"مايك" العرادي: هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
2015-07-26 - 3:04 م
مرآة البحرين (خاص): اختلف العلماء حول "مايك" العرادي: سُحب أم سقط سهواً؟ الأقوال في ذلك متعدّدة. صاحب الشأن نفسه وضيف تلفزيون "البحرين"، الشيخ محمد سعيد العرادي قال إن في الأمر "إنّ"، أي شبهة. لكن الشبهة سرعان ما زالت في وقت لاحق بعد أن راح يمعن في الأمر. على الأقل بالنسبة له شخصياً.
وقد عاد ليكتب "دققت كثيراً في الفيديو المنتشر على اليوتيوب ولاحظت أن المايك مسحوب". غير أن ذلك لم يكن مقنعاً بالنسبة إلى المغرّد محمد البوفلاسة الذي دافع عن نظريّة أخرى ركز فيها على العناصر التقنية. ويقول "للعلم فقط المايك بدون واير (سلك موصّل)، يعني لاسلكي"، على حد زعمه.
الحقيقة أن الفيديو المصوّر نفسه لا ينفك يوقع مشاهده في اللبس. لكن مزيداً من التدقيق في الأمر كفيل بترجيح إحدى الكفتين.
لا يظهر التصوير أن الشيخ العرادي قد قام بتحريك جسده في موقع تثبيت اللاقط على جلبابه مما يمكن أن يؤدي إلى سقوطه العفويّ. نحن أمام سقوط مفاجيء لجهاز اللاقط وقت حديث الضيف بينما كان يتمنّع عن الاستجابة إلى الأسلوب الاستنطاقي الذي أراده معدو الحلقة. إزاء ذلك يجلس أمامه المذيع في موقف المتفرّج في الوقت الذي همّ فيه الضيف بالتفتيش عنه في أسفل الطاولة.
ثم فجأة ينتهي اللقاء عند ذلك متزامناً مع حملة مواكبة أطلقها موالو الحكومة على شبكات التواصل تقول إن وزير هيئة شئون الإعلام اتخذ قراراً بطرد الضيف فوراً بعد اتضاح أن آراءه لم تكن تتماشى مع أغراض البرنامج. وفعلاً، فإن مقعد الضيف بدا فارغاً حال استئناف الحلقة.
نبيل رجب، تجاوز من موقعه كرئيس لمركز حقوقي اختلاف المختلفين؛ إذ رأى أنها "جدالات واختلافات لاتعني الحقوقيين والنشطاء السياسيين في شيء".
ما الذي يعنيهم إذاً؟ الدعاء فقط. وقد صرّح بهذا الصدد مداعباً "أدعو الله أن يرجع المايك سالماً غانماً ويسلم هذا الشيخ الذي كادت عملية السحب أن تسحب ملابسه معها".
أما العقيد السابق بقوة دفاع البحرين محمد الزياني فبدا أميل إلى ترجيح فرضية الإسقاط العمدية للاقط.
ويقول في تعليق على تغريدة للشيخ العرادي "لم يعطونا فرصه للتداخل، فقد اكتشفنا ذلك قبلك وطالبنا بعقاب المتسبب ولو كان الوزير نفسه، كان من الممكن (الخروج في) فاصل وإبعادك".
لقد امتنع تلفزيون البحرين نفسه عن البتّ في الأمر. وبدلاً من ذلك فقد تعرّض وزير شئون الإعلام عيسى بن عبدالرحمن الحمادي إلى الشرشحة. إنه وزير ضعيف ليس من العائلة الحاكمة وبلا أيّ ظهر. لقد أقالت حلقة تلفزيونية في السابق وزيراً قبله وهناك من يلوّح بأن دوره قد حان.
لكن بعيداً عن ذلك فإن الأمر برمّته لا يخلو من نكتة. لقد شغل سحب "المايك" الرأي العام البحريني لساعات. وهناك من استثمره في الشماتة من التلفزيون الوطني الذي يقول مأثور قديم "إن أحداً ما لا يمكنه إصلاحه كائناً من كان".
لقد تفنن الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة في الاستعانة بمستشارين من الشرق والغرب أنفقت عليهم مئات آلاف الدنانير لتأهيله وتطويره. ولم تخل فترة وزير - حوالي تسعة وزراء منذ العام 1994- من خطة للنهوض بالتلفزيون. لكنّ كل تلك الخطط قد ذرتها الرّياح من دون أن تسفر عن أية فائدة. أما البحرينيون فلا يبدو أن أي أمر قد استجدّ حتى الآن يدعوهم للتخلي عن نظرتهم للشاشة الرسمية التي يطلقون عليها "تلفزيون العورة". وها هم مرّة أخرى أمام فصول "بلطجة" شاهدوا بعض فصولها على الهواء. ضيف يتم سحب لاقطه فيما كان يدلي بمداخلة مثلت في أسوأ حال "رأياً آخر".
لقد جدد سقوط اللاقط الأسئلة المتعلقة بحرية التعبير على الشاشة الرسمية. ويقول الصحافي فيصل هيات "هذا ضيف، أنتم من وجهتم الدعوة له، وحين عبر عن رأيه سحبتم المايك منه". أما الصحافية نزيهة سعيد فرأيها أن "تريدمارك الديكتاتورية: يا تقول اللي نبيه يا اسحب المايك". إن القصة أبعد من سقوط لاقط. وهي تكشف مستوى الحضيض الذي بلغه الإعلام الرّسمي. لكن وراء كل ذلك حضيض نظام بائس يبدو في أشد فتراته ضعفاً وهشاشة؛ حتى وهو يتظاهر عكس ذلك.