جمال خاشقجي: الحنين إلى أفغانستان
2015-05-10 - 1:36 ص
مرآة البحرين (خاص): أتاحت حرب "عاصفة الحزم" لكثيرين أن ينفسوا عن مكنوناتهم. لكن بالنسبة إلى مدير قناة "العرب" الصحافي السعودي جمال خاشقجي (57 عاماً) فهي أتاحت له العودة إلى بضاعته القديمة. في منطقة تعلو فيها رايات الحرب المذهبية بين كبريي طوائف الإسلام، اكتشف خاشقجي الحل أخيراً: الجهاد.
ويقول "لقد تعرض مفهوم الجهاد لتشويه حتى ضاعت ملامحه وبات فكرة مستغربة، ولكنه سنة ماضية إلى يوم القيامة، وحان الوقت ونحن على أعتاب أكبر مواجهة مصيرية أن نعيد له الاعتبار".
عندما صرّح في لقاء معه قبل يوم من انطلاق قناته في البحرين ثم إيقافها حول استعداده لاستضافة أمير تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أبو بكر البغدادي في حوار علّل ذلك بموجبات السبق الصحافي وأن "لقاءه سيجعلنا حديث الناس". كان خاشقجي يطمح بذلك إلى استعادة جانب من مجده الصحافي القديم حين أجرى مقابلات خاصة مع مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن في العديد من المناسبات قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر والتي تطرق لها في الحوار نفسه قائلاً إنه "التقاه أكثر من مرّة".
لكنّ البحث عن سبق صحافي ليس كل شيء في الأمر. إن جزءاً من تكوين خاشقجي تمّ داخل رحم الإسلام السياسي كصحافي يغطّي الأحداث في أفغانستان وكعضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
كحافظ متمرّس في كيمياء "الجماعة"، فهو يتقن حيلها ولعبها الخطابيّة جيّداً: قليلاً من الإسلام وقليلاً من الليبرالية وقليلاً من المرونة. "لا تقل جهادياً بل قل مجاهداً"، هذه هي خلطة خاشقجي السحريّة لإعادة بعث الجهاد الإسلامي. وهو جهاد جديد مرن "متنور" لا يمارس التكفير؛ لكنه بالطبع يحارب الشيعة. مرّة أخرى "لاتقل الشيعة بل قل مليشيات الشيعة".
ويقول في أحدث مقال له "المجاهد يُعرف فوراً بالتزامه شروط الجهاد وفقهه، أما الجهاديون فهم قوم بدعة". ويوضح "المجاهد صفة تمتد إلى كل من خرج لكي تكون كلمة الله هي العليا، ونصرة المظلوم ودفع الصائل"، على حد تعبيره.
أتاحت المرحلة الأفغانية لخاشقجي أن يحتكّ بشخصياّتها الفاعلة وبـ"المجاهدين" جيّداً. لقد أخذ منهم تصريحات جيّدة لتغطياته. لكن أيضاً أخذ متعلقات بيئة مشبّعة بالمفاهيم و"سحر" شخصيّات تريد استعادة زمن النبي. وضمن موجة "الحنين" وفورة المشاعر لهذه الفترة يمكن ملاحظة قيامه مؤخراً على حسابه في "تويتر" باستدعاء بعض مقتنياته من المرحلة "الأفغانية": كتباً وتذكارات.
ويرى خاشقجي أن "تجربة أفغانستان في الثمانينات كانت ناجحة على رغم كل التشويش الذي يمارسه البعض عليها الآن، وأقول ذلك عن تجربة ومعرفة".
ويواصل موضحاً "جلّ من شارك في تلك المرحلة عاد إلى وطنه آمناً معتدلاً، وحظوا بسمعة طيبة. مجاهدون من دون شطط أو غلو، يحترمون حكوماتهم ونظامها العام. لقد أصبحوا كهولاً ذوي وقار، ويمكن أن يكون لهم دور".
ما هو هذا الدور؟ يوضح خاشقجي "بالجهاد، نحارب إيران بالطريقة الإيرانية، بمتطوعينا، بعصائب حقنا، وكتائب عباسنا، إذا احتج العالم، نقول لهم: هؤلاء متطوعون، مستشارون". وتبعاً لذلك، يواصل "فقائد الطائرة الذي يقصف مواقع الحوثيين في اليمن مجاهد يستحضر نية الجهاد في كل طلعة، وكذلك تلك القوات الخاصة التي وصلت إلى ميناء عدن، وقبلهم كل ثائر صادق في شامنا ويمننا".
إنها فكرة مجنونة، ولكن ألم يكن إعلان نية استضافة أبي بكر البغدادي في قناة تبث من المنامة فكرة مجنونة من الأساس؟ اضحك أنت مع جمال خاشقجي!