البحرين بعد إدانة سلمان: الحكومة تطالب المعارضة بـ "الخضوع والتوبة" وتغيير قيادتها

2015-06-19 - 10:59 م

مرآة البحرين (خاص): استنفذ الحراك من أجل إطلاق سراح زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان كافة الخطوات السلمية الممكنة من المعارضة البحرينية. لم تنفع الوساطات، ولا المناشدات التي أطلقها كبار رجال الدين، ولا البيانات المتتالية للمعارضة، أو لمنظمة العفو الدولية وغيرها، ولا الجلسات القصيرة والمطولة مع دبلوماسيين غربيين.

الخلاصة كانت حكماً بالسجن اعتبرته السلطة مخففاً، وقالت النيابة العامة إنها تفكر في استئنافه. كل هذا المشهد كانت خلاصته في البيان الذي صدر أمس من الجانب الأميركي، وكل من قرأه بدقة رأى أن الأميركي معترض على بعض الاتهامات التي وجهت لسلمان. قال البيان إن الجانب الأميركي يعبر عن قلقه من الاتهامات. وهكذا سقطت تهمتي التحريض على إسقاط النظام بالقوة، والدعوة للعنف، وبقيت تهمتي التحريض على كراهية فئة من المواطنين، وإهانة وزارة الداخلية، والحكم بالسجن في خصوص هاتين التهمتين تحديداً.

بعد جلسة الحكم مباشرة بدأت تتوالى الأسئلة، كيف سترد المعارضة على هذا التصعيد الرسمي؟ ما هي الخطوات الممكنة للضغط على النظام لتليين تعنّته شرط أن تكون تحت سقف الخيار السلميّ الذي يحفظ البلد. وهل يمكن للمعارضة التصعيد في ظل اقتراب خطر تنظيم داعش الإرهابي من البحرين، خصوصاً بعد تفجيري القديح والدمام في المنطقة الشرقية في السعودية وهي المنطقة التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن المنامة.

في ظل التحدي والاستهداف المزدوج ما الذي يمكن عمله؟ هل ستواصل المعارضة انقسامها (المرهق) بين أصلاحيين وإسقاطيين؟ وما فرص بقاء العمل السياسي أصلاً بعد بقاء زعيم المعارضة داخل السجن بحكم رسميّ؟

تريد السلطة إدانة أمين عام الوفاق بحكم قضائي تام، أي بعد تأكيد الحكم من قبل محكمتي الاستئناف والتمييز. الهدف، لكي يتسنى لوزارة العدل المشرفة على عمل الجمعيات السياسية في البحرين المطالبة بإسقاط سلمان من منصبه، إذ يشترط أن تكون الصحيفة الجنائية للشخص الذي يحتل منصب أمين عام جمعية سياسية خالياً من أية إدانة. وهو ذاته ما تم عمله مع أمين عام جمعية وعد إبراهيم شريف. هذا تحدٍ آخر، مع الإشارة إلى أن نائب رئيس شورى جمعية الوفاق محمد جميل الجمري قال في وقفة تضامنية قبل ليلة من صدور الحكم: متمسكون بقيادة الشيخ علي سلمان.

ما الذي تريده الحكومة البحرينية إذن؟ هناك مثل يقول "خذوا أسرارهم من صغارهم"، وفي حالة الحكومة البحرينية، نأخذ ما لا تبوح به من خلال ألسنة مواليها المقربين. تهدف الحكومة إلى محاصرة العمل السياسي وضربه، وتنفيذ هدف واحد لم تعلنه هي، إنما أعلنه النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، وهو شخصية موالية معبّرة عن لسان النظام الرسمي، قال في مقابلة له مع صحيفة الوسط البحرينية: المشكلة في البحرين لم تحل بعد. وعندما سُئل حول ذلك، كان رده: لأن بعض الجمعيات السياسية مازالت غير مشاركة في العمل السياسي، ومن يدعي بأنه يمارس السياسة فعليه أن يشارك في العمل السياسي الرسمي العلني لا أن يذهب للعمل السري أو الشارع، وهناك مؤسسات دستورية على من يلعب سياسة أن يشارك فيها.

فعادت الصحفية لتسأله، ما الحل برأيك، فكان الرد صريحاًَ: مثلما دفعنا المعارضة للمشاركة في العملية السياسية في وقت سابق، فيجب أن ندفعها للمشاركة الآن.

يلخّص جمال فخرو آلية السلطة منذ العام 2002: دفعناهم للمشاركة في 2006 بعد أن قاطعوا في 2002، والآن نرغب في إعادتهم للمشاركة في الحياة النيابية المكبّلة وغير المُنتجة من جديد، دون أن ندفع لهم أي ثمن. هذا هو ملخص كل ما تفعله السلطة بدءاً من القضايا التي ترفعها لاغلاق بعض الجمعيات السياسية المعارضة، وصولاً إلى اعتقال زعيم المعارضة، وليس انتهاءاً بالتضييق على المعارضين في كل شيء في حياتهم، الملخص: عودوا إلى الحظيرة!

المعارضة المحاصرة بشبكة من القمع والمحاكمات، مطلوب منهاعودة الابن العاق وذرف دموع التوبة والندم، والاكتفاء بالمشاركة في مجلس نيابي أو نصف مجلس لا يهم، المهم هو العودة.

أسئلة تتوالد دون توقف، لم تقدم لها المعارضة إجابة في بيانها الذي أتى بعد صدور الحكم، لكن الكلام الأهم جاء على لسان الأمانة العامة لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، التي أصدرت بياناً واضحاً طالبت فيه بلجنة تقصي حقائق دولية للوضع في البحرين، ودعم دولي لتسهيل عملية حوار جادة في البحرين، مؤكداً المطالبة بعقد اجتماعي جديد ينتشل البحرين من أزمتها. مطالب جيدة، لكن كيف السبيل إليها؟

توالت النقاشات داخل مجاميع النشطاء في البحرين، فمنهم من اقترح إعلان المعارضة وقف التعاطي مع أية مبادرات قبل إفراج النظام عن الشيخ علي سلمان والقيادات الرئيسية للحراك الشعبي، وآخرون اقترحوا وقف التعامل مع القضاء البحريني الذي بات فاقداً للمصداقية بشكل كامل، وبين من اقترح صدور بيان موحد للمعارضة بأجنحتها المختلفة في الداخل والخارج، وإنشاء جبهة سياسة موحدة لقوى المعارضة.

اقتراحات بثت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أياً من ذلك لم يصدر عن قيادات هامة في المعارضة التي ما تزال تحت وقع الصدمة كما يبدو، فريق الدفاع عن الشيخ علي سلمان اكتفى ببعض التوضيحات القانونية للخلل الذي حدث في محاكمة الشيخ، وبيّن أن المحاكمة سياسية الطابع ولم تستند إلى حجج قانونينة متينة.

لا شيء واضح بعد، كل العمل السياسي للمعارضة أضحى في وضع صعب، ظلت فكرة تطرح دون أن تلقى إجابة حقيقية، لماذا لا تعلن المعارضة انتقالها للعمل السياسي من الخارج في ظل عدم وجود أية ضمانات لأي نوع من أنواع الحرية للتعبير عن وجهات نظر مختلفة مع السلطة؟.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus