عن «غوانتنامو» البحرين نحدثكم.. التفاصيل التي لم ترو عن أحداث «سجن جو»، ولم تنته بعد..
2015-04-08 - 12:49 م
الحلقة (1)
مرآة البحرين (خاص): اعتقل الحقوقي نبيل رجب بعد كتابته تغريدات عن سجن جو المركزي تتحدث عن التعذيب الوحشي الذي يتعرّض له المعتقلون في هذا المكان. اتُهم بإهانة هيئة نظامية (الداخلية) وسجن 7 أيام على ذمّة التحقيق، لكن ذلك لن يغيب من الحقيقة شيء. لقد أصبح سجن جو المركزي هو «غوانتنامو» البحرين، مؤسسة تعذيب لا إصلاح فيها. فالتعذيب الوحشي الذي تعرض له سجناء جو منذ تاريخ 10 مارس/ آذار 2015 لم ينته بعد، وقد منع السجناء من الاتصال بذويهم أو الالتقاء بهم كي تبقى هذه الحقيقة مخفية، وتفاصيل ما حدث لم يخرج منها حتى الآن سوى القليل، وما قاله رجب ليس سوى جزء من هذا القليل.
"مرآة البحرين" تنشر تفاصيل جديدة من قصص التعذيب المذل والمهين الذي تعرض له سجناء جو «غوانتنامو» البحرين منذ 10 مارس الماضي حتى الآن، وبعض أسماء المعذِّبين.
-
10 مارس: أول الاقتحام
في 10 مارس/آذار 2015 قرابة الثانية ظهراً، شاع خبر كالنار في الهشيم بمبنى 4 عن تعرّض سيدة للضرب على أيدي قوات الأمن (يضم حوالي 1000 معتقل سياسي، وهو مكوّن من 19 غرفة ذات مساحات صغيرة جداً).
أثار الخبر ضجةً في العنابر وغضب ساخط، ثار المعتقلون. وفي هياج جماعي قامت مجموعة من السجناء بإخراج "شرطيين" اثنين من داخل المبنى لخارجه، وأقدمت مجموعة أخرى على إغلاق الأبواب الرئيسية باستخدام الأثاث الموجود وأشياء أخرى كالثلاجات، خراطيم المياه المستخدمة لإطفاء الحريق (عدا باب الطوارئ المجاور لمبنى 3)، وتوجهت مجموعة ثالثة من المعتقلين لسطح المبنى 4، وبدأوا بالتكبير، فيما حاولت إحدى المجموعات التوجه لمبنى 3 الذي يبعد حوالي 7 أمتار عن مبنى 4، من خلال باب الطوارئ.
تعزيزات قوات الأمن التي وصلت خلال وقت قصير، قامت بمحاصرة المكان واطلاق الغازات الخانقة (المسيلة للدموع)، قبل أن تتمادى باطلاق الرصاص الانشطاري (الشوزن). أصيب أحد المعتقلين في رجله، فعاد المعتقلون سريعاً داخل المبنى 4، وهرولت قوات الأمن المتواجدة في الخارج نحو باب الطوارئ لاقتحام مبنى 4، مستمرةً في استخدام طلقات الغاز المسيل للدموع ورصاص "الشوزن".
في استنفار غير مسبوق، اقتحم مبنى 4 نحو 2000 شرطي ، وأثخنوه بطلقات مسيلات الدموع بشكل هستيري، نتج عنها 200 حالة إغماء، فيما أصيب 3 معتقلين برصاص الشوزن الذي تم إطلاقه.
-
الانتقام: إطلاق الوحش
بعد الاقتحام عاد المعتقلون لغرفهم، كان هذا كفيلاً بانهاء الأمر. لكن قوات الداخلية لم يكفها عودة السجناء والسيطرة على حالة الهيجان. لقد جاء وقت العقاب. أو لنقل الانتقام الذي يحمل اسم العقاب. وليس مثل المنتقم ينتظر الفرصة الملائمة ليطلق الوحش الذي في داخله.
تم تقسيم المعتقلين إلى مجموعات، وإخراجهم على شكل دفعات للساحة الخارجية، كل مجموعة يتم توليها بالضرب الوحشي باستخدام الأسياخ الحديدية، كعب السلاح، وألواح خشبية، ويستمر ضرب المجموعة من لحظة خروجها من الغرفة حتى وصولها للساحة الخارجية التي يُطلق عليها (الفنس)، وتم إخلاء المبنى بالكامل بإشراف قوات عسكرية أردينة يرأسهم حوالي 30 ضابطاً.
لم يكف هذا القدر من الانتقام، فتجرؤ المعتقلين على الثورة داخل السجن ثمنه باهظ جداً. قرابة الرابعة عصراً، أُمر المعتقلون بالاستلقاء على بطونهم على الأرض "الإسفلت"، وبدأت وجبة أخرى من الضرب والتعذيب الوحشي. ركّز منتسبو الداخلية (المستجلبين من الخارج) ضرباتهم على رؤوس المعتقلين، ووجوههم إن أبدوا أية حركة.
مُنع المعتقلين حتى اليوم الثاني من دخول دورات المياه، كانت ملابسهم خليط من الدم وما خرج منهم بشكل لا إرادي، أما الضرب فكان يتم عشوائياً وعلى شكل وجبات متقطعة، معتقلوا المباني المجاورة كانوا يسمعون صرخات واستغاثات معتقلي مبنى 4 الذين باتوا ليلتهم في العراء وسط آلامهم وإصاباتهم وبرودة الجو.
-
11 مارس: كسر أسنان السميع
أيضاً لم يقف الانتقام باسم العقاب عند هذا الحد. ففي اليوم التالي استدعت قوات الأمن عدداً من المعتقلين المتواجدين في الساحة الخارجية (الفنس). احتوت قائمة الذين تم استدعائهم 10 أسماء حسب بعض الشهود. كان لهذه الأسماء نصيباً جديداً وخاصاً من وجبات التعذيب والإهانات. المعتقل حسن حبيب من قرية النويدرات أُمر أن يذهب ويهتف بأعلى صوته أمام المعتقلين في الساحة "أنا حسن الكلب الذي كَسر الجامة" في إشارة لزجاج نافذة داخل المبنى، أما المعتقل المحكوم بالإعدام عباس السميع فقد تم تعذيبه بوحشية حتى تعرضّت أسنانه الأمامية للكسر من شدة الضرب، وقال شهود إن المعتقل جعفر الكويتي من قرية العكر تعرّض لكسور في اليد.
أُحضرت وجبات الإفطار للمعتقلين في العراء، بشكلٍ موازٍ مع وجبات الضرب والشتائم، كان الشرطة يتلذذون وهم يصرخون في وجه المعتقلين ويشتمونهم "يا أبناء المتعة"، ويشتمون أمهاتهم "يا أبناء (.....)"، لم يكن أحد من المعتقلين يقوى على الأكل أو الشرب، فحالتهم التي يرثى لها أفقدتهم شهية الأكل أو القدرة على الأكل حتى.
-
مسؤول أمني: لماذا لم تقتلوهم؟
ومع غروب شمس اليوم الطويل والمنهك، ووسط انقطاع أخبار الجميع عن أهاليهم خارج السجن، تم جمع حوالي 300 معتقل في زاوية من زوايا الساحة، ثم تقييدهم بقيد بلاستيكي، وعند 8 مساءً دخل عليهم مدير شرطة المحافظة الجنوبية خليفة بن أحمد الشاعر، يرافقه 3 مدنيين واثنين من الضباط، أخذ يتجوّل بينهم وهو يقول "جان قتلتوهم"، وبعد مرور 5 دقائق غادر السجن.
جُمع 300 معتقل وتم أخذهم إلى زاوية أخرى من الساحة الخارجية (الفنس)، وطلب المرتزقة من 15 معتقلاً الذهاب للحلاق، لكن زحفاً على بطونهم. كانت الغرفة المخصصة للحلاقة تبعد حوالي 15 متر عن مكان احتجازهم. أخذ المعتقلون يزحفون على الأرض وهم يتلون من شدة التعب والإرهاق والتعذيب، فيما وقفت قوات المرتزقة على الجانبين لتنهال عليهم بالضرب والرفس طوال هذه المسافة.
في الحلّاق 3 عمال و3 كراسي للحلاقة، هناك يقف المعتقل ليتم حلقه، كان يُحلق شعر البعض، فيما تُحلق لحى آخرين، أو يتم حلاقة نصف رأس المعتقل فقط، أو نصف لحيته، كنوعٍ آخر من الإهانة والاذلال، فيما استمرت وجبات ضرب المعتقلين وهم داخل غرفة الحلاقة الصغيرة جداً.
في الليلة الثانية من المبيت في العراء، سُمح لهم بالنوم، تم إعطائهم أغطية تقيهم البرد القاس، الغطاء يشترك فيه اثنين، فيما آخرون ناموا ليلتهم على أنابيب موجودة في الساحة نظراً لحالة الاكتظاظ الرهيبة.
-
12 مارس: قضاء الحاجة
في اليوم الثالث سُمح للمعتقلين بالذهاب للحمام للضرورة القصوى، وتعمّد المرتزقة إشباع المعتقل الذاهب للحمام بالضرب مستخدمين كعب السلاح، كان يقضي المعتقل حاجته والباب مفتوح والشرطي بجانبه، فيما لم تبعد مسافة الحمام عن الساحة الخارجية سوى 50 متراً فقط.
لم يسمح للمعتقلين الذهاب للحمام للتبول، كان يطلب منهم القيام بذلك عند الشبك (السياج) الموضوع في نهاية الساحة (الفنس)، وعند قضاء حاجتهم، يطلب منهم التمرّغ بالبول، ومن بعد ذلك الرجوع لمقر نومهم وجلوسهم الجديد في العراء، استمر الحال على ما هو عليه لمدة عشرة أيام.