جين كينيمونت: سجن الإصلاحيين يسلط الضّوء على الهشاشة السّياسية في البحرين

2015-06-23 - 7:36 م

جين كينيمونت، مركز تشاتام هاوس للأبحاث
ترجمة: مرآة البحرين

لمَح الرّئيس أوباما مؤخرًا في مقابلة معه أنّه على الدّول الخليجية الخوف أكثر من الحراكات السّياسية الدّاخلية أكثر من إيران. مع ذلك، كان رد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على عقوبة السّنوات الأربع المُوجَهة هذا الأسبوع إلى الشّيخ علي سلمان، زعيم جمعية الوفاق، وهي أكبر حركة سياسية معارضة معترف بها قانونيًا، خافتًا. ويعود هذا إلى حد كبير إلى تركيز الحلفاء الغربيين للبحرين على طمأنة الدّول الخليجية بأنّهم ملتزمون بأمنها، في الفترة التي تسبق اتفاقًا محتملًا مع إيران بشأن برنامجها النّووي، الذي يُقلق المملكة العربية السّعودية والبحرين وغيرهما من الدّول الخليجية. على أي حال، من المُرَجّح فقط أن يجعل ازدياد القمع الدّاخلي حراك المعارضة الواسع في البحرين أكثر تطرفًا ومعاداة للغرب، وهذا أمر يشكل في نهاية المطاف إشكالية لأمن منطقة الخليج وشعوبها.

من البرلمان إلى السّجن

تُبين الحياة السّياسية للشّيخ علي سلمان دورة الإصلاح والقمع في البحرين. لكونه زعيمًا رئيسيًا في انتفاضة المعارضة في التّسعينيات في البحرين، تم اعتقاله ونفيه إلى لندن. عاد بعد إصدار عفو عام في العام 2001. في "حقبة الإصلاح" التي تبعت، أصبح الشّيخ علي نائبًا في البرلمان لأربع سنوات، قائدًا جمعية الوفاق. لكن الإصلاحات الجزئية وغير الأكيدة في العام 2000 تركت كلًا من الحكومة والمعارضة غير راضين، والمشهد السّياسي مزعزعًا. منذ الانتفاضة وحملة القمع في العام 2011، قاطعت جمعيته المجلس النّيابي، وتم سجن عدة نواب سابقين أو نفيهم أو إسقاط جنسياتهم، لكن حتّى الفترة الأخيرة، كانت شعبية الشّيخ علي وتاريخ حواره مع الحكومة قد ضمنا له نوعًا من الحماية.

تمتلك البحرين أكبر الحراكات السّياسية للقواعد الشّعبية وأكثرها تنظيمًا بين الدّول الخليجية، الأمر الذي يعكس رغبة واسعة بالتّغيير السّياسي، خصوصًا ولكن ليس حصرًا لدى المجتمع المسلم الشّيعي (ربّما 60 في المائة من المواطنين). جمعية الوفاق هي الحركة الشّيعية الرّئيسية، التي تركز أكثر على المطالب السّياسية بدلًا من تلك الدّينية وتدعو إلى دولة مدنية، على الرّغم من تأثرها بأبرز عالم دين شيعي في البلاد، الشّيخ عيسى قاسم. وفي المرة الأخيرة التي شاركت فيها في الانتخابات، في العام 2010، فازت بـ 45 بالمائة من الأصوات. داخل المعارضة، برز الشّيخ علي سلمان كأحد أبرز المعتدلين الرّئيسيين. لقد قال لحشود الشّباب المتظاهرين إنّه لا يجب أن يقولوا "يسقط حمد" (وهو شعار مُفَضّل في الاحتجاج). هو يتبع نهج آية الله السّيد علي السّيستاني في العراق، وهو قوة موازنة للتّفسير الإيراني للإسلام الشّيعي. وهو يدعو إلى برلمان وحكومة مُنتخَبين كليًا، لكنّه يقول إنّ تغييرًا دستوريًا كبيرًا مماثلًا سيحتاج للتّصديق عليه في استفتاء للغالبية العظمى، ومعنى ذلك أنّه لا يمكن تمريره بدعم الشّيعة وحدهم.

تمّت تجزئة الحركات الإسلامية السّنية وتشكيكها بنظرائها الشّيعة، خوفًا من كون خطابهم المؤيد للديمقراطية رمزًا لاستبداد الغالبية أو علماء الدّين، مع بروز العراق كمثال مخيف. وجد النّظام أنّه من المفيد استخدام هذه المخاوف في العام 2011، للتّشكيك في المعارضة.

الآن تم اتّهام الشّيخ علي سلمان بالتّحريض على العنف في خطاب ألقاه قال فيه إنّ الوفاق تلقّت عروضًا بتقديم السّلاح لها من قبل أجانب متعاطفين، لكنّها رفضت هذا الخيار. وقالت السّلطات إنّ مجرد التّلميح إلى احتمال مماثل كان غير قانوني. وقد ضرب هذا التّعليق وترًا حساسًا في مؤسسة تخشى الميليشيات العراقية والحرس الثّوري الإيراني. وقال قائد الشّرطة هذا الأسبوع إنّهم اكتشفوا مخبأ للمتفجرات المستوردة لأهداف إرهابية.

التّمركز السّياسي

لكن الحكم على الشّيخ علي يعكس ديناميات سياسية أخرى. أشارت السّلطات إلى أنّها قد تكون حظرت جمعية الوفاق في مناسبات عدّة منذ العام 2011، لكنّها في كل مرة تراجعت عن ذلك. الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نصحتا بهدوء السّلطات البحرينية بأن حظر الجمعية السّياسية المعارضة الرّئيسية في البلاد سيعود بنتائج عكسية عليها. هذه النّصيحة تتوافق مع وجهة نظر البعض في المؤسسة الحاكمة، إضافة إلى ولي العهد، بأنّهم قد يحتاجون الوفاق في نهاية المطاف في حال أرادوا التّوصل إلى تسوية سياسية مع المعارضة.

بدلًا من ذلك، مهد فشل المحادثات بين الحكومة والمعارضة العام الماضي الطّريق لاعتقال الشّيخ علي. أراد ولي العهد وحلفاؤه إنهاء مقاطعة الوفاق للبرلمان المنتخب نصفه، لكن الجمعية لم ترد المشاركة في انتخابات تجدها ضعيفة ومُزَوّرة. مع ذلك، لو كانوا في البرلمان، لما كان الشّيخ علي في السّجن الآن.

الدينامية السياسية الثانية إقليمية. بالنّسبة للولايات المتحدة، تشكل الصّفقة مع إيران أولوية رئيسية في سياستها في الشّرق الأوسط. ولتحقيق هذه الغاية، تسعى إلى طمأنة حلفائها الخليجيين بشأن التزامها بأمنهم. وللسّبب ذاته، لا تنتقد الولايات المتحدة علنًا الغارات الجوية للسّعودية على اليمن، على الرّغم من الشّكوك داخل الإدارة. قد يحدو الأمل البعض في المعارضة البحرينية بأن يدفع الضّغط الدّولي أسرتهم الحاكمة إلى تسوية سياسية. لكن هذه التوّقعات تبدو غير واقعية. بدلًا من ذلك، من المُرَجّح أن الحكم على الشّيخ علي قد يُضعف تلك الفصائل، ويشجع آخرين يحاججون بأن المواجهات هي السّبيل الوحيد للمضي قُدُمًا.

التّاريخ: 19 يونيو/حزيران 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus