وزير الديوان: عندي دوى أولاد شبّر ومرهون.. إسقاط جنسية 3 من عائلة مرهون
2015-04-30 - 2:37 م
مرآة البحرين (خاص): في بداية انتفاضة التسعينيات كتب شاعر العائلة الحاكمة الراحل أحمد بن محمد آل خليفة قصيدة بذيئة تقذف في شيعة البحرين مطلعها: وش عندهم ابناء شبر ومرهون ضجيجهم عالي بليا سبايب..
فأجابه وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة بقصيدة لا تقل عنها بذاءة مطلعها:
عندي دوى أولاد شبر ومرهون يابو محمد يا بشير الحبايب..
هاتان القصيدتان، بالإضافة إلى ما تُظهرانه من عقيدة العائلة الحاكمة في الشيعة وهي لا تختلف عن عقيدة داعش بشيء، تكشفان المنهج الذي تتبعه تلك العائلة في التعامل مع السكان الأصليين في البحرين. يعدّد وزير الديوان أشكال الدواء الذي (عنده) لأولاد شبّر ومرهون: التهجير والقتل والتضييق العقائدي والعزل عن المناصب الحساسة. لكن الدواء الذي لم يكتبه حينها، هو إسقاط جنسيتهم وجعلهم مشردين مهجرين بلا جنسية. قرابة 120 معارضا بحرينيا شيعيا تم إسقاط جنسياتهم حتى الآن، على خلفية الاحداث السياسية منذ 2011.
أولاد مرهون
من ناحية أخرى، تؤكد القصيدة من حيث لا تقصد، عراقة أصل عائلتي شبّر ومرهون البحرينيتين وجذورها الضاربة في عمق أرض الوطن، وحين تُسقط جنسية 3 من أبناء عائلة مرهون في حكم قضائي واحد دفعة واحدة، فإنها تكشف عن حجم تفريغ هوية البحرين واستبدال سكانها الأصليين التي يسير عليها النظام البحرين بوقاحة غير مسبوقة.
في يوم الثلاثاء 28 أبريل/ نيسان 2015، أسقطت المحكمة الكبرى الجنائية برئاسة القاضي علي الظهراني جنسية ثلاثة أفراد من عائلة مرهون: أحمد نعيم قاسم ( 24 عامًا)، وشقيقه إبراهيم نعيم مرهون ( 22 عامًا) وعمهما هاني مرهون ( 40 عامًا)، بعد اتهامهم بحرق "كابلات بتلكو".
بررت المحكمة حكم إسقاط الجنسية بالعمل بالمادة 24 مكرر من قانون رقم 58 لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، تقضي بأن تكون عقوبة إسقاط الجنسية وجوبية في بعض الجرائم ومنها تشكيل جماعة إرهابية والانضمام إليها.
عائلة مرهون فاجأها حكم إسقاط الجنسية عن أبنائها: "أبناؤنا مستهدفون منذ بداية أحداث 2011 لكن لم نتصور أن الأمر سيصل إلى حد سحب الجنسية بتهمة ملفقة مثل هذه".
المطلوب أحمد
الابن الأكبر أحمد كان يدرس في جامعة البحرين وهو من المتفوقين وقد حصل على منحة دراسية نظير تفوقه. في 2012 تم التحقيق معه على خلفية أحداث الجامعة في 13 مارس 2011، رغم أنه كان قد انسحب من الجامعة منذ بداية أحداث 14 فبراير 2011، ولم يكن موجودًا في الجامعة وقتها. مع ذلك أوقف عن الدراسة، وطُلب منه الجلوس في البيت إلى حين الاتصال به.
واستجابة لنصيحة والده عاود أحمد الدراسة في العام 2013، لكن الجامعة استدعته مجدداً للتحقيق بعد أسبوع واحد فقط من عودته. في لجنة التحقيق الثانية تفاجأ بتوجيه عدد من التهم الواهية له. استشعر الخطر المحدق به، فاختار أن ينجو بجسده من المصير الذي بدأ يلوح له في أفق تهمهم وتلميحاتهم. شعر أنه لن يخرج من التحقيق إلا معتقلاً فقرر أن ينجو بنفسه. استأذن من لجنة التحقيق بحجة الذهاب إلى الحمام، ومن هناك فرّ على وجهه هارباً.
منذ ذلك اليوم صار بيت أحمد مطلوباً للمداهمة والمراقبة. قوى الأمن ظلت تراقب منزل العائلة السابق في قرية توبلي ليلا ونهارا لمدة ثلاثة أشهر. كان البيت خالياً فالعائلة انتقلت منه إلى شقة في قرية السنابس. ثم بدأت مداهمات الشرطة واقتحاماتها القسرية لمنزل العائلة الجديد في العام 2013 والكائن بنفس المنطقة بعد ثلاثة أيام فقط من انتقالهم إليه.
في مداهمات رجال الأمن، الوسيلة إلى المباغتة هي السطح. تقفز القوات من بيت سطح بيت الجيران إلى بيت عائلة أحمد. في منتصف إحدى الليالي تفاجأت والدة أحمد بعد أن أيقظتها الأصوات بوجود 5 من قوى الأمن الملثمين فوق رأسها وزوجها. صرخت في وجوههم بصدمة: ألا تخجلون تدخلون بلا استئذان على امرأة نائمة مع زوجها!
أكثر من 20 مداهمة نفذتها قوى الأمن بحثاً عن أحمد في بيتهم، ما اضطر الأم إلى اللجوء إلى لجنة التظلمات علّها تفعل لهم شيئاً. هناك أخبروا العائلة بأن عليهم طلب ما يثبت إذن تفتيش المنزل من القوات. وتمشيًا مع نصائح لجنة التظلم طلبت العائلة من القوات المداهمة لمنزلهم إظهار إذن التفتيش فجاءهم الرد بأن جهاز الأمن الوطني لا يحتاج إلى إظهار إذن التفتيش وأنه غير ملزم بهذه القوانين.
ثم الأخ ابراهيم
بعد أشهر من ملاحقة الأمن الوطني لأحمد، قاموا باعتقال أخيه الأصغر "إبراهيم" كرهينة حتى يسلم أحمد نفسه. داهمت القوات منزل عمته المجاور واعتقلته في 16 نوفمبر 2013. ومنذ اللحظات الأولى عُرض على ابراهيم مبلغً 500 دينار وسيارة وإرجاعه إلى الجامعة التي فُصل منها، كل ذلك مقابل أن يدلهم على مكان أحمد.
لم تفلح تأكيدات إبراهيم أنه لا يعلم بمكان اختباء أخيه. عاش بعدها 7 أيام من التعذيب القاسي رأى فيها الموت. كانوا يتعمدون ضربه على موضع العملية الجراحية التي أجريت له سابقاً في ركبته، واستخدموا الكهرباء لصعق المناطق الحساسة في جسمه، ما زال ابراهيم يعاني تأثيرها على كليته، وفي اللحظة التي أرادوا فيها اقتلاع أظافر ابراهيم، استسلم لما يشبه الموت.
وجاء دور العم هاني
لم يكتف الأمن الوطني بأخذ إبراهيم رهينة ليسلم أحمد نفسه، اعتقل في 18 نوفمبر 2013 عمهما "هاني مرهون"، وذلك بعد يومين من اعتقال إبراهيم. وقع عليه الاختيار بسبب اتصال تلقاه من إبراهيم قبل لحظات من اعتقاله، اعتُبر ذلك مبررًا كافيًا لاعتقاله وضربه أمام أطفاله، ولأنه يعمل في شركة بتلكو للاتصالات، اختيرت له تهمة تسريب معلومات لحرق " كابلات بتلكو".
اتبعت التحقيقات الجنائية أساليب الترهيب والترغيب لحمل "هاني مرهون" على الاعتراف بالتهمة المخططة له. أوهمته بأنها تمكنت من القبض على ابن أخيه أحمد وإن الاثنين "أحمد وإبراهيم" قد اعترفا، وأن عليه هو أيضاً الاعتراف تجنبًا للتعذيب أو التعرض لعرضه وشرفه، وقالوا له أنه باعترافه سيجعلهم يساعدونه من الخروج من القضية.
المحاكمة وفق قانون الارهاب
استمرت محاكمات أبناء مرهون تحت قانون الإرهاب من العام 2013 وحتى 2015، لفقت لهم عدة تهم أخرى غير حرق "كابلات بتلكو". اتهموا بتشكيل خلية إرهابية، والانتماء إلى "سرايا الأشتر"، وتصنيع متفجرات. فتأكد لـ" إبراهيم" أن حضور المحكمة أمر لا طائل منه، فالتهم جاهزة والأحكام معلبة وقد أخبر مسبقا من قبل التحقيقات وكرر عليه بانه سيحكم بـ 25 عامًا، لذا امتنع عن حضور المحاكمات الصورية.
بعد صدور حكم سحب الجنسية من أبناء مرهون تساءل أخوهم الصغير: ماذا تعني إسقاط الجنسية ؟ وهل يستطيعون المجيء إلى المنزل بعد خروجهما من السجن؟!