جائزة "يونايتد برس" في مدار "ربيع البحرين": يومٌ لم يكن لنا فيه "برار"!

2011-12-14 - 11:50 ص

                                                          الصورة الفائزة بالجائزة


مرآة البحرين (خاص):
يظهر المشهد كما لو أنه مستلّ من إحدى الملاحم الإغريقية، مُصوّراً بريشة فنان استشراقي. الدقة في تجسيد التعبيرات، وتمثيل حالات الهلع القويّة، والفوضى العارمة، فيما يمكن أن يعطي إحساساً حقيقيا بالحرب، قامت قيامتها، أو شبهها.

لكنه، لحسن الحظ، ليس مشهداً إغريقياً، ولا هو من بنات "تصويرات" مستشرق متولّع برصف التمثيلات، حيال الأغيار، معتمداً على الدرس الذي حفظه من المدونة الاستشراقية. إنه ببساطة مشهد شرقي بامتياز، لا تمثيل فيه، أو اصطناع، ولا صور ذهنية منمّطة. ومصوّره البارع، لم يأت إلى الشرق مسلّحاً بوعي أسطوري، بل هو منه وفيه.

تماماً، إن ذلك هو المشهد الذي تظهره الصورة الفوتوغرافية الفائزة بجائزة وكالة يونايتد برس للعام 2011. المتظاهرون ومنهم من لبس الأكفان في لحظة "العرير"، هاربين من خطر داهم. بينهم تتطاير أعمدة الدخان الأبيض الكثيف مضبّبة الرؤية، من فرط إلقاء قنابل الغاز الخانق.

لكن أيضاً، إمعاناً في إضفاء ختمٍ مشهدي على الملحمة، بأدواتها، سيبرز اللون الأحمر القاني للعلم الوطني، مكرراً في رايتين منتصبتين في الهواء بين يدي اثنين من المشاركين. لا أحد منهم مقبل على الموت، أو يود ذلك، جميعهم رجعوا القهقرى؛ وحتى ذاك الذي بان مرتدياً الكفن، تكثيفاً رمزياً لقوة الإقبال على التضحية، والفناء لأجلها، سيتدلى من إحدى يديه سوار ورد، الدلالة المثلى على السلمية، وإرادة الحياة، بما في ذلك تلك التي للخصم. على الرغم من أن الأخير يختفي تماماً من المشهد، من غير أن يختفي أثره.

وفي تكثيف دامغ لقوة الرمزيات، سيحضر عذقان من سعف النخل، خفْراً من الإطار الأيمن، واشييْن معاً بعبقرية المكان وسط سطوة المناخي القاسي... أين! وهو ما كانه فعلاً يوم 11 مارس/ آذار، يوم مسيرة الديوان الملكي؛ حيث لم يكن يوماً عادياً، وكان يرفّ حوله بوجل، خفْق القلوب : ما الذي سيحدث! وحيث شهد هذا اليوم أيضاً انقسام ثوار 14 فبراير/ شباط، مع وضد المسيرة، فيما وُلد في المقابل المصطلح الأثير الذي سيتخذ بعداً وظيفياً لاحقاً: بلطجية!

يستحق المصور عيسى إبراهيم فعلاً جائزة يونايتد برس. وتستحق قريته سترة، التثمين الضافي، على صمودها وصبرها الأسطوريين لقاء الثمن الذي دفعته: أحد عشر شهيداً من لحم ودم. فيما القتلة الفاشيّون لايزالون يلقون بقذائف الغاز من الخلف. ومذّاك حتى الساعة، الناس قابعون في لحظة "العرير"، هاربين من خطر داهم، غير أن القلعة صامدة!

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus