صفاء الخواجة: (عبدالإثناعشر) من أيدي الشرطة لأيدي الأطباء في العناية المركزة
صفاء الخواجة - 2015-07-15 - 5:56 ص
صفاء الخواجة*
أبناء هذا الوطن، يواجهون مصير الاعتقال بدلاً من الرعاية والاحتضان، السلطة التي لا تكلّف نفسها توفير الرعاية الصحية لفئة طالما نخر المرض في جسدها وطالما تكاثر ضحاياه (السكلر)، هي ذاتها التي تنشط في (توفير أسوأ درجات) المهانة والتعذيب والانتقام والتشفي والتهميش للفئة ذاتها، وتعزز ذلك باعتقالهم وتعذيبهم ومحاكمتهم والنيل منهم دون اعتبار لحالاتهم المرضية المزمنة.
حسن علي عبد الله يوسف جاسم (عبدالإثناعشر) "20 عاما" من منطقة الدراز، مصاب بالسكلر وكان مطلوباً للسلطات الأمنية، اجتمعت عليه ويلات المرض والاعتقال، ضحايا هذا المرض بالمئات وسط لا مبالاة من السلطة وعدم اهتمامها.
كان حسن يصلي صلاة المغرب بالمسجد في 11 أبريل/نيسان 2015، وبعد أن انتهى من الصلاة أحس بأمرٍ ما، ثمة شعور غريب خالجه بأن شيئاً ما غير مألوف يحدث من حوله، هرب من المسجد إلى منزل خالته، وصعد مسرعاً إلى سطح المنزل، لكن السلطات الأمنية كانت قد حاصرت المنطقة بالكامل بشكل عام، ومنزل خالته بشكل خاص، اعتقل وطُرح أرضاً، وانهال عليه منتسبو الأجهزة الأمنية بالضرب، مستخدمين كعب السلاح، والركل بالحذاء، حتى دخل مرحلة الإغماء وفقد وعيه بشكل كامل من شدّة الضرب، ولاحقاً وجهت له تهمة التجمهر، وتعريض حياة الناس للخطر، والهرب من رجال الأمن.
بتاريخ 19 أبريل/نيسان 2015 وبعد 8 أيام من الاعتقال والاختفاء القسري، اتصل حسن وأخبر عائلته بتواجده في مستشفى السلمانية، حيث تعرض لكسر في رجله أثناء الاعتقال وتدهور حالته الصحية جراء التعذيب الذي تعرض له، وأخبرهم بأنه تعرض إلى نوبات سكلر بالرغم من انه عدم تعرضه لمثل هذه النوبات سابقاً.
في 21 يونيو/حزيران 2015 أُخرج حسن من المستشفى قبل إتمام علاجه وتم وضعه في "الحجز الانفرادي" لمدة أسبوعين وتم حرمان عائلته من زيارته.
بتاريخ 13 يوليو/تموز الجاري وفي قرابة التاسعة صباحا تواردت لعائلته أنباء تفيد بتواجده في العناية الفائقة (المركّزة) تحت الراقبة المشددة، حاول والد المعتقل الدخول لرؤية ابنه ولكن لم يسمح له بذلك، وبعد محاولات من التوسل الممزوجة بدموع الألم رقّ قلب أحد عناصر الأمن "يمني الجنسية" وسمح له برؤية ابنه.
أين هي حقوق السجين؟
1- يجب أن تتوفر في كل سجين خدمات طبية مناسبة بما فيها الطب النفسي و ينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية.
2- لا يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية كالأغلال والسلاسل والأصداف وثياب التكبيل كوسائل للعقاب، فلماذا لا تطبق على السجناء في البحرين؟
وبالرجوع إلى القانون النموذجي العربي الموحد الصادر العام 2000 والذي وضع فيه بعض القواعد للحد الأدنى لمعاملة المسجونين رجوعاً إلى مؤتمر جنيف العام 1955، من بينها ضمان التفتيش الإداري والقضائي كأحد آليات الرقابة على حسن معاملة السجناء من توفير للرعاية الصحية والاجتماعية وصون كرامتهم.
المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أنه "(1) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والرعاية الطبية و الخدمات الاجتماعية اللازمة، والحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة أو فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته".
إن حرمان السجناء من الصحة والرعاية الطبية الكافية، يعتبر خرقا واضحا للقوانين الدولية التي تضمن حق الرعاية الصحية حتى في زمن الحرب، ولكن في البحرين يتم تجاهل هذا الحق باستمرار مما أدى إلى وفاة محمد مشيمع، وهو سجين رأي يبلغ من العمر 22 عاما، والذي توفي بسبب إصابته بفقر الدم المنجلي "السكلر" و بسبب انعدام الرعاية الطبية الملائمة في السجن.
والسؤال الذي دائماً ما نطرحه في مثل هذه الحالات، لماذا لا تلتزم السلطات بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وخاصة حقوق السجناء في الحصول على الرعاية الطبية الكاملة؟
*ناشطة بحرينية حقوقية.