تحقيق الواشنطن بوست: الصحافة في البحرين: من سيء إلى أسوأ بعد 2011

2015-08-05 - 11:12 م

دانا ببريست، ديدر ماك فيليبس وكاتي جون-فريسن، صحيفة الواشنطن بوست
ترجمة: مرآة البحرين

هذه القصة واحدة في سلسلة تحقيقات تسلط الضّوء على الكلفة البشرية لتغطية الأخبار في جميع أنحاء العالم.

فقط على بعد ثلاثة أميال من وسط المدينة اللّامع، يدور صحافي محلي، في سيارة قديمة حول حاويات القمامة التي وُضِعت لمنع سيارات الشّرطة من الدّخول إلى الأحياء الشّيعية الفقيرة والمضطربة.

توقفت السّيارة أمام مقهى، يمكن منه رؤية مجموعة صغيرة من المحتجين، جزء من البحرين في انتفاضات الشّرق الأوسط التي عُرِفت بالرّبيع العربي. ونادرًا ما يتم ذكر السّخط في التلفزيون المحلي وقنوات الرّاديو، التي تملكها الدّولة، أو في الصّحف الأربع اليومية البارزة، والتي تصطف كلها، ما عدا واحدة، مع الأسرة السّنية الحاكمة.

يدخل الزّبائن إلى المقهى، وهم يفركون عيونهم، ويشتكون من ليلة أخرى من الغاز المسيل للدّموع. في زاوية منه، هناك مجموعة صغيرة من الصّحافيين المُحبَطين، غير القادرين على ممارسة مهنتهم بأمان، تجمعوا للمواساة ولتمرير المعلومات حول زملائهم في السّجن أو في المنفى.

أثناء قراءته الصّحف، يسجل الصّحافي فيصل هيات، وعمره 41 عامًا، وهو مراسل رياضي سابق، ملاحظات عن ثلاث قضايا قانونية ضد وسائل الإعلام. إحداها هي قضيته، دعوى قضائية بالتّشهير الإعلامي رُفِعت ضده في العام 2007 من قبل وزير الرّياضة السّابق. ويقول هيات إنّها دعوى إزعاج تهدف إلى إفلاسه ماديًا. وهناك أيضًا تهم موجهة من قبل وزارة الإعلام إلى محرر في

صحيفة. أخيرًا، هناك حكم بالسّجن ثلاث سنوات ضد النّاشطة والمُدَونة زينب الخواجة، المعروفة باسم العربية الغاضبة angry Arabia))، وتعود جزئيًا إلى تمزيقها صورة للملك في العلن.

ويقول هيات وهو يهز رأسه: "ثلاثة قضايا في يوم واحد؟ لم يحصل هذا قبل العام 2011".

في 14 فبراير/شباط 2011، وصلت القوة الكاملة للرّبيع العربي إلى هذه الجزيرة الصّغيرة في الخليج، موطن الأسطول الأمريكي الخامس، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، والتي توازي مدينة أوستن في الحجم. بدأت الثّورة في تونس قبل عدة أشهر، وانتشرت شرقًا في 12 دولة، فعزلت عدة أنظمة ديكتاتورية، وهزت الثقة بتلك الباقية منها.

كان من المفترض أن يبشر الرّبيع العربي بحقبة من الشّراكة والحرية السّياسية الأوسع، بما في ذلك حرية الصّحافة. بدلًا من ذلك، في كل بلد ما خلا تونس، أدّى الأمر إلى العكس: اختفاء الأخبار والآراء الحرة، خاصة تلك المتعلقة بالحكومات وقوات أمنها.

بعد أربع سنوات من قمع الثّورة بشدة في البحرين، لا يستطيع الصّحافيون المستقلون هنا حمل حاسوب أو كاميرا لتغطية الاحتجاجات المستمرة، وإن كانت أصغر. لا يستطيعون نقد الانتخابات بأمان، أو توثيق التّمييز ضد الغالبية الشّيعية أو كتابة تقارير عن الصّحافيين والنّاشطين السّياسيين الذين لا يزالون في السّجن، وفقًا لمقابلات في ديسمبر/كانون الأول مع عشرات الصّحافيين المنفيين هنا، وخبراء آخرين، ومسؤولين أمريكيين وتقارير. غالبية الصّحافيين البحرينيين يطلبون عدم نشر أسمائهم خوفًا من العقاب.

يخشون التّكلم علنًا عن القيود المشددة أكثر من أي وقت مضى، أو الأخبار والمعلومات خوفًا من أن تأخذ الحكومة أوراقهم وجوازات سفرهم وجنسياتهم أو أن تزج بهم في السّجن.

وهمس أحد الصّحافيين في مقابلة، على الرّغم من عدم وجود أحد آخر في الغرفة، ومن أن الباب كان مغلقًا: "النّاس متوترون جدًا".

يتم إثبات مخاوفهم بشكل جيد من قبل المحققين في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك أولئك التّابعين لوزارة الخارجية الأمريكية، والذين كان تقريرهم عن البحرين هذا العام حادًا: "أكثر المشاكل خطورة في مجال حقوق الإنسان شملت القدرة المحدودة للمواطنين على تغيير حكومتهم بشكل سلمي، اعتقال واحتجاز المحتجين (بعضهم كانوا عنيفين) أو توجيه تهم غامضة، ما أدى في بعض الأحيان إلى تعذيبهم وسوء معاملتهم في السّجن، وعدم مراعاة الإجراءات القانونية في محاكمة النّشطاء السّياسيين والنّشطاء من أجل حقوق الإنسان والطّلاب والصّحافيين، بما في ذلك الأحكام القاسية".

فرانك لاروي، وهو المقرر السّابق الخاص في الأمم المتحدة المعني بحرية التعبير، قال إن الأمور أصبحت أسوأ. وأضاف أن "الاعتقال التّعسفي هو أسلوبهم الأساسي في التّعامل مع المعارضة".

وقال لاروي إن البحرين رفضت دائًما طلبه بزيارتها نيابة عن الأمم المتحدة.

وردًا على أسئلة وجهتها إليها صحيفة الواشنطن بوست، قالت السّفارة البحرينية إنّ "وسائل الإعلام البحريني حرة تمامًا في الإبلاغ عن القضايا التي تحدث في البلاد. مع ذلك، ما لا يمكن قبوله في أي مجتمع هو إساءة استخدام الوسائل العامة لتحريض الأفراد على العنف والكراهية وإثارتهم". وأضافت في البيان أنه "علاوة على ذلك، البلد موجود في منطقة مضطربة، وعلى الحكومة واجب حماية مواطنيها وكذلك حلفائها، لتأمين محيط مستقر وآمن، وردع أولئك الذين يستغلون البيئة الحساسة لتحقيق أهداف شخصية".

انتفاضة، وبعدها قمع

في الوقت الذي حصل فيه الرّبيع العربي في البحرين، كانت الممالك الخليجية قد استفادت من دروس الثورات التي أسقطت النّظام في تونس ومصر. صحافيو وسائل التّواصل الاجتماعي والتّغطية الدّولية المستمرة على مدار 24 ساعة ساعدوا في دفع المطالبة بالديمقراطية، ووفروا دعمًا معنويًا للمتظاهرين. وأبدى تدفق الشّعب في الشّوارع أنه أمر لا يمكن السّيطرة عليه.

بالتّالي، بمجرد بدء المظاهرات السّلمية في المنامة، أرسلت المملكة العربية السّعودية -الرّاعي السّني الثّري للبحرين- 1000 جندي إلى البحرين، وساهمت الشرطة من الدّول الخليجية الأخرى في احتواء الحشود، التي كانت تطالب بالحرية السّياسية وبإنهاء التّمييز ضد الغالبية الشّيعية من السّكان.

تم اعتقال المئات وقُتِل العشرات. حتى الرّئيس أوباما، وهو حليف وثيق لكل من الأسر المالكة في السّعودية والبحرين، انتقد علنًا استخدام القوة المفرطة وحظر غالبية المبيعات العسكرية. (رفعت الإدارة الأمريكية الحظر في 30 يونيو/حزيران، ذاكرة "تقدمًا ذي مغزى في الإصلاح في مجال حقوق الإنسان والمصالحة).

تم إغلاق الصّحيفة المعارضة الوحيدة في البلاد، واعتُقِل أحد مؤسسيها، عبد الكريم فخراوي، وعُذّب حتى الموت أثناء الاعتقال، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.

مجموعة صغيرة من المصورين الصّحافيين المستقلين الشّباب النّحيفين، والذين باع عدد منهم الصّور عن طريق الوكالة الشّعبية المتمركزة في لندن "ديموتيكس"، أصبحت وسيلة الاتصال الوحيدة بالعالم الخارجي. وقال أحدهم، الذي تحدث مشترطًا عدم الكشف عن هويته، "إنّ الذين بقوا هم فقط أولئك الذين يستطيعون الرّكض بسرعة".

أعمالهم انتشرت على الصّفحات الأولى في جميع أنحاء العالم، مرفق بها أسماؤهم، ما جعلهم أهدافًا فورية للشّرطة رغم فوزهم حتى بأوسمة وجوائز دولية.

واحدًا تلو الآخر، وُجّهت إليهم الاتهامات، وحوكموا وحُكِم عليهم بالسّجن لسنوات، غالبًا لمشاركتهم في تجمعات غير قانونية والتّحريض على الكراهية في المملكة. عدد منهم اتّهِم بالمشاركة في أعمال العنف، وهو ما نفوه. بقي 8 مصورين خلف القضبان. حُكِم على المصور أحمد حميدان بالسّجن 10 سنوات بعد هجوم على مركز للشّرطة في سترة، وهي قرية شيعية فقيرة. قال إنّه كان يوثق اعمال العنف، لكن السّلطات قالت إنّه شارك في الهجمات.

خلال الانتفاضة، نظّم المحتجون أنفسهم وفقًا لاختصاصاتهم؛ العاملون في مجال الرّعاية الصّحية والرّياضيون والمدربون ووسائل الإعلام. فيصل هيات، وهو والد لأربعة أطفال، كان محللًا رياضيًا مشهورًا على التّلفزيون. وقد أيّد مطالب المحتجين. بعد مشاهدته رياضييه الأحبة يتعرضون للضّرب من قبل الشّرطة، انضم إلى مسيرة للإعلاميين حيث رفع قضبته وحمل لافتة كُتِب عليها: "صحافة حرة حرة".

نُشِرت صورته على التّلفزيون الرّسمي، الذي وصفه بالخائن.

بعد ثلاثة أيام، استُدعِي إلى مركز الشّرطة واستُجوِب بشأن المشاركة في تجمعات غير قانونية والتّحريض على كراهية النّظام.

وقد صدم اعتقاله الكثيرين، بمن فيهم جياني ميرلو، الرّئيس الإيطالي للرابطة الدّولية للصحافة الرّياضية، الذي حثّ البحرين على الإفراج عنه. وقال بعد القبض على هيات إنّه "سنقف دائمًا إلى جانب الصّحافيين الذين يناضلون للدّفاع عن حقوقهم وحريتهم".

يقول هيات إنّه أثناء اعتقاله، قُيّد في وضعيات مؤلمة وضُرِب بالأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه على ظهره وما بين ساقيه ويديه. وقال إن معتقليه كانوا عازمين ليس فقط على الاعتداء الجسدي بل على هزيمته نفسيًا. وضعوه في حاوية للمهملات. وأجبروه على تنظيف المراحيض العائمة. وجهوا الشّتائم لعائلته ومعتقداته الشّيعية. وقال إنّهم تحسسوا جسده وهددوه بالاغتصاب.

في اليوم الـ 85 لأسره، أُطلِق سراحه.

وقال هيات، وهو يحاول التّكلم بالإنكليزية مستخدمًا تطبيقًا للترجمة على هاتفه الذّكي، إنّه "يتألم في أعماق قلبه" مضيفًا "أشعر أنّه لا كرامة لدي".

أراد هيات العودة لممارسة عمله كصحافي رياضي، لكن لا أحد في البحرين أو أي بلد خليجي آخر يريد توظيفه.

المراسلون العرب الذين طُرِدوا من وظائفهم يوضعون غالبًا على اللائحة السّوداء في الدّول الخليجية الأخرى، بموجب اتفاقية أمنية إقليمية لمكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار، صُدّقت في العام 2012 ، وفقًا لصحافيين محليين.

عدد من الصّحافيين البحرينيين، الذين دعموا الاحتجاجات أو كتبوا عن الانتفاضة في وسائل الإعلام الأجنبية خسروا مؤقتًا أوراقهم الرّسمية. من دونها، لا يُسمَح لهم بتغطية الأحداث الرّسمية، ما يعني أنه لم يعد بإمكانهم العمل.

أولئك الذين لم يغادروا البلاد غيروا مهنهم، وقبلوا وظائف كتابة النّشرات الإخبارية أو عملوا متخفين، مختبئين في ظلام العالم الإلكتروني.

وقال مراسل يعمل في هذا المجال منذ زمن طويل، ويحاول البقاء آمنًا من خلال مغادرته البلاد دوريًا، إن "تويتر هو الوسيلة الوحيدة لنشر الأخبار والتّعبير عن غضبنا وبفعلك هذا، قد ينتهي بك المطاف في السّجن".

لكن الفضاء الإلكتروني لم يعد يشكل ملجأً. تم اعتقال عشرات المدونين وحُكِم عليهم على خلفية تغريدات اعتُبِرت مسيئة للملك أو تحث على الاحتجاج.

جمع الصّحافيين والزّج بهم في السّجن

حين دخلت القوات السّعودية إلى البحرين في العام 2011، أجج هذا التّحرك الانقسام السّني الشّيعي الموجود منذ مئات السّنين. أغضب هذا التّوغل السّكان الشّيعة في المنطقة الشّرقية الغنية بالنّفط في السّعودية، وقد شاركوا أخوتهم الشّيعة في البحرين غضبهم من التّمييز الذي يمارسه الحكّام السّنة. وعلى الرّغم من الحظر المفروض على التّجمعات المناهضة للحكومة، نزل السّكان الشّيعة في المحافظة الشّيعية السّعودية إلى الشّوارع للتّظاهر.

جاسم السافر، الذي كان يبلغ من العمر 26 عامًا حينها، كان مصورًا حرًا يعمل لصالح عوام فوتو، وهي وكالة لبيع صور الاحتفالات التّقليدية والدّينية. في ربيع العام 2011، بدأ بتوثيق الاحتجاجات في العوامية، مسقط رأسه في المنطقة الشّرقية، وفقًا لما قاله قريبه مهدي الزاهر، في مقابلة عبر سكايب من المملكة العربية السّعودية.

وكغالبية الأشخاص الذين يعيشون في العوامية، دعم السفار المحتجين. وتواصل مع صحافيين أجانب عبر وسائل التّواصل الاجتماعي، لأن السّلطات منعت الوصول إلى تلك المنطقة. وقال قريبه إنه كان دليلًا لأحدهم في احتجاج.

السافر عمل مشرفًا أيضًا في نسمة، وهي مجموعة تضمن أن العمال الأجانب يؤدون العمل المطلوب منهم وفي الوقت المحدد.

كان الهواء ثقيلًا في العوامية في صبيحة 8 يوليو/تموز 2011. قاربت الحرارة 100 درجة مباشرة بعد شروق الشّمس، ولم تكن قد أمطرت منذ أسابيع. استيقظ السفار على اتصال من مديره في نسمة يقول إنه يحتاجه فورًا.

وأثناء دخوله إلى موقف الشّركة، رأى سيارتي شرطة تنتظران عند البوابة. تم وضعه في سيارة إسعاف واقتياده على بعد 65 ميلًا شمالًا، إلى مركز شرطة جبيل.

في ذلك الصّباح، تم الاتصال بستة مصورين عاملين لدى عوام فوتو، ليأتوا إلى أماكن عملهم، حيث تم اعتقالهم أيضًا وزُجّوا في السّجن.

انتهى الأمر بالسافر في السّجن الانفرادي في سجن مديرية التّحقيقات العامة في الدّمام، وهي أكبر مدينة في المحافظة الشّرقية. وقال لقريبه إنّه تلقى الزّيارات فقط في كل أسبوع آخر من قبل الحراس الذين كانوا يستجوبونه ويضربونه ويحرمونه من النّوم.

وقال الزاهر إنّه بعد ستة أشهر من وصوله إلى الدّمام، وجدته أخيرًا عائلته التي كانت تبحث عنه.

وخلال زيارة مع قريبه، رفع السافر قميصه، وقال للزاهر إن "علامات التّعذيب باقية على ظهري، ولكن لا يمكنك إخبار أبي أو أمي. سيشعران بالأسف لأجلي وسيبكيان".

حوكم السافر من قبل قاض في محكمة الأمن القومي الخاصة. واتّهم بـ "إنشاء خلية إرهابية" و"نشر صور وفيديوهات على يوتيوب تضر بسمعة المملكة" و"اللقاء بمراسلين أجانب".

حُكِم عليه بالسّجن سبع سنوات، ومُنِع من السّفر لسبع سنوات إضافية أخرى.

في أعقاب الرّبيع العربي، أصبحت القوانين السّعودية لردع التّقارير الإخبارية المستقلة أكثر تشددًا، وازدادت العقوبات. ويتم استخدام قانون صيغ في العام 2013 بشكل غامض، يعرف "أي عمل ...يهدف إلى تعكير صفو النّظام العام في الدّولة... أو إهانة سمعتها أو مكانتها" لاعتقال المدونين.

وقد رفضت السّفارة السّعودية طلبًا للتّعليق على الأمر.

وسائل التّواصل الاجتماعي تفقد تأثيرها

شكّل الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعي الأوكسيجين الذي يتنشقه الرّبيع العربي. النّاشطون والصّحافيون - من الصّعب غالبًا التّفريق بينهما- استخدموا أدوات جيلهم للالتفاف على قوات الحرس القديم.وقد أدهشت فعاليتهم المؤسسة الأمنية.

لكن الحرس القديم استدرك الأمر تقنيًا، ويعود الفضل في ذلك إلى الشّركات الغربية التي تريد بيعهم التّدريب على وسائل المراقبة والتكنولوجيا الحديثة.

تطبق مصر شبكات أمنية اجتماعية جديدة ضمن مشروع رصد المخاطر على شبكات التّواصل الاجتماعي، وهو مشروع هازارد للمراقبة، الذي يسمح بالتّفتيش عن كلمات مفتاحية وتحليل الاتجاهات في الفايسبوك وتويتر وانستغرام ولينكد ان وغوغل وفايبر والواتس آب وغيرها من المواقع. في أي وقت، ستراقب مجموعة من 30 محللًا على الأقل كميات هائلة من البيانات باللّغة العربية العامية والفصحى، وفقًا لطلب قدمته وزارة الدّاخلية المصرية في العام 2014 تم تسريبه إلى وسائل الإعلام المصرية.

في البحرين، تراقب إدارة جديدة لمكافحة الجرائم الالكترونية المواقع الإلكترونية ووسائل التّواصل الاجتماعي على خلفية "تهديد الوحدة الوطنية". القانون السّعودي لمكافحة الجرائم الإلكترونية يطالب بسجن أي شخص يستخدم الإنترنت أو الحواسيب "لنشر مواد تؤثر على النّظام العام والقيم الدينية والأخلاق العامة والخصوصية".

المدون والمؤلف السعودي رائف بدوي، وعمره 31 عامًا، حُكِم عليه بالسّجن 10 سنوات وبألف جلدة في العام 2012 على خلفية "إهانة الإسلام عبر قنوات إلكترونية". هو يدير الشّبكة السّعودية اللّيبرالية، وهي منتدى لمناقشة الدّين والسّياسات.

جُلِد رائف بدوي الخمسين جلدة الأولى من حكمه في ساحة عامة، في يناير/كانون الثاني وسُجِّل ذبك خلسة من قبل أحد المارة على جهاز الهاتف. الغضب الدّولي دفع السّلطات السّعودية لمراجعة قضيته.

في يونيو/حزيران، أكد القاضي عقوبته.

في مصر، خطاب تقشعر له الأبدان

من بين كل دول الشّرق الأوسط التي هزها الرّبيع العربي، كانت مصر الحالة الأصعب أمام الصّحافيين الذين كانوا يحاولون متابعة الأحداث. قُتِل 10 صحافيين على الأقل وضُرِب 10 آخرين على يد قوات الأمن أو الميليشيات التي كانت تحاول تفريق الحشود والحد من التّغطية الدّولية للتّظاهرات التّاريخية.

من بين أولئك الذين خسروا حياتهم، ميك داين، 61 عامًا، وهو مصور يعمل لصالح سكاي نيوز. أطلقت قوات الأمن النّار عليه في أغسطس/آب 2013 أثناء محاولتها تفريق المتظاهرين في القاهرة. دين كان زوج دانييلا دين، وهي مراسلة لصحيفة الواشنطن بوست.

وبعد إجبار الرّجل القوي حسني مبارك على التّنحي، ازدهرت الصّحافة المستقلة لحوالي 18 شهرًا.

الرّقابة والاعتقالات والملاحقة عادت لتظهر بعد انتخاب محمد مرسي، القيادي في الأخوان المسلمون، رئيسًا. وتحولت بعض الصحف الـ 600 في البلاد إلى وسائل للدعاية.

الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، الذي أدى إلى تولي الجنرال عبد الفتاح السّيسي الحكم، حظر صحف الأخوان وقنوات الراديو والتّلفزيون الخاصة بهم وسجن صحافييهم.

أجبرت الحكومة العسكرية الجديدة الإعلام على العودة إلى أيام الأحكام العرفية، مع تطور ملحوظ: في تشرين الأول/أكتوبر 2014، قالت مجموعة من المحررين إنّها ستحد من انتقادها لمؤسسات الدّولة، بما في ذلك العسكر، حفاظًا على الاستقرار.

صحيفة واحدة شكلت استثناء. لينا عطا الله، رئيسة تحرير مدى مصر، قالت إن وسيلة الإعلام النّاطقة بالعربية والإنكليزية ستظل تحاول تغطية كل الأخبار.
وعند سؤالها عما إذا كانت تراقب نفسها، استغرقت دقيقة من الوقت للرّد. أجابت أنّه "عليك أن تكون سياسيًا. في كثير من الأحيان، تعيد قراءة عناوين الصّحف والتّفكير فيها وإعادة التّفكير... علينا أن نخوض هذا الأمر لنستمر".

عندما طلبنا منها الشّرح أكثر، قالت إن "إعطاء بعض الأمثلة سيعرضنا للخطر. في حال كانت إحدى المقالات تنتقد النّظام، قد تخفف مدى مصر من حدة اللهجة في العنوان الرّئيسي بحيث لا يلفت الأنظار كثيرًا. نحاول الاستفادة من هذه الثّغرات من أجل عدم تعريض المحتوى الفعلي للخطر".

لا يزال حوالي 10 صحافيين في السّجن.

الحكومة تشد السّلاسل

أن تكون صحافيًا اليوم في البحرين يعني أن تكون خائفًا جدًا من إغضاب السّلطات بحيث، حين تدعو الرّقابة في سلطات شؤون الإعلام إلى تغيير كلمة في عنوان رئيسي، يتم تغييرها.

صحافي من المنامة، لا نستطيع ذكر اسمه، ويعمل في صحيفة لا نستطيع تسميتها، والتي غير محرروها كلمة واحدة لا يمكن كشفها، كل ذلك خوفًا من انتقام الحكومة، قال لنا إن "أحدهم اتصل -واختفت الكلمة تمامًا".

كونك صحافيًا في المنامة لا يستطيع إيجاد عمل كمراسل مستقل، كما حال فيصل هيات، يعني أن تلجأ إلى المونولوجات السّاخرة وتنشرها على اليوتيوب.

المقاطع الهزلية التي يقدمها هيات تدعى :شحوال" باللغة العربية. يلجأ فيها إلى النّكتة ليمرر عبرها نقده للحكومة. في بعض الأحيان، لا تكون خفية جدًا، كما في الحلقة التي أنهى تسجيلها في ديسمبر/كانون الأول. وقال، أثناء جلوسه في المقهى، يلوح من وقت لآخر لبعض المعجبين الذين عرفوه، إنّه "قلق بعض الشّيء بشأن هذه الحلقة.

في الحلقة المشار إليها، يطلق هيات النّكات بشأن نتائج الانتخابات الأخيرة. عرض هيات مقطع فيديو يظهر فيه رجال الشّرطة وهم يتسلقون جدار منزل، وكرّر تأكيد الحكومة بأن الشّرطة تطلب الإذن أولًا لدخول منزل ما. "أرأيتم كيف يطلبون الإذن بالدّخول؟".

تمت مشاهدة الحلقة 9671 مرة.

ويقول هيات إنه "في بعض الأحيان، حين أخرج من منزلي، أتوقع حدوث أي شيء: حادث سيارة أو أن يطلق أحدهم النّار علي". لكنه يواصل الخروج واللّقاء بأصدقائه، وإعداد وعرض فيديوهاته.
يقول إن "شيئًا فيي تغير بعد السّجن. لدي حقوق وسأواصل نضالي من أجلها إلى أن يتغير شيء ما".

*بريست ساهمت بالتّحقيق من البحرين.

*ماك فيليبس وجون فرسين والمساهمان إدريس علي وكورتني مابيوس هم طلاب في كلية فيليب ميريل للإعلام في جامعة ميريلاند. كونه أستاذًا في الكلية، ساهم بريست في تنظيم مشروع طلابي يدعى "فك وثاق الصّحافة" لإثارة الوعي حول الصّحافيين المسجونين وتمويل جمعية حماية الصّحافيين.

25 يوليو/تموز 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus