براين دولي: محاربة التّهديد الطّائفي في البحرين

2015-06-04 - 4:08 م

براين دولي، صحيفة الهافينغتون بوست

ترجمة: مرآة البحرين

هزت تفجيرات المساجد الشّيعية ، التي أدت إلى مقتل عشرات الأشخاص في المملكة العربية السّعودية الأسبوع الماضي الحكومة البحرينية. وردّت هذه الأخيرة بسلسلة من التّصريحات المناهضة للتحريض والطّائفية. ودعا وزير الدّاخلية الفريق الرّكن الشّيخ راشد بن عبد الله آل خليفة إلى التّسامح، قائلًا إنّه " من الواجب حماية المنابر الدينية من الخوض في شؤون السياسة" وإنّ " المساجد بيوت الله أقيمت لعبادته والدعوة إليه وهي يجب أن تصان من أن تكون مكاناً للتحشيد والتحريض ضد أي فئة أو مذهب أو عرق".

وحذّر أيضًا من  خطورة الاشاعات وما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والحث على الكراهية .كل هذه أمور جيدة، ردّدها هذا الأسبوع مجلس الوزراء البحريني، الذي أيقن أن استهداف دور العبادة  [يشجع] "المؤمنين بأيديولوجية التّطرف والإرهاب على مواصلة العنف والتّفجيرات".

وقد بلغت أصداء التّموج العنيف لتفجيرات مساجد الدّمام البحرين. على الرّغم من كونها في المملكة العربية السّعودية،  تبعد الدّمام مسافة ساعة بالسّيارة عن المنامة، عاصمة البحرين. لا تُظهِر الطّائفية الكثير من الاحترام للحدود الدّولية. والبحرين تعرف جيدًا أن خطر العنف الطّائفي، الصّادر عن داعش أو غيرها، حقيقي.

لكن بالنّسبة لأولئك الذين لم يفقدوا ذاكرتهم، يبدو خطاب الحكومة مخادعًا. منذ أربع سنوات مضت، استهدفت السّلطات البحرينية عشرات المساجد الشّيعية وغيرها من المباني وهدمتها، ردًا على الاحتجاجات الواسعة النّطاق المطالبة بالديمقراطية. وفي انتقاد علني نادر لحليفته الخليجية، قال الرّئيس أوباما في ذلك الوقت إنّه "لا يجب أبدًا تدمير مساجد الشّيعة في البحرين". كان هناك بعض الجهود لإعادة بناء المباني المهدمة، لكن لم تتم مساءلة أي  مسؤول حكومي كبير عن الهجمات، وتبقى الطّائفية متأصلة في الحكومة ذات الغالبية السّنية.

في تقريرها الأخير عن البحرين، أشارت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية  USCIRF إلى أنّه في "أبريل/نيسان 2014، أجبرت الحكومة العالم الشّيعي حسين ميزا عبد الباقي نجاتي على مغادرة البلاد بعد سحب جنسيته البحرينية في نوفمبر/تشرين الثّاني 2012. ووفقًا لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد، نفت السّلطات نجاتي بسبب "التمييز المستند إلى دوافع دينية". وعلاوة على ذلك، واصلت الحكومة ووسائل الإعلام الموالية لها استخدام الخطاب الطّائفي الملتهب. ولم يتم تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق بإقرار قوانين جديدة خاصة بالإعلام، من شأنها كبح التّحريض ضد الشّيعة".

وعلى الرّغم من وجود غالبية شيعية كبيرة في البحرين، تتألف قوات الأمن بشكل شبه حصري من الطّائفة السّنية المحلية، أو من الجماعات السّنية في الخارج. ومن شأن هذا النّقص في التّمثيل الشّيعي في الجيش والشّرطة تأجيج التّطرف. حين أشار النّاشط البارز في مجال حقوق الإنسان نبيل رجب إلى الأمر في تغريدة نشرها في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائلًا " إنّ الكثير من الرّجال في #البحرين الذين انضمّوا إلى #الإرهاب و #داعش أتوا من أجهزة الأمن وتلك الأجهزة هي الحاضنة الأولى لهذه العقيدة"، حُكم عليه بالسّجن ستة أشهر.

تحتاج الحكومة البحرينية إلى معالجة الطّائفية في مؤسساتها في حال كانت تريد تجنّب تأجيج التّطرّف العنيف. هذا الأسبوع، أبلغتني عائلات معتقلين شيعة في سجن جو السّيء السّمعة في البحرين، إنّه لم يُسمح للسّجناء بالصّوم في شهر شعبان، وأنّ الحراس يقولون إنّه لا أوامر لديهم بالسّماح لهم بالصّوم. وقيل لي إنّهم يتخلصون من طعام السّجناء ولا يسمحون لهم بالاحتفاظ به حتى غروب الشّمس.

أطلقت مجموعة من العلماء وغيرهم من رجال الدّين من مختلف أنحاء الشّرق الأوسط مبادرة جديدة لمكافحة خطاب الكراهية والطّائفية. وحظي هذا الجهد بدعم المجتمع المدني، كما تم تشجيعه من قبل  مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان. هذا الائتلاف الجديد يشمل منظمات مجتمع مدني من 17 بلدًا في الشّرق الأوسط حتى الآن، ويهدف إلى محاربة التّحريض على الكراهية عبر تثقيف المسؤولين، في الحكومات وخارجها، حول مكافحة هذا النوّع من الخطابات المؤدية إلى الكراهية والعنف. منسق هذا الائتلاف هو الشيخ ميثم السلمان من البحرين.

أوضح الشيخ السّلمان أنه "في حين  تتحمل السّلطات الوطنية المسؤولية الرّئيسية في الرد على العنف وانتهاكات الحق في الحياة ومنعها واحترام وحماية حرية التّعبير، يلعب كل من ناشطي المجتمع المدني ووسائل الإعلام دورًا بالغ الأهمية أيضًا. يمكن للمجتمع المدني أن يكون على قدر كبير من الإفادة في علاج الأسباب الجذرية لعدم التّسامح وخطاب الكراهية من خلال الحث على الحوار البنّاء وتعزيز مهارات الحل السّلمي على صعيد المجتمع المحلي... لقد شهدت المنطقة انتشار قيود قانونية مجمدة حول خطاب الكراهية والحرية الدّينية والتّحريض على العنف، ما أثر سلبًا على عمل الجمعيات المدنية في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، حادًا بشكل كبير من قدرتها على التأثير على إجراءات الإصلاح والإجراءات القانونية المتعلقة بحرية التّعبير، والتّنوع والتّسامح. على سبيل المثال، يبقى المدافعون عن حقوق الإنسان والنّاشطون والإعلاميون، من رجال ونساء، معرضين لخطر الرّفض والتّخويف وأيضًا الانتقام من قبل مسؤولين في الدّولة، وأشخاص آخرين، بما في ذلك عملهم على تعزيز التّسامح والسّياسات اللّاطائفية".

لا تقتصر الطّائفية في المنطقة على المشاعر المناهضة للشّيعة فقط. في أجزاء أخرى من المنطقة، من بينها سوريا والعراق، كان السّنّة أيضًا ضحايا للعنف الطّائفي. لقد جعل التّحريض ضد الحكومة ووسائل التّواصل الاجتماعي عدة دول أكثر عرضة للهجمات المتطرفة.

في حال كان القضاء على الطّائفية هدفًا منشودًا، فإن مكافحة خطاب الكراهية مع السّماح بالانتقاد المشروع أمر ضروري. على الحكومة البحرينية البدء بإسقاط التّهم الموجهة إلى نبيل رجب وجميع الذين حوكِموا لممارستهم حقوقهم في الخطاب السّلمي. من جهتها، على إدارة أوباما وقف تدريب وتجهيز الجيش البحريني الذي يوظف السّنّة فقط والدّفاع عن المجتمع المدني الذي يحاول اجتثاث الطّائفية من حكومته.

التّاريخ: 3 يونيو/حزيران 2015

النّص الأصلي:

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus