل المعتقلين «لا يوجد أي قضية عدا الاعترافات المُنتزعة، وتركيب سيناريو متكرر، لكن الألم يبقى هو الألم وتستمر ممارستهم التعذيب الوحشي بشكل كبير، إن هؤلاء ليسوا بشراً ومن يدعمهم هو أسوأ منهم».
تقول شقيقة أحد المعتقلين «أخي رفض أن يقوم من مكانه إلا بعد مغادرة أبي وأمي من غرفة الزيارة، بالفعل غادر أبي وأمي الغرفة، فصدمت برؤية أخي حين وقف، كانت رجلاه مقوّستين وأمسكه شرطي ذا وجه قاسٍ ليساعده على المشي، أخي لم يكن يستطيع المشي!».
يبقى الدور البريطاني ملائماً لـ «بروجكت التعذيب» الذي تتبعه أجهزة الأمن البحرينية. التعذيب الذي تتطوّر أجهزته (الفتّاكة) مع تطوّر دعم المخابرات البريطانية للأجهزة البحرينية. الدعم الذي تقول بريطانيا أنه يركز على ممارسات الشرطة في حدود المعايير الدولية وخلق الوعي الكافي لأفضل الممارسات الدولية، وتقديم الدورات بشأن حقوق الإنسان، ترافقها دورات عن الأمن ونظام العدالة! إنها الكذبة البريطانية الكبرى.