موقع كولت نويس: رانيا مطر: عين على سجناء الرأي في البحرين

2015-05-16 - 6:45 م

رانيا مطر، موقع كولت نويس
ترجمة: مرآة البحرين

بالنّسبة لبلد حجمه أصغر من حجم برلين، وعدد سكّانه أقل بثماني مرّات من عدد سكّان لندن، قد يفترض المرء أنّ مملكة البحرين ستعاني من القليل من المشاكل في الحفاظ على نظام ديمقراطي وشعب سعيد. مع ذلك، يبدو الأمر بعيدًا عن الواقع، خصوصًا مع نسبة الـ 46% الضئيلة بين السّكّان. في الواقع، منذ بدء "الثّورة البحرينية" رسميًا، كان هناك ازدياد في قمع حرية التّعبير دل عليه السّجن المستمر للنّاشطين البارزين في مجال حقوق الإنسان، والذين يعتبر المئات منهم سجناء رأي.

استُخدِم مصطلح "سجين رأي" للمرة الأولى من قبل بيتر بينينسون، مؤسس المنظمة العالمية غير الحكومية العفو الدّولية، في مقال كتبه لمجلة "ذا أوبزرفر" تحت عنوان "سجناء منسيون". ويعَبّر هذا المصطلح عن "أي شخص مُنِع جسديًا (من خلال السّجن أو غيره) من التّعبير ( بأي نوع من الكلمات أو الرّموز) عن رأي يحمله بصدق وهو لا يتبنى أو يؤيد العنف الشّخصي ". وبعد قولنا هذا، يرتبط المصطلح بجدارة بنشطاء حقوق الإنسان حول العالم، المسجونين بسبب عملهم، وينطبق عليهم. ويصادف الثامن عشر من مارس/آذار الذكرى السّنوية الرّابعة لاعتقال "الرّموز الـ 13"، وهي مجموعة من ناشطي المعارضة البارزين المحكوم عليهم بالسّجن مدى الحياة لمجرد "مطالبتهم بالحقوق المدنية والسّياسية خلال انتفاضة الرّابع عشر من فبراير/شباط". وهذه مفارقة لا معنى لها لأن أولئك الذين يدافعون عن الحرية والمساواة والديمقراطية هم أولئك الذين ينتهي بهم الأمر خلف القضبان، بعد أن يكونوا قد تعرضوا للتّعذيب مسبقًا.

إذا نظرتم إلى الوقائع، ستجدون أنّ هؤلاء الرّجال الـ 13 كانوا ببساطة يناضلون من أجل التّغيير. ليسوا مجرمين بأي شكل من الأشكال، في الواقع هم أطباء ومدونون ونشطاء ونشاطون وعلماء دين. تستطيعون القراءة عن عمل كل واحد منهم والانتهاكات التي تعرض لها أثناء الاعتقال هنا. ويتضمن التّعذيب الذي وصفوه ضربهم وإجبارهم على الوقوف لفترات طويلة، وتهديدهم بالاغتصاب. بالنّسبة لأي شخص عاقل، من الواضح أنه لا مبرر لاعتقالهم وتعذيبهم، لكن الحكومة البحرينية اتهمتهم بموجب قوانين تم إدراجها على نحو ملائم لتقييد الحريات الأساسية وتجريم معارضة الحكومة. ويجب أن يتم تحقير هذا النّوع من الممارسات من قبل الحكومات الغربية، مع ذلك، قليل من الجهد يُبذَل لإدانة الجزيرة. بدلًا من ذلك، يزداد الحال سوءًا إذ يتم تشجيع البحرين على لسان أشخاص كوزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الذي صرّح أن البلاد "تسير في الاتجاه الصّحيح". ولا يحتاج الأمر لشهادة علمية، ناهيك عن شهادة صادرة عن جامعة أوكسفورد، كشهادة هاموند، لنتبين أن البحرين لا تسير في الاتجاه الصّحيح. في أي عالم يبدو احتجاز أشخاص أبرياء وطيبين "صحيحًا"؟

أحد أبرز الرّموز الـ 13، وهو السيد عبد الهادي الخواجة، بدأ مؤخرًا إضرابًا عن الطّعام للمطالبة باطلاعه وعائلته على سجلاته الطّبية للحصول على رأي طبي ثانٍ بشأن خضوعه لجراحة للإصابات الناتجة عن التّعذيب. ويأتي هذا بعد 110 يومًا من الإضراب عن الطّعام في العام 2012، خسر فيها 14 كيلوغرامًا من وزنه، وخضع فيها للتّغذية القسرية.

وقد طالبت عدة منظمات من أجل حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدّولية، والفدرالية الدّولية لحقوق الإنسان، الحكومة البحرينية بالإفراج عن كل سجناء الرّاي. لكنها لم تحصل على أي رد والأمور تصبح فقط أكثر سوءًا.

استُهدِف نبيل رجب، النّاشط البارز من أجل حقوق الإنسان، واعتُقِل مرارًا وتكرارًا خلال الأعوام الأربعة الماضية. وبعد إمضائه 28 شهرًا من الـ 36 شهرًا الأخيرة في السّجن، اعتُقِل نبيل رجب مجددًا في 2 أبريل/نيسان وهو محتجز حاليًا في السّجن الانفرادي. وفي شريط فيديو يظهر عملية اعتقاله، يخبرنا رجب أن "قضيته متعلقة بتغريداته على تويتر" وأن اعتقاله يظهر فقط مدى سوء الوضع في البلاد. وبقيامه بعمله كناشط من أجل حقوق الإنسان، صرّح نبيل رجب عن عمليات التّعذيب في سجن جو في البحرين في مقال في صحيفة الهافينغتون بوست، وعبر تويتر. وكنتيجة لذلك، تم اتهامه بـ "إهانة هيئة نظامية" (وفقًا للمادة 216 من قانون العقوبات البحريني).

وقال نبيل رجب في المقال إنّ "مبنى السجن موبوء بالصراصير؛ والمراحيض ملوّثة بالصدأ والعفن، ولا يوفّر المبنى مياهًا ساخنة أو تكييفًا ملائمًا. وكل هذا مقصود: ويهدف إلى كسر إرادة المعتقلين".
اعتُقِل السّجين علي الطويل في العام 2012، وقد احتًجِز منذ ذلك الوقت في السّجن الانفرادي، بعد إجباره على الاعتراف باتهام باطل بقتله شرطيًا. "منذ بضعة أسابيع فقط، سلّم رسالة انتحار لمحاميه".

غدًا، من المقرر أن يظهر حسين جواد، رئيس المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان، وابن أحد الرّموز الـ 13، في المحكمة بعد اعتقاله في 16 فبراير/شباط على يد "رجال شرطة ملثمين". وقد صدر بيان مشترك، بعد ذلك بقليل، وصف اعتقاله بأنّه "انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان".

يبدو أن البحرين ترغب بالتّمسك بعاداتها القديمة إذ تم تعذيب السّيد جواد وأُجبِر على التّوقيع على اعترافات باطلة. وأفادت الفدرالية الدّولية لحقوق الإنسان عن مزاعم "بضربه وتهديده بالقتل، وبإيذاء زوجته". وقد أُفيد أيضًا عن تعصيب عينيه، وحرمانه من الماء الصّالح للشّرب والنّوم، وإجباره على الوقوف باستمرار. وأُجبِر أيضًا على الاستماع إلى صراخ السّجناء الآخرين أثناء تعذيبهم بالكهرباء، بهدف إخافته وحثّه على توقيع الاعترافات. وزوجة حسين، أسماء جواد، هي أيضًا ناشطة من أجل حقوق الإنسان، وتواصل نشر الوعي حول اعتقال زوجها.

وعلى الرّغم من أن معرفة معلومات من هذا النوّع أصبحت أمرًا معتادًا عندما يتعلق الأمر بالبحرين، لا أزال أجد أنّه من الصّعب جدًا فهم كيف يمكن لحكومة ارتكاب أفعال خبيثة ومشينة وغير إنسانية مماثلة، بشكل صارخ، ومع ذلك، تظل تُعامَل كبلد متحضر من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.

في العام الماضي، على سبيل المثال، احتلت البحرين المرتبة الخامسة في العالم ضمن "أفضل خمس بلدان يمكن للأجانب العيش فيها". قد يكون ذلك صحيحًا، ولكن يبقى أمر واحد واضحًا، في حال كنت بحرينيًا وترغب في إحداث تغيير إيجابي لشعبك، يمكنك التأكد من أنّ حكومتك ستفعل كل شيء وأي شيء لإسكاتك. لا شيء مماثل لحرية التّعبير، وسيكون درب كفاحنا طويلًا قبل أن نستطيع العيش في بلد عادل وديمقراطي وحر.

التّاريخ: 11 مايو/أيار 2015
النّص الأًصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus