قبل أن تتم محاكمته بتهم التحريض.. ولي العهد للشيخ علي سلمان: مشروعي هو مشروعك نفسه (2-3)

2015-06-17 - 2:54 م

مرآة البحرين (خاص): في معظم خطابات الفعاليات السياسية التي يلقيها أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، تعودنا أن نجده يوجه مجموعة من الرسائل الوطنية: "رسالتي إلى الحكم.." ويوجه مناصحته عبرها، ثم يتبعها بـ"رسالتي إلى الشعب البحريني.."، ثم "رسالتي إلى أحبتنا وشركاؤنا في الوطن.."، ثم "رسالتي إلى المجتمع الدولي.."... وهكذا. المناصحة والمصارحة، هي طريقة سلمان في توصيل رسائله إلى جميع الأطراف الوطنية وأولها السلطة. 

في الحلقة السابقة، استعرضنا جانباً من لقاءات سلمان مع الملك؛ الرسائل التي كان يحملها معه إليه في كل مرة، يناصحه فيها بما يحتاجه الوطن من أجل أن يتجاوز محنته السياسية. في هذه الحلقة سنعرض جانب من لقاءات سلمان مع ولي العهد قبل 2011 وبعدها.

طوال لقاءاته مع ولي العهد، كان سلمان يبادر بطرح الموضوعات التي يرى فيها مأزق العلاقة بين الشعب والسلطة، ويضع مقترحاته بالخطوات العملية لإعادة بناء الثقة بينهما، ويرسم خارطة طريق لتغيير يتوافق عليه الطرفين. وطوال هذه اللقاءات أيضاً، كان ولي العهد يبدي من التفهمات والتوافقات ما يجعل الأمور تبدو وكأنها تسير إلى بداية حقيقية لاستيعاب الأزمها والعمل من أجل حلّها وتجاوزها. لكن لم يكن هناك شيء غير إبداء التفهم والاستيعاب، أما العمل فنتيجته= صفر.

في 2006

في العام 2006 قبيل الانتخابات النيابية، التقى أمين عام الوفاق بولي العهد في عدة اجتماعات، عرض خلالها أهم المشكلات التي تواجه المملكة وعلى رأسها: المشكلة الدستورية، مشكلة التجنيس، مشكلة التمييز، مشكلة الإسكان. بدا ولي العهد مدركاً لهذه المشاكل ومتفّهماً لوجهات النظر التي قدمها سلمان، وطلب منه كتابة وجهات النظر على شكل مذكرة ليأخذها لبقية من بيدهم القرار. سلّمه سلمان مذكرة حول موضوع التجنيس ووعده بمذكرة عن بقية القضايا، قبل أن تتوقف الاجتماعت فجأة دون نتاج على أرض الواقع.

وكان سلمان قد سأل ولي العهد في أحد هذه الاجتماعات عن مشروعه السياسي، فأجابه ولي العهد: أنه نفس المشروع الذي لديك! فقال سلمان: لدي مشروع ديمقراطي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة في النهاية. فأجاب ولي العهد: وأنا لا أختلف معك؛ لكن ذلك يحتاج إلى وقت. أبدى سلمان تفهّمه قبل أن يردف: "هذا يحتاج إلى وقت، لكن علينا أن نتفق على هذا الوقت والخطوات اللازمة له".

في 2011

وفي 16 فبراير 2011م، وبينما البلاد تنزلق إلى هيجان شعبي عارم جراء سقوط شهيدين علي يد قوات الأمن إثر قمع الاحتجاج السلمي في 14 فبراير، اجتمع سلمان مع ولي العهد مجدداً، وأكّد الجوانب التي أكدّها لوالده في لقائه به خلال الأيام نفسها، بينها ضرورة القيام بمبادرة سياسية تعطي أملاً حقيقياً بالإصلاح السياسي، وكما فعل والده، أبدى ولي العهد تفهماً واضحاً.

تواصلت اللقاءات الخاصة بين سلمان وولي العهد خلال شهري فبراير ومارس 2011م، بواقع لقائين أو ثلاثة، قدم سلمان بعض المقترحات المكتوبة، وأجاب عن التساؤلات التي طرحها ولي العهد في كافة المحاور، بدءاً بالدوائر الانتخابية إلى الصيغة الدستورية وصلاحيات الملك ورئيس الوزراء وغيرها من أمور. وأظهر ولي العهد تفهماً عالياً. وفيما كان سلمان يترقب من ولي العهد متابعة ما طرحه من أفكار، تفاجأت البحرين بدخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، وأخذت الأوضاع مسارها الأمني القمعي.

في 2014

بعد انقطاع 3 سنوات، تجدد اللقاء بولي العهد في 15 يناير 2014م، كان لقاءً معلناً هذه المرة. أوضح سمان لولي العهد والحضور أن البحرين تعيش واقع تمييزٍ مر، وتحدث عن واقع المواطن الشيعي فالمواطن المعارض الشيعي يأتي في الدرجة الرابعة، وصنّف سلمان درجات المواطنين كالتالي: الدرجة الأولى لآل خليفة، والثانية للقبائل العربية، والثالثة للمجنسين الجدد، والرابعة وربما الخامسة بعد الأجانب للمعارضين والمواطنين الشيعة. وكان اللقاء بعيداً عن البحث عن من هو المسئول عما آلت له الأوضاع، منطلقاً من استعداد المعارضة لبدء صفحة من الإصلاح بالتعاون مع الحكم والموالاة.

عقد بعدها لقاءين خاصين، أحدهما بعد أسبوع والأخير يوم 13 فبراير 2014م، تحدث فيها الطرفان عن القضايا السياسية والأوضاع وتقييمهما لها وعن آفاق الحلول الممكنة. تضمنت مقترحات سلمان أهمية البحث عن حل دائم - وشامل - وواضح، لا يسمح بانفجار الأوضاع بعد عام أو 10 أعوام. وضرورة الاتفاق على صيغة دستورية جامعة تحقق الملكية الدستورية كما بشرّ بها الميثاق، والدوائر الانتخلابية العادلة، والتوافق على كيفية تشكيل الحكومة، والقضاء المستقل، والحاجة إلى إدماج مكونات المجتمع في الأجهزة الأمنية.

اللقاء الأخير

في هذا اللقاء الأخير قدّم سلمان لولي العهد 3 أوراق. الأولى لجدولة اللقاءات بين الطرفين، ودورهما كشخصين في إنجاح الحوار المزمع. والثانية ورقة بناء الثقة، متضمنة عدد من الخطوات بين الطرفين لتهيئة الأجواء وبناء الثقة. فيما تضمنت الورقة الثالثة خارطة طريقة زمنية للخطوات التي يحتاجها الطرفان وصولاً إلى مرحلة التوافق، وثم تطبيق هذا التوافق. بعد هذا اللقاء، انتقطع التواصل مع سلمان، وكان ثمة شيء آخر ينتظره. راحت خارطة طريق السلطة تسير باتجاه آخر غير خارطة طريق الشيخ علي سلمان، قطعت السلطة على سلمان خرائطه التي كان يتعنّى ويتأنّى ليوصلها للسلطة، وقطعت عليه الخيط الذي يوصل من خلاله رسائله للسلطة، توقفت اللقاءات فجأة، وعُقد سلمان بخيط المحاكمة التي تكيل له.

 

  • في الحلقة القادمة: لقاءات الشيخ علي سلمان بوزير الديوان الملكي 
  • الحلقة الأولى

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus