جستين غينغلر: معايير جديدة للوضع في البحرين

2015-05-15 - 9:50 م

جستين غينغلر، مدونة الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

لا حاجة للقول أنّه قد مرّ بعض الوقت منذ نشري آخر مقالاتي هنا، على الأغلب لانشغالي بعملي الحالي، ولكن ذلك يعود جزئيًا أيضًا للخمود السياسي الذي حلّ بالبحرين منذ القمع الأخير للنّاشطين، والذي شهد اعتقال الشّيخ علي سلمان وآخرين. ويرتاب المرء بعدم تبقي أي أحد للاحتجاج ولم يتم اعتقاله بعد، أو دُفِع إلى الاختباء أو غادر البحرين نهائيًا. في الواقع، البحرينيون مهددون الآن بالعقاب لانتقادهم العملية العسكرية السّعودية في اليمن حتى، وبالتّالي يستطيع المرء تخيل الوضع، مع أخذ السّياسات المحلية بعين الاعتبار.

سبب آخر دفعني للكتابة اليوم، وهو أني استطعت التّكلم مؤخرًا مع بحرينيين ذوي اطلاع واسع، قدّموا لي بعض الأفكار المفيدة التي اعتقدت أنّها قد تثير اهتمام الآخرين أيضًا. وبالتّالي، سأعرضها في ترتيب خاص:

الوضع العام

يستمر عدد قليل جدًا من المحتجين بالنّزول إلى الشّارع، وقد تم تفكيك غالبية نظام المتاهة الذي يشكله توزيع نقاط التّفتيش. بدلًا منه، أوجدت السّلطات شبكة من كاميرات المراقبة، على غرار النّظام المتبع في المملكة المتحدة، على الأرجح بفضل نصائح مستشاري الشّرطة في وزارة الداخلية البريطانية.

لم يتم إحراز أي تقدم في سد الهوة الاجتماعية والسّياسية التي تستمر بالفصل بين السّنة والشّيعة منذ فبراير/شباط 2011. وعلى نحو مشابه، ليس هناك تقريبًا أي مساحة تتبقى لنشاط سياسي حقيقي يمارسه أفراد من كلا الطّائفتين. ويبدو أعضاء البرلمان، الذين هم في غالبيتهم الآن أصغر سنًا، ومستقلون عديمو الخبرة لا جدول أعمال تشريعي متماسك لديهم، حتى الآن أكثر اهتمامًا بالتّصارع على المصالح الخاصة -السّفر إلى المحافل الدّولية والاجتماعات، واغتنام الفرص الإعلامية، وهلم جرًا، بدلًا من العمل على مساعدة النّاخبين أو البلد.

ومع ساحة سياسية مغلقة، وعلاقات اجتماعية يغلب عليها التّوتر، تضاعف الدّولة جهودها على الصّعيد الاقتصادي، يساعدها في ذلك تمويل مهم من الكويت وخاصة من الإمارات العربية المتحدة. ويشير أصدقائي البحرينيون إلى كون الإمارات تجاوزت مساهمتها في صندوق مجلس التّعاون الخليجي، من أجل البحرين، وهي تساعد الحكومة في تمويل مشاريع سكنية ضخمة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدينة حمد، والمُحرّق والمحافظة الشّمالية.

ويقود ولي العهد الأمير سلمان هذه العملية، وهو الوجه العام لها، وقد مكّنته من ذلك علاقته الوثيقة بمحمد بن زايد. ويفهم المرء تقريبًا معنى كون البحرين تستعيد أيّام مجلس التّنمية الاقتصادية مع خطة مستندة إلى التّطوير للتّقليل من التوّترات السّياسية، طبعًا من دون التّحرير السّياسي المناسب.

علي سلمان والوفاق

من جهة أخرى، أصدر كل من المحافظين والحكومة تعليمات لولي العهد تقضي ببقائه بعيدًا عن السّياسة، وبالابتعاد خصيصًا عن القضية التي يحاكم فيها حاليًا زعيم الوفاق علي سلمان. ويتوقع أعضاء من الجمعية إصدار حكم قريبًا في يونيو/حزيران، على الرّغم من أنّ الدّولة قد تسعى لاستخدام القضية كورقة للمساومة مع المعارضة. في جميع الحالات، يتوقع محامو سلمان حكمًا عليه بالسّجن لعامين على الأقل، وقد تتجاوز المدة الحد المرجح بكثير.

ومن الواضح أن الحافز وراء الاعتقال كان قرار الوفاق بمقاطعة الانتخابات النّيابية العام الماضي، وهي خطوة أبعدت أشباه الحلفاء القلائل الذين حظيت بهم الجمعية. وعلى مدى عدة أشهر تلت الانتخابات، كان ولي العهد غاضبًا جدًا إلى حد رفضه أي صلة بالوفاق أو ممثليها. وعلى نحو مماثل، أوضحت السّفارة البريطانية أن الجمعية حفرت، برأيها، قبرها بيدها، ولا يمكن لها توقع التّعامل معها كعنصر سياسي شرعي في حال تحاشت باستمرار المؤسسات السّياسية الشّرعية.

وقد شغل السّفير الأمريكي الجديد في البحرين، ويليام روبوك، الذي عُيِّن قبل موعد الانتخابات بشهر، دورًا قليل البروز، في تناقض صارخ ( يفترض المرء أنّه لا يحصل بالمصادفة)، مع الدّور الأكثر خبثًا لسلفه. يبدو أنه، بدلًا من ذلك،ـ يتم توجيه كل المستويات الرّفيعة للتّعاون من قبل البنتاغون، الذي يظل مسؤولوه على علاقة وثيقة مع زملائهم البحرينيين، العسكريين والمدنيين.

التّغييرات المحتملة في رأس الهرم

وفقًا لأحد مصادري، رئيس الوزراء مريض، وذلك واضح. ولا يزال يظهر علنًا، لكنه لا يداوم في مكتبه إلا ساعات قليلة مقارنة بالساعات الست أو الثماني المعتادة. ولكن لا ينبغي على المرء أن يتوقع أن يتمتع خليفته بسلطته، أو أن تستمر البحرين في موجة أولياء العهد المفوضين في مجلس التّعاون الخليجي.

من جهة أخرى، نظرًا لعلاقات الشّيخ سلمان الشّخصية، والمتوارثة عبر الأجيال، مع نظرائه في أبو ظبي والرّياض ( محمد بن نايف على سبيل المثال)، يبدو مستقبله السّياسي أكثر إشراقًا مما كان عليه منذ سنتين أو ثلاث سنوات مضت. والابن الثّاني للملك حمد، ناصر، الذي يتمتع بسمعة جيدة (لدى مؤيدي الحكومة)، كرجل عسكري صارم، لم يقم بأي مغامرة في السّياسة بنفسه، ويبدو أن طموحاته مُنصَبّة، بدلًا من ذلك، على منصب وزير الدّفاع ولقب المشير.

قمة دول مجلس التّعاون الخليجي في كامب ديفيد

أفادني أحد مصادري بأن الملك حمد كان ينوي أساسًا المشاركة في قمة دول مجلس التّعاون الخليجي في كامب ديفيد، إذ تم تأمين جوازات سفر وتأشيرات دخول مرافقيه. على الرّغم من ذلك، وبعد قرار الملك السّعودي بعدم المشاركة، انتُدِب الشّيخ سلمان بدلًا من الملك حمد، بناء، على الأرجح، على إيحاء ضمني أو صريح من السّعوديين. والآن، من المقرر أن يلتقي الملك حمد بدلًا من ذلك بالملكية إليزابيث في مهرجان وندسور الملكي للخيول، وهو بديل رمزي مناسب للملجأ الديبلوماسي الجديد، الذي وجدته بريطانيا (وأوروبا) في البحرين والخليج بشكل عام منذ العام 2011.

وذكر المصدر أنه استباقًا لقمة كامب ديفيد، أفرجت الحكومة مؤخرًا عن ما يصل عدده إلى المئات من المعتقلين السّياسيين، وغالبيتهم من النّساء والأطفال. هذه الخطوة الاستباقية اتّخذت لتعزيز كون قضية البحرين على المسار الصّحيح سياسيًا، في حين تتفادى الاتهامات بكون الإفراج عن السّجناء تم تجاوبًا مع "طلب" أو ضغط من قبل الولايات المتحدة أو أوباما.

 

التّاريخ: 15 مايو/أيار 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus