ألستير سلون: المملكة المتحدة تخسر نفوذها في الشّرق الأوسط

2015-09-01 - 4:54 م

ألستير سلون، موقع ميدل إيست مونيتور

ترجمة: مرآة البحرين

إنها نهاية حقبة في منطقة الخليج- بالنّسبة للمملكة المتّحدة على الأقل. في الماضي، لجأت قوة إمبريالية إلى استخدام الزّوارق الحربية والدّيبلوماسية الذّكية لدفع العائلات المحلية الثّرية إلى دعم الإمبراطورية البريطانية،  لكن بريطانيا التي كانت سابقًا عظمى، أصبحت الآن أكثر من مغفل مفيد للمملكة العربية السّعودية، والإمارات العربية المتحدة والبحرين- وبدرجة أقل قطر، التي تبقى بطريقة ما بعيدة عن الكتلة الخليجية.

ومع انخفاض وجودها الإقليمي بشكل كبير منذ تخبط القوات البريطانية في غزوات العراق وأفغانستان، ومع النّظر إلى ديفيد كاميرون الآن على أنّه لاعب مهم من قبل آل سعود وآل زايد، بعد محاولته بدء تدخل في سوريا وفشله في ذلك، ومع  اكتمال شحنات صفقات الأسلحة، الأكبر في التّاريخ، اليمامة، تبدو لندن-عاصمة السّياسة الخارجية التي أنشأت فعليًا الخليج الحديث- قليلة الأهمية بالنّسبة لمجموعة الحكام العرب الحاليين ( باستثناء كونها فرصة فعلية للاستثمار العقاري ربما).

في الوقت الحالي،  تستطيع الحكومة البريطانية -وخصوصًا زعيمها الحالي ديفيد كاميرون- اكتساب النّفوذ من خلال تنفيذ خدمات سياسية صغيرة، تفيد على نحو أساسي احتياجات البروباغندا لدى الحكام الخليجيين، الحريصين كما هم على تعزيز سمعتهم في الغرب باستمرار.

بالتّالي، ما يبدو على أنّه ملاحقة للنّاشطين البحرينيين المؤيدين للديمقراطية، المنفيين في لندن، من قبل الشّرطة البريطانية وموظفي مكتب الهجرة (الذين يدفع لهم دافعو الضّرائب البريطانيون) - والدّفاع الصّارخ عن نظام آل خليفة، من قبل برلمانيين بريطانيين مُجردين من المبادئ الأخلاقية -وهو نظام يستمر في التّراجع بشأن قضايا حقوق الإنسان.

إنّه لأمر ذو دلالة أنه حتى الولايات المتحدة، وهي داعم تقليدي للأنظمة الدكتاتورية في الشّرق الأوسط، شعرت بالحاجة لتوبيخ البحرينيين على خلفية سلوكهم مع شعبهم -غير أن المملكة المتحدة عززت دعمها فقط.

المفتاح وراء هذا هو بناء قاعدة بريطانية بحرية جديدة، مثيرة للجدل، في المنامة. بولغ في الحديث عن أهمية هذه القاعدة الجديدة، على المستوى الدّفاعي - خصوصًا بسبب التّحالف اللّيبرالي-الديمقراطي-المحافظ في الفترة السّابقة الذي أدى إلى خفض الموارد البحرية إلى مستوى لم يعد يتضح فيه ما إذا كان هناك عدد كاف من السّفن للحفاظ على وجود ذي مغزى هناك. على أي حال، ستبقى القاعدة الأمريكية، الأكبر حجمًا،  والأبعد، الحصن الأكثر جدية ضد الاعتداء الإيراني.

في الواقع، يتمثل التّأثير الحقيقي الوحيد للقاعدة الجديدة في مظهر ترويجي للدعم المتجدد للنّظام البحريني، وبالتّالي، في عرض للطّاعة المتزلفة لأبناء عمومتهم الأكبر والأقوى، أي السعوديين. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن للمجلس الأوروبي، بخصوص العلاقات الخارجية، "أصبح موقف المملكة المتحدة بشأن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان أقل جدية من موقف نظرائها الغربيين، بهدف الحفاظ على وضعها كحليف غربي أساسي للبحرين- وأيضًا لكسب ود الرّياض".

في حال كان دعم البحرين هو تكلفة الصّداقة البريطانية-السّعودية، فإنه ليس التكلفة الوحيدة للأمر. في العام الماضي، انتقد ناشطون في مجال حقوق الإنسان ومحللون إعلاميون ومكتب وزارة الخارجية البريطانية أيضًا ديفيد كاميرون على خلفية تحقيق غير مفيد إطلاقًا  يتناول نشاطات الإخوان المسلمين في مصر. تقبل كاميرون أيضًا علنًا فكرة نظرية المؤامرة بشأن الإمارات العربية المتحدة -وهي من أشد معارضي السّياسة الخارجية القطرية إلى جانب التلاعب الشّديد لوسائل الإعلام الغربية ضد الدّوحة- ومفادها أن عائلة آل ثاني كانت تمول سرًا تنظيم داعش ( الدّولة الإسلامية في العراق والشّام). وأخيرًا، كونه قطع الموارد الدّفاعية لدعم التّدخل السّعودي في اليمن في وقت سابق من العام الحالي، استعاد كاميرون دوره الأحمق المفيد وحصل على الموافقة بأعجوبة.

وفي الوقت ذاته، سعى كاميرون لجذب العرب الخليجيين الأثرياء إلى لندن، مخالفًا بذلك موقفه المناهض للهجرة من خلال إدخال مخططات وافرة لإعطاء تأشيرات الدّخول، وحتى، على نحو محتمل، تغيير قواعد الهجرة بشأن عاملات المنازل اللواتي يحضرهن أرباب عمل خليجيون إلى المملكة المتحدة، وذلك لمنع العمال المنزليين من "الهرب" لدى وصولهم.

أخيرًا ، أصبحت المملكة المتحدة العاصمة المفضلة لتحسين السّمعة بالنّسبة للخليج.  تمثل شركة بورتلاند للاتصالات، ومقرها كوفنت غادرن في لندن، دولة قطر في حين تمثل شركة كويلر للاستشارات، ومقرها مايفير، دولة الإمارات العربية المتحدة. أما البحرين، التي يُعتبر عمل المروجين الإعلاميين لها أصعب من عمل الأغلبية، فتمثلها على الأقل عشر شركات علاقات عامة في لندن، منذ بدء ثورة العام 2011، بما في ذلك شركة بيل بوتينغر، ذات السّمعة السّيئة.

قارن هذا المنهج بمنهج السّويديين، الذي وصفوا معاملة السّعوديين للنّساء بالـ "بدائية" عندما سحبوا سفيرهم من السويد، دافعين بذلك المملكة السّعودية إلى توظيف شركة للعلاقات العامة وإدارة الأزمات في استوكهولم. إنه نوع الموقف الذي يتوجب على الأمم الأوروبية الليبرالية الحرة اتخاذه.

التّجارة ليست جزءًا كبيرًا من المشكلة، في حال كانت محدودة، وخصوصًا عند حصولها خارج مجال الخبرة في تأمين الدّفاع _ الذي هو بنفسه نوع متقد من الدّعم المعنوي للأنظمة القمعية. هناك متطلبات واضحة لتجارة الطّاقة، يجب أن تلتزم بها المملكة المتحدة طالما تنوي بناء قدرة لتحويل الطّاقة عبر التّكسير أو للطّاقة المتجددة، أو تعتمد الطّاقة النّووية -وكلّها مجالات يتوجب استكشافها على نحو طارئ.

التّجارة، التي تتراوح بين الأعمال الصّغيرة والمتوسطة في بريطانيا والخليج، جنبًا إلى جنب مع تلك الشّركات التي تفضل دفع الضّرائب في المملكة المتحدة، هي أيضًا مقبولة -ليس فقط لأن تجارة مماثلة تثري المملكة المتحدة بل لأنها تشجع على التّفاهم الثّقافي.

إلا أنه في هذا الإطار التّجاري الضّيق، ينبغي أن تبقى هناك فسحة للتّوبيخ القوي من قبل الحكومة البريطانية بشأن حقوق الإنسان، أي خارطة طريق للتّحسن -وليس، كما شهدنا في حالة البحرين، للإشادة بالـ "تطور" حين يتوفر كل شيء عداه. إنه، على الرّغم من كل شيء، "لأمر جيد" أن تستعيد بريطانيا نفوذًا حقيقيًا في الخليج،  والمنطقة الأوسع، لكن استمرارها في التّزلف كـ "أحمق مفيد" يشكل إحراجًا وطنيًا.

التّاريخ: 15 يوليو/تموز 2015

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus