المرأة البحرينية في يومها الوطني

إيمان شمس الدين - 2011-12-03 - 11:20 ص


إيمان شمس الدين*

تصدرت المشهد البحريني الثوري بكل جدارة واقتدار، لا على مستوى الشعار فحسب وإنما على مستوى القرار - رغم كل ما مورس ضدها حتى وصل الأمر إلى أعز ما تملكه المرأة  - حيث ألزمت نفسها والتزمت بما ألزمت به نفسها في المضي قدما لتعبيد طريق الحرية للأجيال القادمة لقيام دولة مدنية وملكية دستورية.

ولأنها كانت شريكة الرجل في العطاء والتضحية بكل جدارة بل في مواقع كثيرة تقدمت على الرجل ومارست دور الحماية له من فتك السلطة به. تقدم المرأة البحرينية اليوم نموذجا جديرا بالدراسة لأنه نموذج تغييري انقلابي على كثير من المسلمات الاجتماعية والمفاهيمية في حق المرأة ، فعادة في حالة التغيير المفاهيمي المتعلق بتغيير فهم الناس وطريقة تعاطيهم الاجتماعي التي يتحكم بها العادات والتقاليد، هذه الحالة تتطلب زمنا ومراحل وتضحيات كبيرة لأن التراكم الكمي يؤدي إلى تغيير نوعي.

ولكن في البحرين كانت المرأة سباقة في استغلال حالة الثورة لتثور هي بذلك على حقيقة الدور الذي يجب أن تلعبه كشريك للرجل في كل الساحات حتى في المعتقلات، واستطاعت بجدارتها وقدرتها على أداء دورها بتميز أن تلعب في مساحات مفاهيمية اجتماعية كثيرة وتحدث تغييرا جذريا بها، ليس على مستوى التنظير وإنما على مستوى التطبيق والعمل والممارسة في ساحات الثورة.

اليوم المرأة البحرينية مسؤولة أن تقود التغيير في الحراك النسوي في الخليج، وقبل ذلك قد تلعب المرأة البحرينية في الداخل البحريني دورا بارزا في القفز على مخططات العصف المذهبي بالمجتمع والنهوض مجددا بمبدأ التعايش الاجتماعي القائم على التعددية، والذي يحكمه قانون الشراكة الوطنية ومظلة المساواة في المواطنة ليحل محل ما سعت لتجذيره السلطة وهو الخلاف على أساس الاختلاف المذهبي لتداخل العقدي بالسياسي. فهي لعبة المستبد في ترسيخ الفرقة على أساس عقدي ليلهي الشعب عن الاستحاق الحقيقي في التغيير والاصلاح ويخلق لهم أعداء وهميين هم شركاؤهم في الوطن ليعيش كل طرف حالة التوجس من الآخر بدل حالة التعايش والاطمئنان.

وكون المرأة البحرينية لم تخض إلى الآن بشكل مباشر هذه الجدليات السياسية التي غالبا ما تؤدي إلى الخلاف مع الشريك في الوطن لغياب ثقافة الاختلاف من الذهنية العربية والخليجية خاصة، وتوغل الرجل في هذا الوحل لاعتبارات اجتماعية ومفاهيمية ودينية أبعدت المرأة عن العمل السياسي، مما قلل اليوم في ظل الانقسام المذهبي الذي رسخته السلطة لتحجيم الحراك ومذهبته، قلل من فرص التلاقي مع الشريك الآخر المتوجس بتوجسات السلطة وملوثاتها السياسية الوهمية.

باتت المرأة من وجهة نظري أكثر قدرة، لخلو تاريخها من الصراعات السياسية، على خلق حالة جديدة في إعادة نبض الحياة للتعايش وخلق الجسور بين الفرقاء لبعث التعددية من جديد، من خلال إعادة تجسير العلاقة مع شريكاتها في الوطن ومحاولة عمل ثغرة في الجدار الصامت معهن، وكون المرأة تميل للعاطفة فاستغلال هذا العنصر في مد الجسور من خلال إبراز معالم الممارسات التي مورست ضد نساء شركاء لهن من السلطة وكيف تم سلب بعضهن أشرف ما يملكن بالوثائق والصور، وأن اليد التي مدت عليهن كمعارضات، فهي ستتجرأ عليهن غدا إذا اعترضن أو أصبحت لديهن مطالب مغايرة لأهواء السلطة، فالأصل في التعامل هو مدى الولاء من عدمه.

اليوم المرأة البحرينية أمام استحقاقان :
الأول : في داخل الجمعيات والتيارات وخاصة الإسلامية منها في محاولة لتطوير الرؤية الخاصة بالمرأة والنهوض بها وبدورها، كي يتناسب مع حجم ما قدمته من تضحيات وأثبتته من جدارة في الشراكة لتنتقل من مرحلة التلقي والتبعية إلى مرحلة الصناعة والشراكة حتى على مستوى القرار فتصبح شريكة وليست منفذة لما ينتجه عقل الرجل.
الثاني : على مستوى الوطن وهو ما يتطلب رص صفوف النساء المعارضات ورسم رؤية استراتيجية في إعادة منهج التعايش والتعددية وردم هوة المذهبية في جدار الوطن وتفويت الفرصة على النظام الذي يريد تضييع استحقاق التغيير والاصلاح.

في يومك الوطني لا نستطيع إلا أن ننحني أمام عظمة تضحيات الأمهات والزوجات والمعلمات والطبيبات وربات البيوت وكل من ضحت وقدمت لأجل هذه الثورة التغييرية من أجل غد أفضل لبحرين أفضل، وحيث يجف القلم وتعجز الكلمات لا يمكننا إلا أن نبعث لك أكبر تحية لصمودك وتضحياتك عبر أثير المرآة، فلتضحياتك العظيمة تنحني الهامات احتراما.

*كاتبة كويتي.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus