افتتاحية مرآة البحرين: عيد تناقضات كرسي 16ديسمبر

2011-12-16 - 11:04 ص


مرآة البحرين (خاص): الربيع لحظة وفاء الطبيعة بما تعد، والربيع العربي هو لحظة فضح الأرض العربية لخيانة حكامها لما كانوا يَعدِون. كانوا يعدون بلدانهم بأعياد أوطان لم تنبتها الأرض العربية، وظلوا يحتفلون بكراسيهم التي صارت أوطانا لأطنان من سنوات الجَدْب والجذب (الكذب)، جدب أوطانهم وجَذِب سيرهم.

16 ديسمبر واحد من تواريخ هذه الأوطان، ملك يبحث فيه عن مخرج لمأزقه، لا مخرج لمأزق وطنه الذي عرّاه حدث 14 فبراير، كان تقرير تقصي الحقائق مخرج لسياسته الممنهجة، وهو لا زال يثبت أنه معني بكرسي جلوسه أكثر مما هو معني بوطنه.
يقول ملك كرسي 16 ديسمبر "كان قرارنا هذا بانفتاح صدر الوطن لكل أبنائه بلا استثناء، أملا عزيزا راودنا منذ عهد الصبا، ومبادرة لتصحيح مسار تاريخنا الوطني. ونحمد الله ان وفقنا اليه، فقد كان أيضا حلما راود الآباء والأجداد الذين أوصونا باتخاذه في اللحظة المناسبة"

تثبيت ميزان الوطن لا يحتاج لخبراء: خبير تقصي حقائق، خبير شرطة، خبير أمني. إنه يحتاج  لإرادة تملك شجاعة اللحظة المناسبة التي لم تأت بعد، تشبه تلك الإرادة التي حققت فيها جنوب أفريقيا لحظتها الوطنية، وحققت فيها أمريكا لحظتها التاريخية، وحققت فيها أوروبا الشرقية لحظتها الديمقراطية. إنها لحظات شجاعة وصادقة. وهذه اللحظة هي ما ظللنا نهيئها ونخصّبها في أرضنا وكانت لحظة 14 فبراير لحظتها التي افتقدت شجاعة الملك. وحين تفتقد لحظة تاريخية مناسبة لن تسعفك خبرات العالم ودهاة خبرائه في استعادتها.

لن تسعفك عشر سنوات تنشئ فيها كلمات ولا تنشئ وطناً.لن يسعفك أن تجعل كرسيك ميزاناً للوطن، ولا تجعل الوطن معياراً لكرسيك، لن يسعفك أن تقول "لا بد من الإشارة هنا الى اني أعدت التأكيد مرارا في الأحاديث الموجهة الى المواطنين، وفي أكثر من مناسبة، إلى أنه «لا عودة للماضي» و«لن تعود عقارب الساعة الى الوراء». قصدت بذلك إلى أنه لا بد من وضع الضمانات، واتخاذ ما يلزم من احتياط، لعدم عودة الوطن الى تلك التجارب المرة والطرق المسدودة التي أعاقت المسيرة، وأبعدت البحرين عن ريادتها ومسارها التطوري والتقدمي الذي تميزت به بين دول المنطقة منذ مطلع النهضة"

لن يسعفك في تحقيق لحظة الوطن التاريخية أنك تنشئ كلمات، وفي مقابلها تنشئ واقعاً ليس يكذبها فقط، بل يهدمها، تحدثنا عن الأيام التي لم نعشها، وترينا الأيام المرة التي عاشها آباؤنا، تعدنا ألا نعود للماضي وطرقه المسدودة، وتنشئ لنا مستقبلاً كله ماضٍ مسدودة طرقه، تبشرنا بالأراضي وتهدي شبابنا المقابر، تعشمنا بالمصالحة وتوقعنا في المخاصمة.

تروي لنا أنك "حلمت بوطن يحتضن كل أبنائه" وترينا وطناً يذبح أبناءه. تحدثنا عن الضمانات وحين طالبناك بها كي لا نعود إلى زمن تناقض قولك وفعلك، سددت في وجهنا الحاضر والمستقبل، وأدخلت البلاد فيما يضمن كرسيك ولا يضمن كرسي الوطن.

تقول "إن جميع أجيال البحرين أثبتت في ذلك اليوم الربيعي المبكر من شهر فبراير 2001 إنها جديرة بالثقة، وإنها عند حسن الظن، كبارا وصغارا، رجالا ونساء، يمينا ويسارا وحتى المسنون والعجزة أصروا على ممارسة حقهم وواجبهم الديمقراطي من بيوتهم" وتقول  عبر أجهزتك الإعلامية عنا أننا خونة وغير جديرين بالثقة وعملاء للخارج، تقول ذلك عن كبارنا وصغارنا ورجالنا ونسائنا وعن يسارنا ويميننا، وحتى عن المسنين والعجزة تقول ذلك.

تحدثنا عن آلمك"هكذا تركت فكرة «الإبعاد» عن الوطن من قبل الأجنبي أعمق آثار الألم في النفس منذ الطفولة وقد تعمق لدينا هذا الألم شخصيا وإنسانيا ... مما غرس في النفس البذرة القوية للنفور من إجراءات الإبعاد، والتي لم يماثلها قوة لدينا ويخفف من آثارها غير الفرح والارتياح الناجم عن عودة كل مبعد الى وطنه" ثم تجترح لنا آلماً بتعميق جرح الإبعاد وتوسيعه، أكثر، كانوا بين نار البعد ونار السجن أو الموت، وما بينهما نار الإذلال وافتقاد لحظة الفرح.

عيد تستعاد فيه تناقضات القول والفعل، تتعمق في هذا العيد التناقضات أكثر، حتى غدت مستحيلة الجمع، مستحيلة الجلوس على كرسي واحد.كيف نحتفل بوطننا، في عيد جلوسك الذي يعيد لذاكرتنا الراهنة حدة الصدمة بين ما تقول لنا وعنا وبين ما تفعل بنا وفينا.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus