براين دولي: التّغيير قادم لا محالة وسيكون بطيئًا ومفاجئًا

2015-06-02 - 4:48 م

 براين دولي، صحيفة الهافينغتون بوست

ترجمة: مرآة البحرين

منذ بضع سنوات مضت، كان من المستحيل تقريبًا تصور هذا الأمر. الدّعم الساحق في إيرلندا لتشريع زواج المثليين يشكل تذكيرًا بكيفية سرعة حصول تغيير سياسي، وانهيار بعض الثوابت الظاهرة بسرعة البرق.

في العام 1983، أعلن كبير القضاة في إيرلندا أن الشّذوذ الجنسي هو:

بالطبع، أمر خاطئ أخلاقيًا، ولطالما اعتبره الناس كذلك على مدى قرون... لا يمكن القول عن هذا الأمر .... أنه لا ضرر في حال حصوله بشكل خاص من قبل الذكور الموافقين عليه. في الواقع، يمكن أن يتأتى ضرر خطير للغاية عن ذلك.

مثل هذا السلوك، على الرّغم من الموافقة التّامة على حصوله، قد يؤدي بشخص ذي ميول جنسية شاذة إلى اتباع نهج حياة قد لا يتعافى منه أبدًا.

هذا الأسبوع، صوتت إيرلندا بنسبة 2:1 لصالح زواج المثليين، وهي البلد الأول في العالم الذي يعمد إلى تصويت شعبي حول هذا الموضوع. كل الأحزاب السياسية الإيرلندية الرئيسية، وعدد من الرياضيين والكتاب ورجال الدين والراهبات صوتوا بـ "نعم" لصالح زواج المثليين، وكذلك اتحاد نقابة الشرطة في إيرلندا.  

وكما شهدنا في إيرلندا هذا الأسبوع، فإن التحولات السياسية تحدث بسرعة ومن دون الكثير من التّحذيرات.

كان كريس جوفروي يبلغ من العمر عشرين عامًا عندما، في ليل 5 فبراير/شباط 1989، أطلق عليه الرّصاص وقتل أثناء محاولته الهرب من دكتاتورية ألمانيا الشّرقية عن طريق عبور جدار برلين. لم يكن بإمكانه أن يعلم لاحقًا أنه في العام ذاته، ستسقط حكومة ألمانيا الشّرقية وأنه كان سيمكنه التّوجه بأمان على امتداد المنطقة المحرمة مع آلاف الآخرين إلى غربي برلين.

في فبراير/شباط من العام 1989، لم يكن هناك مؤشر على كون الدكتاتورية على وشك الانهيار. قبل مقتل جوفروي بعدة أسابيع، قال زعيم ألمانيا الشرقية إريش هونيكر إن الجدار سيدوم لـ 50" أو 100 عامًا مقبلة". النّظام القمعي الذي بدا كأنه سيدوم لأجيال انهار بسرعة مذهلة،  والحراس المتورطون بمقتل جوفروي تمت مقاضاتهم لمقتله بعد أشهر من تكريمهم للسبب عينه.

على الرّغم من أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان متوقعًا منذ وقت طويل، إلا أنّه شكّل نوعًا ما صدمة يوم حصوله. بالنّسبة للعالم، انهيار الأمبراطورية السوفياتية بدا نوعًا ما كالطريقة التي وصف بها مايك كامبل، وهو شخصية في رواية إرنست همنغواي الصادرة في العام 1926 "الشّمس تشرق أيضًا"، الإفلاس الحاصل، قائلًا إنه جرى بـ "طريقتين، تدريجيًا ومن ثم فجأة".

يجب أن يتذكر أولئك الذين يقاتلون من أجل التّغيير في بعض الدّول الأكثر قمعًا في العالم، ومنها البحرين والإمارات العربية المتحدة والسّعودية، أنّ غالبية الأنظمة القمعية هشة على الأرجح. ومن المرجح أن حقبة التعذيب والاعتقالات الجماعية والطائفية  ستصل إلى نهاية مفاجئة من دون الكثير من التّحذير.

لن يحصل التّغيير من تلقاء نفسه. على النّاشطين الاستمرار بعملهم السيزيفي الصعب في النّضال من أجل التّغيير - حتى لو كان التّقدم بطيئًا أو غير ملحوظ. انتقاد الظلم علنًا وجمع العرائض وتنظيم احتجاجات في الشّوارع والمطالبة بالإفراج عن المعارضين والاستعراضات الدويرية الشاملة والتغريدات والخطب العامة وتقارير المنظمات غير الحكومية والدبلوماسية الهادئة والمقالات والمدونات والسنوات المتعبة من النّضال- كلها جزء من هذه العملية.

وكما في الاتحاد السوفياتي والفصل العنصري في  جنوب أفريقيا والدكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينية، لن تدوم الأنظمة القمعية في الخليج للأبد. لكن لا تتفاجأوا -عندما يأتي التّغيير، من المرجح أنه سيكون بطيئًا وغير متوقع في الوقت ذاته.

التّاريخ: 28 مايو/أيار 2015

النّص الأصلي:


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus