» أخبار
في مؤتمر تدشين تقرير (الكلفة الإنسانية للحرية والعدالة الاجتماعية): كل شيء ممنهج
2011-11-23 - 10:07 ص
مرآة البحرين (خاص): لم يكن مؤتمراً صحفياً عادياً، لم تكن الأرقام والبيانات والمعلومات الصرفة، وحدها سيدة هذا المؤتمر الصحفي، بل كانت الحالات والنماذج. كان هذا ما ميّز مؤتمر الجمعيات الحقوقية وهي تدشن يوم أمس الثلاثاء 22 نوفمبر 2011 تقريرها الخاص برصد الانتهاكات الخاصة بأحداث الفترة الماضية تحت عنوان "الكلفة الإنسانية للحرية والعدالة الاجتماعية". يأتي هذا التدشين الأهلي قبل حوالي 24 ساعة من مراسم تسليم "اللجنة الملكية البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" لتقريرها النهائي، والتي استبدلت تسميتها مؤخراً جداً إلى "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق فقط". المؤتمر الصحفي حضره ممثلون عن السفارة الامريكية والفرنسية وممثلين من العفو الدولية و 6 منظمات حقوقية دولية وصحف غربية وعربية ونواب.
• حقوق الضحايا
تشير مقدمة التقرير إلى أنه جهد مشترك، عملت عليه مجموعة من المنظمات الحقوقية المستقلة غير الحكومية في البحرين، وأنه يقدم النتائج الرئيسية للجهود المتواصلة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في دولة البحرين في عام 2011. يوضح القائمون عليه: "تقريرنا التحقيقي يدعم حقوق الضحايا، بغض النظر عن أي خلفية سياسية أو دينية يحملونها، وهو لا ينسب للحكومة البحرينية أو أي حكومة أجنبية ويرتكز بشدة على نشاط المجتمع المدني المحلي في الدفاع عن حقوق الإنسان".
قلنا إن المؤتمر لم يقتصر على عرض النتائج والبيانات التي توصل لها التقرير، لقد تم المرور سريعاً على البيانات والأرقام التي تم توزيعها كاملة في أقراص مدمجة على جميع الحضور، لكن الجهات المنظمة للمؤتمر، استغلت وجود كل هذا الجمع من الجهات الأهلية والمنظمات الحقوقية والصحف العالمية، من أجل جعلهم يرون بأعينهم النماذج والحالات الحية، ويستمعون إلى شهادات وإفادات من حقوقيين ومحامين ومهنيين ومصابين وضحايا استخدام العنف من قبل رجال الأمن والجيش. كان حاضراً في المؤتمر الصحفي عدد من المحامين والحقوقيين والأطباء ونواب مستقيلين تعرضوا للاعتقال ومعلمين وصحافيين بالإضافة إلى مصابين فقدو أعينهم جراء المواجهات القمعية للسلطة وحالات أخرى مشابهة، قدم عدد كبير منهم تجاربهم وشهاداتهم التي عايشوها أو تعاملوا معها.
أشار نبيل رجب رئيس مركز حقوق الإنسان إلى أن التقرير عمل عليه 500 من الكوادر الشبابية المتطوعة التي تمّ تدريبها وتأهيلها لرصد الحالات وكتابة التقارير الحقوقية بشكل علمي. وأوضح أن التقرير أعد بمنهج علمي معتمد على مقاييس ومعايير وقوالب وأنماط التقارير الدولية التي تعد عن انتهاكات حقوق الإنسان، وأن كثيرا من الحالات لم يتم اعتمادها لعدم كفاية الأدلة أو بسبب التشكيك فيما ورد فيها. وأضاف "هذا التقرير توثيق لتاريخ حزين مرت به البلاد".
• دولة الرعب الممنهج
ثم أكد رجب أن البحرين "لا زالت حتى هذا الوقت (دولة رعب)، لذلك فإننا أخفينا أسماء من شارك في كتابة التقرير حماية لهم" حسب تعبيره. وأشار إلى أن هناك 3000 حالة اعتقال، وثق منها 1500 فقط للسبب نفسه، الخوف في دولة الرعب، وأضاف "هناك من قال لنا مباشرة من سيضمن لنا سلامتنا الشخصية فيما بعد، فعلا لا أحد يضمن". وأوضح أنه " تم بالفعل استدعاء عدد ممن وثقوا حالاتهم في مركز البحرين لحقوق الإنسان ومساءلتهم عن توثيقهم، ما يجعل الخوف حاجزاً يمنع الناس من توثيق حالاتها مع عدم وجو ضمان بالحماية".
وحول ما تعرض له البحرينيون، يقول رجب "ما تعرض له البحرينيون هو انتهاك رسمي وممنهج، لماذا ممنهج؟ لأنه حدث بنفس الآلية وبنفس الطريقة في جميع المراكز والمؤسسات". وأضاف "تم توثيق 1300 حالة تعرضت للتعذيب في السجون البحرينية بنفس الطريقة ونفس الآلية، نقول تعذيب ممنهج، بسبب عدد الأشخاص الذين تم تعذيبهم مقارنة بعدد المعتقلين، وبسبب تشابة التعذيب في جميع مراكز الشرطة بنفس الأدوات والنمط"، وأضاف "ممارسات التعذيب ليست وليدة هذا العام فقط، بل أن مركز حقوق الإنسان لديه تقرير منذ عام 2002، يكشف التعذيب الممنهج وآلياته في سجون البحرين". وأوضح "السلطات تحاول أن تصور الاحتقان الحاصل على أنه خلاف شيعي سني في حين أن هناك شعباً له مطالب مشروعة مقابل تمييز وظلم من قبل العائلة الحاكمة".
ثم تحدث النائب المستقيل مطر مطر عن تاريخ الحراك السياسي في البحرين والذي هو امتداد لحراك شعبي منذ 1920 حتى الآن، وأن البحرين التي عرفت بمحطات نضالها السياسي لم تكن لتنفصل عن الربيع العربي التواق للحرية والديمقراطية والعدالة والإصلاح، بل إنها طالما عملت دون تعب من أجل هذا الهدف، وكان الربيع هو الفرصة التي لم تكن لتفوت أن تكون جزءاً منها.
• الخروقات الممنهجة
بعدها تحدثت المحامية جليلة السيد عن التجاوزات القانونية التي حصلت في المحاكم العسكرية والمدنية والنيابة العامة، وما تعرض له المعتقلون من انتهاكات خلال الفترة الماضية، بدءاً من لحظة الاعتقال مروراً بالتوقيف وحتى المحاكمات. تقول السيد "هناك عدد هائل ومتكرر من الخروقات للقانون". وتوضح أن ذلك يؤكد أن الانتهاكات ممنهجة ورسمية لأنها تتم وتتكرر ولا يتم إيقافها حتى بعد كشفها والإعلان عنها مراراً وتكراراً. ثم تناولت السيد نماذج الخروقات التي يتعرض لها من المعتقلون، بدءاً من اعتقالهم دون مذكرات اعتقال، ودون أي معلومات عن سبب الاعتقال أو مكانه، كذلك الاعتداء على المطلوب بالضرب في بيته قبل احتجازه، كما حدث مع الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة وأخيه وزوجي ابنتيه، كذلك الاستيلاء على الممتلكات الشخصية والحواسيب والهواتف النقالة والأموال أثناء تفتيش منازل المطلوبين، وتعذيب المعتقل بدءاً من تغطية العين وتوثيق اليدين والبقاء على هذه الوضع لأيام وأسابيع أحياناً، والتعذيب بالكهرباء والرش بالماء في الجو البارد في شهر مارس الماضي والوقوف لمدة أسابيع، والبقاء دون اتصال بأهاليهم، أيضاً انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، كل هذه تجاوزات قانونية عامة حدثت بتكرار شبه ثابت، وتحدثنا عنها نحن كمحامين في المحكمة العسكرية، ولم يُلتفت لها ولم يكترث بها ولم يُسمع لها، ومع هذا صدرت الأحكام ضد المتهمين متجاهلة شكاوي المعتقلين، وعدم السماح لهم من قبل القاضي العسكري بالتحدث عما تعرضوا له من انتزاع الاعترافات تحت التعذيب في قاعة المحكمة، لهذا نقول إنها ممنهجة ورسمية، لأن الجهات المسؤولة كانت تعلم بها ولم توقفها. فقط الكادر الطبي بعد الضغوط العالمية تقرر إعادة محاكمته، لكن الآخرين الذين حكم عليهم من قبل المحكمة العسكرية ذاتها، لا يزالون يقضون عقوبات على اعترافات أُخذت منهم تحت التعذيب.
وأضافت السيد أن كل طلبات حضور المحامين التحقيق مع موكليهم رفضت ما عدا في قضايا القيادات السياسية (مجموعة 21) لما تمثله من حساسية مفرطة، مشيرة إلى أنه "كان علينا أن نناضل حتى نحصل فقط على أوراق الدعوى ضد المتهمين من النيابة العامة العسكرية، ولا نحصل عليها سوى بعد جلسة من المحاكمة".
• التصريحات الممنهجة
وتأكيداً للتعاطي الرسمي والممنهج مع الانتهاكات، عرضت جليلة السيد وثائق من وكالة الأنباء المحلية الرسمية، تظهر فيها تصريحات رسمية لوزيرة الصحة فاطمة البلوشي بتاريخ 3 مايو، في مؤتمر صحافي عقدته مع وزير العدل، تؤكد أنه قد (ثبت) وقوع الجرائم التالية من قبل الكادر الطبي، وقد تضمنت التهم التي (ثبتت) حسب وزيرة الصحة جرائم تسببت في وفاة بعض الأشخاص بسبب تعمد الإصابات فيهم، واستخدام أدوية للتمويه وتحويل السلمانية إلى مخزن للأسلحة النارية والذخيرة، وغيرها ( وكالة بنا 3 مايو 2011). كان كل هذا التشهير وتثبيت التهم بشكل رسمي من قبل وزيرة الصحة بمعية وزير العدل، فيما لا يزال الأطباء موقوفين، وقبل تاريخ المحاكمة التي بدأت في 6 يونيو، أي قبل شهر كامل من جلسة المحاكمة الأولى.
ثم عرضت قصاصات أخرى من الصحف الرسمية الناطقة باسم الحكومة، تدين المتهمين بدهس الشرطي، وتطالب بالقصاص منهم، فيما القضية لا تزال حتى اليوم في المحاكم باعتبار الاستئناف والتمييز، قامت هذه الصحف بنشر صورهم والتشهير بهم، قبل صدور الحكم النهائي وهو المخالف لقانون رقم 65 لسنة 2006 المادة الأولى التي تنص على الحبس بمدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة التي لا تتجاوز 100 دينار من نشر أسماء أو صور المتهمين قبل صدور حكم نهائي في الدعوة ودون الحصول على إذن من النيابة العامة. وأشارت أن أحد المحكوم عليهم بالإعدام بتهمة دهس الشرطي، لديه وثيقة رسمية تثبت تعرضه لإصابة في رجله مما لا يمكن معها قيادته للسيارة في ذلك الوقت.
أوضحت السيد أن ما عرضته قليل من كثير من الوثائق المنشورة في الصحف الرسمية والتي تظهر التعاطي الرسمي والممنهج للأحداث التي شهدتها البحرين في تلك الفترة والتي كانت بدراية وعلم من جهات القرار الرسمية مما يعني قبولها لكل ما يحدث.
ثم داخل المحامي حسن رضي مشيراً إلى الثغرات والأدلة والشواهد التي تقدم بها الدفاع، والتي تعتبر أدلة قاطعة ببراءة المتهمين، دون أن تأخذ بها المحكمة العسكرية، مثل التضارب بين وقت الحادث في حادثة دهس الشرطي، وساعة الوفاة كما تقدمها شهادة الوفاة الرسمية.
• الفصل الممنهج
بعدها، تناولت عضوة مركز حقوق الإنسان فاطمة كريمي، قضايا الفصل الممنهجة التي تعرض لها المئات من طلاب الجامعة وسحب بعثاتهم بسبب نشاطهم ومشاركتهم في مسيرات. وأشارت إلى هناك أكثر من 500 طالب مفصول من جامعة البحرين والبوليتكنك، في حين تم اعتقال 78 طالباً، وحُكم على 6 طلاب على الأقل بسبب أحداث 13 مارس. كما ألغيت المنح الدراسية الخاصة بحوالي 100 طالب. أما فيما يخص أساتذة الجامعة، فقد تم إقالة 20 من الاساتذة برتب أكاديمية مختلفة. وتوقيف 33 من موظفي الجامعة، وإقالة 50 منهم. أما على صعيد المعلمين في مدارس التربية والتعليم، فقد تم توثيق 100 حالة اعتقال، 150 حالة فصل، وعشرات الموقوفين، فيما تمّ توثيق 100 ممن تم اقتطاع رواتبهم أو حرمانهم منها، فضلاً عن تعرض المدارس للمداهمات من قبل سيارات الأمن واعتقال عدد من الطلاب والمعلمين، وعرض مئات المعلمين على لجان التحقيق التي تنصب أسئلتها في أمور غير ذات علاقة بالعمل، وهو ما يعكس سياسة الفصل المنظمة والممنهجة التي تتبعها وزارة التربية والتعليم في معاقبة كل من له موقف سياسي إبان الأحداث.
• المحاكمات الممنهجة
بعدها قدم الدكتور نبيل تمام، استشاري جراحة الأذن والحنجرة، عرضاً موثقاً بالصور والشواهد والوثائق للأحداث التي عايشتها البحرين منذ 14 فبراير الماضي، والدور الذي مارسه الأطباء إبان ذروة الأحداث في مستشفى السلمانية، وحول قانونية إجراء مدّ الخيمة الطبية بالأدوية، والخيمة التي تم نصبها داخل باحة الطوارئ بمستشفى السلمانية بتكليف رسمي، وفنّد التهم الموجهة إليهم، وعرض عدداً من الشهادات الحية التي قدمتها جهات ومنظمات حقوقية وصحافية كانت متواجدة إبان الأحداث وكانت شاهدة على الدور الذي مارسه الأطباء في علاجهم للمصابين، كما كشف من خلال وثائق رسمية طبيعة سير العمل والعمليات في المستشفى خلال أوقات الذروة في فترة الأحداث. وكيف تحول مستشفى السلمانية إلى ثكنة عسكرية بعد السيطرة عليه من قبل قوات الأمن والجيش.
• القمع الممنهج
ثم قام عدد من الضحايا بعرض شهاداتهم وما تعرضوا له من قمع وطلقات مطاطية وطلقات (شوزن) تستهدف الوجه مباشرة، مما أدى ببعضهم إلى فقد واحدة من عينيه، وتناولوا بالتفصيل ما تعرض له بعضهم من تعذيب أثناء علاجهم في داخل المستشفى إبان احتلالها من قبل العسكر، واعتقالهم من هناك وتعذيبهم، ومحاكمة البعض منهم، وهو ما قد نتناوله في تقرير منفصل لاحقاً.
هكذا، تمكن هذا اللقاء الذي نظمته الجمعيات الحقوقية من تقديم ملخص، عن الوضع في البحرين خلال الفترة من 14 فبراير وحتى الآن، وإظهار الدور الرسمي لقمع الحركة الاحتجاجية ومعاقبة المحتجين بكل وسائل القتل والاعتقال والتعذيب والتجويع والمحاكمات غير القانونية. وكيف عملت الدولة من خلال شخوصها الرسمية وأجهزتها الإعلامية الرسمية على تصوير الحركة الاحتجاجية على أنها حركة تخريبية تم تجريم حتى الأطباء فيها. الأرقام والبيانات الخاصة بالتقرير سنتناولها في تقرير منفصل نظراً لأهميتها. ويبقى أن تقرير بسيوني على المحك أمام كل هذه الحقائق، وأمام كل الجهات التي حضرت اليوم هذا اللقاء، وكان عدد منها شاهداً لأحداث فبراير ومارس الماضيين.
اقرأ أيضا
- 2024-11-24جمعيات سياسية بحرينية تدعو لاعتقال نتنياهو وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني
- 2024-11-23البحرين: لا ترحيب رسمي بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالنت
- 2024-11-22الاتحاد العام لنقابات البحرين يختتم مؤتمر العدالة الاجتماعية ويؤكد على تحسين الأجور وحماية العمال
- 2024-11-22السيد يوسف المحافظة: التسامح الديني يجب أن يكون منهجاً لدى الدولة وليس انتقائيًا
- 2024-11-21السيد طاهر الموسوي: إجماع علماء الشيعة على المطالبة بعودة صلاة الجمعة يكشف حجم الاستهداف المذهبي