ماهر العنيس.. هل سمعتم بهذا الاسم؟ اقرأ قصص الفساد لأرفع المسئولين المجنسين في الحكومة
2015-02-12 - 3:33 ص
مرآة البحرين (خاص): قالت معلومات إن وكيل وزارة الصحة المساعد للشئون المالية والفنية، ماهر العنيس، قام مؤخّرا بتوظيف مواطن أردني من أصل فلسطيني، يحمل الجنسية البريطانية، في منصب رفيع بقسم الصيانة في إدارة الهندسة والصيانة، رغم كونه من خارج الوزارة، ورغم عدم أهليته، لاختلاف تخصصه المهني عن ما هو مطلوب للوظيفة.
وأكّدت المعلومات أن الوكيل العنيس (وهو كذلك أردني من أصل فلسطيني، يحمل الجنسية البحرينية)، قام بتوظيف مواطنه في منصب رئيس المهندسين بقسم صيانة المناطق والورش، وذلك لعلاقته الشخصية به، ودون أن يعلن عن الشاغر بحسب ما تقتضيه قوانين الخدمة المدنية.
وتم جلب المذكور من خارج الوزارة، ومن خارج إطار هذا العمل، ليكون مسئولا عن المهندسين في قسم الصيانة، رغم أن الكثير من المهندسين البحرينيين في هذا القسم مؤهلون للترقية إلى هذا المنصب، بحكم خبرتهم الطويلة، ومؤهلاتهم الأكاديمية العالية.
فضلا عن ذلك، أكّدت المعلومات أن المذكور لا يحمل مؤهّلات في التخصّص المطلوب للوظيفة (هندسة كهربائية أو ميكانيكية)، في مؤشّر على التلاعب الكبير في هذا القضية.
وزارة الصحة في عهد العنيس: المجنّسون في أرفع المناصب!
وسبق للعنيس أن قام بتوظيف قريبه "عايد النمر" في منصب مدير إدارة الهندسة والصيانة نفسها، وذلك فور تسلّمه منصبه الجديد كوكيل مساعد لوزارة الصحة في أبريل/نيسان 2012، والنمر هو أيضا أردني من أصل فلسطيني، يحمل الجنسية البحرينية.
كما أنّ الوكيل كان قد عيّن مهندسا مصريا في الإدارة دون الإعلان عن الشاغر أيضا، وبحسب المعلومات فقد وظّفت الإدارة خلال الفترة الماضية عددا كبيرا من الأشخاص غير المؤهّلين، غالبهم من حملة الثانوية العامة فقط، وبدون أي مؤهلات تدريبية أو أكاديمية.
ويبدو أن جملة هذه التعيينات الفاسدة، جاءت لتعضيد وتقوية مركز العنيس في الوزارة، بتعيين موالين له من خارج الوزارة، في أرفع المناصب، من أجل تسهيل مهمات الفساد المالي!
بداية الغيث مليون دينار: مناقصة الصيانة في 2012!
وبصفته وكيل الوزارة المساعد للشئون المالية والفنّية، فإن العنيس هو المسئول عن كل المشاريع الصحية، والإنشاءات، والتجهيزات الطبية، والمخازن، والصيانة، فضلا عن كل الموارد والأصول التي تمتلكها وزارة الصحة، وهو يشرف على عمل 3 من أهم الإدارات الحيوية فيما يتعلق بالبنية التحتية لوزارة الصحة، التي تعتبر واحدة من أهم الوزارات في البلاد.
وكانت أولى إنجازات العنيس في منصبه الجديد، تخسير وزارة الصحّة أكثر من مليون دينار، في قضية فساد كبيرة، تتعلق بمناقصة لصيانة عدة أماكن مختلفة بالوزارة لفترة 5 سنوات (المناقصة رقم MOH/114/2012).
وكانت عطاءات هذه المناقصة قد فتحت في مايو/أيار 2012، أي بعد تسلّم العنيس منصبه مباشرة، وبحسب الإجراءات المتّبعة عرضت العطاءات على لجنة التقييم المالي والفني، والتي أوصت بإرساء العطاء على شركة البحرين للخدمات الكهربائية والميكانيكية (BEMCO) بقيمة 2,947,000 دينار، باعتباره العطاء الأفضل من الناحية الفنية والمالية، ولأنّه غطّى جميع متطلبات المناقصة.
لكن العنيس كان له رأي آخر، استطاع أن يمرّره حين اخترع إجراء جديدا للتقييم الفني للمناقصات، وهو إجبار أصحاب أفضل 3 عطاءات مقبولة ماليا وفنّيا على تقديم عرض لطريقة تنفيذ المشروع، إلى اللجنة العليا في الوزارة، أي الوكيلة والوكلاء المساعدين، والمدراء ذوي العلاقة، والمهندسين المشرفين على طرح المناقصة.
وفي نهاية العرض التقديمي تفاجأ أعضاء لجنة التقييم بـ"ماهر العنيس" وهو يقول إن "شركة بمكو لا يعرفون ماذا سيفعلون، شركة النمل أفضل منهم، لأنهم يفهمون عملهم، نحن سنختارهم، غيروا إرساء المناقصة إلى شركة النمل"!
وبدون تعليمات مكتوبة، أجبر العنيس لجنة التقييم على تغيير توصيتها (التي ترفع إلى مجلس المناقصات)، لترسو المناقصة على شركة النمل، رغم أن عطاءها يفوق شركة "بمكو" بمليون دينار (4,071,879)، وفرض على الموظفين أن يكتبوا التبرير المناسب لهذا القرار.
وبحسب آليات الوزارة، فإن هذا الإجراء لا يتبع إلا في المشاريع الكبيرة مثل شراء الأجهزة الطبية أو مشاريع البناء الضخمة أو ما شابه، ورغم ذلك، طلب الوكيل العنيس تطبيق هذا الإجراء على المناقصة، بعد انتهاء لجنة التقييم المالي والفني من عملها، في لعبة واضحة ومخطّط لها لتغيير الفائز بالمناقصة، وفي حيلة لخلط الأوراق وإظهار القرار على أنه قرار لجنة وليس قرار فرد.
و"بمكو" هي شركة بحرينية ذات بنية تحتية قوية من الناحية المالية والبشرية والفنية، وتتمتع بخبرة سابقة، وأداء مرضٍ في صيانة المراكز الصحية، بالإضافة إلى المباني العامة، وأسعارها أرخص من مثيلاتها من الشركات المشاركة.
استبعدت شركة "بمكو" بلا أية أسباب منطقية مقنعة، وتجاوز الوكيل بشكل غير قانوني عمل لجنة التقييم المالي والفني بوزارة الصحة (الذي يقوم على فحص ومقارنة دقيقة)، دون أي نقاش، ولذلك ليتلاعب بالنتائج، لتفوز شركة النمل، التي يمكلها مليونير هندي هو (الشيخ) "برجيس كوريان"، كما يحب أن يطلق عليه!
وتثير قضية الفساد هذه تساؤلات كبيرة حول ما إذا كان خلفها رشاوى، قدّمت إلى ماهر العنيس، أو الوكيلة عائشة بوعنق، أو إذا ما كان هناك تدخّل من جهات عليا، أو أجندة ما!
أرفع مسئول مجنس في الحكومة
ويعتبر ماهر العنيس أرفع مسئول مجنّس في الحكومة البحرينية، التي تمارس تجنيسا سياسيا ممنهجا منذ العام 2001. وتدرّج العنيس في المناصب بشكل سريع وغامض جدا، من رئيس لقسم الطلبات الإسكانية، إلى مدير إدارة الخدمات السكانية، فإلى قائم بأعمال وكيل وزارة الإسكان، ليصل إلى وكيل مساعد في وزارة الصحة، التي يسيطر عليها العسكر منذ 2011.
وترأس العنيس وكيلة وزارة الصحة الجديدة، العسكرية عائشة بوعنق، التي عيّنت في سبتمبر/ أيلول 2011، وهي طبيبة سابقة في المستشفى العسكري، وقد جاء تعيينها في إطار إحكام الجيش سيطرته على وزارة الصحة بعد احتلاله مستشفى السلمانية، وبعد استقالة الوزير السابق نزار البحارنة.
ويعتبر العنيس بذلك، جزءا من الهيكل الإداري الجديد في وزارة الصحة، الذي اختارته المؤسسة العسكرية لينفّذ أجندتها بشكل مباشر، ما يشير إلى أنّه حاز على رضا القائد العام للجيش، المشير خليفة بن أحمد آل خليفة، الرجل الذي برز في حكم البلاد بقوّة، منذ العام 2011، بمعيّة أخيه وزير الديوان الملكي، خالد بن أحمد آل خليفة، ضمن ما يعرف بجناح "الخوالد".
ويبدو أن العنيس، انتقل من المساعدة في تنفيذ مخطط التجنيس وتغيير ديمغرافية البلاد، عبر دعم المجنّسين وتوفير الوحدات السكنية لهم، حين كان وكيل وزارة مساعد في الإسكان، إلى مهمّة أكثر حساسية، وهي إعادة هندسة هياكل الدولة ومؤسساتها، بدعم من خلية "البندر" ذاتها، حتى لو كلّف ذلك تدمير كل البنى التحتية، ومزيدا من المال المسروق!
مجنّس يرتقي في الدولة بغموض
في العام 2006 بدأ اسم ماهر العنيس في الظهور، مع حملة تحديث البيانات الإسكانية، باعتباره رئيس الطلبات الإسكانية ورعاية الزبائن بوزارة الإسكان، ثم عيّن في العام 2008 مديراً لإدارة الخدمات الإسكانية في وزارة الإسكان بالوكالة، ثم في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2009 عيّنه رئيس الوزراء مديراً لإدارة الخدمات الإسكانية في وزارة الاسكان.
وفي 23 يناير/ كانون الثاني 2010، أي بعد شهر ونصف من تعيينه الأخير فقط، عيّنه وزير الإسكان السابق إبراهيم بن خليفة آل خليفة بشكل غريب ومفاجئ قائما بأعمال الوكيل المساعد للسياسات والخدمات الإسكانية بالوكالة. وبحسب صحيفة "الوسط" فقد قام العنيس بنفسه بتغيير مسماه الوظيفي في كل أوراقه الرسمية، بما في ذلك بطاقة العمل، الذي تحتوي على اسمه ومنصبه وأرقام الاتصال به.
وفي أعقاب ثورة 14 فبراير، عيّنه الملك وكيلا مساعدا للشئون المالية والفنية في وزارة الصحة، في 9 أبريل/ نيسان 2012، أي بعد حوالي عام من تعيين باسم الحمر وزيرا جديدا للإسكان، وبعد حوالي شهرين من تعيين صادق الشهابي وزيرا للصحّة، في منصب شكلي.
وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2014، كرّمه الملك ضمن من سمّاهم بـ"روّاد العمل الوطني".
ماهر العنيس في وزارة الإسكان: المجنّسون أوّلا!
وفي وزارة الإسكان، كان العنيس خلال مناصبه التي تنقّل فيها، المسئول عن التوزيع، والطلبات، والمشاريع، والسياسة الإسكانية، وكذلك علاوة بدل السكن.
وكان كتاب "جرائم التجنيس والإبادة في البحرين" لمؤلّفه داوود ربيع 1 قد أشار للعنيس في معرض الحديث عن تأثّر الخدمات الإسكانية للمواطنين بسبب التجنيس، خصوصا بعد تعيينه في الوزارة.
وقال الكتاب "للإمعان في الظلم وتقسيم البيوت، عيّن النظام أحد المجنّسين مديرا لإدارة الخدمات الإسكانية في وزارة الإسكان، وهو المجنّس ماهر محمود العنيس، حتى لا يدرك البحرينيون مدى الجرائم المتعلقة بالإسكان".
ونشر الكتاب وثائق من وزارة الإسكان، عبارة عن قرارات توزيع وحدات سكنية على مجنسين (أغلبهم أردنيون)، وهي موقعة من ماهر العنيس، حين كان مدير إدارة الخدمات الإسكانية بالوكالة، في العام 2008.
وبتقديرات الكاتب فإنه يرى بأن نحو 12 ألف بيت أو وحدة سكنية قد تكون قد وزعت أو ستوزع على المجنسين، في ذلك الوقت، وفي التفصيل ذكر الكاتب أن إسكان البسيتين ذهب للمجنسين، وحرم منه أهالي المحرق، وكذلك إسكان النويدرات، وإسكان الهملة، وجزء من إسكان المنطقة الشمالية، ليتم تشكيل طوق أمني، وحزام عسكري، ضد المواطنين البحرينيين، بسور من المجنسين.
وكل ذلك، حدث مع تدرّج العنيس في مناصبه وصولا إلى القائم بأعمال الوكيل المساعد بوزارة الإسكان.
ويشير الكاتب إلى أن ازدياد عدد الطلبات السكانية في بعض المناطق يؤشر إلى مدى ازدياد المجنسين وأولويتهم في الخدمات السكانية، مشيرا إلى أن بعض المجنسين باعوا في تلك الفترة بيوتهم ووحداتهم السكنية في 2006 على المواطنين البحرينيين، بخلاف القانون (وبغطاء من العنيس على ما يبدو).
وبحسب ما أظهر تقرير لمجلس النواب، فقد تم قبول طلب نحو 10 آلاف مجنّس للاستفادة من الخدمات الإسكانية في العام 2006 لوحده، أي حين كان العنيس رئيس قسم، ما زاد في كثافة الطلبات بشكل مهول.
وبحسب الكاتب، فقد ساهم العنيس في جعل الأولوية للمجنسين في بيوت الإسكان، خصوصا وأن هناك الآلاف من مواطنيه الأردنيين مجنّسون في البحرين، من العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، في حين ارتفع معدل انتظار المواطن البحريني للخدمات الإسكانية من 15 إلى 20 سنة.
موالون يشتكون من ماهر العنيس
وفي منتديات "مملكة البحرين"، التي يشرف عليها بحرينيون سنّة موالون للنظام، قال أحد المواطنين إن المقدّمين في البرنامج الإذاعي "صباح الخير يا بحرين"، لم يسمحوا له ولا لغيره بالحديث عن مشاكل الإسكان، وإغلاق الوزارة أبوابها في وجوه المراجعين والشاكين.
وأكّد صاحب المشاركة في المنتدى المذكور أن انتقاد "ماهر العنيس" تحديدا أمر محظور تماما، وأن أحدا لا يستطيع الكلام عنه ولا عن أي مشكلة تحدث معه عبر الإذاعة، لأن المذيعة نفسها ستستنكر الشكوى وتقوم بالتطبيل والدفاع المستميت عنه، والتأكيد على أن العنيس متواصل مع الإذاعة ولا يقوم بمثل هذه الأمور، حسب قوله، واستغرب المشارك بشدّة من مدافعة المذيعين عن العنيس بهذه الطريقة!
هامش:
1- جرائم التجنيس والإبادة في البحرين، داوود ربيع، صفحة 120، دار الصحف، بيروت (أعاد نشره مركز لؤلؤة البحرين للدراسات والبحوث التابع لائتلاف 14 فبراير)