ندوة "كارنيغي" تبحث الاتجاهات المستقبلية في دول الخليج: الإصلاحات الاقتصادية لوحدها غير كافية

2015-03-12 - 4:45 ص

مرآة البحرين: بحثت ندوة "الاتجاهات المستقبيلة في دول الخليج" التي عقدتها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي (3 مارس/ آذار 2015) التغيرات في منطقة الخليج وضرورات إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية المستدامة، ومدى استجابة أنظمة الخليج للتحديات المتزايدة سواء تلك المتعلقة بتطلعات مواطنيها الشباب، أو حكامها المتقدمين في السن إضافة إلى الضغوط الاقتصادية.

واستعرض كبير الباحثين في معهد كارنجي فريدريك هري، في بداية الندوة، التحديات التي تواجه دول الخليج، والتي تطرق لها مشاركون في مؤتمر موسع عقدته كارنجي في وقت سابق تحت عنوان الخليج المتحوّل.

تشاتم هاوس: بخلاف الخليج... البحرين تواجه تحديات اقتصادية آنية

نائبة الرئيس وزميلة أبحاث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس جين كينينمونت قالت إن بحثها تلخص بالإشارة إلى غياب الإستقرار في النظام الإقتصادي الخليجي كأهم محرك للتغيير في المرحلة القادمة، وأن البحرين تعتبر من أهم الدول التي تواجه تحديات اقتصادية آنية، بينما الدول الخليجية الأخرى تحدياتها مستقبلية.

واعتبرت كينينمونت أن التوصية الرئيسية لتقرير تشاتام هاوس تتمثل في أهمية البدء بالنقاش حول أهمية الإصلاحات السياسية بموازاة الإصلاحات الإقتصادية، وأنه من المستحيل السير في الإصلاح الإقتصادي من دون الإصلاح السياسي

وأشارت كينينمونت أن الأنظمة الخليجية لديها فرصة سانحة للتغير، كوْن تنظيم القاعدة لا ينال شعبية واسعة في الخليج، وأن غالبية الخليجيين يتوقون لإصلاح الأنظمة لا إسقاطها، لكن السياسات الحالية في الخليج تدفع المعتدلين للتطرف بدلا من محاصرة التطرف.

وأكدت كينينمونت أن إصلاح المؤسسات الدستورية قد يكون مسألة شكلية ما لم يتم إصلاح المؤسسات غير الرسمية المتمثلة في نفوذ العوائل الحاكمة، وأن الدول الغربية ليس مطلوب منها فرض إملاءات، لكن عليها الاستماع لشعوب الخليج، وأن لا تقتصر على الاستماع للأنظمة فقط.

وأردفت كينينمونت "أن شعوب الخليج تشعر أن مواردها تستنزف على صفقات الأسلحة مع الغرب بدلا من أن توجه للتعليم والصحة، وأن على الغرب التوجه للإستثمارت التي تخلق فرص العمل في المنطقة بدل الإقتصار على صفقات السلاح.

وختمت مداخلتها بالقول أن الأمن لا يكون فقط بمحاربة الإرهاب بل بالاهتمام بأوضاع حقوق الإنسان كأحد أركان الأمن.

ديمونكس: الأسر الحاكمة تنظر للمواطنة بوصفها خدمات وامتيازات

من جانبه تحدث المنسق في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس جميل ديمونكس عن مشاكل الجنسية في الخليج، مشيرا إلى أنه ومنذ العام 2011 تحوّل مفهوم المواطنة إلى دور فاعل بعد أن كان المواطنون في الخليج مجرد رعايا.

وأضاف بأن دول الخليج صارت تسحب الجنسيات من مواطنيها بزعم أنها تجابه التطرف والإرهاب، لكن الواقع يقول أن الاستهداف يشمل المعارضين السلميين، والبحرين أحدث مثال على ذلك حيث سحبت الحكومة مؤخرا الجنسية من 72 بحريني كان من بينهم المدون علي عبدالإمام.

ولفت إلى أن سحب الجنسيات ليست بالسياسة الجديدة وهي نتيجة طبيعية لنظرة دول الخليج للمواطنة على أنها مجموعة خدمات وامتيازات تمنحها الأسر الحاكمة لشعوبها مقابل التخلي عن الاحتجاج والمطالبة بالحقوق،
وفي حين يسعى الخليجيون لإعادة تعريف المواطنة، يتم سحب جنسيات المعارضين مما يعقّد هذا التحوّل

وختم حديثه بالقول إن الشباب الخليجي المشارك في برامج تشاتم هاوس يطمح إلى إعادة تعريف العلاقة بين المواطنين والدولة لتكون المواطنة منطلقة من طموحات الشباب الخليجي بدلا من اقتصارها على علاقة لتوزيع الثروة.

ديوان: وجود البنعلي في داعش محصلة لخطابات الكراهية الرسمية

ودعت الخبيرة في شؤون الخليج في الجامعة الأمريكية كرستين ديوان الحضور لقراءة التقرير كله وعدم الإقتصار على الملخص واصفة التقرير بالثري والقيّم، وقد قامت بقراءة إحدى التوصيات المهمة فيه وهي "من المهم أن تتجاوز نظرة الغرب للخليج لما هو أبعد من النفط والأمن، والأخذ بعين الاعتبار تطلعات الخليجيين".

وأضافت ديوان أن التقرير جهد مميز لأنه قائم على الأسلوب البحثي الجديد من حيث تفاعل الشباب الخليجي مباشرة، علاوة على الاستعادنة بهم في ورشات العمل والمشاركة في الكتابة في هذا التقرير، وقد غطى التقرير مواضيع متعدد كمشاكل الديْن العام و العمالة الوافدة وإصلاح سوق العمل وسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها و الجدي الجديد من المبدعين.

وقالت ديوان إن أنظمة الخليج تعتمد على تكتيكات متعددة لإحتواء مطالب التغيير من بينها: اعتقال مسلم البراك في الكويت و الشيخ علي سلمان في البحرين. وهما زعيمان للمعارضة وبرلمانيان، وكلاهما جهرا بانتقاد الفساد والاستبداد، وطالبا بإصلاح النظام ولم يطلبا إسقاطه كما لم يدعيا للعنف.

ورأت أن وجود تركي البنعلي في المراتب القيادية هو محصل لخطابات الكراهية السائدة في المؤسسات الرسمية البحرينية التي إستمرت لأكثر من أربع سنوات.

وخلص حديثها بالقول أنه في الوقت الذي كانت هناك دولا مثل البحرين والكويت بها مستوى من الشراكة، إلا أن سحب الجنسيات يمثل نكوصا وإرتدادا نحو سياسات إقصائية وهذه السياسات الإقصائية قد تعزز ظهور التنظيمات والمليشيات العابرة للحدود.

مطر مطر: 3 خيارات لمستقبل الخليج

واستعرض النائب البحريني السابق مطر مطر التطور الكبير الذي تشهده السعودية ومنطقة الخليج من حيث المستويات العلمية المتقدمة لشبابها، كما أشار لاهتمام الشباب السعودي الملفت لمتابعة الاقتصاديين والخبراء على مواقع التواصل الإجتماعي، وكيف أن هؤلاء الشباب صاروا يشتركون في نقاشات تفصيلية مع مختلف الخبراء.

وأكد مطر أن هذه ظاهرة فريدة بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية إذ أن في العادة تكون النخب وليس العامة من يتتبعون إصدارت وتحليلات الخبراء. كما اشار أيضا إلى اهتمام المستخدمين الجدد في الخليج بتتبع شؤون التحول الديموقراطي وشؤون الحريات.

و تطرق مطر للوضع في البحرين، حيث يحاكم الشيخ على سلمان مع استمرار اعتقاله، بالإضافة لتوسّع سياسة ملاحقة النشطاء، فحين يحكم الناشط الحقوقي نبيل رجب، وبينما ينتظر إلإستئناف، نرى أنه يواجه بمزيد من التهم والقضايا. ولفت مطر أيضا إلى تزايد دعاوي التعذيب وكان من بينها قضية المعتقل "حسن الشيخ" الذي تعرض لتعذيب وحشي حتى الموت، إضافة إلى شهادات بعض المعتقلين المسربة عن التعذيب، وحظر المسيرات منذ إعتقال الشيخ علي معتبرا أن هذه الإجراءات هي مؤشرات متعددة لتدهور الوضع في البحرين.

وقال "مطر" بأن الحكومة البحرينية تعتقد أنها قادرة على تقسيم البلد إلى قسمين، القسم الأول تحت سحب مسيلات الدموع والقمع، والقسم الآخر تسير فيه الأعمال بشكلها الطبيعي، لكن هذه المعادلة غير قابلة للاستقرار بسبب التحديات الاقتصادية، ففي حين تعتقد الحكومة أنها قادرة على تأمين المناطق الحيوية والتجارية في البحرين إلا أن الوقائع تشير إلى خروج المستثمرين من البحرين، وأن التعويل على ولي العهد في استراتيجية 2030 لجلب الإستثمارات لحل مشاكل التعطل ومشاكل التعثر الإقتصادي تبخرت وأصبحت البحرين أمام تحديات أكبر.

وحدد " مطر" 3 خيارات للمنطقة في ظل هذا الوضع: الأول ألا تقوم الحكومة بفعل أي شيء وهذا المسار سيجعل تكلفة التغيير أعلى وأصعب وأمام هذا الخيار الجميع يخسر، وستخسر أيضا الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وكذلك العوائل الحاكمة وشعوب المنطقة -وهم الضحايا- أيضا.

أما الخيار الثاني الذي طرحه "مطر" فهو أن ينطلق التغيير من السعودية، وينتقل لبقية دول الخليج، لكن لا يبدو أن هذا الخيار وارد حيث يصعب على السعودية إتخاذ تغييرات كبيرة، أما الخيار الثالث -وهو الخيار الذي يروّج له- هو أن يبدأ التغيير في دولة صغيرة مثل البحرين لتشكل نموذج يساعد السعوديين وبقية دول الخليج على إنجاز تحول تدرجي يحمي مصالح الجميع، ولأن في البحرين يوجد قوى وطنية طرحت أفكار شجاعة لمواجهة المشكلات الإقتصادية التي تعرض لها تقرير تشاتم هاوس.

وأضاف " مطر" أن المعارضة البحرينة دعمت فكرة توجيه الدعم، كما دعمت استقطاع 1% لصالح صندوق التعطل لتكون المعارضة البحرينية أول مجموعة في الخليج تدخل السياسات الضريبية، ولا يمكن التفكير في حل مشكلة الدين العام في البحرين من غير توجيه الدعم، وإدخال السياسات الضريبية. في حين نجد السعودية عاجزة عن الاقتراب من هذه السياسات وكذلك حكومة البحرين، ولا يستطيع أحد أن يسير في هذا الاتجاه مالم ينل ثقة الناس وهنا تكون الحاجة ماسة للتمثيل السياسي بالتوازي مع السياسات المؤلمة.

وعلقت كينينمونت" أن الدول الخليجية تأخذ بجدية التحذيرات الغربية حول التسامح مع المتشددين لكنها تعتبر انتقادات حقوق الإنسان أمور روتينية لا تستدعي الإهتمام

واختتمت "كينينمونت" الندوة بالقول أن البنتاغون لديه الكثير من أدوات التأثير الناعمة حيث يستطيعون إرسال الكثير من الرسائل، ليس فقط بما يقولون بل أيضا بتصرفاتهم، لكن وفي الوقت الذي كانت البحرين تواجه انتقادات واسعة لحقوق الإنسان توجه البنتاغون لتوسيع الأسطول الخامس، والأن بريطانيا تتوجه لتشييد قاعدة بحرية، واعتبرت أن هذه الممارسات ترسل رسالة واضحة "بغض النظر عما نقول عن الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان، سنقوم بتقوية العلاقات، لذلك فإن كل الانتقادات هي في الحقيقية غير مهمة"

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus